المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌46 - فصلفي مستند المشيخة ودلالتها وتعرف آثارها ووجه إفادتها - عدة المريد الصادق

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ تمهيد في التعريف بالمؤلف والكتاب

- ‌أولا - التعريف بالمؤلف

- ‌نسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌رحلته إلى المشرق:

- ‌نزوله بمصراته:

- ‌شيوخه

- ‌مؤلفاته

- ‌ومن كتبه في الحديث والفقه:

- ‌ثانيا - الكتاب

- ‌موضوع الكتاب:

- ‌طريقة المؤلف في الانتقاد:

- ‌أهم القضايا التي تناولها الكتاب:

- ‌1 - البدع:

- ‌2 - مفهوم التصوف عند المؤلف:

- ‌3 - السماع:

- ‌4 - التشييخ وأخذ العهد:

- ‌5 - أنواع الطوائف المدعية:

- ‌6 - التبرك بالآثار والزيارات:

- ‌نسخ المخطوط

- ‌الفئة الأولى وتشمل:

- ‌ نسخة (خ)

- ‌ النسخة (ت 1)

- ‌الفئة الثانية وتشمل:

- ‌ النسخة (ت 2)

- ‌ نسخة (ق)

- ‌وصية المؤلف لمن نسخ كتابه

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌1 - فصلفي حقيقة البدعة وأحكامها وخواصها

- ‌2 - فصلفي موازين البدعة

- ‌3 - فصلفي البدعة ومجاريها

- ‌4 - فصلفي أصول ظهور مدعي التصوف في هذا الزمانبالبدع واتباع الناس لهم عليها

- ‌5 - فصلفي الأمور التي ينتفي بها إحداث البدععمن غلط فيها واتباع أهلها

- ‌6 - فصلفيما يتبع من أمور الصوفية المحققين وما يترك ويكون التابعوالتارك فيه تابعا مذهبهم المبارك من غير خروج

- ‌7 - فصلفي تحرير الطريقة، وما بنيت عليه من شريعة وحقيقة

- ‌8 - فصلفي ذكر ظهور المشايخ والمشيخةوما يتبع ذلك من طرق الاقتداء ونحوها

- ‌9 - فصلفي ذكر ما ظهر في هذه الأزمنة هن حوادث لم تسمع فيما قبل

- ‌10 - فصلالطائفة الثانية طائقة تعلقت بالأحوال

- ‌11 - فصلالطائفة الثانية من الثانية

- ‌12 - فصلالطائفة الثالثة من الثانية

- ‌14 - فصلفي ذكر أول من ظهر بطريقهم وحاله في نفسهووجه الدخول عليهم في ذلك

- ‌15 - فصلفي ذكر ما بنوا عليه طريقهم(تفصيلا وما اعتقدوه فيها ردا وقبولا)

- ‌16 - فصلفي بيان ما عرفناه من طريقهم جملة وتفصيلا

- ‌17 - فصلوأما القسم الثالث فمرجعه لعشرة أمور:

- ‌18 - فصلفي ذم فتاوى الفقهاء في هذه الطائفة

- ‌19 - فصلفي هجرانهم العلم والقرآن والصلاة على رسول الله (ص)

- ‌20 - فصلوأما هجرانهم تلاوة القرآن

- ‌21 - فصلوأما هجرانهم الصلاة على حبيب الله (ص)

- ‌22 - فصلفإن قالوا: نحن لا نهجر العلم رأسا ولا نترك التلاوة جملة ولا ندع الصلاة على رسول الله (ص) بتا

- ‌23 - فصلفي اقتصارهم على كلمة الشهادة دون تمامها إلا تبعا، والأوقاتالمعينة لها عندهم وذكر ما في ذلك

- ‌24 - فصلفي ذكر الأوقات المعدة عندهم للذكر

- ‌25 - فصلفيما أفادهم هذا الأمر من الفوائد المعتبرة،وهي خمس في الجملة:

- ‌26 - فصلفيما أفادهم مخالفة الجماعة من الأمور المضرة:

- ‌27 - فصلفي رد تعصبهم لطريقتهم واعتقادهم أن كل طريق سواه باطلأو ناقص، وهذا لا يخلو اعتبارهم له من وجوه

