الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب فتح نهاوند
1712 -
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا مبارك بن فضالة، حدثنا زياد بن جبير بن حية قال أخبرني أبي (1). أَن عُمَرَ بْنَ الْخَطاب- رِضْوَانُ الله عَلَيْهِ- قَالَ لِلْهُرْمُزَانِ: أمَّا إُذْ فُتَّنِي بِنَفْسِكَ، فَانْصَحْ لِي، وَذلِكَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: تَكَلَّمْ لا بَأْسَ. فأَمَّنَهُ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ: نَعَمْ، إِنَّ فَارِسَ الْيَوْمَ رَأْسٌ وَجَنَاحَانِ. قَالَ: فَأيْنَ الرأْسُ؟. قَالَ: نَهَاوَنْدُ مَعَ بندار (2)، قَالَ: فَإِنَّ مَعَهُ أسَاوِرَةَ كِسْرَى وَأهْلَ أصْفهَان. قَالَ: فَأيْنَ الْجَنَاحَانِ؟. فَذَكَرَ الْهُرْمُزَانُ مَكَاناً نَسِيَهُ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ: اقْطَعِ الْجَنَاحَيْنِ، تُوهِنِ الرَّأْسَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ- رِضْوَانُ الله عَلَيْه-: كَذَبْتَ يَا عَدُو الله، بَلْ أعْمَدُ إِلَى الرَّأْسِ فَيَقْطَعُهُ اللهُ، فَإِذَا قَطَعَهُ اللهُ عَنَّيَ، انْقَطَعَ عَنَّيَ الْجَنَاحَانِ. فَأرَادَ عُمَرُ أنْ يَسِيرَ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ، فَقَالُوا: نُذَكَّرُكَ الله يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنَينَ أنْ
= والحديث في الإحسان 8/ 184 - 185 برقم (6530). وهو في مسند الموصلي برقم (7353) وهناك استوفينا تخريجه.
(1)
في الأصلين: "إذا فتني".
(2)
في الأصلين: "بيداد" وهو تحريف. وبندار هو مردانشاه ذو الجناحين. وانظر الطبري 4/ 117، والكامل في التاريخ 2/ 435، 441، 442.
تَسِيرَ بِنَفْسِكَ إِلَى الْعَجَمِ، فَإِنْ اُّصِبْتَ بِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمينَ نِظَام، وُلكِنِ ابْعَثِ الْجُنُودَ. قَالَ فَبَعَثَ أَهلَ الْمَدِينَةِ وَبَعَثَ فِيهِمْ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ابْنِ الْخَطابِ، وَبَعَثَ الْمُهاجِرين (1) وَالأنْصَارَ، وَكَتَبَ إِلَى أبِي مُوسَى الأشْعَرِى: أنْ سِرْ بِأهْلِ الْبَصْرَةِ، وَكَتَبَ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: أنْ سِرْ بِأهْلِ الْكُوفَةِ حَتَّى تَجْتَمِعُوا بِنَهَاوَنْدَ جَمِيعاً، فَإذَا اجْتَمَعْتُمْ، فَأمِيرُكُمُ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيّ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا بِنَهَاوَنْدَ أرْسَلَ إِلَيْهِمْ بندار أنْ أرْسِلُوا إِلَيْنَا يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ رَجُلاً مِنْكُمْ نُكَلِّمُهُ، فَاخْتَارَ النَاس الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ. قَالَ أَبِي: فَكَأنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ: رَجُل طَوِيل، أشْعَرُ، أعْوَرُ، فَأتَاهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إلَيْنَا سَألْنَاهُ فَقَالَ لَنَا: إِنِّي وَجَدتُ الْعِلْجَ قَدِ اسْتَشَارَ أصْحَابَهُ فِي أيِّ شَيْءٍ تَأْذَنُونَ لِهذَا الْعَرَبِيّ أَبِشَارَتِنَا وَبَهْجَتِنَا وَمُلْكِنَا؟ أوْ نَتقَشَّفُ لَهُ فَنُزَهِّدُهُ عَمَّا فِي أيْدِينَا؟ فَقَالُوا: بَلْ نَأْذَنُ لَهُ بِأفْضَلِ مَا نَكُونُ مِنَ الشَّارَةِ وَالْعُدَّةِ. فَلَمَّا رَأيْتُهُمْ، رَأيْتُ تِلْكَ الْحِرَابَ وَالدَّرَقَ يُلْتَمَعُ (2) مِنْهَا الْبَصَرُ، وَرَأيْتُهُمْ قِيَاماً
(1) في (م): "المهاجرون".
