المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌91 - فصلفي الكلام على تعلقات العوام من أهل التمسك وغيرهم - عدة المريد الصادق

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ تمهيد في التعريف بالمؤلف والكتاب

- ‌أولا - التعريف بالمؤلف

- ‌نسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌رحلته إلى المشرق:

- ‌نزوله بمصراته:

- ‌شيوخه

- ‌مؤلفاته

- ‌ومن كتبه في الحديث والفقه:

- ‌ثانيا - الكتاب

- ‌موضوع الكتاب:

- ‌طريقة المؤلف في الانتقاد:

- ‌أهم القضايا التي تناولها الكتاب:

- ‌1 - البدع:

- ‌2 - مفهوم التصوف عند المؤلف:

- ‌3 - السماع:

- ‌4 - التشييخ وأخذ العهد:

- ‌5 - أنواع الطوائف المدعية:

- ‌6 - التبرك بالآثار والزيارات:

- ‌نسخ المخطوط

- ‌الفئة الأولى وتشمل:

- ‌ نسخة (خ)

- ‌ النسخة (ت 1)

- ‌الفئة الثانية وتشمل:

- ‌ النسخة (ت 2)

- ‌ نسخة (ق)

- ‌وصية المؤلف لمن نسخ كتابه

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌1 - فصلفي حقيقة البدعة وأحكامها وخواصها

- ‌2 - فصلفي موازين البدعة

- ‌3 - فصلفي البدعة ومجاريها

- ‌4 - فصلفي أصول ظهور مدعي التصوف في هذا الزمانبالبدع واتباع الناس لهم عليها

- ‌5 - فصلفي الأمور التي ينتفي بها إحداث البدععمن غلط فيها واتباع أهلها

- ‌6 - فصلفيما يتبع من أمور الصوفية المحققين وما يترك ويكون التابعوالتارك فيه تابعا مذهبهم المبارك من غير خروج

- ‌7 - فصلفي تحرير الطريقة، وما بنيت عليه من شريعة وحقيقة

- ‌8 - فصلفي ذكر ظهور المشايخ والمشيخةوما يتبع ذلك من طرق الاقتداء ونحوها

- ‌9 - فصلفي ذكر ما ظهر في هذه الأزمنة هن حوادث لم تسمع فيما قبل

- ‌10 - فصلالطائفة الثانية طائقة تعلقت بالأحوال

- ‌11 - فصلالطائفة الثانية من الثانية

- ‌12 - فصلالطائفة الثالثة من الثانية

- ‌14 - فصلفي ذكر أول من ظهر بطريقهم وحاله في نفسهووجه الدخول عليهم في ذلك

- ‌15 - فصلفي ذكر ما بنوا عليه طريقهم(تفصيلا وما اعتقدوه فيها ردا وقبولا)

- ‌16 - فصلفي بيان ما عرفناه من طريقهم جملة وتفصيلا

- ‌17 - فصلوأما القسم الثالث فمرجعه لعشرة أمور:

- ‌18 - فصلفي ذم فتاوى الفقهاء في هذه الطائفة

- ‌19 - فصلفي هجرانهم العلم والقرآن والصلاة على رسول الله (ص)

- ‌20 - فصلوأما هجرانهم تلاوة القرآن

- ‌21 - فصلوأما هجرانهم الصلاة على حبيب الله (ص)

- ‌22 - فصلفإن قالوا: نحن لا نهجر العلم رأسا ولا نترك التلاوة جملة ولا ندع الصلاة على رسول الله (ص) بتا

- ‌23 - فصلفي اقتصارهم على كلمة الشهادة دون تمامها إلا تبعا، والأوقاتالمعينة لها عندهم وذكر ما في ذلك

- ‌24 - فصلفي ذكر الأوقات المعدة عندهم للذكر

- ‌25 - فصلفيما أفادهم هذا الأمر من الفوائد المعتبرة،وهي خمس في الجملة:

- ‌26 - فصلفيما أفادهم مخالفة الجماعة من الأمور المضرة:

- ‌27 - فصلفي رد تعصبهم لطريقتهم واعتقادهم أن كل طريق سواه باطلأو ناقص، وهذا لا يخلو اعتبارهم له من وجوه

- ‌28 - فصلفي هجرانهم ما ورد عن الشارع من الأذكارواستبدالها بغيرها في محلها

- ‌29 - فصلفي تقييدهم في الدعاء بنوع خاص غير ثابت من الشارع وإن كان واضح المعنى صحيح المبنى