- ‌28 - فصلفي هجرانهم ما ورد عن الشارع من الأذكارواستبدالها بغيرها في محلها

- ‌29 - فصلفي تقييدهم في الدعاء بنوع خاص غير ثابت من الشارع وإن كان واضح المعنى صحيح المبنى

- ‌30 - فصلفي تقييدهم القراءة في الصلاة

- ‌31 - فصلفي ذكر شبههم فيما آثروه وهجروه مما تقدم ذكره

- ‌32 - فصلفيما يذكر عنهم من ترك قضاء الفوائت،وتفويت الصلاة إذا كان أحدهم في شغل الفقراء حتى يقضيه،وإن فات الوقت، وهما مصيبتان عظيمتان

- ‌33 - فصلفي استئذانهم في الواجبات والضروريات الدينيةوالدنيوية والإلزام بذلك

- ‌34 - فصلفي استئذانهم على من أتوه بالتسبيح

- ‌35 - فصلفي ذكر شبهتهم في ذلك وفيما قبله

- ‌37 - فصلفي تفويتهم العشاء إلى ما بعد صلاة العشاء في غير رمضان

- ‌38 - فصلفي دعائهم للمصافحة وكيفيتها وما يتبع ذلك

- ‌39 - فصلفيما أحدثوه من أخذ العهدوخالفوا به الحقيقة والقصد

- ‌40 - فصلفي أخذ العهد أصلا وفصلا،وكيفيته وفاء ونقصا، وما يجري في ذلك

- ‌41 - فصلفي التنبيه على الأمور المتشابهة من أحوال الجماعة المذكورة

- ‌42 - فصلفي أمور تقيدوا بها في العادات وغيرها

- ‌43 - فصلجامع لأمور شتى من وقائعهم ووقائع غيرهم على حسب التيسير

- ‌44 - فصلفي تحقيق القصد في الجواب والرد

- ‌45 - فصلفي صفة الشيخ المعتبر عند القوم جملة وتفصيلا

- ‌46 - فصلفي مستند المشيخة ودلالتها وتعرف آثارها ووجه إفادتها

- ‌47 - فصلفي العلامة التي يستدل بها المريد على حاله من الشيخ الذيقصده، أو فتح له به أنه ينتفع به

- ‌48 - فصلفي أوصاف المدعين وحركاتهم وما يجري منهم وبسببهم

- ‌49 - فصلفي الاعتقاد والانتقاد وطرق الناس فيه

- ‌50 - فصلفي أنواع المعتقدة ووجوه الاعتقاد

- ‌51 - فصلفيما يصنع من ادعيت له المشيحة وليس بأهل لها، ويخاف علىمن تعلق به أن يهلك في اتباع الجهلة، أو يتبطل جملة، لظنهمتوقف الأمر على الشيخ مع اعتقادهم فقد هذه المرتبة، وهو مماعمت به البلوى في هذه الأزمنة

- ‌52 - فصلفي بيان طريق الجادة وما احتوت عليه من فائدة ومادة

- ‌53 - فصلفيما يستعان به على سلوك طريق الجادة من العلوم والقواعدوالكتب المفيدة

- ‌54 - فصلفي العلوم النورانية والظلمانية والمتشابهة

- ‌55 - فصلفي الاكتفاء بالكتب في سلوك الطريق وعدمه، وكذا المشيخةوالتعلق بالأموات

- ‌56 - فصلفي أنواع المتعلقين بالمشايخ والمتشيخة وأنواع الطرق وذلكبحسب المتمسكين

- ‌57 - فصلفي أنواع النفوس عند المغاربة وكيفية المعاملة فيها

- ‌58 - فصلفي بيان طريق العجم، وما لهم فيها من رسوخ قدم وزلل قدم

- ‌59 - فصلفي بيان طريقة أهل اليمن وما ظهر منها وما كمن

- ‌60 - فصلفي طريق الخدمة والهمة وحفظ الحرمة

- ‌61 - فصلفي لوازم الفقير في نفسه ولوازمه في حق شيخه وحقه علىالشيخ وحقه على الفقراء وحق الفقراء عليه على الجملة والتفصيل

