الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرافقتهم في أعيادهم بالتخلي عن الحرف والصناعات، وأكل طعامهم الذي يكرهونه كالطارف، وإن كان المشهور إنما هو كراهته، فيكفي كونه نالته أيديهم النجسة، ويرحم الله الشيخ أبا الحسن الشاذلي (ض)، حيث قال: ولا تقتد بمن يتورع عما في أيدي المسلمين ويتناول مما نالته أيدي الكفار، وقد عرف ما نال الحجر الأسود من أيدي المشركين فاسود لذلك، انتهى بمعناه.
…
108 - فصل
في اختيارنا من عمل اليوم والليلة،
وهو الوسط حسبما دلت عليه الأحاديث النبوية والآثار السلفية
فمن ذلك الصلاة في الضحى ستا، وقبل الظهر أربعا، وبعدها ركعتين، وقبل العصر أربعا، وقد روى ذلك النسائي والترمذي من حديث علي كرم الله وجهه (1) قال: كان (ص) يفعله، وهو حديث حسن، وله شواهد متفرقة في الصحيح وغيره، وبعد المغرب ركعتان، لحديث ابن عمر وغيره المتفق عليه (2) ومن الليل ثلاث عشرة ركعة، رواه ابن عباس وعائشة (3) وقالت: ما زاد على ذلك في رمضان ولا في غيره.
قال بعض العلماء: فهو أفضل ممن قام الليل كله، لأنه (ص) لا يأخذ في نفسه الكريمة إلا بالأفضل، لقوله (ص):((إن أعلمكم بالله وأتقاكم له أنا)) (4) الحديث.
= غير ثقة، والحمل فيه عليه، انظر تاريخ بغداد 8/ 370، والموضوعات لابن الجوزي 2/ 236، وتنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الموضوعة 2/ 181، وأسنى المطالب ص 278، وكشف الخفاء 2/ 303.
(1)
الترمذي حديث رقم 598، وقال: حديث حسن، وصححه أحمد شاكر.
(2)
انظر البخاري مع فتح الباري 3/ 103 ومسلم 1/ 504 حديث رقم 729.
(3)
البخاري مع فتح الباري 3/ 262.
(4)
تقدم في ص 257.
ثم حديث ركعتي الفجر أشهر من أن يذكر (1)، فمجموع ما ذكرنا من الصلوات في الفرض والنفل خمسون ركعة، وقد كان (ص) يزيد وينقص في ذلك، ليلا ونهارا، وقيل: بحسب الزيادة والنقص، فإذا أكثر في الليل قلل في النهار، وبالعكس، ولم ينقص في الليل عن سبعة، ولم يزد على سبعة عشر، وأقل أوراد الصلاة إحدى عشرة دون الفرض، وأعلاها خمسون كذلك، فالإحدى عشر؛ الركعتان قبل الظهر، ثم بعدها، ثم بعد المغرب، ثم بعد العشاء الشفع، ويوتر بواحدة، والفجر ركعتان، وتفصيل ذلك يطول، فخذ بما شئت، وبالله التوفيق.
فأما الصوم، فأقل أوراده ثلاثة أيام في الشهر، وكونها البيض، المشهور من المذهب كراهته (2) وكان مالك رحمه الله يصوم يوما من أول الشهر، ويوما من وسطه، ويوما من آخره، وفي حديث أبي هريرة وأبي الدرداء وأبي ذر (ض)، أنه (ص) أوصاهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن لا يناموا إلا على وتر وركعتي الضحى (3)، قال بعض العلماء: وهذا ورد طالب المسلم، لأنه أقل الأوراد، وطالب المسلم مشغول، فلا ينبغي أن يخلي نفسه من الفضيلة، وأوسطه صيام الإثنين والخميس دائما، فقد كان (ص) يتحرى صيامهما، قيل: وفي المواظبة عليهما صيام ثلث الدهر برمضان، دون دعوى ولا غيرها، وحديثهما صحيح (4) وعدهما ابن رشد (5) وعياض
(1) في الصحيح من حديث عائشة (ض) لم يكن النبي (ص) على شيء من النوافل أشد منه تعاهدا على ركعتي الفجر، البخاري مع فتح الباري 3/ 288.
(2)
لما جاء في الصحيح عن السيدة عائشة (ض) أنها سئلت عن الأيام التي كان رسول الله (ص) يصومها من كل شهر، فقالت: لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم، مسلم 2/ 819.
(3)
النسائي 4/ 187، وهو في صحيح سنن النسائي رقم 2266، وصحيح سنن أبي داود رقم 1286.
(4)
صحيح مسلم 2/ 819، وأبو داود 2/ 325.
(5)
هو الفقيه البارع محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد، الإمام المالكي عجوز المذهب (ت 520 هـ) تذكرة الحفاظ 4/ 1271.