الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
103 - فصل
في الطهارة
من جهالات العوام فيها وصل الاستنجاء بالوضوء من حيث الحكم، وقد نبه عليه في رسالة ابن أبي زيد رحمه الله (1)، والتكبير عند غسل الوجه، وقد ذكره القاضي أبو بكر بن العربي في مراقي الزلفى، والتشهد عند ذلك، ونص النووي في حلية الأبرار (2) على أنه لم يقل به أحد من العلماء غير بعض أصحابه (3) ثم رد القول به، والأذكار المرتبة على الأعضاء، وقد ذكرها الإمام أبو حامد وغيرا (4) وردها النووي قائلا: لا أصل لها، وكذا ابن العربي، وقال: الوضوء عبادة ليس فيها ذكر إلا البسملة أوله، والتشهد آخره.
قلت: وما روي من قوله (ص): ((اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي)) (5)، الحديث، وترجم له النسائي: ما يقول بعد الوضوء، وابن السني (6): ما يقول بين ظهراني وضوئه، ورجحه النووي (7).
وكثرة صب الماء، وفي الرسالة: وقلة الماء مع إحكام الغسل سنة، والسرف منه غلو وبدعة، يعني لمن يرى ذلك دينا قيما، وكمالا من فعله،
(1) قال ابن أبي زيد في الرسالة 1/ 99: وليس الاستنجاء مما يجب أن يوصل بالوضوء لا في سنن الوضوء، ولا في فرائضه، قال المؤلف في شرحه على الرسالة: وهذا خلاف ما تعتقده العامة أنه منه ويشترط اقترانه به، وللقيام من النوم.
(2)
حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار، وهو المعروف بكتاب الأذكار للنووي كما في كشف الظنون 1/ 688.
(3)
هو أبو الفتح نصر القدسي الزاهد كما في الأذكار ص 55، وقال النووي: لا أصل له من جهة السنة.
(4)
انظر الإحياء 1/ 138 وما بعدها.
(5)
النسائي في عمل اليوم والليلة من حديث أبي موسى (ض) بإسناد صحيح.
(6)
ابن السني الحافظ الإمام الثقة أبو بكر أحمد بن محمد، له كتاب عمل اليوم والليلة (ت 364) تذكرة الحفاظ 3/ 939.
(7)
عبارة النووي في الأذكار ص 58: وكلاهما محتمل، فلم يرجح النووي في الأذكار شيئا.
وقد تذكر رسول الله (ص) الجنابة بعدما أقيمت الصلاة وقام الناس لها، فقال:((على رسلكم))، ثم دخل بيته، ثم خرج ورأسه يقطر ماء (1) ولم يأمر بإعادة الإقامة (2).
قال ابن الحاج: فيه رد على الموسوسين، وأن السنة التخفيف في الطهارة، وقد مر الكلام على بعض ما يتعلق بالوسوسة، وإن خير الوسوسة ما أدى إلى التحفظ في القوت، وقليل من يفعله، وهذا على سبيل المبالغة، وإلا فالوسوسة شر كلها، في أي باب كانت.
ومن جهالات العوام في الوضوء لطم الوجه بالماء لطما، ولا يفعله إلا جهال الرجال وضعفة النساء، وصب الماء من دون الجبهة حتى لا يصل إليها إلا البلل، وأكثر العوام يفعله وهو لا يشعر، ونفض اليدين قبل إيصال الماء إلى العضو، وذلك تبريق وتمسيح لا غير، والمبالغة في الدلك بعد جفاف المحل من الماء، وذلك أمر لا فائدة له، إذ إزالة الوسخ الذي لا يضيف الماء ولا يتعين في العضو، ولا يكون حائلا عنه ليس بمطلوب (3) وقد نص ابن حبيب على كراهة المبالغة في مسح الأذنين، لأن المسح مبني على التخفيف، وبعض الناس لا يزال يدلك فيها حتى يكاد الدم يخرج منها، فأما غسل الرجلين، فقل أن يسلم متدين من الوسوسة فيهما لما يتعلق بهما من الأوساخ، وما فيهما من التكاميش والشقاق، ولا سيما مع الوعيد الوارد في ذلك، فأما وسوسة الشك فأصلها خبال في العقل، وقد تعرض من العجلة في الفعل ونحو ذلك، ومن ذلك مبالغة بعض الناس في الرواجب والبراجم (4) إلى حد يخرج على القياس والحد، وقد سمعت بعض
(1) الحديث في البخاري، انظر البخاري مع فتح الباري 2/ 216.
(2)
غرض المؤلف من هذا أن طهارة رسول الله (ص) كانت خفيفة ولم تأخذ وقتا طويلا، وإلا لأعاد الإقامة.
(3)
عبارة المؤلف في شرحه على الرسالة 1/ 109: إذ لا يلزم إزالة الوسخ الخفي، بل ما ظهر وحال بين مباشرة الماء للعضو، وفي عبارته هنا شيء من الغموض.
(4)
الرواجب والبراجم: مفاصل الأصابع.