المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ثانيا - النص   ‌ ‌مقدمة المؤلف وصلى الله على سيدنا محمد وسلم، قال - عدة المريد الصادق

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ تمهيد في التعريف بالمؤلف والكتاب

- ‌أولا - التعريف بالمؤلف

- ‌نسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌رحلته إلى المشرق:

- ‌نزوله بمصراته:

- ‌شيوخه

- ‌مؤلفاته

- ‌ومن كتبه في الحديث والفقه:

- ‌ثانيا - الكتاب

- ‌موضوع الكتاب:

- ‌طريقة المؤلف في الانتقاد:

- ‌أهم القضايا التي تناولها الكتاب:

- ‌1 - البدع:

- ‌2 - مفهوم التصوف عند المؤلف:

- ‌3 - السماع:

- ‌4 - التشييخ وأخذ العهد:

- ‌5 - أنواع الطوائف المدعية:

- ‌6 - التبرك بالآثار والزيارات:

- ‌نسخ المخطوط

- ‌الفئة الأولى وتشمل:

- ‌ نسخة (خ)

- ‌ النسخة (ت 1)

- ‌الفئة الثانية وتشمل:

- ‌ النسخة (ت 2)

- ‌ نسخة (ق)

- ‌وصية المؤلف لمن نسخ كتابه

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌1 - فصلفي حقيقة البدعة وأحكامها وخواصها

- ‌2 - فصلفي موازين البدعة

- ‌3 - فصلفي البدعة ومجاريها

- ‌4 - فصلفي أصول ظهور مدعي التصوف في هذا الزمانبالبدع واتباع الناس لهم عليها

- ‌5 - فصلفي الأمور التي ينتفي بها إحداث البدععمن غلط فيها واتباع أهلها

- ‌6 - فصلفيما يتبع من أمور الصوفية المحققين وما يترك ويكون التابعوالتارك فيه تابعا مذهبهم المبارك من غير خروج

- ‌7 - فصلفي تحرير الطريقة، وما بنيت عليه من شريعة وحقيقة

- ‌8 - فصلفي ذكر ظهور المشايخ والمشيخةوما يتبع ذلك من طرق الاقتداء ونحوها

- ‌9 - فصلفي ذكر ما ظهر في هذه الأزمنة هن حوادث لم تسمع فيما قبل

- ‌10 - فصلالطائفة الثانية طائقة تعلقت بالأحوال

- ‌11 - فصلالطائفة الثانية من الثانية

- ‌12 - فصلالطائفة الثالثة من الثانية

- ‌14 - فصلفي ذكر أول من ظهر بطريقهم وحاله في نفسهووجه الدخول عليهم في ذلك

- ‌15 - فصلفي ذكر ما بنوا عليه طريقهم(تفصيلا وما اعتقدوه فيها ردا وقبولا)

- ‌16 - فصلفي بيان ما عرفناه من طريقهم جملة وتفصيلا

- ‌17 - فصلوأما القسم الثالث فمرجعه لعشرة أمور:

- ‌18 - فصلفي ذم فتاوى الفقهاء في هذه الطائفة

- ‌19 - فصلفي هجرانهم العلم والقرآن والصلاة على رسول الله (ص)

- ‌20 - فصلوأما هجرانهم تلاوة القرآن

- ‌21 - فصلوأما هجرانهم الصلاة على حبيب الله (ص)

- ‌22 - فصلفإن قالوا: نحن لا نهجر العلم رأسا ولا نترك التلاوة جملة ولا ندع الصلاة على رسول الله (ص) بتا

- ‌23 - فصلفي اقتصارهم على كلمة الشهادة دون تمامها إلا تبعا، والأوقاتالمعينة لها عندهم وذكر ما في ذلك

- ‌24 - فصلفي ذكر الأوقات المعدة عندهم للذكر

- ‌25 - فصلفيما أفادهم هذا الأمر من الفوائد المعتبرة،وهي خمس في الجملة:

- ‌26 - فصلفيما أفادهم مخالفة الجماعة من الأمور المضرة:

- ‌27 - فصلفي رد تعصبهم لطريقتهم واعتقادهم أن كل طريق سواه باطلأو ناقص، وهذا لا يخلو اعتبارهم له من وجوه

- ‌28 - فصلفي هجرانهم ما ورد عن الشارع من الأذكارواستبدالها بغيرها في محلها

- ‌29 - فصلفي تقييدهم في الدعاء بنوع خاص غير ثابت من الشارع وإن كان واضح المعنى صحيح المبنى

- ‌30 - فصلفي تقييدهم القراءة في الصلاة

- ‌31 - فصلفي ذكر شبههم فيما آثروه وهجروه مما تقدم ذكره

- ‌32 - فصلفيما يذكر عنهم من ترك قضاء الفوائت،وتفويت الصلاة إذا كان أحدهم في شغل الفقراء حتى يقضيه،وإن فات الوقت، وهما مصيبتان عظيمتان

- ‌33 - فصلفي استئذانهم في الواجبات والضروريات الدينيةوالدنيوية والإلزام بذلك

- ‌34 - فصلفي استئذانهم على من أتوه بالتسبيح

- ‌35 - فصلفي ذكر شبهتهم في ذلك وفيما قبله

- ‌37 - فصلفي تفويتهم العشاء إلى ما بعد صلاة العشاء في غير رمضان

- ‌38 - فصلفي دعائهم للمصافحة وكيفيتها وما يتبع ذلك

- ‌39 - فصلفيما أحدثوه من أخذ العهدوخالفوا به الحقيقة والقصد

- ‌40 - فصلفي أخذ العهد أصلا وفصلا،وكيفيته وفاء ونقصا، وما يجري في ذلك

- ‌41 - فصلفي التنبيه على الأمور المتشابهة من أحوال الجماعة المذكورة

- ‌42 - فصلفي أمور تقيدوا بها في العادات وغيرها

- ‌43 - فصلجامع لأمور شتى من وقائعهم ووقائع غيرهم على حسب التيسير

- ‌44 - فصلفي تحقيق القصد في الجواب والرد

- ‌45 - فصلفي صفة الشيخ المعتبر عند القوم جملة وتفصيلا

- ‌46 - فصلفي مستند المشيخة ودلالتها وتعرف آثارها ووجه إفادتها

- ‌47 - فصلفي العلامة التي يستدل بها المريد على حاله من الشيخ الذيقصده، أو فتح له به أنه ينتفع به

- ‌48 - فصلفي أوصاف المدعين وحركاتهم وما يجري منهم وبسببهم

- ‌49 - فصلفي الاعتقاد والانتقاد وطرق الناس فيه

- ‌50 - فصلفي أنواع المعتقدة ووجوه الاعتقاد

- ‌51 - فصلفيما يصنع من ادعيت له المشيحة وليس بأهل لها، ويخاف علىمن تعلق به أن يهلك في اتباع الجهلة، أو يتبطل جملة، لظنهمتوقف الأمر على الشيخ مع اعتقادهم فقد هذه المرتبة، وهو مماعمت به البلوى في هذه الأزمنة

- ‌52 - فصلفي بيان طريق الجادة وما احتوت عليه من فائدة ومادة

- ‌53 - فصلفيما يستعان به على سلوك طريق الجادة من العلوم والقواعدوالكتب المفيدة

- ‌54 - فصلفي العلوم النورانية والظلمانية والمتشابهة

- ‌55 - فصلفي الاكتفاء بالكتب في سلوك الطريق وعدمه، وكذا المشيخةوالتعلق بالأموات

- ‌56 - فصلفي أنواع المتعلقين بالمشايخ والمتشيخة وأنواع الطرق وذلكبحسب المتمسكين

- ‌57 - فصلفي أنواع النفوس عند المغاربة وكيفية المعاملة فيها

- ‌58 - فصلفي بيان طريق العجم، وما لهم فيها من رسوخ قدم وزلل قدم

- ‌59 - فصلفي بيان طريقة أهل اليمن وما ظهر منها وما كمن

- ‌60 - فصلفي طريق الخدمة والهمة وحفظ الحرمة

- ‌61 - فصلفي لوازم الفقير في نفسه ولوازمه في حق شيخه وحقه علىالشيخ وحقه على الفقراء وحق الفقراء عليه على الجملة والتفصيل