(2)
قال ابن فارس في مقاييس اللغة 5/ 211 - 212: "اللام، والميم، والعين أصل صحيح يدل على إضاءة الشيء بسرعة، ثم يقاس على ذلك ما يجري مجراه
…
فأما قولهم التمعتُ الشيءَ إذا اختلسته فمحمول على ما قلناه من الخفة والسرعة
…
والألمعي: الرجل الذي يظن الظن فلا يكاد يكذب. ومعنى ذلك أن الغائبات عن عينه كاللامعة فهو يراهِا، قال:
الألْمَعِيُّ الَّذى يَظُنُّ الْظ
…
نَّ كَاَنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا".
عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ التَّاجُ. فَمَضَيْتُ كَمَا أنَا، وَنَكَّسْتُ رَأْسِي لأقْعُدَ مَعَهُ علَى السَّرِيرِ، قَالَ: فَدُفِعْتُ وَنُهِرْتُ (1)، فَقُلْتُ: إِنَّ الرُّسُلَ لَا يُفْعَلُ بِهِمْ هذَا. فَقَالُوا لي: إِنَّمَا أنْتَ كَلْبٌ، أتَقْعُدُ مَعَ الْمَلِكِ؟. فَقُلْتُ: لأنَا أشْرَفُ (135/ 1) في قَوْمِي مِنْ هذَا فِيكُمْ، قَالَ: فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ. فَتُرْجِمَ لِي قَوْلُهُ. فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، إنَّكُمْ كُنْتُمْ أطْوَلَ النَّاسِ جُوعاً، وَأعْظَمَ النَّاسِ شَقَاءً، وَأقْذَر النَّاسِ قَذَراً، وَأَبْعَدَ النَّاسِ دَاراً، وَأبْعَدَهُ مِنْ كُل خَيْرٍ. وَمَا كَانَ منَعَنِي أنْ آمُرَ هذِهِ الأسَاوِرَةَ حَوْلي أنْ يَنْتَظِمُوكُمْ (2) بِالنَّشَّابِ إلا تَنَجُّساً لِجِيفَتِكُمْ لأنَّكُمْ أرْجَاسٌ، فَإِنْ تَذْهَبُوا نُخَلِّ عَنْكُمْ، وَإِنْ تَابَوْا، نُرِكُمْ مَصَارِعَكُمْ. قَالَ الْمغِيرَةُ: فَحَمِدْتُ الله وَأثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَقُلْت: وَالله مَا أخْطَأْتَ مِنْ صِفَتِنَا وَنَعْتِنَا شَيْئاً، إِنْ كُنَّا لأبْعَدَ النَّاسِ دَاراً، وَأشَد النَّاسِ جُوعاً، وَأعْظَمَ النَّاسِ شَقَاءً، وَأبْعَدَ النَّاسِ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، حَتَّى بَعَثَ الله إِلَيْنَا رَسُولاً فَوَعَدَنَا بِالنَّصْرِ، فِي الدُّنْيَا، وَالْجَنَّةِ فِي الآخِرَةِ، فَلَمْ نَزَلْ نَتَعَرَّفُ مِنْ رَبِّنَا- مُذْ جَاءَنَا رَسُولُهُ-صلى الله عليه وسلم-الْفَلَاح وَالنَّصْرَ، حَتَّى أتَيْنَاكُمْ. وَإنَّا وَالله نَرَى لَكُمْ مُلْكاً وَعَيْشاً لا نَرْجِعُ إِلَى ذلِكَ الشَّقَاءِ أبَداً حَتَّى نَغْلِبَكُمْ عَلَى مَا فِي أيْدِيكُمْ أوْ نُقْتَلَ فِي أرْضِكُمْ.
