المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌57 - فصلفي أنواع النفوس عند المغاربة وكيفية المعاملة فيها - عدة المريد الصادق

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ تمهيد في التعريف بالمؤلف والكتاب

- ‌أولا - التعريف بالمؤلف

- ‌نسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌رحلته إلى المشرق:

- ‌نزوله بمصراته:

- ‌شيوخه

- ‌مؤلفاته

- ‌ومن كتبه في الحديث والفقه:

- ‌ثانيا - الكتاب

- ‌موضوع الكتاب:

- ‌طريقة المؤلف في الانتقاد:

- ‌أهم القضايا التي تناولها الكتاب:

- ‌1 - البدع:

- ‌2 - مفهوم التصوف عند المؤلف:

- ‌3 - السماع:

- ‌4 - التشييخ وأخذ العهد:

- ‌5 - أنواع الطوائف المدعية:

- ‌6 - التبرك بالآثار والزيارات:

- ‌نسخ المخطوط

- ‌الفئة الأولى وتشمل:

- ‌ نسخة (خ)

- ‌ النسخة (ت 1)

- ‌الفئة الثانية وتشمل:

- ‌ النسخة (ت 2)

- ‌ نسخة (ق)

- ‌وصية المؤلف لمن نسخ كتابه

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌1 - فصلفي حقيقة البدعة وأحكامها وخواصها

- ‌2 - فصلفي موازين البدعة

- ‌3 - فصلفي البدعة ومجاريها

- ‌4 - فصلفي أصول ظهور مدعي التصوف في هذا الزمانبالبدع واتباع الناس لهم عليها

- ‌5 - فصلفي الأمور التي ينتفي بها إحداث البدععمن غلط فيها واتباع أهلها

- ‌6 - فصلفيما يتبع من أمور الصوفية المحققين وما يترك ويكون التابعوالتارك فيه تابعا مذهبهم المبارك من غير خروج

- ‌7 - فصلفي تحرير الطريقة، وما بنيت عليه من شريعة وحقيقة

- ‌8 - فصلفي ذكر ظهور المشايخ والمشيخةوما يتبع ذلك من طرق الاقتداء ونحوها

- ‌9 - فصلفي ذكر ما ظهر في هذه الأزمنة هن حوادث لم تسمع فيما قبل

- ‌10 - فصلالطائفة الثانية طائقة تعلقت بالأحوال

- ‌11 - فصلالطائفة الثانية من الثانية

- ‌12 - فصلالطائفة الثالثة من الثانية

- ‌14 - فصلفي ذكر أول من ظهر بطريقهم وحاله في نفسهووجه الدخول عليهم في ذلك

- ‌15 - فصلفي ذكر ما بنوا عليه طريقهم(تفصيلا وما اعتقدوه فيها ردا وقبولا)

- ‌16 - فصلفي بيان ما عرفناه من طريقهم جملة وتفصيلا

- ‌17 - فصلوأما القسم الثالث فمرجعه لعشرة أمور:

- ‌18 - فصلفي ذم فتاوى الفقهاء في هذه الطائفة

- ‌19 - فصلفي هجرانهم العلم والقرآن والصلاة على رسول الله (ص)

- ‌20 - فصلوأما هجرانهم تلاوة القرآن

- ‌21 - فصلوأما هجرانهم الصلاة على حبيب الله (ص)

- ‌22 - فصلفإن قالوا: نحن لا نهجر العلم رأسا ولا نترك التلاوة جملة ولا ندع الصلاة على رسول الله (ص) بتا

- ‌23 - فصلفي اقتصارهم على كلمة الشهادة دون تمامها إلا تبعا، والأوقاتالمعينة لها عندهم وذكر ما في ذلك

- ‌24 - فصلفي ذكر الأوقات المعدة عندهم للذكر

- ‌25 - فصلفيما أفادهم هذا الأمر من الفوائد المعتبرة،وهي خمس في الجملة:

- ‌26 - فصلفيما أفادهم مخالفة الجماعة من الأمور المضرة:

- ‌27 - فصلفي رد تعصبهم لطريقتهم واعتقادهم أن كل طريق سواه باطلأو ناقص، وهذا لا يخلو اعتبارهم له من وجوه

