الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} :
منزلة الأنس بالله
.
قال صاحب «المنازل» رحمه الله
(1)
: (وهو روحُ القُرب). ولهذا صدَّر منزلته بقوله تعالى: {(185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186].
فاستحضارُ القلب هذا البرَّ واللُّطف والإحسانَ يُوجِب قربَه من الرّبِّ تعالى، وقربُه منه يوجب له الأنسَ، و
الأنسُ ثمرة الطّاعة والمحبّة
. فكلُّ مطيعٍ مستأنسٌ، وكلُّ عاصٍ مستوحشٌ، كما قيل
(2)
:
فإن كنتَ قد أوحشَتْك الذُّنوب
…
فدَعْها إذا شئتَ واستأنس
والقرب يوجب الأنس والهيبة والمحبّة.
قال صاحب «المنازل» رحمه الله
(3)
: (وهو على ثلاث درجاتٍ، الدّرجة الأولى: الأنس بالشّواهد، وهو استحلاء
(4)
الذِّكر، والتّغذِّي بالسّماع، والوقوف على الإشارات).
هذه اللّفظة يُجرونَها
(5)
في كلامهم ــ أعني لفظة «الشّواهد» ــ ومرادهم
(1)
(ص 54).
(2)
أنشده المؤلف في «الداء والدواء» (ص 133، 183). وانظر تعليق المحقق عليه.
(3)
(ص 54).
(4)
ل: «استجلاء» .
(5)
ش: «بحروفها» ، تحريف.
بها أمران:
أحدهما: شواهد الحقيقة. وهي ما يقوم بقلب العبد، حتّى كأنّه يشاهده ويبصره لغلبته عليه، فكلُّ ما يستولي على قلبِ صاحبه ذِكرُه فإنّه شاهده. فمنهم من يكون شاهده العلم، ومنهم من يكون شاهده الذِّكر، ومنهم من يكون شاهده المحبّة، ومنهم من شاهده الخوف. فالمريد يأنَسُ بشاهده، ويستوحش لفقده.
والثّاني: شاهد الحال. وهو الأثر الذي يقوم به، ويظهر عليه من عمله وسلوكه وحاله، فإنّ شاهده لا بدَّ أن يظهر عليه.
ومراد صاحب «المنازل» : الشّاهد الأوّل الذي يأنَس به المريد، وهو الحامل له على استحلاء
(1)
الذِّكر، طلبًا لظَفَره بحصول المذكور، فهو يستأنس بالذِّكر طلبًا لاستئناسه بالمذكور، ويتغذّى بالسّماع كما يتغذّى الجسم بالطّعام والشّراب.
فإن كان محبًّا
(2)
صادقًا، طالبًا لله، عاملًا على مرضاته= كان غذاؤه بالسّماع القرآنيِّ، الذي كان غذاءَ سادات العارفين من هذه الأمّة، وأبرِّها قلوبًا، وأصحِّها أحوالًا، وهم الصّحابة رضي الله عنهم.
وإن كان منحرفًا فاسدَ الحال، ملبوسًا عليه، مغرورًا مخدوعًا= كان غذاؤه بالسّماع الشّيطانيِّ، الذي هو قرآن الشّيطان، المشتمل على مَحابِّ النُّفوس ولذّاتها وحظوظها، وأصحابُه أبعدُ الخلق من الله، وأغلظُهم عنه
(1)
ل: «استجلاء» ، تصحيف.
(2)
«محبا» ليست في ش، د.
حجابًا وإن كثرت إشارتهم إليه.
وهذا السّماع القرآنيُّ سماع أهل المعرفة بالله والاستقامة، ويحصل للأذهان الصّافية منه معانٍ وإشاراتٌ ومعارفُ وعلومٌ، تتغذّى بها القلوب المشرقة بنور الأنس، فتجد بها لذّةً روحانيّةً يصل نعيمها إلى القلوب والأرواح، وربّما فاض حتّى وصل إلى الأجسام، فيجد من اللّذّة ما لم يعهد مثله من اللّذّات الحسِّيّة.
وللتّغذِّي بالسّماع سرٌّ لطيفٌ، نذكره للُطفِ موقعه. وهو الذي أوقع كثيرًا من السّالكين في إيثار سماع الأبيات، لما رأى فيه من غذاء القلب وقوته ونعيمه، فلو جئتَه بألف آيةٍ وألف خبرٍ لما أعارك شطرًا من إصغائه، وكان ذلك عنده أعظمَ من الظّواهر التي يعارض بها الفلاسفة وأرباب الكلام.