(1) في (س): "بهرت" وهو تصحيف.
(2)
في الأصلين: "ينتظمونكم". وانتظم الأشياء: جمعها وضمها في مكان واحد.
فَقَالَ: أمَّا الأعْوَرُ، فَقَدْ صَدَقَكُمُ الّذِي فِي نَفْسِهِ. فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَقَدْ وَالله أرْعَبْتُ الْعِلْجَ جَهْدِي، فَأرْسَلَ إِلَيْنَا الْعِلْجُ: إمَّا أنْ تَعْبُرُوا إِلَيْنَا بِنَهَاوَنْد، وَإِمَّا أنْ نَعْبُرَ إِلَيْكُمْ. فَقَالَ النُّعْمَانُ: اعْبُرُوا. فَعَبَرْنَا. فَقَالَ أبِي: فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّ الْعُلُوجَ يَجِيئونَ كَأَنَّهُمْ جِبَالُ الْحَدِيدِ، وَقَدْ تَوَاثَقُوا أنْ لا يَفِرُّوا مِنَ الْعَرَبِ، وَقَدْ قُرِنَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْض حَتَّى كَانَ سَبْعَةٌ فِي قِرَانٍ، وَألْقَوْا حَسَكَ الْحَدِيدِ (1) خَلْفَهُمْ، وَقَالُوا: مَنْ فَرَّ مِنَّا، عَقَرَهُ حَسَكُ الْحَدِيدِ. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حِينَ رَأى كَثْرَتَهُمْ: لَمْ أرَ كَالْيَوْمِ فَشَلاً: إِنَّ عَدُوَّنَا يُتْرَكُونَ أن يَتَتَامُّوا (2)، فَلا يُعْجَلُوا. أمَا وَالله لَوْ أنَّ الأمْرَ إليَّ، لَقَدْ أعْجَلْتُهُمْ بِهِ. قَالَ: وَكَانَ النُّعْمَانُ رَجُلا بَكَّاءً، فَقَالَ: قَدْ كَانَ اللهُ -جَلَّ وَعَلا- يُشْهِدُكَ أَمْثَالَهَا فَلَا يُخْزِيكَ وَلا تَعَدَّى مَوْقِفَكَ. وَإِنَي وَاللهِ مَا يَمْنَعُني أن أُنَاجِزَهُمْ إِلَاّ شَيْءٌ شَهِدْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله-صلى الله عليه وسلم، إنَّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا غَزَا فَلَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ، لَمْ يَعْجَلْ حَتَّى تَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ، وَتَهِبَّ الأرْوَاحُ، وَيطِيبَ الْقِتَالُ. ثُمَّ قَالَ النُّعْمَان: اللَّهُمَّ إِنِّي أسْأَلُكَ أنْ تُقِرَّ عَيْني اليَوْمَ [بفَتْحٍ](3)
(1) حسك الحديد: ما يعمل على مثال حسك السعدان وهو الشوك.
(2)
في الأصلين: "أن يتتامون".
(3)
ما بين حاصرتين زيادة من الطبري.