- ‌28 - فصلفي هجرانهم ما ورد عن الشارع من الأذكارواستبدالها بغيرها في محلها

- ‌29 - فصلفي تقييدهم في الدعاء بنوع خاص غير ثابت من الشارع وإن كان واضح المعنى صحيح المبنى

- ‌30 - فصلفي تقييدهم القراءة في الصلاة

- ‌31 - فصلفي ذكر شبههم فيما آثروه وهجروه مما تقدم ذكره

- ‌32 - فصلفيما يذكر عنهم من ترك قضاء الفوائت،وتفويت الصلاة إذا كان أحدهم في شغل الفقراء حتى يقضيه،وإن فات الوقت، وهما مصيبتان عظيمتان

- ‌33 - فصلفي استئذانهم في الواجبات والضروريات الدينيةوالدنيوية والإلزام بذلك

- ‌34 - فصلفي استئذانهم على من أتوه بالتسبيح

- ‌35 - فصلفي ذكر شبهتهم في ذلك وفيما قبله

- ‌37 - فصلفي تفويتهم العشاء إلى ما بعد صلاة العشاء في غير رمضان

- ‌38 - فصلفي دعائهم للمصافحة وكيفيتها وما يتبع ذلك

- ‌39 - فصلفيما أحدثوه من أخذ العهدوخالفوا به الحقيقة والقصد

- ‌40 - فصلفي أخذ العهد أصلا وفصلا،وكيفيته وفاء ونقصا، وما يجري في ذلك

- ‌41 - فصلفي التنبيه على الأمور المتشابهة من أحوال الجماعة المذكورة

- ‌42 - فصلفي أمور تقيدوا بها في العادات وغيرها

- ‌43 - فصلجامع لأمور شتى من وقائعهم ووقائع غيرهم على حسب التيسير

- ‌44 - فصلفي تحقيق القصد في الجواب والرد

- ‌45 - فصلفي صفة الشيخ المعتبر عند القوم جملة وتفصيلا

- ‌46 - فصلفي مستند المشيخة ودلالتها وتعرف آثارها ووجه إفادتها

- ‌47 - فصلفي العلامة التي يستدل بها المريد على حاله من الشيخ الذيقصده، أو فتح له به أنه ينتفع به

- ‌48 - فصلفي أوصاف المدعين وحركاتهم وما يجري منهم وبسببهم

- ‌49 - فصلفي الاعتقاد والانتقاد وطرق الناس فيه

- ‌50 - فصلفي أنواع المعتقدة ووجوه الاعتقاد

- ‌51 - فصلفيما يصنع من ادعيت له المشيحة وليس بأهل لها، ويخاف علىمن تعلق به أن يهلك في اتباع الجهلة، أو يتبطل جملة، لظنهمتوقف الأمر على الشيخ مع اعتقادهم فقد هذه المرتبة، وهو مماعمت به البلوى في هذه الأزمنة

- ‌52 - فصلفي بيان طريق الجادة وما احتوت عليه من فائدة ومادة

- ‌53 - فصلفيما يستعان به على سلوك طريق الجادة من العلوم والقواعدوالكتب المفيدة

- ‌54 - فصلفي العلوم النورانية والظلمانية والمتشابهة

- ‌55 - فصلفي الاكتفاء بالكتب في سلوك الطريق وعدمه، وكذا المشيخةوالتعلق بالأموات

- ‌56 - فصلفي أنواع المتعلقين بالمشايخ والمتشيخة وأنواع الطرق وذلكبحسب المتمسكين

- ‌57 - فصلفي أنواع النفوس عند المغاربة وكيفية المعاملة فيها

- ‌58 - فصلفي بيان طريق العجم، وما لهم فيها من رسوخ قدم وزلل قدم

- ‌59 - فصلفي بيان طريقة أهل اليمن وما ظهر منها وما كمن

- ‌60 - فصلفي طريق الخدمة والهمة وحفظ الحرمة

- ‌61 - فصلفي لوازم الفقير في نفسه ولوازمه في حق شيخه وحقه علىالشيخ وحقه على الفقراء وحق الفقراء عليه على الجملة والتفصيل

