الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأذان في فعله، بل هو خارج عنه عند جماعة من العلماء، منهم الإمام أحمد وغيره، إذ قالوا: يعيد الأذان من فعله كذلك.
ومن أمورهم ذكر الأعشار القرآنية بطريقة الأشعار الغزلية، والحركات الزجلية، مع أمور لا حاجة لنا بذكرها، لما يخشى منها، ومن ذلك ترسلهم في الإقامة، مع أن سنتها الحدر، وأذانهم للصلاة في وقت الضرورة، فضلا عن آخر وقت الاختيار، ولا يفعله غالبا إلا من لا علم عنده، ممن يظن أن الأذان من سنة الصلاة لذاته، وليس الأمر كذلك.
فأما تذكير ليلة الجمعة، وبعد العشاء والتصلية بعد الفراغ من الأذان، والتحضير لكل صلاة أو لبعضها، وكذا التثويب، وقول بعض أهل البلاد:
(تيقام تاصاليت) في التسحير بالصعومعة، وإنشاد المنشد بعده في المسجد إلى الفجر ونحو ذلك، فقد تكلم الأئمة عليه فلا نطول به (1).
…
105 - فصل
ومن البدع الإضافية قول المؤذن قبل الإقامة:
أستغفر الله (ثلاثا)، وهذا شيء يفعله الجهال ببلاد المغرب، والتسميع حيث لا يحتاج إليه، وفي صلاة فاعله حيث يحتاج إليه أربعة أقوال، وفي صلاة المصلي به ثلاثة، هذا إن كان يأخذ من لفظ الإمام، وإلا فلا حديث عليه، ورأيت من يكبر للناس وليس معهم في الصلاة، وقد ذكر بعض العلماء أن صلاة المقتدي به مع ذلك باطلة، والشافعية يسمونه المبلغ، فلا يشترطون فيه كونه في الصلاة.
ومنها الدعاء دبر الصلوات بكيفية معلومة، أن يدعو الإمام ويؤمن الناس، قال بعضهم: هي بدعة مستحسنة، وقال بعضهم: بدعة مستهجنة، والأصل أن يدعو كل واحد لنفسه، وربما استدل لها
(1) أي: أنه محدث وحذروا منه.
المجيزون بحديث حبيب بن مسلمة (1)(ض)، قال (ص):((لا يجتمع قوم مسلمون فيدعو بعضهم ويؤمن بعضهم إلا استجاب الله دعاءهم))، رواه الحاكم على شرط مسلم.
ومنها رفع الأيدي عند الدعاء، قد أنكره بعض العلماء وأجازه آخرون، وأفرد له شيخ الإسلام ابن حجر جزءا جمع فيه تسعة أحاديث (2) قال في آخرها: فحصل بمجموع هذه الأحاديث أنه مشروع (3)، وقال في بلوغ المرام:
(1) في خ: سلمة، وفي ت 2: أبي سلمة، والصواب ما أثبت، ففد ذكر الحاكم في المستدرك 3/ 346 شيئا من مناقبه، وقال: هو حبيب بن مسلمة الفهري، كان يقال له: حبيب الروم لكثرة مجاهدته الروم، وكان مجاب الدعوة توفي 42 هـ، خرج حديثه هذا الحاكم وسكت عنه هو والذهبي ..
(2)
الكلام محل نظر، فإن الذي جمع فيها جزءا خاصا هو الحافظ المنذري، كما قال الحافظ في فتح الباري 13/ 392 والصنعاني في سبل السلام 4/ 219، وكذلك البخاري له جزء خاص في رفع اليدين، وأفرد لها البخاري في الأدب المفرد بابا، ولخص الحافظ في فتح الباري 13/ 392 الأحاديث الواردة في رفع اليدين وبين من خرجها وصححها، وقول المؤلف: جمع فيها - أي: الحافظ - تسعة أحاديث في جزء، يرد عليه أن ما ذكره الحافظ في فتح الباري فقط يربو على هذا العدد، وأن النووي في شرح مسلم قال: هي أكثر من أن تحصى، وقد جمعت منها نحوا من ثلاثين حديثا من الصحيحين أو أحدهما، وذكرتها في أواخر باب صفة الصلاة من شرح المهذب.
