الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثّالثة والثّلاثون [الإباحة والحرمة]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
يحتاط الشّرع في الخروج من الحرمة إلى الإباحة أكثر من الخروج من الإباحة إلى الحرمة (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
الشّرع الحكيم بنى أحكامه على مصالح العباد تفضّلاً منه سبحانه ورحمة. ولمّا كان التّحريم مبنيّاً على درء المفسدة ودفع الضّرر جعل الشّرع للخروج من الحرمة إلى الإباحة شروطاً وقيوداً لا يصحّ إلا بها، وذلك من باب درء المفاسد وجلب المصالح.
ولكن إذا كان الأمر يتعلّق بالخروج من الإباحة إلى التّحريم فإنّ الشّرع لم يحتط له كاحتياطه للخروج من الحرمة إلى الإباحة؛ لأنّ درء المفسدة مقدّم على جلب المصلحة.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
اتّصال الرّجل بالمرأة حدّد له الشّارع الحكيم طريقان لا ثالث لهما، وهما الزواج بالعقد الصّحيح، وملك اليمين بالطّريق المشروع. واشترط الشّرع للزواج شروطاً في العاقدين وفي العقد وفي المعقود لهما.
(1) الفروق جـ 3 ص 145.
وأمّا ملك اليمين فحدّد له الشّرع طريقاً وهو السّبي عن طريق الجهاد لإعلاء كلمة الله أو الشّراء والتّملّك عمّن ثبت له الملك بالوجه الشّرعي.
وأمّا نقل الإباحة إلى الحرمة: ففي النّكاح فتح الشّرع باب التّفريق بين الزّوجين عند تعذّر العشرة بالمعروف إمّا بلفظ يطلقه الزّوج - وهو لفظ الطّلاق - وإمّا بخلع المرأة نفسها وفداءها بمال تعطيه للزّوج. وفي ملك اليمين تقع الحرمة بين السّيّد وجاريته بلفظ يفيد العتق مثل: أنت حرّة، أو أعتقتك. أو كلّ لفظ يدلّ على العتق.
ومنها: لا تحلّ المبتوتة لزوجها الأوّل إلا بعقد على رجل آخر ووطء حلال وطلاق وانقضاء عدّة من عقد الأوّل والثّاني؛ لأنّه خروج من الحرمة إلى الإباحة.
ومنها: أوقع الجمهور الطّلاق بالكنايات - وإن بعدت مع استصحاب نيّة الطّلاق - حتى أوقعه مالك رحمه الله بالتّسبيح والتّهليل وجميع الألفاظ إذا قصد بها الطّلاق؛ لأنّه خروج من الحلّ إلى الحرمة، فيكفي فيه أدنى سبب.
ومنها: جواز البيع بجميع الصّيغ والأفعال الدّالة على الرضى بنقل الملك في العوضين؛ لأنّ الأصل في التّبايع الإباحة حتى تملك. بخلاف النّساء حيث الأصل فيهنّ التّحريم حتى يعقد عليهنّ بنكاح، أو بتملّك يمين.