- ‌62 - فصلفي اعتبار النسب بالجهات والأقطار وما يعرف به رجال كل بلدمن الدلائل الخاصة والعامة، حسب ما هدى إليه الاستقراءووصلت إليه الفراسة الحكيمة

- ‌63 - فصلفي آداب مهمة على الفقير يتعين عليه مراعاتها

- ‌64 - فصلفي الأسباب الموجبة لانقلاب المريد ورجوعه على عقبه

- ‌65 - فصلفي الرخصة والشهوة والشبهة والتأويل وحال المريد في ذلكومعاملته فيه

- ‌66 - فصلفي التحصن مما ذكر من الآفات وإصلاح المختل بإدراك ما فات

- ‌67 - فصلفي ذكر أمور عمت البلوى بها في فقراء الوقت

- ‌69 - فصلوأما الكاغدية فهي فرع علوم الروحاني، ومرجعها لأحد أمرين:

- ‌70 - فصلفي الاشتغال بعلوم التصريف من الحروف ونحوها

- ‌71 - فصلفي الاشتغال بعلم المغيبات، وتحصيلها بطرق الكسبمن أحكام النجوم والفال والقرعة والسانح والبارحوعلم الكتب والرمل ونحو ذلك

- ‌72 - فصلفي طلب الاسم الأعظم والشيخ المربي بالهمة والكبريت الأحمرالذي لا يحتاج معه إلى عمل في بابه

- ‌73 - فصلفي الاغترار بكل ناعق وإيثار غير المهم

- ‌74 - فصلفي الوقوف مع الأسلوب الغريب في العلم أو في العمل أو فيالحركات أو غيرها والانقياد لكل من ظهرت عليه خارقة أو جاءبدعوى، وإن لم يكن له عليها برهان

- ‌75 - فصلفي الاستظهار بالدعوى والتعزز بالطريقة والأكل بالدين ونحو ذلك

- ‌76 - فصلفي معاملة المنتقدين والمنكرينوالمعترضين وهم على أنواع كثيرة

- ‌77 - فصلفي التظاهر بالأمور الغريبة من الشطحات والطامات وغيرها

- ‌78 - فصلفي وضع الشيء في غير محله

- ‌79 - فصلفي تتبع الفضائل وأنواع المندوبات

- ‌80 - فصلفي التكلف

- ‌81 - فصلفي أمور أولع بها بعض الناس وفيها مغمز ما

- ‌82 - فصلفي تتبع المشكلات والاستظهار بالكلام فيها مع العوام وغيرهموتعليمهم علوم التوحيد ودقائق التصوف

- ‌83 - فصلفي التجاسر على المراتب بادعائها مرة لنفسه ومرة لغيره ومرةفيما لا يصلح الدخول فيه

- ‌84 - فصلوأما ادعاء المراتب والمجاسرة عليها

- ‌85 - فصلفي التشبه وما يلحقه من الحركات وغيرها

- ‌86 - فصلفي التبرك بالآثار

- ‌87 - فصلفي بعض ما يتعلق بالتبرك والآثار من الآداب

- ‌88 - فصلفي السماع والاجتماع

- ‌89 - فصلفيما يصنع من عرض له السماعونحوه بطريق الابتلاء أو الحاجة إليه، وهي خمسة أمور

- ‌90 - فصلفي ذكر شيء من المواجيد والخواطر

- ‌91 - فصلفي الكلام على تعلقات العوام من أهل التمسك وغيرهم

- ‌92 - فصلفي ذكر الزمان وأهله وما احتوى عليه من الفساد والباطل الذيأخبر به الصادق المصدوق

- ‌93 - فصلفي افتتاح كلام لبعض المشايخ كتب به لمثله

- ‌94 - فصلثم قال رحمه الله: والزمان يا ولي، شديد، شيطانه مريد، جباره عنيد

- ‌95 - فصلثم قال: فأما هؤلاء فوالله لو اطلعت عليهم لرأيت إن نظرت إلى وجوههم عيونا جامدة