يَكُونُ فِيهِ عِزُّ الإسْلام وَأَهْلِهِ، وَذُلُّ الْكُفْرِ وَأهْلِهِ. ثُمَّ اخْتِمْ لِي عَلَى أثَرِ ذلِكَ بِالشَّهَادَةِ. ثُمَّ قَالَ: أمِّنُوا رَحِمَكُمُ الله. فَأمَّنَّا. وَبَكَى فَبَكَيْنَا. فَقَالَ النُّعْمَانُ: إِنَّي هَازٌ لِوَائِي فَيَسِّرُوا السِّلَاحَ، ثُمَّ هَازُّهَا الثَّانِيَةَ، فَكُونوا مُتَيسِّرِينَ لِقِتَالِ عَدُوِّكُمْ بِإزَائِكُمْ، فَإذَا هَزَزْتُهَا الثالِثَةَ فَلْيَحْمِلْ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ عَلَى بَرَكَةِ الله. قَالَ: فَلَمَّا حَضَرَتِ الصلاة، وَهَبَّتِ الأرْوَاحُ، كبَّر وَكَبَّرْنَا. وَقَالَ: رِيحُ الْفَتْحِ وَالله إِنْ شَاءَ الله، وَانِّي لأرْجُو أنْ يَسْتَجِيبَ الله لِي، وَأنْ يَفْتَحَ عَلَيْنَا. فَهَزَّ اللِّوَاءَ فَتَيَسَّرُوا، ثُمّ هَزَّهَا الثَّانِيَةَ، ثُمَّ هَزَّهَا الثَّالِثَةَ فَحَمَلْنَا جَميعاً كُلُّ قَوْم عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِنْ أنَا أَصِبْتُ فَعَلَى النَّاسِ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ (135/ 2) فَإِنْ أصِيبَ حُذَيْفَةُ، فَفُلانٌ، فَإِنْ أصِيبَ فُلانٌ حَتَّى عَدَّ سَبْعَةً آخِرُهُمْ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. قَالَ أَبي: فَوَالله مَا عَلِمْتُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أحَداً (1) يحب أنْ يَرْجِعَ إلَى أهْلِهِ حَتَّى يُقْتَلَ أوْ يَظْفَرَ. وَثَبَتُوا لَنَا فَلَم نَسْمَعْ إِلَاّ وَقْعَ الْحَدِيدِ عَلَى الْحَدِيدِ، حَتَّى أُصِيبَ فِي الْمسْلِمِينَ مُصَابَةٌ عَظِيمَةٌ (2). فَلَمَّا رَأوْا صَبْرَنَا وَرَأوْنَا لا نُرِيدُ أنْ نَرْجِعَ، انْهَزَمُوا، فَجَعَلَ يَقَعُ الرَّجُلُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ سَبْعَةٌ فِي قِرَانٍ فَيُقْتَلُونَ جَمِيعاً، وَجَعَلَ يَعْقِرُهُمْ حَسَكُ الْحَدِيدِ خَلْفَهُمْ. فَقَالَ النُّعْمانُ: قَدِّمُوا اللِّوَاءَ، فَجَعَلْنَا نُقَدِّمُ اللِّوَاءَ فَنَقْتُلُهُمْ
(1) في الأصلين: "أحدٌ".
(2)
المصابة العظيمة: البلية العظيمة، وكل مكروه جلل.
وَنَهْزِمُهُمْ. فَلَمَّا رَأى النُّعْمَانُ قَدِ اسْتَجَابَ الله لَهُ وَرَأَى الْفَتْحَ، جَاءَتْهُ نَشَّابَةٌ فَأصَابَتْ خَاصِرَتَهُ، فَقَتَلَتْهُ. فَجَاءَ أخُوهُ مَعْقِلُ بْنُ مُقَرِّنٍ فَسَجَّى عَلَيْهِ ثَوْباً، وَأخَذَ اللِّوَاءَ فَتَقَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ: تقدَّموا رَحِمَكُمُ الله، فَجَعَلْنَا نتقدَّمُ فَنَهْزِمُهُمْ وَنَقْتُلُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْنَا وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، قَالُوا: أَيْنَ الأمِيرُ؟. فَقَالَ مَعْقِلٌ: هذَا أمِيرُكُمْ قَدْ أقَرَّ الله عَيْنَة بِالْفَتْحِ، وَخَتَمَ لَهُ بِالشَهَادَةِ. فَبَايَعَ النَّاسُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ. قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- رِضْوَانُ الله عَلَيْهِ- بِالْمَدِينَةِ يَدْعُو الله، وَينْتَظِرُ مِثْلَ صَيْحَةِ الْحُبْلَى، فَكَتَبَ حُذَيْفَةُ إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحٍ مَعَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالَ: أبْشِرْ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِفتْحٍ أعَزَّ الله فِيهِ الإِسْلَامَ وَأهْلَهُ، وَأذَلَّ فِيهِ الشَّرْكَ وَأهْلَهُ. فَقَالَ: النُّعْمَانُ بَعَثَكَ؟ قَالَ: احْتَسِبِ النُّعْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَبَكَى عُمَرُ وَاسْتَرْجَعَ، فَقَالَ: وَمَنْ ويحَكَ؟. قَالَ: وَفُلانٌ وَفُلانٌ- حَتَّى عَدَّ نَاساً- ثُمَّ قَالَ: وَآخَرِينَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا تَعْرِفُهُمْ. فَقَالَ عُمَر- رِضْوَانُ الله عَلَيْهِ- وَهُوَ يَبْكِي-: لا يَضُرُّهُمْ أنْ لا يَعْرِفَهُمْ عُمَرُ، لكِنَّ الله يَعْرِفُهُمْ (1).
