الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرق بين الحقيقة والشريعة، وهذا هو الأصل الذي بنى عليه المارقون أصولهم، واستظهرت الطوائف بأعمال خارجة عن الدين، وأحوال موافقة للمارقين، فحمل الصادق على الكاذب، والمصيب على الخائب، ووقع الكل في جهالة لا يمكن تفصيلها، ولا ينضبط تأصيلها، ودفع ذلك لا يكون إلا بتقرير أصول القوم وسنفرد لها فصلا بعد إن شاء الله تعالى.
الثالث: حب الرياسة والظهور مع الضعف عن أسبابها والقصور، فيضطرهم ذلك لإحداث أمور تستميل القلوب، لكونها مجبولة على استحسان الغريب مع جهلها بما يشين ويرب، وحرصها على الخير، وظهور هذا الشخص بصورة ذلك، وحقائق منه (1) مع ما يجري على يديه من خوارق شيطانية، أو يبدو لتابعيه من لذة نفسانية، أو يدركه من أذواق طبيعية، يظنها فتوحا وأسباب وصول، فينبذ بها الفروع والأصول، مع ما يعينه على ذلك من احتقار الأمور المألوفة، واعتقاده أن المقام العجيب لا يدرك إلا بالأمر الغريب، وأن العبادات في صورها ووجوهها لا تفيد المقصود إلا بإضافة أمر إليها، فينقاد لذلك عند ظهوره ويعمل به، فيجتهد (2) بذلك ويتقوى عليه بما يظهر له من ذلك، وما هو إلا الجهل والانقياد للوهم، وعدم التثبت والفهم، نسأل الله السلامة.
5 - فصل
في الأمور التي ينتفي بها إحداث البدع
عمن غلط فيها واتباع أهلها
.
(لمن تورط معهم)(3).
(1) كذا في: 1 وق، وفي ت 2: وحقائق مع ما يجري
…
إلخ، وفي خ: وحقائق منته.
(2)
في ق: (فيجتهد الأمر له).
(3)
في ت 1: (عمن تعرض).
وهي ثلاثة:
أولها: تصحيح الإيمان بوجه يؤدي إلى إقامة حرمة الشارع فيما أمر به ونهى عنه، والتبصر في الدين، فقد قال الله
…
تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (1) وقال عز وجل: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذب أليم} (2) قل عز من قائل: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى على بصيرة أنا ومن أتبعني} (3) فبين أن التبصر في الدين أصل من أصوله، وأن من أخذ الأمر رماية في عماية فليس بمتبع للشارع، لكن الناس ثلاثة: عالم متمكن متبصر في أخذ المسائل، يطلب الدليل وإن لم يكن مجتهدا، ومتوسط في الأمور بين العامة والعلماء، فلا يصح اتباعه، إلا لمن تبصر في شأنه، فأوجب له ما علم من الشريعة أن هذا ممن يقتدى به، ثم لا يأخذ منه ما يأباه ما علمه من قواعد الشريعة، إذ لا يجوز لأحد أن يتعدى علمه:{ولا تقف ما ليس لك به علم} (4) وعامي، وحقه أن يقف مع ما لا يشك (5) في حقيقته من تقوى الله تعالى وذكره، والعمل على الجادة التي لا شك فيها، وإلا فهو مستهزئ بدينه ومتلاعب به، فاعلم ذلك، وإذا لم يكن الفتح فيما جاء عن الله
…
ورسوله ففي أي شيء يكون، نسأل الله السلامة.
الأمر الثاني: البحث عن أحكام الله فيما هو به من حركة وسكون، وما يعرض له من إقبال وإدبار، وذلك لا يصح له إلا بمراقبة أحواله، فلا يعمل بشيء إلا عن علم أو اقتداء بمن يصح الاقتداء به، من عالم ورع، أو فقيه متصدر فيما لا هوى له فيه، ومقام المشيحة نذكره فيما بعد، إن شاء الله
…
سبحانه.
(1) الحشر 7.
(2)
النور 63.
(3)
يوسف 108.
(4)
الإسراء 36.
(5)
في ت 1: (أن يقف على ما يشك في حقيقته).