الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقوله: ((أو مسلم)) (1) ولو كان منكرا لنهاه عن اليمين (2) والإثبات، فافهم.
85 - فصل
في التشبه وما يلحقه من الحركات وغيرها
وقد قال (ص): ((من تشبه بقوم فهو منهم)) (3) قال المشايخ رحمهم الله، وكل تشبه لا يصحبه عمل فليس بتشبه، إنما هو تلبيس، بل من تمسك بطريق القوم وظهر بزيهم فهو متشبه، وإن لم يكن له في السلوك قدم، وقد أباح الله التزيي لدفع الشرور، فقال سبحانه وتعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا
(1) حديث سعد الذي أشار إليه المؤلف متفق عليه، مسلم 1/ 132، قال: قسم رسول الله (ص) قسما، فقلت: يا رسول الله أعط فلانا فإنه مؤمن، - وعند البخاري بلفظ القسم: فوالله إني لأراه مؤمنا -فقال النبي (ص): ((أو مسلم))، أقولها ثلاثا (أي: أعط فلانا))، ويرددها علي ثلاثا:((أو مسلم))، ثم قال:((إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه، مخافة أن يكبه الله في النار))، وفي استدلال المؤلف بالحديث على ما قصد إليه نظر، ففيه توجيه سعد أن يتوقف على الثناء بالأمر الباطن وهو الشهادة بالإيمان، وأن يكتفي بالشهادة على الرجل بما ظهر منه، وهو الانقياد الظاهري والاستسلام، ولا يزيد على ذلك، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يكون الحديث دليلا على الشهادة للغير بالولاية، انظر البخاري مع فتح الباري 1/ 86، ولما جيء بصبي يصلى عليه، قالت عائشة (ض): طوبى لهذا لم يعمل شرا، فقال رسول الله (ص):((أو بغير ذلك يا عائشة، إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلا، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم))، أبو داود 4/ 229.
(2)
لم ينهه عن اليمين، لأنه حلف على ما يعلمه في نفسه من الرجل، والحلف على ما يعلمه الإنسان جائز، انظر فتح الباري 1/ 87.
(3)
رواه أبو داود حديث رقم 4031 من حديث ابن عمر (ض) عن النبي (ص)، قال السخاوي: فيه ضعف، لكن له شواهد، وقال الحافظ في الفتح: سنده حسن، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 274 إلى الطبراني في الأوسط من حديث حذيفة، وقال: فيه علي بن غراب، وثقه غير واحد، وضعفه بعضهم، وبقية رجاله ثقات، قال المناوي: وبه يعرف أن طريق الطبراني أمثل من طريق أبي داود، انظر عون المعبود 11/ 75 والمقاصد الحسنة 407.
يؤذين} (1) فأخذ منه العلماء جواز المرقعة والعكاز (2) والسبحة والمحفظة بالكتاب واللوح ونحو ذلك، لدفع الضرر في الأسفار ونحوها، لا لجلب فائدة ألبتة، فاعرف ذلك.
وقد كان لأبي هريرة (ض) خيط ربط فيه خمسمائة عقدة يسبح فيه (3) وأقر (ص) بعض الصحابيات على التسبيح في النوى (4)، لكنه قد قال (ص).
(1) الأحزاب 59.
(2)
الشعار في ذاته للعالم، أو لأي صاحب مهنة لا ضير فيه، لما يؤدي إليه من احترام حامله، لكن تمييز الإنسان نفسه بما يدل على صلاحه، كالعكاز ومرقع الثياب قد يكون مدعاة للشهرة وتعلق العامة، وهو باب من أبواب فساد النفس، ودأب الصالحين إخفاء حالهم، وليس خرق الثوب عمدا وترقيعه سنة، بل هو إفساد للثوب، وإتلاف للمال، أما ترقيعه عند الحاجة تواضعا فهو من عمل السلف وسنتهم، ولذا قال المؤلف في قواعد التصوف 86: ولا يجوز قطع الخرق، لإضاعة المال، وانظر مجموع الفتاوى 11/ 556. والمصدر السابق ص 88.
(3)
عزاه الشوكاني في نيل الأوطار إلى عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد الزهد، وقال: له خيط فيه ألف عقدة، فلا ينام حتى يسبح، وذكر عددا من الآثار عن الصحابة في ذلك نيل الأوطار 2/ 359.
(4)
خرج أبو داود من حديث سعد بن أبي وقاص (ض)، أنه دخل مع رسول الله (ص) على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال:((أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا، فقال: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، سبحان الله عدد ما خلق في الأرض، سبحان الله عدد ما خلق بين ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك))، وخرجه الترمذي وقال: حسن غريب من حديث سعد الترمذي 5/ 562، قال الشوكاني في نيل الأوطار 2/ 353: وخرجه النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. قال الذهبي في تلخيصه: صحيح، انظر المستدرك 1/ 548، وانظر أبو داود مع عون المعبود 4/ 366، وتحفة الأحوذي 10/ 13، وخرج الترمذي 5/ 555 حديث صفية، أن رسول الله (ص) دخل عليها وبين يديها أربعة آلاف حصاة تسبح بها، قال الترمذي: غريب لا يعرف إلا من حديث هاشم بن سعيد الكوفي، وليس إسناده بمعروف، وهاشم ضعيف كما في تقريب التهذيب، لكن الشوكاني في الموضع السابق قال: أخرجه الحاكم، وصححه السيوطي، ثم قال: والحديثان يدلان على جواز عد التسبيح بالنوى والحصى، وكذا بالسبحة، لعدم الفارق لتقريره (ص) المرأتين على ذلك، وعدم إنكاره، والإرشاد إلى ما هو أفضل لا ينافي الجواز، ثم ساق الآثار الواردة بذلك عن الصحابة، ونقل عن =