- ‌62 - فصلفي اعتبار النسب بالجهات والأقطار وما يعرف به رجال كل بلدمن الدلائل الخاصة والعامة، حسب ما هدى إليه الاستقراءووصلت إليه الفراسة الحكيمة

- ‌63 - فصلفي آداب مهمة على الفقير يتعين عليه مراعاتها

- ‌64 - فصلفي الأسباب الموجبة لانقلاب المريد ورجوعه على عقبه

- ‌65 - فصلفي الرخصة والشهوة والشبهة والتأويل وحال المريد في ذلكومعاملته فيه

- ‌66 - فصلفي التحصن مما ذكر من الآفات وإصلاح المختل بإدراك ما فات

- ‌67 - فصلفي ذكر أمور عمت البلوى بها في فقراء الوقت

- ‌69 - فصلوأما الكاغدية فهي فرع علوم الروحاني، ومرجعها لأحد أمرين:

- ‌70 - فصلفي الاشتغال بعلوم التصريف من الحروف ونحوها

- ‌71 - فصلفي الاشتغال بعلم المغيبات، وتحصيلها بطرق الكسبمن أحكام النجوم والفال والقرعة والسانح والبارحوعلم الكتب والرمل ونحو ذلك

- ‌72 - فصلفي طلب الاسم الأعظم والشيخ المربي بالهمة والكبريت الأحمرالذي لا يحتاج معه إلى عمل في بابه

- ‌73 - فصلفي الاغترار بكل ناعق وإيثار غير المهم

- ‌74 - فصلفي الوقوف مع الأسلوب الغريب في العلم أو في العمل أو فيالحركات أو غيرها والانقياد لكل من ظهرت عليه خارقة أو جاءبدعوى، وإن لم يكن له عليها برهان

- ‌75 - فصلفي الاستظهار بالدعوى والتعزز بالطريقة والأكل بالدين ونحو ذلك

- ‌76 - فصلفي معاملة المنتقدين والمنكرينوالمعترضين وهم على أنواع كثيرة

- ‌77 - فصلفي التظاهر بالأمور الغريبة من الشطحات والطامات وغيرها

- ‌78 - فصلفي وضع الشيء في غير محله

- ‌79 - فصلفي تتبع الفضائل وأنواع المندوبات

- ‌80 - فصلفي التكلف

- ‌81 - فصلفي أمور أولع بها بعض الناس وفيها مغمز ما

- ‌82 - فصلفي تتبع المشكلات والاستظهار بالكلام فيها مع العوام وغيرهموتعليمهم علوم التوحيد ودقائق التصوف

- ‌83 - فصلفي التجاسر على المراتب بادعائها مرة لنفسه ومرة لغيره ومرةفيما لا يصلح الدخول فيه

- ‌84 - فصلوأما ادعاء المراتب والمجاسرة عليها

- ‌85 - فصلفي التشبه وما يلحقه من الحركات وغيرها

- ‌86 - فصلفي التبرك بالآثار

- ‌87 - فصلفي بعض ما يتعلق بالتبرك والآثار من الآداب

- ‌88 - فصلفي السماع والاجتماع

- ‌89 - فصلفيما يصنع من عرض له السماعونحوه بطريق الابتلاء أو الحاجة إليه، وهي خمسة أمور

- ‌90 - فصلفي ذكر شيء من المواجيد والخواطر

- ‌91 - فصلفي الكلام على تعلقات العوام من أهل التمسك وغيرهم

- ‌92 - فصلفي ذكر الزمان وأهله وما احتوى عليه من الفساد والباطل الذيأخبر به الصادق المصدوق

- ‌93 - فصلفي افتتاح كلام لبعض المشايخ كتب به لمثله

- ‌94 - فصلثم قال رحمه الله: والزمان يا ولي، شديد، شيطانه مريد، جباره عنيد

- ‌95 - فصلثم قال: فأما هؤلاء فوالله لو اطلعت عليهم لرأيت إن نظرت إلى وجوههم عيونا جامدة