(3)
خرج الحافظ في بلوغ المرام 4/ 219 حديث سلمان، قال رسول الله (ص):((إن ربكم حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يرده صفرا))، وقال: خرجه الأربعة إلا النسائي، وصححه الحاكم، والحديث في سنن الترمذي 5/ 557، وفي صحيح أبي داود رقم 1320، وأما حديث أنس: لم يكن النبي (ص) يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء وهو صحيح، فالمراد به المبالغة في الرفع، وأن هذه المبالغة لم تقع إلا في الاستسقاء، انظر فتح الباري 3/ 171 و13/ 391 وسبل السلام 4/ 219، وصفة رفع اليدين قال النووي: قال جماعة من علمائنا وغيرهم: السنة في كل دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جاعلا ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله أن يجعل كفيه إلى السماء، والدعاء لرقع البلاء مثل دعاء الاستسقاء يرفع القحط، فقد جاء في حديث أنس عند مسلم أن النبي (ص) استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء، انظر مسلم بشرح النووي 6/ 190، وفي المدونة: ويختص الرفع أي رفع اليدين بالاستسقاء، ويجعل بطونهما إلى الأرض.
إن في أبي داود ما يقوي حديثه حتى يكون بمجموعها حسنا (1) والحسن معمول به لا سيما في باب الفضائل، وفي الضعاف مسح الوجه بهما آخرا (2) والعمل بالضعيف في مثل هذا مسموح به عند العلماء، ومنها إنكار بعض الناس للاستغفار بعد الفراغ من الصلاة، وهو محجوج بحديث ثوبان (ض)، قال:((كان (ص) إذا انصرف من الصلاة استغفر ثلاثا)) (3) رواه مسلم، وأيضا فكونها عبادة لا يمنع من اقتران الاستغفار بها، استشعارا لتقصيرها، ومنها قولهم: تقبل الله منا ومنكم، وربما يقبل يده، وهذه بدعة لا أصل لها من السنة ولا حقيقة لها في الشرع ولا شبهه من الحق، ومنها تنفل الإمام في محرابه، وقد عدت من جهالته، كتعمقه في المحراب، وطول قيامه قبل الإحرام، ودخوله قبل استواء الصفوف، وقراءته في الثانية أطول من الأولى، واعتباره بمناسبة الأيام والأوقات للقراءة، كقراءة سورة الجمعة في صبح الجمعة، إذ لم يرد، بخلاف السجدة وهل أتى فإنه ورد صحيحا (4)، وإن لم يكن مشهور المذهب، وكذلك قراءة الكافرون والإخلاص في مغرب ليلتها (5)
(1) أحاديث رفع اليدين كلها صحيحة، والذي صححه الحافظ في بلوغ المرام هو مسح الوجه بهما بعد الدعاء كما يأتي، وعبارة المؤلف تفيد غير هذا.
(2)
خرج الحافظ في بلوغ المرام 4/ 219 حديث عمر (ض): كان رسول الله (ص) إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه، وقال: أخرجه الترمذي، وله شواهد، ومنها عند أبي داود من حديث ابن عباس وغيره، ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن، وحديث أبي داود الذي عناه الحافظ هو في سنن أبي داود رقم 1485، وفيه:((سلوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكما))، قال أبو داود: روي من وجوم كلها واهية، وهذا أمثلها، وهو ضعيف أيضا، وخرجه أيضا الحاكم في المستدرك من حديث عمر وابن عباس وسكت عنه الذهبي 1/ 536.
(3)
مسلم حديث رقم 591، وفي حديث البراء مرفوعا:((من استغفر في دبر كل صلاة ثلاث مرات، فقال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفرت له ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف))، خرجه أبو يعلى، وسكت عنه البوصيري، وعزاه في مجمع الزوائد 10/ 107 إلى الطبراني في الصغير والأوسط، وقال: فيه عمر بن فرقد ضعيف، وانظر المطالب العالية 1/ 83.
(4)
هو في صحيح مسلم حديث رقم 879.
(5)
تقدم في فصل 31.