الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحتمل عندنا وقوعها على أحد الوجهين أو الوجوه، ولم ينقل إلينا على أي الوجهين أو الوجوه وقع الأمر فيها، فإنّ مثل هذا يثبت فيه الإجمال ويسقط به الاستدلال. وينظر من قواعد حرف الحاء القاعدة 61.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
روي أن زنجيّاً سقط في بئر زمزم فمات. فأمر ابن عباس رضي الله عنهما بمائها أن ينزح. استدلّ الشّافعي رحمه الله أنّ نزحها لأحد أسباب:
1 -
أنّ الدّم قد يكون ظهر فيها، فنزحها كان تنظيفاً لا وجوباً للدّلالة على نجاستها. واحتمل أن يكون نزحها احتياطاً لاحتمال التّغيّر، وأن يكون لاحتمال النّجاسة كما يقول الحنفيّة.
فلذلك لوجود هذه الاحتمالات لا يصحّ الاستدلال بهذا المثال على أن الماء ينجس بملاقاة النّجاسة إذا زاد عن القلّتين. كما هو رأي الحنفيّة.
ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الوضوء بنبيذ التّمر - "تمرة طيّبة وماء طهور"، ليس في اللفظ إلا أنّ التّمرة طاهرة طيّبة والماء طهور، فيبقى إذا جمع بين التّمرة والماء الطّهور كيف يكون الحال؟ هل يسلب الطّهوريّة، أم لم يتعرّض لذلك، فيحتمل أن يريد أن كلّ واحد منهما بقي على حاله لم يتغيّر عن وصفه، فلذلك وصفهما بما كانا عليه قبل الاجتماع، ويحتمل أنّهما تغيّرا عن حالتهما الأولى. واعترض عليه ابن الشّاط رحمه الله فقال: لا يجوز على الشّارع صلوات الله وسلامه عليه أن يُسأل عن شيء ثم لا يجيب عنه،
ولا يجوز عليه أن يخبر بما لا فائدة فيه .. وهو صلى الله عليه وسلم إنّما سئل عن الوضوء بالنّبيذ، والنّبيذ اسم للماء المستنقع فيه تمر حتى تتغيّر حقيقته، أمّا قبل التّغيّر فلا يسمّى نبيذاً إلا مجازاً. فلا شكّ أنّ ظاهر الحديث أنّه أراد صلى الله عليه وسلم أنّ أصل النّبيذ ثمرة طيّبة وماء طهور وأنّه باق على حكم الأصل من الطّيب والطّهورية.