- ‌96 - فصلثم قال: ولقد لقيت بهذه البلاد من يلبس سراويل الفتيان، ويدعي مراتب العرفان

- ‌97 - فصلثم قال بعد ذلك: وأما أهل السماع والوجد في هذه البلاد، فقد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا

- ‌98 - فصلثم قال بعد فراغه من ذكر أصوله في ذلك: فيا أيها المعترض، هذه الأصول التي استندت إليها في ذم أهل وقتي

- ‌99 - فصلثم أخذ بعد انتهاء كلامه المتقدم في محاسبة نفسه على ما هو به

- ‌100 - فصلثم قال رحمه الله: وكل من سمع من الشيوخ فهو على أحد أمرين:

- ‌101 - فصلفي مواقع البدع وأنواع المخالفات

- ‌102 - فصلفي متشابه الأمور بين البدعة وغيرها

- ‌103 - فصلفي الطهارة

- ‌104 - فصلفي الصلاة

- ‌105 - فصلومن البدع الإضافية قول المؤذن قبل الإقامة:

- ‌106 - فصلفي المواعيد والاجتماعات

- ‌107 - فصلفي أمور عمت البلوى بها في بعض البلاد

- ‌108 - فصلفي اختيارنا من عمل اليوم والليلة،وهو الوسط حسبما دلت عليه الأحاديث النبوية والآثار السلفية

- ‌109 - فصلفي أوراد الذكر

- ‌110 - فصلفي خاتمة الكتاب

- ‌الفهارس العامة

الفصل: ‌46 - فصلفي مستند المشيخة ودلالتها وتعرف آثارها ووجه إفادتها

‌46 - فصل

في مستند المشيخة ودلالتها وتعرف آثارها ووجه إفادتها

(1).

أما شيخ التعليم فمستنده واضح، لأن لا علم إلا بتعلم، ولا تعلم إلا

(1) كتب الشاطبي إلى شيخه أبي عبد الله النفزي يسأله: هل على السالك إلى الله تعالى أن يتخذ لزاما شيخ طريقة وتربية يسلك على يديه، أم يستطيع أن يسلك من طريق التعلم من أهل العلم دون أن يكون له شيخ طريقة؟ فكتب إليه الشيخ كما ذكره الونشريسي في المعيار 12/ 293 - 307. ولخصه الشيخ المحقق عبد الفتاح أبو غدة من الرسائل الصغرى: (الشيخ المرجوع إليه في السلوك ينقسم إلى قسمين: شيخ تعليم وتربية، وشيخ تعليم بلا تربية.

فشيخ التربية ليس بالضروري لكل سالك، وإنما يحتاج إليه من فيه بلادة ذهن واستعصاء نفس، وأما من كان وافر العقل منقاد النفس، فليس بلازم في حقه، وتقييده وأما شيخ التعليم فهو لازم لكل سالك، أما كون شيخ التربية لازما لمن ذكرناه من السالكين فظاهر، لأن حجب أنفسهم كثيفة جدا، ولا يستقل برفعها وإماطتها إلا الشيخ المربي، وهم بمنزلة من به علل مزمنة، وأدواء معضلة من مرض الأبدان، فإنهم لا محالة يحتاجون إلى طبيب ماهر يعالج عللهم بالأدوية القاهرة.

وأما عدم لزوم الشيخ المربي لمن كان وافر العقل منقاد النفس، فلأن وفور عقله وانقياد نفسه يغنيانه عنه، فيستقيم له من العمل بما يلقيه إليه شيخ التعليم ما لا يستيقم لغيره، وهو واصل بإذن الله تعالى، ولا يخاف عليه ضرر يقع له في طريق السلوك إذا قصده من وجهه، وأتاه من بابه.

واعتماد شيخ التربية هو طريق الأئمة المتأخرين من الصوفية، واعتماد شيخ ألتعليم هو طريق الأوائل منهم، ويظهر هذا من كتب كثير من مصنفيهم، مثل الحارث المحاسبي وأبي طالب المكي، من قبل أنهم لم ينصوا على شيخ التربية في كتبهم على الوجه الذي ذكره المتأخرون، مع أنهم ذكروا أصول علوم القوم وفروعها، لا سيما الشيخ أبو طالب، فعدم ذكرهم له دليل على عدم شرطيته ولزومه في طريق السلوك.