- ‌62 - فصلفي اعتبار النسب بالجهات والأقطار وما يعرف به رجال كل بلدمن الدلائل الخاصة والعامة، حسب ما هدى إليه الاستقراءووصلت إليه الفراسة الحكيمة

- ‌63 - فصلفي آداب مهمة على الفقير يتعين عليه مراعاتها

- ‌64 - فصلفي الأسباب الموجبة لانقلاب المريد ورجوعه على عقبه

- ‌65 - فصلفي الرخصة والشهوة والشبهة والتأويل وحال المريد في ذلكومعاملته فيه

- ‌66 - فصلفي التحصن مما ذكر من الآفات وإصلاح المختل بإدراك ما فات

- ‌67 - فصلفي ذكر أمور عمت البلوى بها في فقراء الوقت

- ‌69 - فصلوأما الكاغدية فهي فرع علوم الروحاني، ومرجعها لأحد أمرين:

- ‌70 - فصلفي الاشتغال بعلوم التصريف من الحروف ونحوها

- ‌71 - فصلفي الاشتغال بعلم المغيبات، وتحصيلها بطرق الكسبمن أحكام النجوم والفال والقرعة والسانح والبارحوعلم الكتب والرمل ونحو ذلك

- ‌72 - فصلفي طلب الاسم الأعظم والشيخ المربي بالهمة والكبريت الأحمرالذي لا يحتاج معه إلى عمل في بابه

- ‌73 - فصلفي الاغترار بكل ناعق وإيثار غير المهم

- ‌74 - فصلفي الوقوف مع الأسلوب الغريب في العلم أو في العمل أو فيالحركات أو غيرها والانقياد لكل من ظهرت عليه خارقة أو جاءبدعوى، وإن لم يكن له عليها برهان

- ‌75 - فصلفي الاستظهار بالدعوى والتعزز بالطريقة والأكل بالدين ونحو ذلك

- ‌76 - فصلفي معاملة المنتقدين والمنكرينوالمعترضين وهم على أنواع كثيرة

- ‌77 - فصلفي التظاهر بالأمور الغريبة من الشطحات والطامات وغيرها

- ‌78 - فصلفي وضع الشيء في غير محله

- ‌79 - فصلفي تتبع الفضائل وأنواع المندوبات

- ‌80 - فصلفي التكلف

- ‌81 - فصلفي أمور أولع بها بعض الناس وفيها مغمز ما

- ‌82 - فصلفي تتبع المشكلات والاستظهار بالكلام فيها مع العوام وغيرهموتعليمهم علوم التوحيد ودقائق التصوف

- ‌83 - فصلفي التجاسر على المراتب بادعائها مرة لنفسه ومرة لغيره ومرةفيما لا يصلح الدخول فيه

- ‌84 - فصلوأما ادعاء المراتب والمجاسرة عليها

- ‌85 - فصلفي التشبه وما يلحقه من الحركات وغيرها

- ‌86 - فصلفي التبرك بالآثار

- ‌87 - فصلفي بعض ما يتعلق بالتبرك والآثار من الآداب

- ‌88 - فصلفي السماع والاجتماع

- ‌89 - فصلفيما يصنع من عرض له السماعونحوه بطريق الابتلاء أو الحاجة إليه، وهي خمسة أمور

- ‌90 - فصلفي ذكر شيء من المواجيد والخواطر

- ‌91 - فصلفي الكلام على تعلقات العوام من أهل التمسك وغيرهم

- ‌92 - فصلفي ذكر الزمان وأهله وما احتوى عليه من الفساد والباطل الذيأخبر به الصادق المصدوق

- ‌93 - فصلفي افتتاح كلام لبعض المشايخ كتب به لمثله

- ‌94 - فصلثم قال رحمه الله: والزمان يا ولي، شديد، شيطانه مريد، جباره عنيد

- ‌95 - فصلثم قال: فأما هؤلاء فوالله لو اطلعت عليهم لرأيت إن نظرت إلى وجوههم عيونا جامدة

- ‌96 - فصلثم قال: ولقد لقيت بهذه البلاد من يلبس سراويل الفتيان، ويدعي مراتب العرفان

