الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشايخ سيدي أبا مدين (1)، حيث يقول: لا يكون المريد مريدا حتى يجد في القرآن كل ما يريد، هذا شأن المريد فكيف بالعارف الكامل، وبالله التوفيق.
…
21 - فصل
وأما هجرانهم الصلاة على حبيب الله (ص)
.
فمن أسباب الحرمان، ومبادئ ضعف الإيمان، وفقدان الإيقان، وكيف يهجر عمل بدأ الله فيه بنفسه، وثنى بملائكته وخاطب به جميع العالم من المؤمنين والمسلمين، فقال جل وعلا:{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} (2) قال العلماء (ض): فهذه الخاصية لا توجد في عمل سواها، ولذلك ورد أن كل الأعمال فيها مقبول ومردود إلا الصلاة عليه (3)(ص).
وجاء في الصحيح: "أن من صلى عليه مرة صلى الله عليه وملائكته عشرا"(4) الحديث، قال ابن عطاء الله (ض): ومن صلى الله عليه صلاة واحدة كفاه هم الدنيا والآخرة، فكيف بمن صلى عليه عشرا، وقد أشار (ص)
(1) هو شعيب بن الحسين المغربي الأنصاري التلمساني، الزاهد، من حفاظ الحديث (ت 593 هـ) طبقات الأولياء ص 437.
(2)
الأحزاب 56.
(3)
لفظ الصلاة على النبي (ص) مقبولة: هو من كلام أبي سليمان الداراني قال السخاوي في المقاصد وفي الإحياء مرفوعا مما لم أقف عليه، وإنما هو من قول أبي الدرداء:"إذا سألتم الله حاجة فابدؤوا بالصلاة على النبي فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي إحداهما ويرد الأخرى، وما نقله الشيخ زروق من أن الصلاة على النبي (ص) ليس فيها شيء يرد يحتاج إلى دليل، والحديث لا يصح وأدلة الشرع دالة على أن الرياء يبطل الأعمال جميعا" انظر المقاصد الحسنة ص 266 وكشف الخفاء 2/ 39.
(4)
حديث أبي هريرة (ض) في مسلم 1/ 306، أن رسول الله (ص) قال:"من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا"، وخرجه الترمذي 2/ 355، والنسائي 3/ 43، من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك (ض).
لذلك في حديث أبي (ض) حيث قال: "أجعل صلاتي كلها عليك، قال: إذا تكفى همك ويغفر ذنبك"(1) الحديث، وقد أمر سبحانه بتعزيره (ص)، وتوقيره مقرونا بتسبيحه تعالى، فدل على عظم ذلك وأنه في الخاصية مساو له أو قريب منه (2) وقال (ص):"الصلاة علي نور في القلب، ونور في القبر، ونور على الصراط"(3)، هذه الأنوار هي مطالب العقلاء فضلا عن المريدين، فإلى أين يعدلون عنها، والله، لا يعدل عنها إلا مخذول، لا عبرة به ولا همة له، وقد قال شيخنا أبو العباس الخضرمي (ض) في وصيته التي كتب لي بها يوم وداعه الأول: وعليك بدوام الذكر وكثرة الصلاة على رسول الله (ص)، وهي سلم ومعراج وسلوك إلى الله تعالى إذا لم يلق الطالب شيخا مرشدا، فقد سمعت في سنة ست وأربعين وثماني مائة بالحرم الشريف بعض الصالحين روى في ذلك عن بعض أهل الصدق مع الله تعالى، وكلاهما معروفان رأيتهما، والله أعلم، ثم أنشد:
فيا عطشي والما زلال أخوضه
…
ويا وحشتي والمونسون كثير
وذكر بعض من عرف بطرق الشاذلية (ض)، أنه مبني على الصلاة على رسول الله (ص)، وهو طريق جليل، واضح الأنوار والبراهين والفائدة الحالية
(1) جزء من حديث أبي بن كعب (ض)، خرجه الترمذي 4/ 637، بلفظ: "
…
قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال (ص):"إذا تكفى همك، ويغفر ذنبك"، قال الترمذي: حسن صحيح.
(2)
أي: خاصية ثواب الصلاة على رسول الله (ص) مساو أو قريب من تسبيح الله عز وجل، لأنهما مقرونان ومقصودان بالإرسال في قوله تعالى:{إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا} ، فالتعزير والتوقير لرسول الله (ص)، والتسبيح لله عز وجل.
(3)
لم أقف عليه بهذا اللفظ، وذكر السخاوي في القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع، عن أنس عن النبي (ص): "صلاة علي نور يوم القيامة على الصراط
…
"، وقال: ذكره أبو سعد في (شرف المصطفى)، وذكر مثله من حديث أبي هريرة (ض)، إلى ابن شاهين في الإفراد، وأبو الشيخ والضياء وأبو اليمن ابن عساكر من طريق الدارقطني في الإفراد أيضا، والديلمي في مسند الفردوس وأبو نعيم، وقال: سنده ضعيف، انظر القول البديع ص 193 و284، وانظر الفردوس حديث رقم 3814.