وهذه هي الطريقة السابقة التي انتهجها أكثر السالكين، وهي أشبه بحال السلف الأقدمين، إذا لم ينقل عنهم أنهم اتخذوا شيوخ التربية، وتقيدوا بهم، والتزموا معهم ما يلتزم التلامذة مع الشيوخ المربين، وإنما كان حالهم اقتباس العلوم واستصلاح الأحوال بطريق الصحبة والمآخاة، ويحصل لهم بسبب التلاقي مزيد تعظيم يجدون أثره في بواطنهم وظواهرهم. =

ص: 152

من معلم، وقد تكفي دونه الكتب للحاذق الفهم، مع نقص في إدراكه وحظه، كما قيل:

ولا بد من شيخ يريك شخوصها

فتعرفها بالاسم والعين أقطع

وإلا فنصفا العلم عندك حاصل

ونصف إذا حاولته يتمنع

وقد قال تعالى: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} (1)

الآية، وقال الغزالي في المنهاج ما معناه: إن الكتب كافية، ولكن الشيخ فاتح، والله أعلم.

وأما شيخ التربية فدليله: {واتبع سبيل من أناب إلي} (2) وكان (ص) يربي أصحابه في دينهم ودنياهم على حسب ما يراه لهم، فأباح لقوم سرد الصوم، ومنع قوما منه، وتفقد فاطمة وعليا لقيام الليل، وعائشة تعترض بين يديه اعتراض الجنازة، وأسر إلى بعض أصحابه أذكارا، وأطلق بعضها في العموم، وكان يحدث حذيفة بالحوادث لاستعداده لقبولها، ولا يسرها لغيره، إلى غير ذلك مما يطول ذكره، ولا يخفى على متأمله، وقيل في قوله تعالى:{كونوا ربانيين} (3) علماء حكماء، قال ابن عباس: والرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره، ذكره البخاري (4)، وغيره.

= وأما كتب أهل التصوف فهي راجعة إلى شيخ التعليم، لأن الاستفادة منها لا تصح إلا باعتقاد الناظر فيها أن مؤلفها من أهل العلم والمعرفة، وممن يصح الاقتداء به

، فإن كان ما يستفيده منها بينا موافقا لظاهر الشرع موافقة بينة، اكتفى بذلك، وإلا فلا بد له من مراجعة شيخ يبينه له، انظر تعليقات الشيخ عبد الفتاح أبي غدة على رسالة المسترشدين ص 40.

(1)

العنكبوت 49.

(2)

لقمان 15.

(3)

آل عمران 79.

(4)

قول ابن عباس في قوله تعالى: {كونوا ربانيين}

الآية، انظر البخاري مع فتح الباري 1/ 171.

ص: 153

وأما شيخ الترقية فمستنده قول أنس (ض): ما نفضنا التراب عن أيدينا من دفنه (ص) حتى وجدنا النقص في قلوبنا (1)، فأفاد أن رؤية شخصه الكريم كان مفيدا لهم، فكذلك من له نسبة منه بطريق الوراثة العلمية، ومن ثم كان النظر إلى العالم عبادة (2)، وجاء في الخبر: إن لله عبادا من نظر إليهم نظرة سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا (3)، وفي الصحيح:"خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"(4) وما ذاك إلا لاختصاصهم برؤيته (ص) على القرب، ثم رؤية من رآه كذلك، فافهم، وقال الشيخ أبو العباس المرسى (5) (ض): إذا كانت السلحفاة تربي ولدها بالنظر فكيف بالعارف أو الولي، وقال شيخنا أبو العباس الحضرمي (ض): فهنيئا مريئا لمن ذاق أو ذاق

(1) الحديث خرجه الترمذي 5/ 588 وابن ماجه 1/ 522 عن أنس (ض) بلفظ: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله (ص) المدينة ضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، ولما نفضنا عن رسول الله (ص) الأيدي، وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا، قال الترمذي: حديث غريب صحيح.

