الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} :
منزلة الأدب
. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]. قال ابن عبّاسٍ وغيره: علِّموهم وأدِّبوهم
(1)
.
وهذه اللّفظة مُؤذِنةٌ بالاجتماع، فالأدب اجتماع خصال الخير في العبد، ومنه المأدبة، وهو الطّعام الذي يُجمع عليه النّاس.
وعلم الأدب: هو علم إصلاح اللِّسان والخطاب، وإصابة مواقعه، وتحسين ألفاظه، وصيانته عن الخطأ والخلل. وهو شعبةٌ من الأدب العامِّ.
فصل
و
الأدب ثلاثة أنواعٍ:
أدبٌ مع الله، وأدبٌ مع رسوله وشرعه
(2)
، وأدبٌ مع خَلْقه.
فالأدب مع الله ثلاثة أنواعٍ:
أحدها: صيانة معاملته
(3)
أن يشوبها بنقيصةٍ.
(1)
أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (2/ 303)، والطبري (23/ 103)، والحاكم في «المستدرك» (2/ 494) عن علي بن أبي طالب. وعزاه السراج في «اللمع» (ص 141، 142) والقشيري في «الرسالة القشيرية» (ص 593) إلى ابن عباس.
(2)
«وشرعه» ليست في ش، د.
(3)
ش، د:«ملتنه» . وفي هامشهما: «ملّته» .
الثّاني: صيانة قلبك أن يلتفت إلى غيره.
الثّالث: صيانة إرادتك أن تتعلّق بما يَمْقُتك عليه.
قال أبو عليٍّ الدّقّاق رحمه الله: العبد يصل بطاعة الله إلى الجنّة، ويصل بأدبه في طاعته إلى الله
(1)
.
وقال: رأيت من أراد يَمُدّ يده في الصّلاة إلى أنفِه فقبضَ على يده
(2)
.
وقال ابن عطاءٍ رحمه الله: الأدب الوقوف مع المستحسنات. فقيل: وما معناه؟ فقال: أن تعاملَ الله بالأدب سرًّا وعلنًا. ثمّ أنشد:
إذا نَطقتْ جاءتْ بكلِّ مَلاحةٍ
…
وإن سكتَتْ جاءت بكلِّ مَليحِ
(3)
وقال أبو عليٍّ رحمه الله: مَن صاحبَ الملوكَ بغير أدبٍ أسلمه الجهل إلى القتل
(4)
.
وقال يحيى بن معاذٍ رحمه الله: إذا ترك العارف أدبَه مع معروفه، فقد هلك مع الهالكين
(5)
.
وقال أبو عليٍّ رحمه الله: تركُ الأدب يُوجِب الطَّرد، فمن أساء الأدبَ على البِساط رُدَّ إلى الباب، ومن أساء الأدبَ على الباب رُدَّ إلى سياسة
(1)
«الرسالة القشيرية» (ص 594).
(2)
المصدر نفسه (ص 594).
(3)
المصدر نفسه (ص 594، 595)، و «اللمع» للسراج (ص 143).
(4)
المصدر نفسه (ص 595).
(5)
المصدر نفسه (ص 595).
الدَّوابِّ
(1)
.
وقال يحيى بن معاذٍ رحمه الله: من تأدّبَ بأدبِ الله صار من أهل محبّة الله
(2)
.
وقال ابن المبارك رحمه الله: نحن إلى قليلٍ من الأدب أحوجُ منّا إلى كثيرٍ من العلم
(3)
.
وسئل الحسن البصريُّ رضي الله عنه عن أنفع الآداب؟ فقال: التّفقُّه في الدِّين، والزُّهد في الدُّنيا، والمعرفة بما لله عليك
(4)
.
وقال سهلٌ رحمه الله: القوم استعانوا بالله على أمر الله، وصبروا لله على آداب الله
(5)
.
وقال ابن المبارك رحمه الله: طلبنا الأدبَ حين فاتنا المؤدِّبون
(6)
.
وقال: الأدب للعارف كالتّوبة للمستأنف
(7)
.
وقال أبو حفصٍ رحمه الله ــ لمّا قال له الجنيد رحمه الله: لقد أدّبتَ أصحابك أدبَ
(1)
المصدر نفسه (ص 595).
(2)
المصدر نفسه (ص 595).
(3)
المصدر نفسه (ص 596)، و «اللمع» (ص 142).
(4)
المصدر نفسه (ص 595)، و «اللمع» (ص 142).
(5)
المصدر نفسه (ص 596)، و «اللمع» (ص 143).
(6)
المصدر نفسه (ص 596)، و «حلية الأولياء» (8/ 169).
(7)
المصدر نفسه (ص 596)، و «اللمع» (ص 142). وعزاه السلمي في «طبقاته» (ص 225) لأبي بكر الوراق.