- ‌97 - فصلثم قال بعد ذلك: وأما أهل السماع والوجد في هذه البلاد، فقد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا

- ‌98 - فصلثم قال بعد فراغه من ذكر أصوله في ذلك: فيا أيها المعترض، هذه الأصول التي استندت إليها في ذم أهل وقتي

- ‌99 - فصلثم أخذ بعد انتهاء كلامه المتقدم في محاسبة نفسه على ما هو به

- ‌100 - فصلثم قال رحمه الله: وكل من سمع من الشيوخ فهو على أحد أمرين:

- ‌101 - فصلفي مواقع البدع وأنواع المخالفات

- ‌102 - فصلفي متشابه الأمور بين البدعة وغيرها

- ‌103 - فصلفي الطهارة

- ‌104 - فصلفي الصلاة

- ‌105 - فصلومن البدع الإضافية قول المؤذن قبل الإقامة:

- ‌106 - فصلفي المواعيد والاجتماعات

- ‌107 - فصلفي أمور عمت البلوى بها في بعض البلاد

- ‌108 - فصلفي اختيارنا من عمل اليوم والليلة،وهو الوسط حسبما دلت عليه الأحاديث النبوية والآثار السلفية

- ‌109 - فصلفي أوراد الذكر

- ‌110 - فصلفي خاتمة الكتاب

- ‌الفهارس العامة

الفصل: ‌57 - فصلفي أنواع النفوس عند المغاربة وكيفية المعاملة فيها

يختبرون المريد، فإن وجدوه خليا طردوه، وعلى ذلك حكايات المشايخ في قولهم: من لم يكن فيه كذا، أو لم يصبر على كذا، فالزموه السوق (1).

وكان السهروردي رحمه الله تعالى، إذا جاءه المريد عرض عليه الأسماء الحسنى، فإن تأثر عند واحد منها سلكه به، وإلا أعاد عليه إلى الثلاث، فإن لم يتأثر صرفه عنه في الحال، لاعتقاده أن العمل فيه تعب بلا حاصل، ولكل طريق من هذه الطرق تفصيل نذكر بعضه الآن، وبالله التوفيق.

‌57 - فصل

في أنواع النفوس عند المغاربة وكيفية المعاملة فيها

وذلك أنهم يرون غالب النفوس كالمعادن السبعة المطرقة، التي يدخلها الانفعال بما يلقى إليها، فتعود لأصلها.

فالنفس الأولى: كالذهب في صفائها وخلوصها ونفعها وخاصيتها، وهي الخالية عن الشوائب والشواغب المحبوبة بالطبع، النافعة بمجرد الرؤية والصرف، لكنها ناقصة باعتبار ما فوقها، إذ لا تقلب عينا كالإكسير، ولا تقيم شيئا (2) فتحتاج للرياضة حتى تتضاعف قواها، فتصير إكسيرا لا تقع على شيء إلا قلبت عينه، لما هي به أو لما يراد منه، وهذه رتبة الولي الذي إذا أراد أغنى، وإذا نظر نفع.

الثانية: نفس كالفضة في النقاء والصفاء والخلوص، ولكنها غير متمكنة فيه، لخفة وزنها، ورقة عينها، وقلة زينها، ووجود انفعالها بالمخالطة، حتى ينقص خاصيتها، فتحتاج إلى ما ينقلها عن ذلك للرتبة التي

(1) في ت 2: السرق.

(2)

في ت: (ولا تقيم شيئا كالحجر فتحتاج. . . إلخ).

ص: 188

فوقها، بأن تصير جاذبة لما هي به كالإكسير، وكاملة كالذهب، لا تؤثر فيها العوارض ولا غيرها، وهذه رتبة العارف الذي إذا توجه نفع، ويصل إليها بالرياضة وصدق التوجه، والله أعلم.

الثالثة: نفس كالحديد، صالحة للنفع والرفع، غير أنها مصحوبة بسواد الشهوات والمعاصي، وقساوة الغفلات والكبر، فتحتاج إلى التطهير حتى تصير خالصة، ثم إلى التليين حتى تصير منطبعة قابلة للخاصية الفضية، ثم الخاصية الذهبية، وهذه نفوس أكثر المغاربة من المصامدة ومن جرى مجراهم، إلا من حفظه الله، وقليل ما هم.