اعلم أنّ الله جعل للقلوب نوعين من الغذاء:
نوعًا من الطّعام والشّراب الحسِّيِّ، وللقلب منه خلاصتُه وصَفْوه، ولكلِّ عضوٍ منه بحسب استعداده وقبوله.
والثّاني: غذاءٌ روحانيٌّ معنويٌّ، خارجٌ عن الطّعام والشّراب: من السُّرور والفرح، والابتهاج واللّذّة، والعلوم والمعارف. وبهذا الغذاء كان سماويًّا عُلْويًّا، وبالغذاء المشترك كان أرضيًّا، وقِوامُه بهذين الغذاءين.
وله ارتباطٌ بكلِّ واحدةٍ من الحواسِّ الخمس، وغذاءٌ يصل إليه منها. فله ارتباطٌ بحاسّة اللّمس، ويصل إليه منها غذاءٌ. وكذلك بحاسّة الشّمِّ. وكذلك حاسّة الذّوق. وكذلك ارتباطُه بحاسّتَي
(1)
السّمع والبصر أشدُّ من ارتباطه
(1)
ل: «بحاسة» .
بغيرهما، ووصول الغذاء منهما إليه أكملُ وأقوى من سائر الحواسِّ، وانفعالُه عنهما أشدُّ من انفعاله عن غيرهما.
ولهذا تجد في القرآن اقترانَه بهما أكثرَ من اقترانه بغيرهما، بل لا يكاد يقترن إلّا بهما أو بإحداهما. قال الله تعالى:{قَدِيرٌ (77) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} [النحل: 78]. وقال: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأحقاف: 26]. وقال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179]. وقال تعالى في صفة الكفّار: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 18]. وقال: {يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)} [الحج: 46].
وهذا كثيرٌ في القرآن جدًّا، لأنّ تأثُّره بما يراه ويسمعه أعظمُ من تأثُّرِه بما يلمسه ويذوقه ويشمُّه. ولأنّ هذه الثّلاثة هي طرق العلم. وهي السّمع والبصر والعقل
(1)
.
وتعلُّق القلب بالسّمع وارتباطه به أشدُّ من تعلُّقه بالبصر وارتباطِه به، ولهذا يتأثّر بما يسمعه من الملذوذات أعظمَ ممّا يتأثّر بما يراه من
(1)
«وهي السمع والبصر والعقل» ليست في ل.
المستحسنات. وكذلك في المكروهات سماعًا ورؤيةً.
ولهذا كان الصّحيح من القولين
(1)
: أنّ حاسّة السّمع أفضلُ من حاسّة البصر، لشدّة تعلُّقِها بالقلب، وعِظَمِ حاجته إليها، وتوقُّفِ كماله عليها، ووصولِ العلوم إليه بها، وتوقُّفِ الهدى على سلامتها.
ورجحّت طائفةٌ حاسّةَ البصر لكمال مُدرَكِها، وامتناع الكذب فيه، وزوالِ الرّيب والشّكِّ به. ولأنّه عين اليقين، وغاية مُدرَك حاسّةِ السّمع علم اليقين، وعين اليقين أفضل وأكمل من علم اليقين. ولأنّ متعلقها رؤية وجه الرّبِّ تبارك وتعالى في دار النّعيم، ولا شيء أعلى وأجلُّ من هذا المتعلّق.
وحكم شيخ الإسلام ابن تيميّة ــ قدَّس الله روحه ــ بين الطّائفتين حكمًا حسنًا. فقال
(2)
: المُدْرَك بحاسّة السّمع أعمُّ وأشمل. والمُدرَك بحاسّة البصر أتمُّ وأكمل. فللسّمع العمومُ والشُّمول والإحاطة بالموجود والمعدوم، والحاضر والغائب، والحسِّيِّ والمعنويِّ، وللبصر: التّمام والكمال.
وإذا عُرِف هذا، فهذه الحواسُّ الخمس لها أشباحٌ وأرواحٌ، وأرواحها حظُّ القلب ونصيبُه منها. فمن ليس لقلبه منها نصيبٌ إلّا كنصيب الحيوانات البهيميّة منها فهو بمنزلتها، وبينه وبينها أوّلُ درجة الإنسانيّة. ولهذا شبّه الله أولئك بالأنعام، بل جعلهم أضلَّ، فقال: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ
(1)
انظر كلام المؤلف في المفاضلة بين السمع والبصر في «الصواعق المرسلة» (ص 873)، و «مفتاح دار السعادة» (1/ 288 - 292)، والمصادر المذكورة في هامش «المفتاح» .