- ‌96 - فصلثم قال: ولقد لقيت بهذه البلاد من يلبس سراويل الفتيان، ويدعي مراتب العرفان

- ‌97 - فصلثم قال بعد ذلك: وأما أهل السماع والوجد في هذه البلاد، فقد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا

- ‌98 - فصلثم قال بعد فراغه من ذكر أصوله في ذلك: فيا أيها المعترض، هذه الأصول التي استندت إليها في ذم أهل وقتي

- ‌99 - فصلثم أخذ بعد انتهاء كلامه المتقدم في محاسبة نفسه على ما هو به

- ‌100 - فصلثم قال رحمه الله: وكل من سمع من الشيوخ فهو على أحد أمرين:

- ‌101 - فصلفي مواقع البدع وأنواع المخالفات

- ‌102 - فصلفي متشابه الأمور بين البدعة وغيرها

- ‌103 - فصلفي الطهارة

- ‌104 - فصلفي الصلاة

- ‌105 - فصلومن البدع الإضافية قول المؤذن قبل الإقامة:

- ‌106 - فصلفي المواعيد والاجتماعات

- ‌107 - فصلفي أمور عمت البلوى بها في بعض البلاد

- ‌108 - فصلفي اختيارنا من عمل اليوم والليلة،وهو الوسط حسبما دلت عليه الأحاديث النبوية والآثار السلفية

- ‌109 - فصلفي أوراد الذكر

- ‌110 - فصلفي خاتمة الكتاب

- ‌الفهارس العامة

الفصل: ثانيا - النص   ‌ ‌مقدمة المؤلف وصلى الله على سيدنا محمد وسلم، قال

ثانيا - النص

‌مقدمة المؤلف

وصلى الله على سيدنا محمد وسلم، قال الشيخ الفقيه الإمام الصالح، العلم الأوحد، الشهير الصدر الكبير، أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي، عرف بزروق رحمه الله آمين-:

الحمد لله الذي رفع عماد السنة وأعلى منارها، وخفض بساط البدعة وكسف أنوارها، وأوضح شواهد الحقيقة (1) وأظهر أسرارها، وكشف طرائق الباطل وطمس آثارها، وأحكم بناء التحقيق وشيد أسوارها، وأمر باتباع السنة وألزم إيثارها، فالسعيد من استبصر فأبصر، والموفق من نبه فتذكر، والمحروم من وقف فتحيرا فلا هو مقتول ففي الموت راحة، ولا هو ممنون عليه فيعتق، والشقي من بدل في الدين وغير، جعلنا الله من الفرقة الناجية، ومتعنا بالسنة في هذه الدار الفانية، وشملنا في الدارين بالعافية، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

أما فبل، ومع، وبعد، فإن في كل واد بني سعد، من اطمأن إليهم أتلفوه، ومن تعلق بهم كشفوه، ومن استغاث بهم أوقفوه، أعني الذين اتخذوا الجهل مهادا، والبدعة وسادا، والهوى عمادا، وادعوا أن ذلك هو الدين

(1) الحقيقة: مشاهدة الربوبية بالقلب، وهي سر معنوي لا حد له ولا جهة، وهي والطريقة والشريعة متلازمان، انظر الرسالة القشيرية ص 44 وحاشية ابن عابدين 4/ 239.

ص: 30

القويم، والصراط المستقيم، فرفضوا السنة والجماعة، ووصفوا المعصية وصف الطاعة، وتركوا السنة وأسبابها، وآثروا البدعة وفتحوا أبوابها، فكانوا دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، كما أخبر الرسول (ص) فيما أخرجه البخاري عن حذيفة بن اليمان (ض)، قال: "كان الناس يسألون رسول الله (ص) عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت:

يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال:"نعم"، قلت: فهل بعد ذلك الشر (1) من خير؟ قال:

"نعم، وفيه دخن"، قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم (2) يهدون يغير هديي، تعرف منهم وتنكر"، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال (3): "دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها"، قلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال:

"هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال:

"تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"، قلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك"(4) وكان (ص) يقول في خطبته: "إن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد (ص)، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، والضلالة وصاحبها في النار"(5)، رواه النسائي من طريق جابر، وأصله في مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام:"ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي الجماعة"(6)، أي السنة، لقوله في الرواية الأخرى: "ما أنا عليه

(1) في ت 1 زيادة: (فهل بعد ذلك الخير من شر).