(2)

النظر إلى وجه العالم عبادة، قال السخاوي: لا يصح، المقاصد الحسنة ص 446.

(3)

لم أجد هذا الخبر، ولم يعزه المؤلف، ولم يذكر له راو، وهو مشعر بضعفه أو عدم ثبوته، هذا ولا يتقرر مصير الإنسان شقاء أو سعادة بالنظر إلى أحد، فقد نظر إلى رسول الله (ص) من لا خير فيه، ومات على الكفر، لكن المرء ينتفع بمجالسة أهل الفضل والنظر إلى سمتهم وأدبهم وعبادتهم، قال أبو موسى الأشعري (ض): لمجلس كنت أجالسه عبد الله بن مسعود أوثق في نفسي من عمل سنة، وكان عمرو بن ميمون الأودي من كبار التابعين، إذا دخل المجد فرؤي، ذكر الله تعالى، كما في تهذيب التهذيب 8/ 109، وتقدم ما نقله المؤلف: كنا إذا فترنا نظرنا إلى محمد بن واسع، فعملنا عليه أسبوعا، انظر فصل 45، وفي الصحيح من حديث مجالس الذكر والذاكرين: "

رب فيهم فلان عبد خطاء، وإنما مر فجلس معهم، فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم"، مسلم.

(4)

الحديث في البخاري ومسلم بلفظ: "خير الناس قرني"، البخاري مع فتح الباري 8/ 8، ومسلم 14/ 1963، وفي لفظ:"خير القرون أمتي"، عزاه الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 23 للطبيراني من حديث بنت أبي لهب مرفوعا، وقال: فيه من لم يسم.

(5)

هو أحمد ين عمر بن محمد، صحب الشاذلي (ت 886 هـ) طبقات الأولياء 418.

ص: 154

بعض ما ذاق أو رأى من ذاق، فقد قيل: المطر قريب عهد بربه (1) فيستحب البروز فيه، والتبرك عند نزول المطر، هكذا ذكر الشارع (ص) وهو مطر من السحاب، فما ظنك بالمؤمن العارف بالله، قلت: وهذا إذا كان نظره من حيث خصوصيته، لا من حيث، العموم، لأن الانتفاع بحسب النية على قدر الهمة، لا مجردا عن القصد، إذ أكمل كل عمل وتأمله بحسن النية فيه، فافهم.

قال في لطائف المنن: وإنما يكون الاقتداء بشيخ دلك الله عليه، وأطلعك على ما أودعه من الخصوصية لديه، فطوى عنك شهود بشريته في وجود خصوصيته، فألقيت إليه القياد، فسلك بك سبيل الرشاد، يعرفك برعونات نفسك، وكمائنها ودفائنها، ويدلك على الجمع على الله، ويعلمك الفرار مما سوى الله، ويسايرك في طريقك حتى تصل إلى الله تعالى، يوقفك على إساءة نفسك، ويعرفك بإحسان الله إليك، فيفيدك معرفة إساءة نفسك الهرب منها، ويفيدك العلم بإحسان الله إليك الإقبال عليه والقيام بالشكر إليه، والدوام على ممر الساعات بين يديه (2).

فإن قلت: فأين من هذا وصفه ولقد دللتني على أغرب من عنقاء مغرب، فاعلم أنه لا يعوزك وجود الدالين، ولكن قد يعوزك وجود الصدق في طلبهم، جد صدقا تجد مرشدا، وتجد ذلك في آيتين من كتاب الله تعالى:{أمن يجيب المضطر إذا دعاه} (3) وقال سبحانه: {فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم} (4) فلو اضطررت إلى من يوصلك إلى الله تعالى اضطرار الظمآن إلى الماء البارد، والخائف للأمن _ لوجدت ذلك أقرب إليك من

(1) في صحيح مسلم 2/ 615: من حديث أنس (ض): حسر رسول الله (ص) ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال:"لأنه حديث عهد بربه"، ومعناه أن المطر قريبة العهد بخلق الله تعالى إياها، فيتبرك بها.

(2)

لطائف المنن ص 42.

(3)

النمل 62.

(4)

محمد 21.

ص: 155