(2)
كما في «بدائع الفوائد» (ص 126، 1107). وانظر: «مجموع الفتاوى» (16/ 68)، و «درء التعارض» (7/ 325)، و «الرد على المنطقيين» (ص 96).
يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الفرقان: 44]. ولهذا نفى الله سبحانه عن الكفّار السّمعَ والبصر والعقول، إمّا لعدم انتفاعهم بها فنُزِّلت منزلةَ المعدوم، وإمّا لأنّ النّفي توجّه إلى أسماع قلوبهم وأبصارها وإدراكها. ولهذا يظهر لهم ذلك
(1)
عند انكشاف حقائق الأمور، كقول أهل السّعير:{لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10].
ومنه في أحد التّأويلين
(2)
قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [الأعراف: 198]. فإنّهم كانوا ينظرون إلى صورة النّبيِّ صلى الله عليه وسلم بالحواسِّ الظّاهرة، ولا يبصرون صورةَ نبوّته ومعناه بالحاسّة الباطنة، التي هي بصر القلب.
والقول الثّاني: أنّ الضّمير عائدٌ على الأصنام. ثمّ فيه قولان:
أحدهما: أنّه على التّشبيه، أي كأنّهم ينظرون إليك، ولا أبصارَ لهم يرونك بها.
والثّاني: أنَّ المراد به المقابلة. تقول العرب: داري تنظر دارك، أي تُقابِلها
(3)
.
وكذلك السّمع ثابتٌ لهم، وبه قامت الحجّة عليهم. ومنتفٍ عنهم، وهو سمع القلب. فإنّهم كانوا يسمعون القرآن من حيث السّمعُ الحسِّيُّ المشترك،
(1)
«ذلك» ليست في ش، د.
(2)
انظر القولين في «تفسير الطبري» (10/ 637، 638)، و «تفسير البغوي» (2/ 223)، و «زاد المسير» (3/ 307).
(3)
انظر المصادر السابقة، و «الزاهر» لابن الأنباري (1/ 306).
كالغنم
(1)
التي لا تسمع إلّا نعيقَ الرّاعي بها دعاءً ونداءً. ولم يسمعوه بالرُّوح الحقيقيِّ، الذي هو روح حاسّة السّمع التي هي
(2)
حظُّ القلب. فلو سمعوه من هذه الجهة لحصلتْ لهم الحياة الطّيِّبة، التي منشؤها من السّماع المتّصلِ أثرُه بالقلب، ولزالَ عنهم الصَّمَم والبَكَم، ولأنقذوا نفوسَهم من السّعير بمفارقةِ مَن عَدِمَ السّمعَ والعقلَ.
فحصولُ
(3)
السّمع الحقيقيِّ مبدأٌ لظهور آثار الحياة الطّيِّبة، التي هي أكملُ أنواعِ الحياة في هذا العالم، فإنّ بها يصلُح غذاء
(4)
القلب ويعتدل، فيتمُّ قوّته وحياته، وسروره ونعيمه وبهجته. وإذا فَقدَ غذاءه الصّالح احتاج إلى
(5)
أن يعتاض عنه بغذاءٍ خبيثٍ. وإذا فسدَ غذاؤه وخبُثَ نقصَ من حياته وقوّته وسروره ونعيمه بحسب ما فسد من غذائه، كالبدن إذا فسد غذاؤه.
فلمّا كان تعلُّق السّمع الظّاهر الحسِّيّ بالقلب أشدَّ، والمسافةُ بينهما أقربَ من المسافة بين البصر وبينه، ولذلك يُؤدَّى آثار ما يتعلّق بالسّمع الظّاهر إلى القلب أسرعَ ممّا يؤدَّى إليه آثار البصر الظّاهر، ولهذا ربّما غُشِيَ على الإنسان إذا سمع كلامًا يَسُرُّه أو يسوؤه، أو صوتًا لذيذًا طيِّبًا مُطرِبًا مناسبًا، ولا يكاد يحصل له ذلك من رؤية الأشياء المستحسنة بالبصر الظّاهر.