الرابعة: نفس كالنحاس، وفيه ما في الذي قبله بزيادة النتن، وهي تزكية النفس ورؤيتها أهلا للكمالات، فتحتاج للتطهير بالتقوى، ثم للتليين بالتواضع والحضور، ثم للتنقية برؤية المنة لله سبحانه، وحينئذ يصلح لأن يكون فضة خالصة، أو ما يقرب منها، فافهم.

الخامسة: نفس كالرصاص، وفيه السواد واللين والنتن، فسواده عيبه وذنبه، ولينه انقطاعه وميله، ونتنه رؤيته نفسه، فيحتاج للتنظيف (1) ثم للتقسية حتى لا ينطبع إلا بقدر الحاجة، ثم للتنقية حتى لا تبقى لنفسه رائحة، وهذا حال المخالطين للفقراء من الجند، فإذا انتقل صلح لأن يكون ذهبا أو فضة، وهو أبعد، والله أعلم.

السادسة: نفس هي كالقصدير، وفيه سبع علل ظاهرة، وسبع علل باطنة، هي في غرضنا معاصي الجوارح السبعة، التي هي: العين والأذن والفم والبطن واليدان والرجلان والفرج، وأخلاق القلب السبعة، التي هي: الكبر والبخل والحد والحقد والحرص والطمع والهوى، فإذا خلا من هذه صفا ظاهره بالتقوى، وخلص باطنه بالإخلاص، فلم تبق فيه بقية لغير مولاه، بل صار فضة خالصة، لا شوب فيها بالحقيقة، فاعرف ذلك حقه.

(1) في خ: (للتنظيف، ثم للتنقية حتى لا ينطبع إلا بقدر الحاجة).

ص: 189

السابعة: نفس كالزاوق (1) ظاهره أبيض وباطنه أسود، إن أردت ضبطه تفلت، وإن أردت جمعه تشتت، لا تكاد تطلبه في بساط الحق إلا وجدته، ولا في بساط الباطل إلا وجدته، وأصله السواد، وصورته البياض، وهذا حال أكثر من يخالط الفقراء، وينتمي إليهم في هذه الأزمنة ممن لهم ذكاء وفطنة، يقولون من قول خير البرية، ويمرقون كما يمرق السهم من الرمية (2) كما ورد في الحديث، فهم أشكل الأنواع وأبعدهم من موارد الانتفاع، وأكثر ما يوجد هذا النوع في أولاد أولئك النوع ممن للناس عليه إقبال، فإياك وإياهم فإنهم يتعبونك ولا ينفعونك، بل لا ينتفعون منك إلا القليل عند المصادفة (3) فاعرف ذلك.

وأصل التدبير في ذلك كله بتلطيف النفوس بإصلاح التقوى، ثم تلطيف الأرواح بكباريت الاستقامة بعد تطهيرها من أوساخ البدع، ثم تلطيف الأجساد بأنواع التوجهات، وما هو إلا تهذيب، ثم تأديب، ثم تدريج ينتج وجود التقرب لكل من أهل له، وغير ما ذكر من النفوس لا عبرة به، فإهماله لازم وتركه واجب، لوجود الضرر به، ثم هذا الطريق مخطر لما فيه من الأطوار والأنواع والأخطار، وقل أن ينتج إلا مع صاحب همة وعزيمة، ويرحم الله من صنف في فن الأصل، فكان كلما ذكر المسألة قال: وعند اللقاء تبقى، ومبدأ هذا الطريق الموت، ومنتهاه الفوت، ونسماته من ريح الدبور، الذي هو أصل إهلاك قوم عاد، فهو طريق الإهلاك، فصاحبه لا يلتذ بالحق إلا من حيث استشعاره الاستهلاك فيه، فافهم.

(1) هو الزئبق.

(2)

جزء من حديث أبي سعيد الخدري (ض) في الخوارج، متفق عليه، انظر البخاري مع فتح الباري 7/ 187، ومسلم حديث رقم 1064.

(3)

في ت 1: (المصافحة).

ص: 190