- ‌30 - فصلفي تقييدهم القراءة في الصلاة

- ‌31 - فصلفي ذكر شبههم فيما آثروه وهجروه مما تقدم ذكره

- ‌32 - فصلفيما يذكر عنهم من ترك قضاء الفوائت،وتفويت الصلاة إذا كان أحدهم في شغل الفقراء حتى يقضيه،وإن فات الوقت، وهما مصيبتان عظيمتان

- ‌33 - فصلفي استئذانهم في الواجبات والضروريات الدينيةوالدنيوية والإلزام بذلك

- ‌34 - فصلفي استئذانهم على من أتوه بالتسبيح

- ‌35 - فصلفي ذكر شبهتهم في ذلك وفيما قبله

- ‌37 - فصلفي تفويتهم العشاء إلى ما بعد صلاة العشاء في غير رمضان

- ‌38 - فصلفي دعائهم للمصافحة وكيفيتها وما يتبع ذلك

- ‌39 - فصلفيما أحدثوه من أخذ العهدوخالفوا به الحقيقة والقصد

- ‌40 - فصلفي أخذ العهد أصلا وفصلا،وكيفيته وفاء ونقصا، وما يجري في ذلك

- ‌41 - فصلفي التنبيه على الأمور المتشابهة من أحوال الجماعة المذكورة

- ‌42 - فصلفي أمور تقيدوا بها في العادات وغيرها

- ‌43 - فصلجامع لأمور شتى من وقائعهم ووقائع غيرهم على حسب التيسير

- ‌44 - فصلفي تحقيق القصد في الجواب والرد

- ‌45 - فصلفي صفة الشيخ المعتبر عند القوم جملة وتفصيلا

- ‌46 - فصلفي مستند المشيخة ودلالتها وتعرف آثارها ووجه إفادتها

- ‌47 - فصلفي العلامة التي يستدل بها المريد على حاله من الشيخ الذيقصده، أو فتح له به أنه ينتفع به

- ‌48 - فصلفي أوصاف المدعين وحركاتهم وما يجري منهم وبسببهم

- ‌49 - فصلفي الاعتقاد والانتقاد وطرق الناس فيه

- ‌50 - فصلفي أنواع المعتقدة ووجوه الاعتقاد

- ‌51 - فصلفيما يصنع من ادعيت له المشيحة وليس بأهل لها، ويخاف علىمن تعلق به أن يهلك في اتباع الجهلة، أو يتبطل جملة، لظنهمتوقف الأمر على الشيخ مع اعتقادهم فقد هذه المرتبة، وهو مماعمت به البلوى في هذه الأزمنة

- ‌52 - فصلفي بيان طريق الجادة وما احتوت عليه من فائدة ومادة

- ‌53 - فصلفيما يستعان به على سلوك طريق الجادة من العلوم والقواعدوالكتب المفيدة

- ‌54 - فصلفي العلوم النورانية والظلمانية والمتشابهة

- ‌55 - فصلفي الاكتفاء بالكتب في سلوك الطريق وعدمه، وكذا المشيخةوالتعلق بالأموات

- ‌56 - فصلفي أنواع المتعلقين بالمشايخ والمتشيخة وأنواع الطرق وذلكبحسب المتمسكين

- ‌57 - فصلفي أنواع النفوس عند المغاربة وكيفية المعاملة فيها

- ‌58 - فصلفي بيان طريق العجم، وما لهم فيها من رسوخ قدم وزلل قدم

- ‌59 - فصلفي بيان طريقة أهل اليمن وما ظهر منها وما كمن

- ‌60 - فصلفي طريق الخدمة والهمة وحفظ الحرمة

- ‌61 - فصلفي لوازم الفقير في نفسه ولوازمه في حق شيخه وحقه علىالشيخ وحقه على الفقراء وحق الفقراء عليه على الجملة والتفصيل

- ‌62 - فصلفي اعتبار النسب بالجهات والأقطار وما يعرف به رجال كل بلدمن الدلائل الخاصة والعامة، حسب ما هدى إليه الاستقراءووصلت إليه الفراسة الحكيمة