(1)
ل: «كالأنعام» .
(2)
د: «الذي هو» .
(3)
ل: «فحضور» .
(4)
ل: «هذا» .
(5)
«إلى» ليست في ش، د.
وقد يكون هذا المسموع شديدَ التّأثير في القلب، ولا يشعُر به صاحبه لاشتغاله بغيره، ولمباينة ظاهره لباطنه
(1)
ذلك الوقتَ، فإذا حصل له نوعُ تجرُّدٍ ورياضةٍ ظهرتْ قوّة ذلك التّأثير والتّأثُّر. فكلّما تجرّدت الرُّوح والقلب، وانقطعت عن علائق البدن، كان حظُّهما من ذلك السّماع أوفى، وتأثُّرهما به أقوى.
فإن كان المسموع معنًى شريفًا بصوتٍ لذيذٍ= حصل للقلب حظُّه ونصيبُه من إدراك المعنى، وابتهجَ به أتمَّ ابتهاجٍ على حسب إدراكه له. وللرُّوح حظُّها ونصيبُها من لذّة الصّوت ونغمتِه وحسنِه، فابتهجتْ به، فتتضاعف
(2)
اللّذّة، ويتمُّ الابتهاج، ويحصل الارتياح، حتّى ربّما فاض على البدن والجوارح وعلى الجليس.
وهذا لا يحصل على الكمال في هذا العالم ولا يحصل إلّا عند سماع كلام الله. فإذا تجرّدت الرُّوح، وكانت مستعدّةً، وباشر القلب روح المعنى، وأقبلَ بكلِّيّته على المسموع، فألقى السّمعَ وهو شهيدٌ، وساعده طيب صوت القارئ= كاد القلب يفارقُ هذا العالمَ، ويَلِجُ عالمًا
(3)
آخر، ويجد له لذّةً وحالًا لا يعهدها في شيءٍ البتّةَ. وذلك رقيقةٌ
(4)
من حالِ أهل الجنّة في الجنّة. فيا له من غذاءٍ ما أصلَحَه وما أنفَعَه!
(1)
ش: «باطنَه» .
(2)
ش، د:«فتضاعف» .
(3)
ش، د:«عالم» .
(4)
أي جزء يسير من نعيم أهل الجنة. انظر تعليق المحقق على «طريق الهجرتين» (1/ 69). وفي بعض النسخ: «دقيقة» .
وحرامٌ على قلبٍ قد تربّى على غذاء السّماع الشّيطانيِّ: أن يجد شيئًا من ذلك في سماع القرآن، بل
(1)
إن حصلَ له نوعُ لذّةٍ فهو من قِبَلِ الصّوت المشترك، لا من قِبَلِ المعنى الخاصِّ.
وليس في نعيم أهل الجنّة أعلى من رؤية
(2)
وجه محبوبهم عيانًا
(3)
، وسماع كلامه منه.
وذكر عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب «السُّنّة»
(4)
أثرًا لا يحضرني الآن هل هو موقوفٌ أو مرفوعٌ: إذا سمع النّاسُ القرآنَ يومَ القيامة من الرّحمن فكأنّهم لم يسمعوه قبلَ ذلك.
وإذا امتلأ القلب بشيءٍ، وارتفعت المباينة الشّديدة بين الظّاهر والباطن= أدَّتِ الأذن إلى القلب من المسموع ما يناسبه، وإن لم يدلّ عليه ذلك المسموع، ولا قصدَه المتكلِّم. ولا يختصُّ ذلك بالكلام الدّالِّ على معنًى، بل قد يقع في الأصوات المجرّدة.
قال القشيريُّ رحمه الله
(5)
: سمعت أبا عبد الرحمن السُّلميّ يقول: دخلتُ
(1)
ش، د:«بلى» .
(2)
ش، د:«رؤيتهم» .
(3)
ش، د:«عاليا» .
(4)
رقم (104) موقوفًا على محمد بن كعب القرظي. وانظر: «السنة» للخلال (1916، 1917، 2076)، و «إبطال التأويلات» لأبي يعلى (363)، و «صفة الجنة» لأبي نعيم (270)، و «البداية» لابن كثير (10/ 562). ويُروى عن أبي هريرة مرفوعًا، كما في «إبطال التأويلات» (364)، وإسناده ضعيف.
(5)
«الرسالة القشيرية» (ص 694).