الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموعهم، ويسامون سوء العذاب حتى يقلعوا عن ذلك، ووافقه على ذلك جماعة من شيوخ وقته ببلاده حين جاؤوا مستفتين في أواخر سنة ثلاث وسبعين وثماني مائة، ورأو أنهم لا يمكنون من الكلام في مسائلهم، ولا يفصل فيها لغلبة الجهل والفساد على الزمان، ووجه المتكلم في شأنهم بما يغفر الله لفاعله، إذ وقف معهم في ذلك وآواهم، وكان شيخنا أبو مهدي عيسى بن أحمد بن أحمد الماواسي (1) كان الله له، مفتيا في وقته بالبلد المذكور، هو الذي اقتصد في القضية، وأفتى بأن أمورهم ينظر فيها، وأنها تقبل التصحيح والإبطال، وهو كلام حق وإنصاف، ولكن غلبة الوازع يخرج إلى التفريط أو الإفراط، بحسب الاجتهاد، وإن لم يقصد هوى، والكل إن شاء الله تعالى على حق (2) في نظره، إذ لا يجوز له تعدي اجتهاده، والمفصل أحرى بالتحقيق عند تحقيق النظر فليتبع طريقه في ذلك، وبالله التوفيق.
19 - فصل
في هجرانهم العلم والقرآن والصلاة على رسول الله (ص)
.
أما هجرانهم العلم فمخالف للكتاب والستة والإجماع، قال الله تعالى:{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (3)، وقال عز من قائل:{وما يعقلها إلا العالمون} (4) وقال عز وعلا: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} (5) فجعل العلم مقدمة الخشية التي هي باعث العمل، وكذلك
(1)(ت 896) نيل الابتهاج ص 194.
(2)
يقول المؤلف: إن كلا الفريقين من العلماء مأجور؛ من أفتى بتصويب هذه الطوائف ومن أفتى بتخطئتها، لأنه مجتهد، والمجتهد مأجور.
(3)
النحل 43.
(4)
العنكبوت 43.
(5)
فاطر 28.
قال (ص)"العلم إمام العمل والعمل تابعه"(1)، وقال (ص):"طلب العلم فريضة على كل مسلم"(2)، وقال (ص):"الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم ومتعلم"(3) وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز لأحد أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه، وفائدة العلم تمييز أحكام الله، فالعالم العاصي خير من العابد الجاهل، وفي الخبر:"أن نوما على علم خير من عبادة على جهل"(4) وقال ابن مسعود (ض): ركعتان من عالم زاهد خير وأحب إلى الله من عبادة المتعبدين الجاهلين إلى آخر الدهر أبدا سرمدا، وفي الخبر:"عالم واحد أشد على الشيطان من ألف عابد"(5)
(1) عزاه المؤلف في قواعد التصوف ص 48 للشافعي، وعبارته؛ لا يجوز لأحد أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه، قال الشافعي: إجماعا، لقوله (ص): "العلم إمام العمل
…
"، وذكر الحديث.
(2)
طلب العلم فريضة، خرجه ابن ماجه 1/ 81، قال في الزوائد: إسناده ضعيف، لضعف حفص بن سليمان، وقال في المقاصد ص 275: وحفص ضعيف جدا، بل اتهمه بعضهم بالكذب والوضع، وقيل عن أحمد: إنه صالح، ولكن له شاهد عند ابن شاهين في الأفراد، وقال ابن شاهين: غريب، قلت: القائل الحافظ السخاوي: ورجاله ثقات، بل يروى عن عشرين تابعيا عن أنس، وقال ابن عبد البر: يروى عن أنس من وجوه كثيرة كلها معلولة، لا حجة في شيء منها عند أهل العلم بالحديث من جهة الإسناد، وقال البزار: إنه يروى عن أنس بأسانيد واهية
…
، ثم قال: وفي الباب عن أبي وجابر وحذيفة والحسين بن علي وسلمان وسمرة
…
، وبسط الكلام في تخريجها العراقي في تخريجه الكبير للإحياء، ومع هذا كله قال البيهقي: متنه مشهور، وإسناده ضعيف، وقد روي من أوجه كلها ضعيفة، وروي عن الإمام أحمد قوله: إنه لم يثبت عندنا في هذا الباب شيء، لكن قال العراقي: قد صحح بعض الأئمة لبعض طرقه كما بينته في تخريج الإحياء، وقال المزي: إن طرقه تبلغ به رتبة الحسن، وانظر كشف الخفاء 2/ 56.
(3)
خرجه ابن ماجه 2/ 1377، والترمذي 4/ 561، وقال: حسن غريب، والحديث حسنه المنذري.
(4)
رواه أبو نعيم في الحلية 48 - 385 عن سلمان مرفوعا، وهو من رواية الأعمش عن أبي البختري، ولا تعرف للأعمش رواية عنه، ورواه أو البختري عن سلمان، ولم يسمع من سلمان فهو مرسل، ومرسل أبي البختري ضعيف، أما ما صرح فيه بالسماع فهو حسن كما في طبقات ابن سعد 6/ 205 وانظر تهذيب الكمال 11/ 32 و12/ 76.
(5)
خرجه الترمذي 5/ 48، وابن ماجه عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (ص): "فقيه أشد على الشيطان من ألف عابد"، وقال الترمذي: غريب، لا نعرفه إلا من حديث =