(2)

في ت 1: يستنون بغير سنتي.

(3)

رواية البخاري بلفظ، قال:"نعم، دعاة على أبواب جهنم".

(4)

البخاري مع فتح الباري 16/ 144.

(5)

النسائي 3/ 153، بلفظ: "إن أصدق الحديث

،

وكل ضلالة في النار"، وأصل الحديث في مسلم 2/ 592.

(6)

الترمذي 5/ 25، وأبو داود 4/ 197، وابن ماجه 2/ 1321، من حديث أبي هريرة، دون قوله:"ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة"، وهذه الزيادة وردت بلفظ:"كلها في النار إلا واحدة"، من طريق ابن عمر ومعاوية وعوف بن مالك، وكلها ضعيفة، ومن =

ص: 31

وأصحابي" (1) وقال سفيان الثوري (2) (ض): "لو أن فقيها في رأس جبل لكان هو الجماعة" (3) ونحوه عن ابن المبارك (4)، وغيره، وبذلك فسره ابن أبي جمرة (5) في حديث حذيفة (ض)، وفي تمام الحديث المذكور: "وإنه سيخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى فيه عرق ولا مفصل إلا دخله" (6) نسأل الله السلامة، وقال رسول الله (ص): "إذا ظهرت البدع وسكت العالم فعليه لعنة الله" (7).

وقال (ص): "يحمل (8) هذا الدين من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين"(9) وما ذلك إلا

= صححها قواها بانضمامها إلى بعضها، وقد حذر بعض أهل العلم من هذه الزيادة ورأى أنها موضوعة، وليست من الحديث، لا يؤمن أن تكون من وضع الملاحدة لإثارة الفتنة، وطعن كل فئة من المسلمين على الأخرى، ورميها بالكفر والتضليل، فابن حزم رد الحديث بهذه الزيادة في كتاب الفصل 3/ 292 من جهة سنده، وقال الشةكاني في تفسير قول الله تعالى:{ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا} - من سورة المائدة-، قال: أما زيادة: كلها في النار إلا واحدة فقد ضعفها جماعة من المحدثين، بل قال ابن حزم: إنها موضوعة.

(1)

الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، وقال: غريب، والحديث حسن.

(2)

هو سفيان بن سعيد توفي 161 هـ، انظر طبقات الحفاظ 1/ 203.

(3)

قال عبد الله بن مسعود (ض) لعمرو بن ميمون: الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك، فإنك أنت الجماعة حينئذ، انظر إغاثة اللهفان 1/ 85.

(4)

توفي 181 تذكرة الحفاظ 1/ 274.

(5)

أبو محمد واسمه عبد الله، له:"بهجة النفوس" شرح مختصر البخاري، فقيه عابد توفي 699 هـ، نيل الابتهاج ص 140.

(6)

أبو داود 4/ 198، من حديث معاوية بن أبي سفيان.

(7)

زيادة من خ، في الجامع الصغير ص 31:(إذا ظهرت البدع ولعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فلينشره، فإن كاتم العلم ككاتم ما أنزل الله على محمد (ص)، عزاه لابن عساكر عن معاذ، وهو ضعيف.

(8)

في ت 1: يجيء.

(9)

خرجه البزار من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بلفظ: "يحمل هذا العلم. . . إلخ"، وقال: فيه خالد بن عمرو القرشي، منكر الحديث، قد حدث بأحاديث لم يتابع عليها، وهذا منها، وعزا الهيثمي الحديث إلى البزار، وقال: فيه عمرو بن خالد، أقول:(الصواب: خالد بن عمرو)، كذبه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل ونسبه إلى الوضع، انظر مختصر زوائد مسند البزار 1/ 221، ومجمع الزوائد 1/ 145.