- ‌63 - فصلفي آداب مهمة على الفقير يتعين عليه مراعاتها

- ‌64 - فصلفي الأسباب الموجبة لانقلاب المريد ورجوعه على عقبه

- ‌65 - فصلفي الرخصة والشهوة والشبهة والتأويل وحال المريد في ذلكومعاملته فيه

- ‌66 - فصلفي التحصن مما ذكر من الآفات وإصلاح المختل بإدراك ما فات

- ‌67 - فصلفي ذكر أمور عمت البلوى بها في فقراء الوقت

- ‌69 - فصلوأما الكاغدية فهي فرع علوم الروحاني، ومرجعها لأحد أمرين:

- ‌70 - فصلفي الاشتغال بعلوم التصريف من الحروف ونحوها

- ‌71 - فصلفي الاشتغال بعلم المغيبات، وتحصيلها بطرق الكسبمن أحكام النجوم والفال والقرعة والسانح والبارحوعلم الكتب والرمل ونحو ذلك

- ‌72 - فصلفي طلب الاسم الأعظم والشيخ المربي بالهمة والكبريت الأحمرالذي لا يحتاج معه إلى عمل في بابه

- ‌73 - فصلفي الاغترار بكل ناعق وإيثار غير المهم

- ‌74 - فصلفي الوقوف مع الأسلوب الغريب في العلم أو في العمل أو فيالحركات أو غيرها والانقياد لكل من ظهرت عليه خارقة أو جاءبدعوى، وإن لم يكن له عليها برهان

- ‌75 - فصلفي الاستظهار بالدعوى والتعزز بالطريقة والأكل بالدين ونحو ذلك

- ‌76 - فصلفي معاملة المنتقدين والمنكرينوالمعترضين وهم على أنواع كثيرة

- ‌77 - فصلفي التظاهر بالأمور الغريبة من الشطحات والطامات وغيرها

- ‌78 - فصلفي وضع الشيء في غير محله

- ‌79 - فصلفي تتبع الفضائل وأنواع المندوبات

- ‌80 - فصلفي التكلف

- ‌81 - فصلفي أمور أولع بها بعض الناس وفيها مغمز ما

- ‌82 - فصلفي تتبع المشكلات والاستظهار بالكلام فيها مع العوام وغيرهموتعليمهم علوم التوحيد ودقائق التصوف

- ‌83 - فصلفي التجاسر على المراتب بادعائها مرة لنفسه ومرة لغيره ومرةفيما لا يصلح الدخول فيه

- ‌84 - فصلوأما ادعاء المراتب والمجاسرة عليها

- ‌85 - فصلفي التشبه وما يلحقه من الحركات وغيرها

- ‌86 - فصلفي التبرك بالآثار

- ‌87 - فصلفي بعض ما يتعلق بالتبرك والآثار من الآداب

- ‌88 - فصلفي السماع والاجتماع

- ‌89 - فصلفيما يصنع من عرض له السماعونحوه بطريق الابتلاء أو الحاجة إليه، وهي خمسة أمور

- ‌90 - فصلفي ذكر شيء من المواجيد والخواطر

- ‌91 - فصلفي الكلام على تعلقات العوام من أهل التمسك وغيرهم

- ‌92 - فصلفي ذكر الزمان وأهله وما احتوى عليه من الفساد والباطل الذيأخبر به الصادق المصدوق

- ‌93 - فصلفي افتتاح كلام لبعض المشايخ كتب به لمثله

- ‌94 - فصلثم قال رحمه الله: والزمان يا ولي، شديد، شيطانه مريد، جباره عنيد

- ‌95 - فصلثم قال: فأما هؤلاء فوالله لو اطلعت عليهم لرأيت إن نظرت إلى وجوههم عيونا جامدة

- ‌96 - فصلثم قال: ولقد لقيت بهذه البلاد من يلبس سراويل الفتيان، ويدعي مراتب العرفان

- ‌97 - فصلثم قال بعد ذلك: وأما أهل السماع والوجد في هذه البلاد، فقد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا

- ‌98 - فصلثم قال بعد فراغه من ذكر أصوله في ذلك: فيا أيها المعترض، هذه الأصول التي استندت إليها في ذم أهل وقتي

- ‌99 - فصلثم أخذ بعد انتهاء كلامه المتقدم في محاسبة نفسه على ما هو به

- ‌100 - فصلثم قال رحمه الله: وكل من سمع من الشيوخ فهو على أحد أمرين:

- ‌101 - فصلفي مواقع البدع وأنواع المخالفات

- ‌102 - فصلفي متشابه الأمور بين البدعة وغيرها

- ‌103 - فصلفي الطهارة

- ‌104 - فصلفي الصلاة

- ‌105 - فصلومن البدع الإضافية قول المؤذن قبل الإقامة:

- ‌106 - فصلفي المواعيد والاجتماعات

- ‌107 - فصلفي أمور عمت البلوى بها في بعض البلاد

- ‌108 - فصلفي اختيارنا من عمل اليوم والليلة،وهو الوسط حسبما دلت عليه الأحاديث النبوية والآثار السلفية

- ‌109 - فصلفي أوراد الذكر

- ‌110 - فصلفي خاتمة الكتاب

- ‌الفهارس العامة

الفصل: ‌91 - فصلفي الكلام على تعلقات العوام من أهل التمسك وغيرهم

‌91 - فصل

في الكلام على تعلقات العوام من أهل التمسك وغيرهم

فمن ذلك تعلق كل طائفة من الناس بمن يواليه من الأولياء، كأبناء الفقراء بآبائهم وأسلافهم، وأهل كل بلد بمن له شهرة فيها مختصة بجهتهم، وجملة المنتسبين لمن تنتسب طريقهم، غالب البطالين الذين ليس لهم في إرادة المعالي قدم يستندون لأكابر المشهورين مثل: الشيخ سيدي عبد القادر، والشيخ سيدي أبي مدين، والشيخ أبي يعزى (1)، والشيخ أبي العباس السبتي، ونحوهم من المخبتين، وهذا كله لا يخلو عن دسيسة عصبية، أو رؤية مزية لأنفسهم، حتى لقد رأيت من حال أهل مصر يعظمون ابن الفارض، ويسبون الحاتمي، ومشرب كل منهما واحد، ولكل صالح النية لا يخلو عن فائدة أبدا، ولو كان معلولا بعلة نفسانية خفية، فخفي العلل يقدح في واضح القصد، وقد سمح المشايخ للمريد أن يجاوز الحد في شيخه حسب اعتقاده من غير غلو، ما لم يخرج إلى الطعن في المشايخ، ذكره ابن ليون في الإنالة (2) وهذا منه.

ثم بساط كل أحد في ظهور كرامته على حسب حالته، ومن ذلك انتفاع الناس بالسبتي رحمه الله في باب العمل (3) أكثر من غيره، وجرت عادة الناس بالنذر لمقابر الصالحين وقد تكلم على ذلك الأئمة، وظاهر كلام ابن عرفة (4) جوازه (5)، إذ قال: لا نص فيه لمن يكون، ذكره في آخر الأيمان والنذور، من

(1) أبو يعزى المغربي تخرج بصحبته جماعة من أكابر مشايخ المغرب، طبقات الشعراني 1/ 117.

(2)

في خ: الإقالة. والصواب ما أثب، انظر شرح المؤلف على الرسالة 2/ 362.

(3)

في ت 1 وت 2: باب المال، وكتبت في هامش النسخة ت 2 (العمل) بدل (المال)، وعليها علامة (خ) أي: نسخة أخرى، والعبارة في خ:(في باب أكثر من غيره).

(4)

أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي، شيخ الشيوخ الفقيه المالكي صاحب المختصر المعروف (ت 803) شجرة النور الزكية ص 227.

(5)

تقدم للمؤلف في فصل 87، منع التبرك بكل ما كان له أصل في عبادة الجاهلية، كالشجرة والقبر إلخ، وكلامه في النذر هنا ينبغي أن يحمل على ما هناك إن كان المقصود من النذر لمقابر الصالحين سوق الذبائح إليها، فهو الموافق للسنة، وأقوال الأئمة والعلماء، إذ =

