الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 - فصل
وأما القسم الثالث فمرجعه لعشرة أمور:
أحدها: صلاتهم النافلة جماعة على وجه الدوام والاشتهار، وهو أمر كرهه مالك، وأجازه الشافعي بناء على أصلهما في السنة والبدعة حسبما تقدم، ويذكر إن شاء الله تعالى.
الثاني: تكميل الصلاة في السفر وهو أحوط في الصورة وأبعد في الحقيقة، لأن أدلة السنة فيه قوية، وجملة المذاهب بقوتها مع دهماء السلف (ض) على مطلوبية القصر، حتى قال ابن عمر (ض): وصلاة السفر ركعتان، من خالف السنة كفر" (1)، يعنى إن كان خلافه عنادا أو مكابرة بعد الثبوت الذي لا يشك فيه، والله أعلم.
الثالث: القنوت بعد الركوع، لأن مشهور المذهب خلافه، وإن كان هو الذي صدر به في رسالة ابن أبي زيد (2)، وذكر بعده التخيير، ففيه ما فيه، لا سيما مع إضافة هذا الفعل لغيره من صريح البدعة، إذ لو انفرد لكان خفيفا، فافهم.
الرابع: ذكر إمامهم بعد الصلاة وحده وهم سكوت يسمعون، ثم تكبيرهم بعد التصلية معه، لما في ذلك من مخالفة الجمهور، وإن كان ابن عباس قد روى التكبير أدبار الصلوات (3) وقال به ابن حبيب (4) في الثغور،
(1) خرج عبد الرزاق في المصنف 2/ 520، بسنده إلى مورق العجلي، قال: سئل ابن عمر عن الصلاة في السفر؟ فقال: ركعتين ركعتين، من خالف السنة كفر، وخرجه الطحاوي 1/ 422 من طريق آخر، وجاء في النسخة المطبوعة (عمر) بدل (ابن عمر)، والسائل لابن عمر هو صفوان بن محرز كما في السنن الكبرى 3/ 140.
(2)
هو عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن القيرواني، الفقيه المالكي (ت 371 هـ) الديباج ص 136 شذرات الذهب 3/ 131.
(3)
جاء في الصحيح عن ابن عباس (ض): أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي (ص)، وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته، وفي رواية: كنت أعرف انقضاء صلاة النبي (ص) بالتكبير، البخاري مع فتح الباري 2/ 469.
(4)
ابن حبيب عبد الملك بن حبيب بن سليمان السلمي، إمام في الفقه (ت 238) الديباج المذهب 154 شذرات الذهب 2/ 90.
فلذلك قد يستحب انفراده كغيره، لا سيما إن كان في محله، والله أعلم.
الخامس: ما يقرؤونه مرتبا، كأحزاب من القرآن اختاروها مرتبة على الأيام، ومثل حزب السلام، وتخصيص ما بعد المغرب إلى العشاء بالذكر، إذ لا أصل لذلك كله في نفي ولا إثبات، وإن كان قد ورد إحياء ما بين العشاءين فبالصلاة ونحوها (1)، والله أعلم.
السادس: هجران صلاة الضحى وصوم التطوع جملة، لما ورد في ذلك مما اتفق الناس عليه، وإن كان جماعة من الصحابة لم تقل بصلاة الضحى، وكان الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر، فمن وقف في باب الكمال لا يصلح له مثل هذا الإهمال بعد ترغيب الشارع في العموم، والله أعلم.
السابع: القيام للمحترمين عندهم وتقديمهم للصلاة، وإن كان في القوم من هو أعلم وأتقى منهم، وهذا بخسة ونقص في الدين لا خفاء بها، فافهم.
الثامن: اختيار هيئات في اللباس والجلوس وسائر التصرفات، بعضها موافق للسنة وبعضها مخالف، ومنه التصرف في أموال الأصحاب دون استثناء ولا توقف، وفيه ما فيه من حيث المروءة والدين وعدم اعتبار النفوس بما جبلت عليه، فافهم.
التاسع: عموم الاستئذان في كل شيء من غير الضروريات والحاجيات، إذ قد تقدمت، وسيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى.
العاشر: ما اصطلحوا عليه من لفظة: (الفقراء بالصورة) و (الاختيار في كذا)، وجعل اختيارهم عند واحد منهم وإن كان دونهم، وبالله التوفيق.
…
(1) في الإحياء 1/ 351: "عليكم بالصلاة بين العشاءين، فإنها تذهب بملاغات النهار". قال العراقي في تخريجه: فيه اسماعيل بن أبي زياد الشاصي متروك يضع الحديث، وانظر فيما يأتي ص 95 هـ.