المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌40 - فصلفي أخذ العهد أصلا وفصلا،وكيفيته وفاء ونقصا، وما يجري في ذلك - عدة المريد الصادق

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ تمهيد في التعريف بالمؤلف والكتاب

- ‌أولا - التعريف بالمؤلف

- ‌نسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌رحلته إلى المشرق:

- ‌نزوله بمصراته:

- ‌شيوخه

- ‌مؤلفاته

- ‌ومن كتبه في الحديث والفقه:

- ‌ثانيا - الكتاب

- ‌موضوع الكتاب:

- ‌طريقة المؤلف في الانتقاد:

- ‌أهم القضايا التي تناولها الكتاب:

- ‌1 - البدع:

- ‌2 - مفهوم التصوف عند المؤلف:

- ‌3 - السماع:

- ‌4 - التشييخ وأخذ العهد:

- ‌5 - أنواع الطوائف المدعية:

- ‌6 - التبرك بالآثار والزيارات:

- ‌نسخ المخطوط

- ‌الفئة الأولى وتشمل:

- ‌ نسخة (خ)

- ‌ النسخة (ت 1)

- ‌الفئة الثانية وتشمل:

- ‌ النسخة (ت 2)

- ‌ نسخة (ق)

- ‌وصية المؤلف لمن نسخ كتابه

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌1 - فصلفي حقيقة البدعة وأحكامها وخواصها

- ‌2 - فصلفي موازين البدعة

- ‌3 - فصلفي البدعة ومجاريها

- ‌4 - فصلفي أصول ظهور مدعي التصوف في هذا الزمانبالبدع واتباع الناس لهم عليها

- ‌5 - فصلفي الأمور التي ينتفي بها إحداث البدععمن غلط فيها واتباع أهلها

- ‌6 - فصلفيما يتبع من أمور الصوفية المحققين وما يترك ويكون التابعوالتارك فيه تابعا مذهبهم المبارك من غير خروج

- ‌7 - فصلفي تحرير الطريقة، وما بنيت عليه من شريعة وحقيقة

- ‌8 - فصلفي ذكر ظهور المشايخ والمشيخةوما يتبع ذلك من طرق الاقتداء ونحوها

- ‌9 - فصلفي ذكر ما ظهر في هذه الأزمنة هن حوادث لم تسمع فيما قبل

- ‌10 - فصلالطائفة الثانية طائقة تعلقت بالأحوال

- ‌11 - فصلالطائفة الثانية من الثانية

- ‌12 - فصلالطائفة الثالثة من الثانية

- ‌14 - فصلفي ذكر أول من ظهر بطريقهم وحاله في نفسهووجه الدخول عليهم في ذلك

- ‌15 - فصلفي ذكر ما بنوا عليه طريقهم(تفصيلا وما اعتقدوه فيها ردا وقبولا)

- ‌16 - فصلفي بيان ما عرفناه من طريقهم جملة وتفصيلا

- ‌17 - فصلوأما القسم الثالث فمرجعه لعشرة أمور:

- ‌18 - فصلفي ذم فتاوى الفقهاء في هذه الطائفة

- ‌19 - فصلفي هجرانهم العلم والقرآن والصلاة على رسول الله (ص)

- ‌20 - فصلوأما هجرانهم تلاوة القرآن

- ‌21 - فصلوأما هجرانهم الصلاة على حبيب الله (ص)

- ‌22 - فصلفإن قالوا: نحن لا نهجر العلم رأسا ولا نترك التلاوة جملة ولا ندع الصلاة على رسول الله (ص) بتا

- ‌23 - فصلفي اقتصارهم على كلمة الشهادة دون تمامها إلا تبعا، والأوقاتالمعينة لها عندهم وذكر ما في ذلك

- ‌24 - فصلفي ذكر الأوقات المعدة عندهم للذكر

- ‌25 - فصلفيما أفادهم هذا الأمر من الفوائد المعتبرة،وهي خمس في الجملة:

- ‌26 - فصلفيما أفادهم مخالفة الجماعة من الأمور المضرة:

- ‌27 - فصلفي رد تعصبهم لطريقتهم واعتقادهم أن كل طريق سواه باطلأو ناقص، وهذا لا يخلو اعتبارهم له من وجوه

- ‌28 - فصلفي هجرانهم ما ورد عن الشارع من الأذكارواستبدالها بغيرها في محلها

- ‌29 - فصلفي تقييدهم في الدعاء بنوع خاص غير ثابت من الشارع وإن كان واضح المعنى صحيح المبنى

- ‌30 - فصلفي تقييدهم القراءة في الصلاة

- ‌31 - فصلفي ذكر شبههم فيما آثروه وهجروه مما تقدم ذكره

- ‌32 - فصلفيما يذكر عنهم من ترك قضاء الفوائت،وتفويت الصلاة إذا كان أحدهم في شغل الفقراء حتى يقضيه،وإن فات الوقت، وهما مصيبتان عظيمتان

- ‌33 - فصلفي استئذانهم في الواجبات والضروريات الدينيةوالدنيوية والإلزام بذلك

- ‌34 - فصلفي استئذانهم على من أتوه بالتسبيح

- ‌35 - فصلفي ذكر شبهتهم في ذلك وفيما قبله

- ‌37 - فصلفي تفويتهم العشاء إلى ما بعد صلاة العشاء في غير رمضان

- ‌38 - فصلفي دعائهم للمصافحة وكيفيتها وما يتبع ذلك

- ‌39 - فصلفيما أحدثوه من أخذ العهدوخالفوا به الحقيقة والقصد

- ‌40 - فصلفي أخذ العهد أصلا وفصلا،وكيفيته وفاء ونقصا، وما يجري في ذلك

- ‌41 - فصلفي التنبيه على الأمور المتشابهة من أحوال الجماعة المذكورة

- ‌42 - فصلفي أمور تقيدوا بها في العادات وغيرها

- ‌43 - فصلجامع لأمور شتى من وقائعهم ووقائع غيرهم على حسب التيسير

- ‌44 - فصلفي تحقيق القصد في الجواب والرد

- ‌45 - فصلفي صفة الشيخ المعتبر عند القوم جملة وتفصيلا

- ‌46 - فصلفي مستند المشيخة ودلالتها وتعرف آثارها ووجه إفادتها

- ‌47 - فصلفي العلامة التي يستدل بها المريد على حاله من الشيخ الذيقصده، أو فتح له به أنه ينتفع به

- ‌48 - فصلفي أوصاف المدعين وحركاتهم وما يجري منهم وبسببهم

- ‌49 - فصلفي الاعتقاد والانتقاد وطرق الناس فيه

- ‌50 - فصلفي أنواع المعتقدة ووجوه الاعتقاد

- ‌51 - فصلفيما يصنع من ادعيت له المشيحة وليس بأهل لها، ويخاف علىمن تعلق به أن يهلك في اتباع الجهلة، أو يتبطل جملة، لظنهمتوقف الأمر على الشيخ مع اعتقادهم فقد هذه المرتبة، وهو مماعمت به البلوى في هذه الأزمنة

- ‌52 - فصلفي بيان طريق الجادة وما احتوت عليه من فائدة ومادة

- ‌53 - فصلفيما يستعان به على سلوك طريق الجادة من العلوم والقواعدوالكتب المفيدة

- ‌54 - فصلفي العلوم النورانية والظلمانية والمتشابهة

- ‌55 - فصلفي الاكتفاء بالكتب في سلوك الطريق وعدمه، وكذا المشيخةوالتعلق بالأموات

- ‌56 - فصلفي أنواع المتعلقين بالمشايخ والمتشيخة وأنواع الطرق وذلكبحسب المتمسكين

- ‌57 - فصلفي أنواع النفوس عند المغاربة وكيفية المعاملة فيها

- ‌58 - فصلفي بيان طريق العجم، وما لهم فيها من رسوخ قدم وزلل قدم

- ‌59 - فصلفي بيان طريقة أهل اليمن وما ظهر منها وما كمن

- ‌60 - فصلفي طريق الخدمة والهمة وحفظ الحرمة

- ‌61 - فصلفي لوازم الفقير في نفسه ولوازمه في حق شيخه وحقه علىالشيخ وحقه على الفقراء وحق الفقراء عليه على الجملة والتفصيل