ص: 266

مختصره وقولهم: (شيء لله) إن كان في محل الإخبار، كقولهم: كان من

= المعروف عند العلماء أن الذبح عند القبر من عادات الجاهلية التي أبطلها الإسلام، فلا يجوز للمسلم أن يصحب حيوانا ويسوقه ليذبحه في مكان من الأمكنة يعظم الناس فيه شيئا، كحجر أو قبر أو شجرة تقربا إلى الله تعالى في ذلك المكان، لا بنذر ولا بغيره، إلا في مكة المكرمة في حج أو عمرة، فإن ذلك سنة، وما عدا ذلك من سوق الحيوان إلى أي مكان آخر يعظم؛ كقبر، أو ضريح ولي فلا يجوز، فقد نذر رجل على عهد رسول الله (ص) أن ينحر إبلا في بوانة (اسم مكان)، فقال له النبي (ص):((هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟)) قالوا: لا، قال:((هل كان فيها عيد من أعيادهم؟)) قالوا: لا، قال رسول الله (ص):((أوف بنذرك))، وقال (ص):((لا عقر في الإسلام))، أبو داود 3/ 216، قال في المجموع شرح المهذب 5/ 286؛ وأما الذبح والعقر عند القبر فمذموم، وكره الإمام أحمد أكل لحم ما يذبح عند القبر وانظر الإنصاف 2/ 596، والكراهة عند الأئمة المتقدمين مثل الإمام مالك، والإمام أحمد كثيرا ما تستعمل في التحريم، وقال الباجي في شرح الموطأ: (من نذر سوق جزور إلى موضع من المواضع، فإن نذر سوقه باطل، وينحره حيث شاء من المواضع التي لا يتكلف سوقها إليها لقربها

لأن إراقة الدماء لا تكون إلا بمكة أو منى في الحج أو في العمرة)، ومن نذر الذبح بمكان ليس فيه قبر أو شيء يعظم كالثغور أو البلد الفلاني، فإنه يلزمه الوفاء به وذبحه، وتفريقه على فقراء ذلك المكان، لقول النبي (ص) للرجل:((أوف بنذرك))، عندما علم أن المكان ليس فيه شيء يعظمه الكفار، انظر المغني لابن قدامة 9/ 19.

وإن كان النذر في كلام المؤلف لا يعني الذبج، وإنما الصدقة بالمال على صاحب القبر، فالنذر بالمال ونحوه عند من يقول به هو قربة لا تكون إلا لله، لا تكون لقبر ولا لغيره، والظاهر من قول ابن عرفة:(لا نص فيه لمن يكون)، أن المقصود به أن يقول الرجل لله:

علي أن أتصدق على ضريح فلان، وهو أقرب الوجوه لتصحيح كلامه، ولما كانت القبور ليست محلا لصرف الصدقة، قال ابن عرفة:(لا نص فيه لمن يكون)، كتبت هذا قبل أن يتيسر لي الوقوف على عبارة ابن عرفة، وبعد أن تفضل علي الخال العزيز الشيخ عز الدين الغرياني جزاه الله خيرا بنقل نص ابن عرفة من المخطوطة التونسية وجدته كما فهمت فلله الحمد والمنة، وفيما يلي نص كلام ابن عرفة:

ونذر شيء لميت صالح معظم في نفس الناذر لا أعرف نصا فيه، وأرى إن قصد مجرد كون الثواب للميت تصدق به بموضع الناذر، فإن قصد الفقراء الملازمين لقبره أو زاويته تعين لهم إن أمكن وصوله لهم، مختصر ابن عرفة مخطوط رقم 6531 المكتبة الوطنية بتونس لوحة 261. ومنه يعلم أن كلام ابن عرفة ليس في الذبح على المقابر، وإنما هو في الصدقة على صاحب القبر بطريق النذر، هل توزع في مكان المتصدق، أو تنقل إلى فقراء مكان القبر.

ص: 267

شأنه كذا، وبلغ من حاله كذا، أو ذكرت عنه حكاية، فقال ذاكرها:

(شيء لله)، فهو خير عن تحقق حالة ذلك الشخص في إفراد القلب، والقالب لمولاه، وإن كان في محل التوجه، فهو طلب وسؤال (1)، والله أعلم.

ومن الناس من يجعل أعماله هدية للأولياء، ويجعل وردا لجميعهم، أو للجهة التي يعتقدها، وذلك أمر مختلف فيه، ومنهم من يجعل ذلك لرسول الله (ص)، وهو من باب حسن النية والتقرب لجنابه الكريم، وليس الحق في ذلك إلا باتباع سنته، وإكرام قرابته، وكثرة الصلاة عليه (ص)، لأنه غني عن أعمالنا، وإني لأرى (2) ذلك إساءة أدب معه، لمقابلته بما لا يصلح أن يكون صاحبه مقبولا، فكيف بالاعتداد بثوابه، لا سيما ما جرت به عادة المصريين في ذلك، فإنه يعظم علي كثيرا جدا.