ص: 32

بالتبصر في الدين، قال الله تعالى:{قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن تبعني} (1) وقال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} (2) وقال عز وعلا: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} (3).

قال الجنيد (4)(ض): الصراط المستقيم طريق محمد (ص)، وقال أيضا:

الطرق كلها مسدودة إلا على من اقتفى سنة الرسول (ص)، وقال أيضا:

علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، فمن لم يسمع الحديث ويجالس الفقهاء، ويأخذ أدبه عن المتأدبين أفسد من اتبعه.

وقال سهل بن عبد الله (5)(ض): بنيت أصولنا على ستة أشياء:

كتاب الله، وسنة رسوله (ص)، وأكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق (6) وقال أبو عثمان الحريري (7)(ض) من أمر

(1) يوسف 108.

(2)

النحل 125.

(3)

الأنعام 153.

(4)

هو أبو القاسم الجنيد بن محمد، سيد الطائفة وإمامهم، توفي 297 الرسالة القشيرية 287.

(5)

هو أبو محمد سهل بن عبد الله التستري أحد أئمة القوم، توفي 283 هـ الرسالة القشيرية 267.

(6)

قال الشاطبي في الاعتصام 2/ 349: إذ قال إمامهم سهل بن عبد الله التستري: مذهبنا مبني على ثلاثة أصول: الاقتداء بالنبي (ص)، في الأقوال والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النية في جميع الأعمال.

(7)

في ت 1: الخير، وكله تحريف، والصواب: الحيري، وهو أبو عثمان سعيد بن إسماعيل النيسابوري الحيري، محدث، صوفي، ذكر الذهبي في فضله حكاية، قال: لما قتل احمد بن عبد الله الخجستاني - الذي استولى على البلاد - الحافظ الذهلي أخذ في الظلم والعسف، وأمر بحربة فركزت، وجمع الأعيان، وحلف إن لم يصبوا الدراهم حتى يغيب رأس الحربة، فقد أحلوا دماءهم، فكانو يقتسمون المغارم بينهم، فخص تاجر بثلاثين ألف درهم، ولم يكن يقدر إلا على ثلاثة آلاف، فحملها إلى أبي عثمان، وقال: أيها الشيخ، قد حلف هذا كما بلغك، ووالله لا أهتدي إلا إلى هذه، قال: تأذن لي أن أفعل فيها ما ينفعك؟ قال: نعم، ففرقها أبو عثمان، وقال للتاجر: امكث عندي، وما زال أبو عثمان يتردد بين السكة والمسجد حتى أصبح، وأذن =

ص: 33

السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة، قلت: وهو أن يأتي بأمر لا وجه له ولا دليل من صاحب الشريعة، كان خيرا أو غيره (1) قال الله تعالى:{وإن تطيعوه تهتدوا} (2).

وقال أبو العباس بن عطاء الله (3)(ض): من ألزم نفسه آداب السنة نور الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرف من متابعة الحبيب (ص) في أوامره وأفعاله وأقواله وأخلاقه.

وقال أبو حمزة البغدادي (4)(ض) من علم طريق الحق سهل عليه سلوكه، ولا دليل على الطريق إلى الله تعالى إلا متابعة الرسول (ص) في أقواله وأفعاله وأحواله.

وقال أبو القاسم النصراباذي (5)(ض): (أصل الخوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلائق، والمداومة على الأوراد، وترك الرخص والتأويلات.