- ‌62 - فصلفي اعتبار النسب بالجهات والأقطار وما يعرف به رجال كل بلدمن الدلائل الخاصة والعامة، حسب ما هدى إليه الاستقراءووصلت إليه الفراسة الحكيمة

- ‌63 - فصلفي آداب مهمة على الفقير يتعين عليه مراعاتها

- ‌64 - فصلفي الأسباب الموجبة لانقلاب المريد ورجوعه على عقبه

- ‌65 - فصلفي الرخصة والشهوة والشبهة والتأويل وحال المريد في ذلكومعاملته فيه

- ‌66 - فصلفي التحصن مما ذكر من الآفات وإصلاح المختل بإدراك ما فات

- ‌67 - فصلفي ذكر أمور عمت البلوى بها في فقراء الوقت

- ‌69 - فصلوأما الكاغدية فهي فرع علوم الروحاني، ومرجعها لأحد أمرين:

- ‌70 - فصلفي الاشتغال بعلوم التصريف من الحروف ونحوها

- ‌71 - فصلفي الاشتغال بعلم المغيبات، وتحصيلها بطرق الكسبمن أحكام النجوم والفال والقرعة والسانح والبارحوعلم الكتب والرمل ونحو ذلك

- ‌72 - فصلفي طلب الاسم الأعظم والشيخ المربي بالهمة والكبريت الأحمرالذي لا يحتاج معه إلى عمل في بابه

- ‌73 - فصلفي الاغترار بكل ناعق وإيثار غير المهم

- ‌74 - فصلفي الوقوف مع الأسلوب الغريب في العلم أو في العمل أو فيالحركات أو غيرها والانقياد لكل من ظهرت عليه خارقة أو جاءبدعوى، وإن لم يكن له عليها برهان

- ‌75 - فصلفي الاستظهار بالدعوى والتعزز بالطريقة والأكل بالدين ونحو ذلك

- ‌76 - فصلفي معاملة المنتقدين والمنكرينوالمعترضين وهم على أنواع كثيرة

- ‌77 - فصلفي التظاهر بالأمور الغريبة من الشطحات والطامات وغيرها

- ‌78 - فصلفي وضع الشيء في غير محله

- ‌79 - فصلفي تتبع الفضائل وأنواع المندوبات

- ‌80 - فصلفي التكلف

- ‌81 - فصلفي أمور أولع بها بعض الناس وفيها مغمز ما

- ‌82 - فصلفي تتبع المشكلات والاستظهار بالكلام فيها مع العوام وغيرهموتعليمهم علوم التوحيد ودقائق التصوف

- ‌83 - فصلفي التجاسر على المراتب بادعائها مرة لنفسه ومرة لغيره ومرةفيما لا يصلح الدخول فيه

- ‌84 - فصلوأما ادعاء المراتب والمجاسرة عليها

- ‌85 - فصلفي التشبه وما يلحقه من الحركات وغيرها

- ‌86 - فصلفي التبرك بالآثار

- ‌87 - فصلفي بعض ما يتعلق بالتبرك والآثار من الآداب

- ‌88 - فصلفي السماع والاجتماع

- ‌89 - فصلفيما يصنع من عرض له السماعونحوه بطريق الابتلاء أو الحاجة إليه، وهي خمسة أمور

- ‌90 - فصلفي ذكر شيء من المواجيد والخواطر

- ‌91 - فصلفي الكلام على تعلقات العوام من أهل التمسك وغيرهم

- ‌92 - فصلفي ذكر الزمان وأهله وما احتوى عليه من الفساد والباطل الذيأخبر به الصادق المصدوق

