الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للتوقف قيه، أو إخبار بالمنع، لأن الموافقة لا تتحقق، فالإقدام ممتنع، وإحالة لما صادف من ذلك أنه بالمصادفة لا بالتحقق.
قال علماؤنا: ولو لم يكن في ذلك إلا التجسس على رب العالمين لكان كافيا، ومن تجسس على أقل الخلق ماذا ترى يلقى منه من السوء، فكيف بمن تجسس على ملك السماوات والأرض، فلذلك ابتلاهم الله سبحانه بالفقر والذل والمقت وميتة السوء، وكذلك الكيميائيون والكنازون وأهل علوم التصريف، ابتلوا بذلك في الغالب، لإرادتهم إبطال حكمة الله في الوجود، ومن اتخاذ بعضها بعضا سخريا بطريق الأسباب العادية الجامعة لتحصيل المعاش وتحصينه.
فأما أهل علم الحدثان والأجفار وما يكون من الملوك والأمراء وغيرهم فزادوا على الكل بالفضول، ودخلوا المضائق التي لا حاجة بها، وقل ما تجد أحدا منهم يموت في العافية، ما ذلك إلا لمخالفة الشرع في الاشتغال بما لا يعني، وفتح باب الفتن على الناس، إلى غير ذلك، وكل من تكلم فيه من العلماء، فإما صاحب حال لا يقتدى به، أو صاحب هوى لا يصح اتباعه، أو ذو مسلك ضيق لا يصح لغيره، ثم هم لم يحرروا شيئا، فالتعلق به تعلق بموهوم لا سيما الرموز، وبالله التوفيق.
72 - فصل
في طلب الاسم الأعظم والشيخ المربي بالهمة والكبريت الأحمر
الذي لا يحتاج معه إلى عمل في بابه
وطلب ذلك من الحمق والبطالة، والتوهم الفاسد، لأن الكل متحقق الأمر في الوجود، إلا أنه لا يوصل إليه بسبب ولا استعداد ولا طلب، ولكن بمنة الله سبحانه، ولها بساط هو العبودية، وطلب ذلك حجاب عن كل باب منها، ومقتض لاتباع كل ناعق، والتقيد بالوهم في محل الحقائق، وفاتح لأبواب الدعاوى، لأنه إذا طلب فلم يجد، واتهم بالوجدان يصعب
عليه الإقرار بالنقد وإن سهل، فلا يصدق في إخباره، وربما ساعدته القدرة في إقبال أو تيسير أسباب، فيظنه الجاهل من ذلك، فيتهالك عليه، وقد قال رسول الله (ص) لمن قال: علمني من غرائب العلم: ((فما فعلت في رأس الأمر من كذا ومن كذا))، فذكر له، فقال:((اذهب فاحكم ما هنالك، وتعال أعلمك من غرائب العلم (1).
وقال (ص) للذي قال له: أريد أن أكون رفيقك في الجنة: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) (2) واختلف جوابه (ص) في الاسم الأعظم بحسب توجهات المتوجهين (3) فتحير الناس في إدراك ذلك حيرة كاملة، فمن معتبر صفات النفوس، ومن معتبر حقائق الأسماء، ومن معتبر مناسبتها الأحوال، ومن معتبر جمعها للحقائق، ومن معتبر نسبتها في الوجود، والحق وراء
(1) عزاه الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 1/ 70 إلى ابن السني وأبي نعيم في كتاب الرياضة لهما، وابن عبد البر من حديث عبد الله بن المسور مرسلا، وهو ضعيف حدا.
(2)
هو ربيعة بن كعب الأسلمي، وحديثه في مسلم 1/ 353.
(3)
اختلفت أقوال العلماء في تعيين الاسم الأعظم لاختلاف الأحاديث الواردة فيه، منها: ما رواه الترمذي 5/ 515 عن بريدة الأسلمي (ض)، قال: سمع النبي (ص) رجلا يدعو وهو يقول: اللهم إني أسالك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد، قال: فقال: ((والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى))، وقال الحافظ في فتح الباري 13/ 484: وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك. ومنها حدث أسماء بنت يزيد أن النبي (ص) قال: ((اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} ، وفاتحة آل عمران:{الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم} ، أخرجه الترمذي 5/ 517، وقال: حسن صحيح، وذكر الحافظ في الفتح أقوال العلماء في تعيين الاسم الأعظم، واستدل لكل قول، هذا وقد أنكر جماعة من العلماء تفضيل بعض أسماء الله تعالى على بعض، وقالوا: أسماء الله تعالى كلها عظيمة، ليس فيها اسم أفضل من غيره، لأن التفضيل يؤدي إلى نقصان المفصول عن الأفضل، والمراد بلفظ الأعظم الوارد في الأحاديث: العظيم، فأسماء الله تعالى كلها عظيمة، والله تعالى أعلم، انظر فتح الباري 13/ 482.