الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا، فنهاه وقال: إنه من الاعتداء في الدعاء، ولكن اسأل الله الجنة واستعذ به من النار، فإذا أعطاك الجنة أعطاك ما فيها، وإذا أعاذك من النار أعاذك مما فيها انتهى، بمعناه خرجه أبو داود وغيره.
وأفضل الدعاء ما كان عن حضور واضطرار، ولا حضور مع تكلف، ولا اضطرار مع تقيد، ونهى أيضا (ص) عن السجع في الدعاء (1) للتكلف، ولم يرد عن أحد من السلف التقيد في الدعاء، نعم الإيثار لدعاء واحد والإكثار منه بحسب الحاجة لا يقدح، ودعاء المرء بما يفتح له أو يفتح لغيره، جائز شرعا، إن صح مبناه واتضح معناه، وبالله التوفيق.
…
30 - فصل
في تقييدهم القراءة في الصلاة
بحيث لا يقرأ في الركعة الأولى من كل صلاة بعد الفاتحة إلا بسورة مخصوصة، (كالشمس وضحاها) في الصبح، و (إذا زلزلت) في صلاة الظهر، و (لإيلاف قريش) في العصر، و (إنا أنزلناه) في صلاة العشاء، إلى غير ذلك مع اقتصارهم على سورة الإخلاص في الثانية أبدا، وهذه بدعة صريحة لأن السنة جاءت بالإطلاق، ولم يرد عن أحد من السلف التقييد بذلك ولا غيره، وإن ورد عنه الإكثار فإحداث التقييد المذكور، والتعلق به قبيح من وجوه ثلاثة.
(1) مما ورد في النهي عن السجع في الدعاء ما جاء في البخاري عن ابن عباس (ض) في قوله لعكرمة مولاه: "
…
وانظر السجع في الدعاء فاجتنبه، فإني عهدت رسول الله (ص) وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب"، البخاري مع فتح الباري 13/ 388، والمكروه من السجع في الدعاء هو السجع المتكلف المانع من الخشوع والضراعة، لمشابهته كلام الكهنة، أما السجع الصادر من غير قصد ولا تكلف إليه فقد جاء في الأحاديث الصحيحة، ومن ذلك دعاء النبي (ص): "اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، هازم الأحزاب"، وقوله: "أعوذ بك من عين لا تدمع، ونفس لا تشبع، وقلب لا يخشع"، انظر فتح الباري 13/ 389.
أحدها: الافتيات على الشارع صلوات الله عليه في تقييد ما أطلقه، وعمل به مطلقا مدة حياته هو وجملة الخلفاء الراشدين، وأئمة المسلمين بعده، ولن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما أتى به أولها.
الثاني: ما فيه من فوت مقصود التلاوة في الصلاة الذي هو التفهم على حسب الوارد (1) ومعرفة حقيقة ما انطوى عليه القلب من المعارف، فإن الفاتحة جامعة وفتوحها متنوع أبدأ لجمعها، وأنواع السور مذكرة وتابعة لذلك عند أرباب القلوب، والتقيد يمنع من ذلك.
الثالث: مما في ذلك من الإخلال بسنة التطويل في محله والاقتصار في موضعه، إذ السنة في الظهر والصبح طوال المفصل، وأنتم هجرتموه، وفي العشاء أواسطه، وأنتم تركتموه، وفي الثانية من الركعات على نسبة الأولى وإن كانت أقصر، وهذا شيء بدلتموه بما تقرؤونه من سورة الإخلاص، تم تعلقكم بحديث الرجل الذي كان يقرأ بها في كل صلاة (2) لا يدعها، لا يصح، لأن الحامل له على ذلك إنما هو حبها، فهو صاحب حال فيها، يسلم له ولا يقتدى به، ولو كان للاقتداء به محل لكان السلف أولى به، ولم يرد عن أحد منهم التزامه، نم حاله بخلاف حالكم من خمسة أوجه:
(1) أي: ما يرد على القلب حين إرادة التلاوة.
(2)
حديث الرجل من الأنصار الذي كان يقرأ في كل صلاة بسورة الإخلاص لا يدعها، خرجه البخاري تعليقا، وخرجه الترمذي موصولا، وقال: حسن صحيح غريب، من حديث عبيد الله بن عمر عن ثابت، وهي الطريق التي علقها البخاري، لأن حماد بن سلمة رواه عن ثابت، عن حبيب بن سبيعة مرسلا، قال الدارقطني في العلل: وهو أشبه بالصواب، لأن حماد مقدم في حديث ثابت، قال الحافظ في الفتح: لكن عبيد الله بن عمر حافظ حجة، وقد وافقه مبارك في إسناده، فيحتمل أن يكون لثابت فيه شيخان، انظر البخاري مع فتح الباري 2/ 400، وفي كتاب الحوادث والبدع للطرطوشي ص 396: سئل سفيان الثوري عمن يقرأ {قل هو الله أحد} لا يقرأ غيرها، فكرهه، وقال: إنما أنزل القرآن ليقرأ، ولا يخص شيء دون شيء، وإنما أنتم متبعون، ولم يبلغنا عنهم مثل ذلك، ومثل مالك بن أنس عن قراءتها في ركعة مرارا فكرهه، وقال: هذا من محدثات الأمور.