(1) إسناده حسن، مبارك بن فضالة حسن الحديث إذا صرح بالتحديث. والحديث في الإحسان 7/ 123 - 126 برقم) (4736).
أخرجه الطبراني في الكبير 20/ 432 برقم (1049) من طريق أبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، حدثنا آدم بن أبي إياس، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري في التاريخ 4/ 117 - 120 من طريق الربيع بن سليمان قال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= حدثنا أسد بن موسى قال: حدثنا المبارك بن فضالة، بهذا الإسناد. وأخرجه -مختصراً- البخاري في الجزية (3159) باب: الجزية والموادعة من أهل الذمة والحرب، وفي التوحيد (7530) باب: قول الله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك)، من طريق الفضل بن يعقوب، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا المعتمر بن سليمان، حدثنا سعيد بن عبيد الله الثقفي، حدثنا بكر بن عبد الله المزني، وزياد بن جبير، بهذا الإِسناد.
وعنده: "فالرأس كسرى، والجناح قيصر، والجناح الآخر فارس، فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى".
وقال الحافظ في "فتح الباري" 6/ 264: "وقد وقع عند الطبري، من طريق مبارك ابن فضالة المذكورة قال:(فإن فارس اليوم رأس وجناحان).
وهذا موافق لرواية ابن أبي شيبة، وهو أولى، لأن قيصر كان بالشام، ثم ببلاد الشمال، ولا تعلق لهم بالعراق وفارس والمشرق.
ولو أراد أن يجعل كسرى رأس الملوك وهو ملك الشرق، وقيصر ملك الروم دونه، ولذلك جعله جناحاً، لكان المناسب أن يجعل الجناح الثاني ما يقابله من جهة اليمن كملوك الهند والصين مثلا، ولكن الرواية الأخرى على أنه لم يرد إلا أهل بلاده التي هو عالم بها، وكان الجيوش إذ ذاك كانت بالبلاد الثلاثة، وأكثرها وأعظمها بالبلدة التي فيها كسرى، لأنه كان رأسهم".
وانظر" تحفة الأشراف" 8/ 472 برقم (11491). وسير أعلام النبلاء 1/ 405 بتحقيقي والشيخ شعيب أرناؤوط.
وأخرجه- مطولاً- ابن أبي شيبة 13/ 8 - 12 برقم (15640) من طريق عفان، وأخرجه- مطولاً أيضاً- الحاكم 3/ 293 - 295 من طريق
…
حجاج بن منهال، وأخرجه -مختصراً- أحمد 5/ 444 - 445 من طريق عبد الرحمن، وبهز، وأخرجه - مختصراً أيضاً- الترمذي في السير (1613) باب: ما جاء في الساعة التي يستحب فيها القتال، من طريق الحسن بن علي الخلال، حدثنا عفان بن مسلم، والحجاج بن: منهال، جميعهم حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا أبو عمران الجوني، عن علقمة بن عبد الله المزني، عن معقل بن يسار: أن عمر بن الخطاب
…
وهذا إسناد صحيح. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الترمذي: "وهذا حديث حسن صحيح ".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 215 - 217 باب: في وقعة القادسية ونهاوند، وقال:"قلت: في الصحيح بعضه- رواه الطبراني، ورجاله من أوله إلى قوله: حدثثا علي بن زيد، رجال الصحيح، غير علقمة بن عبد الله المزني، وهو ثقة".