- ‌93 - فصلفي افتتاح كلام لبعض المشايخ كتب به لمثله

- ‌94 - فصلثم قال رحمه الله: والزمان يا ولي، شديد، شيطانه مريد، جباره عنيد

- ‌95 - فصلثم قال: فأما هؤلاء فوالله لو اطلعت عليهم لرأيت إن نظرت إلى وجوههم عيونا جامدة

- ‌96 - فصلثم قال: ولقد لقيت بهذه البلاد من يلبس سراويل الفتيان، ويدعي مراتب العرفان

- ‌97 - فصلثم قال بعد ذلك: وأما أهل السماع والوجد في هذه البلاد، فقد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا

- ‌98 - فصلثم قال بعد فراغه من ذكر أصوله في ذلك: فيا أيها المعترض، هذه الأصول التي استندت إليها في ذم أهل وقتي

- ‌99 - فصلثم أخذ بعد انتهاء كلامه المتقدم في محاسبة نفسه على ما هو به

- ‌100 - فصلثم قال رحمه الله: وكل من سمع من الشيوخ فهو على أحد أمرين:

- ‌101 - فصلفي مواقع البدع وأنواع المخالفات

- ‌102 - فصلفي متشابه الأمور بين البدعة وغيرها

- ‌103 - فصلفي الطهارة

- ‌104 - فصلفي الصلاة

- ‌105 - فصلومن البدع الإضافية قول المؤذن قبل الإقامة:

- ‌106 - فصلفي المواعيد والاجتماعات

- ‌107 - فصلفي أمور عمت البلوى بها في بعض البلاد

- ‌108 - فصلفي اختيارنا من عمل اليوم والليلة،وهو الوسط حسبما دلت عليه الأحاديث النبوية والآثار السلفية

- ‌109 - فصلفي أوراد الذكر

- ‌110 - فصلفي خاتمة الكتاب

- ‌الفهارس العامة

الفصل: ‌40 - فصلفي أخذ العهد أصلا وفصلا،وكيفيته وفاء ونقصا، وما يجري في ذلك

لا سيما أولاد المرابطين، فإنهم يرون الحق لأنفسهم دون غيرهم ولآبائهم، دون من سواهم، وما هم إلا كما قيل:

يفتخرون بأجداد لهم سلفوا

نعم الجدود ولكن بئس ما خلفوا

هذا غالب حالهم، والنادر لا حكم له، وهو أقل من القليل، نفعنا الله بهم (1)، وأعاد علينا من بركاتهم، إنه منعم كريم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

‌40 - فصل

في أخذ العهد أصلا وفصلا،

وكيفيته وفاء ونقصا، وما يجري في ذلك

.

أما أصله فحديث عبادة بن الصامت (ض) أن رسول الله (ص) كان في عصابة من أصحابه، فقال:"بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني (ولا تعصوا) في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، (ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب في الدنيا فهو كفارة له) (2) ومن أصاب شيئا من ذلك ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عاقبه وإن شاء عفى عنه"، فبايعناه على ذلك (3)، أخرجه البخاري وغيره، وقد جعل أئمة الطريق هذا الحديث أصلا في أخذ العهد إذ كان بعد تقرير الإيمان، ومقصده التوثق بمقتضيات الإيمان حتى لا يخل بها، وفيه من السماح ما لا خفاء به، وهو خلاف ما يلزمه هؤلاء الجماعة من المشاق، ويبنون عليه من ضيق النطاق. فإن قالوا: الطريق مبني على الحزم، والرخصة إنما هي للعوام،

(1) أي: القليل الذين هم على استقامة.

(2)

ما بين القوسين في خ فقط.

(3)

هو في البخاري مع فتح الباري 1/ 71.

ص: 130

والنبي (ص)، قال:"أجرك على قدر نصبك"(1)، قلنا: عزم الطريق باعتبار الحكم، وترك الرخص، يعني المختلف فيها كما يأتي بيانه، وقال (ص):"إن الدين يسر ولن يشاب الدين أحد إلا غلبه"(2) وقال (ص): "إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى"(3) وقال (ص): "بعثت بالحنيفية السمحة البيضاء النقية"(4)، وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي (ض): الشيخ عن دلك على راحتك لا على تبعك، وقال أيضا عن أستاذه (5) (ض) في قوله (ص):"يسروا ولا تسروا وبشروا ولا تنفروا"(6) يعني: دلوهم على الله ولا تدلو هم على غيره، لأن من دلك على الدنيا فقد غشك، ومن ذلك على العمل فقد أتعبك، ومن ذلك على الله فقد نصحك.

