الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في شهود الحقيقة، لا تقف بهم دونها
(1)
همّةٌ، ولا يُعرِّجون دونها على رسمٍ، فكلُّ ما دونها
(2)
فهو عندهم من مشاهد العامّة ومنازلهم ومقاماتهم، حتّى المحبّة. وحسبك بجعل اليقين نهايةً للعامّة، وبدايةً لهم.
قال
(3)
: (وهو على ثلاث درجاتٍ،
الدّرجة الأولى: علم اليقين
. وهو قبول ما ظهر من الحقِّ، وقبول ما غاب للحقِّ، والوقوف على ما قام بالحقِّ).
ذكر الشّيخ رحمه الله في هذه الدّرجة ثلاثة أشياء هي متعلق اليقين وأركانه:
الأول: قبول ما ظهر من الحقِّ تعالى. والّذي ظهر منه سبحانه: أوامره ونواهيه، وشرعه ودينه الذي ظهر لنا منه على ألسنة رسله
(4)
، فنتلقّاه بالقبول والانقياد، والإذعان والتّسليم للرُّبوبيّة، والدُّخول تحت رقِّ العبوديّة.
الثّاني: قبول ما غاب للحقِّ، وهو الإيمان بالغيب الذي أخبر به الحقُّ
(5)
سبحانه على لسان رسله: من أمور المعاد وتفاصيله، والجنّة والنّار، وما قبل ذلك: من الصِّراط والميزان والحساب، وما قبل ذلك: من تشقُّق السّماء وانفطارها، وانتثارِ الكواكب، ونسْفِ الجبال، وطَيِّ العالم، وما قبل ذلك: من أمور البرزخ ونعيمه وعذابه.
فقبول هذا كلِّه ــ تصديقًا وإيمانًا وإيقانًا ــ هو اليقين، بحيث لا يخالج
(1)
ل: «دونهما» .
(2)
ل: «دونهما» .
(3)
«المنازل» (ص 53).
(4)
في هامش ش: «صلوات الله وسلامه عليهم، سيما على سيّدهم» .
(5)
«الحق» ليست في ش، د.
القلبَ فيه شبهةٌ، ولا شكٌّ ولا ريبٌ، ولا تناسٍ وغفلةٌ عنه. فإنّه إن لم يستهلكْ يقينَه
(1)
أفسده وأضعفه.
الثّالث: الوقوف على ما قام بالحقِّ سبحانه من أسمائه وصفاته وأفعاله. وهو علم التّوحيد، الذي أساسه إثبات الأسماء والصِّفات. وضدُّه: التّعطيل والنّفي والتجهُّم. فهذا التّوحيد يقابله التّعطيل.
وأمّا التّوحيد القصديُّ الإراديُّ، الذي هو إخلاص العمل لله وعبادته وحده، فيقابله الشِّرك. والتّعطيل شرٌّ من الشِّرك، فإنّ المعطِّل جاحدٌ للذّات أو لكمالها، وهو جحدٌ لحقيقة الإلهيّة، فإنّ ذاتًا لا تسمع ولا تُبصر ولا تَتكلّم، ولا ترضى ولا تغضب، ولا تفعل
(2)
شيئًا، وليست داخلَ العالم ولا خارجَه، ولا متّصلةً بالعالم ولا منفصلةً، ولا محايثةً له ولا مباينةً له، ولا مجاورةً ولا مجاوزةً، ولا فوقَ العرش ولا تحتَ العرش، ولا خلفه ولا أمامه، ولا عن يمينه ولا عن يساره= سواءٌ
(3)
والعدم.
والمشرك مُقِرٌّ بالله وصفاته، لكن عبدَ معه غيره، فهو خيرٌ من المعطِّل للذّات والصِّفات.
فاليقين هو الوقوف على ما قام بالحقِّ من أسمائه وصفاته، ونعوت كماله وتوحيده. وهذه الثّلاثة أشرف علوم الخلائق: علم الأمر والنّهي، وعلم الأسماء والصِّفات والتّوحيد، وعلم المعاد واليوم الآخر.
(1)
ل: «بيقينه» .
(2)
ل: «ولا تعقل» .
(3)
خبر «فإنّ» قبل أسطر.