وأورده -مختصراً- ابن حجر في "المطالب العالية" 4/ 278 - 279 برقم (4431) ونسبه إلى ابن أبي عمر. ونقل الشيخ حبيب الرحمن قول البوصيري: "رواته ثقات".
وأخرجه الطبراني في الكبير20/ 269 - 270 برقم (861)، والحاكم 3/ 451 - 452 من طرق: حدثنا أمية بن بسطام، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حجاج الصواف، حدثني أبو إياس معاوية بن قرة، عن أبيه قرة، عن المغيرة بن شعبة
…
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 214 - 215 وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".
وأخرجه- مقتصراً على قول النعمان بن مقرن-: أبو داود في الجهاد (2655) باب: في أي وقت يستحب اللقاء، والنسائي في السير- ذكره المزي في "تحفة الأشراف" 9/ 32 برقم (11647) -، والحاكم 2/ 116، والبيهقي في السير 9/ 153 باب:- أي وقت يستحب اللقاء، من طرق عن حماد بن سلمة، حدثنا أبو عمران الجوني، حدثنا علقمة بن عبد الله المزني، عن معقل بن يسار: أن النعمان بن مقرن قال: (شهدت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-إذا لم يقاتل من أول النهار، أخر القتال حتى تزول الشمس، وتهب الرياح، "ويتنزل النصر). وهذا لفظ أبي داود.
وأخرجه البخاري في الجزية والموادعة (3160) بقوله: "فقال النعمان: ربما أشهدك الله مثلها مع النبي-صلى الله عليه وسلم-فلم يندِّمك، ولم يخزك. ولكني شهدت القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.كان إذا لم يقاتل في أول النهار، انتظر حتى تهب الأرواح، وتحضر الصلوات".
وقال الحافظ في "فتح الباري" 6/ 265: "وقد بين مبارك بن فضالة في روايته عن زياد بن جبير ارتباط كلام النعمان بما قبله. وبسياقه يتبين أنه ليس قصة مستانفة، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وحاصله أن المغيرة أنكر على النعمان تأخير القتال، فاعتذر النعمان بما قاله
…
". وأخرجه الترمذي (1612) من طريق محمد بن بشار، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن النعمان بن مقرن
…
وقال الترمذي: "وقد روي هذا الحديث عن النعمان بن مقرن بإسناد أوصل من هذا. وقتادة لم يدرك النعمان بن مقرن. ومات النعمان بن مقرن في خلافة عمر بن الخطاب". وقال الحافظ في الفتح 6/ 266: "وفي هذا الحديث منقبة للنعمان، ومعرفة المغيرة بالحرب، وقوة نفسه، وشهامته وفصاحته وبلاغته.
لقد اشتمل كلامه هذا الوجيز على بيان أحوالهم الدنيوية من المطعم والملبس ونحوهما، وعلى أحوالهم الدينية أولاً وثانياً، وعلى معتقدهم من التوحيد والرسالة، والإيمان بالمعاد، وعلى بيان معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم وإخباره بالمغيبات ووقوعها كما أخبر. وفيه فضل المشورة، وأن الكبير لا نقص عليه في مشاورة من هو دونه
…
وفيه ضرب المثل، وجودة تصور الهرمزان ولذلك استشاره عمر
…
وفيه البداءة بقتال الأهم فالأهم، وبيان ما كان عليه العرب في الجاهلية من الفقر وشظف العيش، والإرسال إلى الإمارة بالبشارة، وفضل القتال بعد زوال الشمس على ما قبله
…
ولا يعارضه ما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان يغير صباحاً، لأن هذا عند المصاففة، وذاك عند الغارة".
وانظر الكامل في التاريخ 3/ 5 - 16، والبداية والنهاية لابن كثير 7/ 105 - 113، وسير أعلام النبلاء 1/ 403 - 405.
ملاحظة:- على هامش (م) ما نصه: "من خط شيخ الإسلام ابن حجر رحمه الله: أخرج البخاري يعض هذا الحديث من وجه آخر".