قلت: هذه هي الأصول التي من ضيعها حرم الوصول، وأكثر أهل الزمان على ذلك، إلا من عصم الله سبحانه وتعالى، وقليل ما هم، وقد

= المؤذن، ثم قال لخادمه: اذهب إلى السوق، وانظر ماذا تسمع، وهو في مناجاته يقول: وحقك لا أقمت ما لم تفرج عن المكروبين، (أي: لا أقمت الصلاة)، قال:

فأتى خادمه يقول: وكفى الله المؤمنين القتال، شق بطن أحمد بن عبد الله، فأخذ عبد الله في الإقامة. قال الذهبي: بمثل هذا يعظم مشايخ الوقت. وقوله الذي استشهد به المؤلف ذكره الذهبي في ترجمته. انظر سير أعلام النبلاء 14/ 6.

(1)

زيادة من خ.

(2)

النور 54.

(3)

هكذا ورد بالأصول، والصواب: ابن عطاء الأدمي، اسمه أحمد بن محمد بن سهل من علماء مشايخ الصوفية، وما نقله عنه زروق هو عن ترجمته في طبقات الصوفية، توفي 309. طبقات الصوفية ص 265.

(4)

اسمه محمد بن إبراهيم، صوفي عالم بالقراءات، توفي 289 هـ طبقات الصوفية ص 295.

(5)

هو إبراهيم بن محمد، شيخ خراسان في وقته، توفي 367. طبقات الصوفية ص 484.

ص: 34

قال رسول الله (ص): "إن مما في صحف إبراهيم (س)

، وعلى العاقل أن يكون عارفا بزمانه، مقبلا على شأنه ممسكا للسانه" (1) الحديث، فمعرفة الزمان وأهله صعب، والكلام فيه متسع رحب، وفيه من الآفات الدنيوية، ما نسأل الله السلامة منه، ومن تحريك الآثار النفسانية، مما نرغب إلى الله في الخلو عنه، لا سيما ما يشتبه فيها الحق بالباطل، ويظهر المتحلي به كالعاطل، فإن النفوس تسرع لإنكاره، ولا يصح من المشفق على نفسه وجود إظهاره، لما يحرك من عقارب التعصب والإذاية، وما يوجبه من اشتداد ظلمة الغواية، لكن الحق أبلج، والباطل لجلج، والدين النصيحة، والسكوت في الحق فضيحة، فوجب أن نأتي من ذلك، بما هو الأهم، لشيوعه في الوقت، حماية لمن وقف عليه من أسباب البعد والمقت، فنذكر أمورا يدعي أهلها أنهم على طريقة السادة الصوفية، ويرون أنهم في ذلك على حالة سنية، من غير دليل واضح قاطع، ولا نور ظاهر ساطع، ويدعون إلى ذلك بحسب إمكانهم، ويمنعون مما سواه كافة إخوانهم، ويقولون: إن قبولهم ذلك من قوة إيمانهم، وتحقق إحسانهم، وإن ذلك هو عين الحقيقة، ومنهاج سلوك السبيل والطريقة، وإنما هي طريقة معوجة، وأمور ملبسة مروجة، يغتر بها الجاهل، فيتبع، ويحتج بها المتعصب، فيضل ويبدع، أعاذنا الله مما ابتلاهم به، وسلك بنا طريق الحق بفضله، وإنما يظهر الحق في ذلك بالتبصر، ويزول اللبس فيه ويذهب التستر، وهذا حين نشرع في المقصود وبالله التوفيق، فنقول:

(1) هو من كلام وهب بن منبه رواه عبد الرزاق في المصنف 11/ 22 قال: "من حكمة آل داود" وخرجه ابن حبان من حديث أبي ذر 2/ 78 وعزاه الزيلعي في تخريج الحديث والآثار 2/ 390 إلى الحاكم في المستدرك والطبراني في معجمه والبيهقي في شعب الإيمان، وفيه يحيى السعدي ضعيف. قال: وله طريق آخر رواه أحمد وإسحاق في مسنديهما، وفيه معان وعلي بن يزيد والقاسم ثلاثتهم ضعفاء. وفي إسناد ابن حبان إبراهيم بن هشام الغساني كذبه أبو حاتم وأبو زرعة، فالحديث ضعيف جدا حتى إن ابن الجوزي ذكره في الموضوعات واتهم به إبراهيم المذكور. الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 2/ 77 وتخريج الأحاديث والآثار 2/ 39.

ص: 35