الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصّوت. فلقِّب بحاتمٍ الأصمِّ
(1)
. وهذا التّغافل هو نصف الفتوّة.
وأمّا نسيان الأذيّة فهو أنك تنسى أذيّةَ من نالك بأذًى، ليصفوَ قلبك له
(2)
، ولا تستوحشَ منه.
قلت: وهنا نسيانٌ آخر أيضًا، وهو من الفتوّة، وهو نسيان إحسانك إلى من أحسنتَ إليه، حتّى كأنّه لم يصدُرْ منك. وهذا النِّسيان أكمل من الأوّل، وفيه قيل
(3)
:
ينسى صنائعَه والله يُظهِرها
…
إنّ الجميلَ إذا أخفيتَه ظَهرَا
فصل
قال
(4)
: (الدّرجة الثّانية: أن تُقرِّبَ من يُقصِيك، وتُكرمَ من يؤذيك، وتعتذرَ إلى من يَجني عليك، سماحةً لا كظمًا، ومُوادّةً لا مصابرةً).
هذه الدّرجة أعلى ممّا قبلها وأصعب، فإنّ الأولى تتضمّن ترْكَ المقابلة والتّغافل، وهذه تتضمّن
الإحسانَ إلى من أساء إليك
، ومعاملتَه بضدِّ ما عاملك به. فيكون الإحسان والإساءة بينك وبينه خُطَّتينِ، فخُطَّتك:
(1)
«الرسالة القشيرية» (ص 136). وانظر: «تاريخ بغداد» (8/ 244)، و «المنتظم» (11/ 253).
(2)
«له» ليست في ل.
(3)
البيت لسهل بن هارون في «أدب الدنيا والدين» (ص 327)، وبلا نسبة في «المحاسن والأضداد» (ص 56)، و «المحاسن والمساوي» (ص 210)، و «غرر الخصائص الواضحة» (ص 338).
(4)
«المنازل» (ص 48).