الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السّابقتين لها ولكنّها أضافت شيئاً لم تتضمنّه تلكما القاعدتان وهو اليمين بالطّلاق والعتاق.
المستحلف: هو القاضي. الحالف: هو المدّعى عليه.
الأصل في يمين النّفي دفع دعوى الخصم - كما سبق بيانه - ولذلك وجب أن تكون مطابقة للدّعوى، وهذا معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"يمينك على ما يصدقك به صاحبك"(1).
لكن في بعض الأحيان قد يكون المدّعى عليه مظلوماً، فإذا حلف على نيّة خصمه أو القاضي ضاع حقّه، أو أصابه ضرر فادح، وإن نكل ألزم بالمدّعى. ولذلك فتح باب التّورية في هذه الحال بأن يحلف المظلوم وينوي بحلفه أمراً آخر غير موضوع الدّعوى ليخلص له حقّه، أو يتخلّص من ظلم يصيبه.
لكن خرج عن ذلك فيما إذا كانت اليمين بطلاق أو إعتاق ففي هذه الحالة لا تصحّ التّورية ولا التّعريض بل لا بدّ أن تكون اليمين مطابقة للدّعوى تماماً ولكن على نيّة الحالف - لا المستحلف - لأنّ ما يتعلّق بالطّلاق والعتاق لا يعلم الحقّ فيه إلا الذي حلفه.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا كان لإنسان على آخر دين فجحده إيّاه، وليس للدّائن دليل أو بيّنة على دعواه ولكنّه صادق فيما يدّعيه. وخصمه جاحد، فإذا أمكن للدّائن أن يظفر بجنس حقّه فأخذ مقدار دينه، فرفع المدين الجاحد
(1) الحديث أخرجه مسلم وأبو داود في الأيمان وابن ماجة في الكفّارات وغيرهم.
دعوى على الدّائن بأنّه سرق منه مبلغاً من المال، فأنكر الدّائن، فوجّه عليه القاضي اليمين. فله أن يحلف أنه ما سرق من مال المدّعي شيئاً؛ لأنّه في الحقيقة أخذ حقّه وماله عنده، ولحم يأخذ من مال المدّعي شيئاً. وهذه تسمى مسألة الظَّفَر.
ومنها: رجل هرب إلى دار رجل آخر - خوفاً من الأذى - فحلف صاحب الدّار أنّه لا يدري أين هو - وأراد أنّه لا يدري في أي مكان هو في الدّار - لا يحنث في يمينه، وإذا حلِّف على رؤيته، فيحلف أنّه ما راه، وينوي أنّه لم يطعنه في رئته. وهو صادق على كلّ حال.
ومنها: إذا كان الحالف شافعيّاً، وحلف أن لا شفعة عليه للجار. فيحلف على نيّته لا نيَّة المستحلف - الحاكم أو القاضي -؛ لأنّ الشّافعي رحمه الله لا يرى الشّفعة للجار.