الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - فصل
في هجرانهم ما ورد عن الشارع من الأذكار
واستبدالها بغيرها في محلها
.
فمن ذلك التسبيح بالغداة والعشي قد ورد التحضيض عليه بص القرآن والسنة المطهرة.
وصحت أذكار مثل قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة (1) وقول: سبحان الله وبحمده مائة"(2) المتفق عليهما الاثنين بصيغة من قال كذا ونحو ذلك، ومن ذلك تبديل الأذكار التي بعد الصلاة من التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين، والختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك إلخ (3)، وغيره من الأذكار الواردة شرعا والأدعية المنصوصة عن الشارع حقا، فبدلوا كل ذلك بأذكار عندهم استنبطوها، لم يرد منها شيء في نصوص الشريعة إلا آية الكرسي (4) ونحوها في ما أظن، فكان ذلك منهم ابتداعا صريحا بالاستبدال المذكور لا بغيره،
(1) جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة (ض)، أن رسول الله (ص) قال: ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء إلا رجل عمل أكثر منه"، البخاري مع فتح الباري 13/ 457.
(2)
في الصحيح من حديث أبي هريرة (ض)، عن رسول الله (ص) قال:"من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر"، البخاري مع فتح الباري 13/ 463.
(3)
حديث التسبيح والتحميد والتكبير دبر الصلوات ثلاثا وثلاثين، ثم الختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك له إلخ، وردت في الصحيح، وأنها تغفر الخطايا وإن كانت مثل زبد البحر، انظر صحيح مسلم 1/ 418.
(4)
جاء في قراءة آية الكرسي عقب الصلوات، حديث أبي أمامة (ض)، قال: قال رسول الله (ص): "من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت"، عمل اليوم والليلة 172 والسنن الكبرى 6/ 30 وعزاه الهيثمي إلى الطبراني والأوسط بأسانيد وأحدها جيد، مجمع الزوائد 15/ 102.
لأن الترك في ذلك من باب إهمال الأولى لا عتب على أحد فيه، لكن لما استبدلوه صار بدعة، من حيث إثبات ما أثبتوه في محل أثبت الشارع فيه خلافه.
فإن قالوا: لم نستبدله إلا بما هو أعظم خاصية منه، وأكبر أثرا في نظر الشارع، وهو كلمة الشهادة، التي قال فيها (ص):"أفضل ما قلته أنا والنبيؤون من قبلي لا إله إلا الله"(1)، وما ورد فيها من غير ذلك.
قلنا: قد نص العلماء على أن الذكر المقيد (2)، أفضل من المطلق لقصد الشارع (ص) بالتخصيص الخاص، فافهم.
وسئل النووي وغيره عما بعد صلاة الصبح هل الذكر أفضل فيه أو التلاوة؟ فقال: قراءة القرآن أفضل في عموم الأوقات، والسنة لم ترد في هذا الوقت إلا بالذكر فهو أفضل في وقته، وسئل مالك عن صلاة النفل وحضور مجلس العلم، فقال مرة: مجلس المسلم أفضل، وقال مرة: الصلاة أفضل (3) وفي بعض رواياته: ما له يصلي، لقد كانت صلاة القوم بالهاجرة والليل، فقال الشيوخ: مقتضى كلامه أن كل شيء في محله أفضل وهو الذي نص
(1) الموطأ 1/ 214.
(2)
الذكر المقيد، هو ما كان مقيدا من الشارع بزمان خاص أو مكان أو عدد، كذكر سبحان الله والحمد لله والله أكبر، عقب الصلوات ثلاثا وثلاثين، ونحوه.
(3)
ذكر الأئمة على أن الاشتغال بالعلم أفضل من صلاة النافلة، قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة، ذكره ابن عبد البر في الانتقاء ص 84، ولما قدم أبو زرعة بغداد نزل عند الإمام أحمد، قال ابنه عبد الله: سمعت أبي يوما يقول: ما صليت اليوم غير الفريضة، استأثرت بمذاكرة أبي زرعة على نوافلي، ذكره ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ص 289، وقال ابن وهب: كنت بين يدي مالك أكتب، فأقيمت الصلاة، وفي رواية: فأذن المؤذن وبين يدي كتب منشورة، فبادرت لأجمعها، فقال لي: على رسلك فليس ما تقدم إليه بأفضل مما أنت فيه إذا صحت النية، ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك 1/ 427، وفي لطائف المنن: الذي يطلب العلم لله إذا قيل له: غدا تموت لا يضع الكتاب من يده، وذلك لأنه لن بمجد أفضل مما هو عليه، ذكره المؤلف، انظر فصل 54 و90.