(1) تقدم ص 76، وهو في البخاري مع فتح الباري 4/ 360.

(2)

رواه البخاري في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي (ص)، البخاري مع فتح الباري 1/ 101.

(3)

هو من حديث جابر مرفوعا، وأوله:"إن هذا الدين متين"، رواه البزار في مسنده، كما في مختصر زوائد سنن البزار حديث رقم 29، قال البزار بعد أن ذكره: وهذا يروى عن ابن المنكدر مرسلا

، وابن المنكدر عن عائشة، وابن المنكدر لم يسمع من عائشة ((ض)، قال الشيخ (أي الحافظ الهيثمي): وأبو عقيل (أحد رواة الحديث عند البزار) كذاب، وعزاه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 67 أيضا إلى البزار، وقال: فيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل، وهو كذاب، وذكره الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة ص391، وعزاه إلى البزار، والحاكم في علومه، والبيهقي في سننه، وأبو نعيم والقظاعي والعسكري والخطابي في العزلة، وذكر الاضطراب فيه وضعفه، وقال: كلهم يرويه من حديث جابر، وذكر البخاري الحديث في التاريخ الكبير 1/ 103، وقال: إرساله عن ابن محمد بن المنكدر أصح من إسناده عن جابر.

(4)

طرف من حديث أبي أمامة (ض) عند أحمد في المسند 5/ 266 عن النبي (ص)، وفيه: "

إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية، ولكني بعثت بالحنيفية السمحة"، وذكره البخاري تعليقا بلفظ: أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة، قال الحافظ في فتح الباري 1/ 101: إسناده حسن.

(5)

أي: ابن مشيش.

(6)

صحيح مسلم 3/ 1358، رقم 1732 من حديث أبي موسى (ض)، قال: كان النبي (ص) إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره، قال:"بشروا ولا تنفروا".

ص: 131

وقولهم: الأجر على قدر المشقة، كلام باطل (1)، بل الأجر على قدر الاتباع، ولولا ذلك لكان كثير من الأعمال أفضل من الذكر، ومن المعرفة والإيمان، ولفضل الحج الصلاة، وهو أمر لا يصح بحال، إلى غير ذلك، فافهم، والحديث خاص لخاص في خاص، فلا يكون حجة في العموم.

وأما الكيفية فللناس فيها طرق بحسب أحوالهم، ومواقع أمورهم، وطريقة هذه الجماعة في ذلك أن يصافح الشيخ، ثم يأخذه فقير أو مقدم عندهم ليخلو به ويعلمه صورة الطريق، وهذا من حيث صورته أمر لا ضرر فيه، إلا من حيث كيفية المصافحة وما يترتب عليها، وقد مر ما في ذلك ويأتي بعضه إن شاء الله، والطريق المأخوذ عن الشيخ أبي الجمال يوسف العجمي (2) رحمه الله ورضي عنه، هي أن يصحح الشيخ مقامه في التوبة ليتحقق ما يأمر به، ويكون ممن يأمر بالخير بعد فعله، وليقوم بحق الله عليه في واجب وقته، لأنه لا يخلو مقام عن توبة تليق به، إذ حسنات الأبرار سيئات المقربين، ثم يصلي ركعتي التوبة إن أمكنه ذلك، ثم يجلس بأدب، جامعا همته في الصدق مع الله واللجوء إليه في هداية نفسه، ومن تعلق به، خارجا عما عنده لما عند الله، بأن يشعر نفسه بأنه تعالى هو المتوب، وأنه آلة في تأكيد العهد على عبده هذا، فإنه لا يقدر له ولا لنفسه على شيء، بل الله هو التواب الرحيم، ويذكر له عند ذلك حقيقة التوبة وآدابها وشروطها وفرائضها ومكملاتها إن لم يكن عالما بها، وإلا اكتفى بعلمه بها، ويحذره المعاصي والعودة إليها، ويذكره الله في شأنها، ويخوفه من نقض العهد بما يتقي من العقوبة عاجلا، والعذاب آجلا، مثل: لعنة الله، وقسوة القلب، المتضمنين في قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا

(1) أي: على إطلاقه، وإلا فإن المشقة قد تزيد في الأجر كما قال (ص) لعائشة (ض):"أجرك على قدر نصبك"، لكن لا ينبغي للمكلف أن يقصد المشقة، فإن المشقة غير مقصودة لذاتها، فمن يقدر على الحج راكبا ليس له أن يقصد المشقة ويحج ماشيا، أما غير القادر على الركوب إذا كلف نفسه الحج ماشيا، فإن أجره يكون فعلا على قدر نصبه، والمشقة تزيده أجرا.

(2)

هو يوسف بن عبد الله بن عمر، أول من أحيا طريقة الشيخ الجنيد في مصر (ت 768) الطبقات الكبرى 2/ 60.

ص: 132

قلوبهم قاسية} (1) الآية، ويعرفه أن النقض يجر إلى سوء الخاتمة والعياذ بالله، قالوا: ثم يضع يده اليمنى فوق باطن يد التائب اليمنى، ويعرفه بأنه شريكه في التوبة، لاستوائهما في أمر الله لهما، بقوله تعالى:{وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} (2) الآية، وهذا كله حسن له مستند من الشرع في صورة البيعة.

قالوا: ثم يغمض عينيه ويسكت ساعة ليجتمع همة، ثم يتعوذ، ويبسمل، ويقول: أستغفر الله العظيم ثلاثا، نسقا، ثم يقول بعد الثالثة:

وأتوب إليه وأسأله التوبة والتوفيق لما يحب ويرضى، ثم يصلي على النبي (ص)، ويقول: الحمد لله رب العالمين، ويتبعه المريد في ذلك كله، ثم إن شاء ذكر مشايخه وأستاذه أو استغنى عن ذلك، قالوا: وكذا يفعل في تلقين الذكر، ولبس الخرقة (3) ثم يأمره بلزوم التقوى والطاعات، واجتناب المخالفات، والبحث عما فيه رضى الله تصريحا وتلويحا، وهذا كله أمر اصطلاحي، ولكن له مستندات تجري على أصل القوم في العمل بما يقتضي جمع قلوبهم مما لم يجمع على تحريمه.

(1) المائدة 13.

(2)

النور 31.

(3)

ما يروى من لبس خرقة الصوفية، وكون الحسن البصري لبسها من علي (ض)، وكذلك نسبتها إلى أويس القرني، وأن النبي (ص) أوصى له بها، كل ذلك لا أصل له، قال ابن الصلاح: باطل، ولم يسمع الحسن من علي حرفا بالإجماع، فكيف يلبسه منه، وقال الحافظ: ليس في شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي (ص) ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لبعض أصحابه، ولا أمر أحدا من الصحابة بفعل ذلك، وكل ما يروى صريحا في ذلك فباطل، ومن لبسها وألبسها فإنما اعتمد على مستندها من طريق الصوفية تبركا بهم، لا من طريق السنة، قال الحافظ السخاوي: لبسها وألبسها جماعة، كالدمياطي والذهبي وأبي حيان والعلائي ومغلطاي والعراقي وابن الملقن والبرهان الحلبي وابن ناصر الدين، وأوضحت ذلك كله مع طرقها في جزء مفرد، هذا مع إلباسي إياها لجماعة من أعيان الصوفية، تبركا بذكر الصالحين، واقتفاء لمن أثبته من الحفاظ المعتمدين، انظر المقاصد الحسنة ص 331، وكشف الخفاء 2/ 198، وأسنى المطالب ص 247.

ص: 133