ومن ذلك: تصنيف بعض الناس في الصلاة عليه (ص)، بكيفيات يعتمدها، ويأتي فيها بألفاظ مستغربة، وأنواع مستنخبة، تألفها نفوس العامة، (وهو أمر حسن من حيث صورته، واضح من حيث حقيقته، تألفه نفوس العوام)(3) وتتحرك به نفوس الغافلين للصلاة عليه (ص) في الجملة، والأولى بأهل التوجه الاقتصار على الألفاظ الواردة عنه (ص)، فإن الخير كله في الاتباع، والفتح الكامل في التقيد بألفاظه (ص)، فلا تعدل بها شيئا ولو قلت، فقليلها كثير، ومعناها كبير.

ومنه التزام بعضهم قراءة المرشدة (4)، أو عقيدة ما من العقائد، وكذا

(1) المقصود من عبارة (شيء لله) عند ذكر الشخص، أنه صاحب بركة ومقامات، والاحتمال الثاني الذي ذكره المؤلف، أن المقصود بها الطلب والسؤال بحصول المقام للشخص المذكور صحيح لا شيء فيه، أما الاحتمال الأول، وهو أن المقصود بها إخبار عن تحقق حالة ذلك الشخص في إفراد القلب، ففيه محذور التزكية على الله، وهي منهي عنها، خصوصا أن العوام يسرفون في الاعتقاد في مثل هذه الألفاظ.

(2)

في ت 1: لا أرى.

(3)

لا يوجد في ت 1.

(4)

المرشدة كتاب في العقيدة لمحمد بن عبد الله بن تومرت الملقب بالمهدي ت 524. هجرية، كان زاهدا، شديدا في العبادة، مغاليا في الدعوة إلى نفسه، يصف نفسه بالإمام =

ص: 268

البردة والسقراطسية (1)، وما في معنى ذلك على جهة الورد، وجعله من الأمور المعتمدة، وهو أمر لا بأس به إن لم يعتقد سنيته، أو يؤدي إلى مخالفة السنة، كرفع الصوت في المسجد وقت اجتماع الناس فيه، وإلا فيجري مجرى رفع الصوت بالعلم، وحزب، الإدارة (2) وقد يستأنس بنصب الكرسي لحسان في المسجد ينافح عن رسول الهه (3)(ص)، والأولى بالمريد الاشتغال بما يخصه من العبادات المحققة، ويدع كل ذلك للعوام جملة وتفصيلا.

فأما ما اعتاده أهل الحجاز واليمين ومصر ونحوهم، من قراءة الفاتحة في كل شيء، فلا أصل له، لكن قال الغزالي رحمه الله في الانتصار ما نصه:

فاستنزل ما عند ربك وخالقك من خير، واستجلب ما تؤمله من هداية وبر، بقراءة السبع المثاني التي أمرت بقراءتها في كل صلاة، وأكد عليك أن تعيدها في كل ركعة، وأخبر الصادق المصدوق:((ليس في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها)) (4) وفي هذا تنبيه بل تصريح أن تكثر منها، لما تضمنته

= المعصوم، ويشبه نفسه بالنبي (ص)، فيقسم أتباعه إلى (أول من آمن به)، وإلى (العشرة)، و (أنصار)، ومهاجرين)، ومن (لم يؤمن) به كفره، انظر الأعلام 7/ 104، وهناك مرشدة أخرى لمحمد بن عمر السنوسي المتوفى 892 هجرية، للمؤلف عليها شرح، وفي الغالب أن هذه هي التي يعنيها، فقد قال فيما بعد: ولا بأس بقراءتها، ولا يظن بزروق أن يقول ذلك في مرشدة ابن تومرت مع ما نسب إليه من الظلم والغلو.

(1)

في ت 2: والشقراطسية. والشقراطسية نسبة إلى محمد بن يحيى بن على الشقراطيسى، من آثاره القصيدة الشقراطيسية في السير نسبته إلى شقراطس، حصن بقرب قفصة في الجنوب التونسي (ت 466 (معجم المؤلفين 12/ 106) وكشف الظنون 2/ 1339.

ولعل الصواب: السرقسطية: نسبة لأبي العباس ابن البنا السرقسطي، (ت 649) لذكر المؤلف منها في شرحه على الرسالة أبياتا 2/ 363.

(2)

انظر فصل 2.

(3)

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله يضع لحسان منبرا في المسجد يقوم عليه قائما يفاخر عن رسول الله (ص)

)) الترمذي رقم 2846 وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

(4)

خرجه الترمذي 5/ 155 من حديث أبي هريرة (ض)، وقال: حديث حسن صحيح.

ص: 269