الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الحادية والخمسون [المودَع والمودِع]
أولاً: لفظ ورود القاعدة
يد المودَع كيد المودِع (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
المودَع بفتح الدّال: اسم مفعول، وهو قابل الوديعة. وهي الأمانة.
والمودع بكسر الدّال: اسم فاعل، وهو صاحب الوديعة.
فمفاد القاعدة: إنّ يد الأمين وهو قابل الوديعة في الحكم كيد المودِع صاحب الوديعة. وذلك في الحفظ دون التّصرف؛ لأنّه ليس للأمين أن يتصرّف في الوديعة كتصرّف مالكها، وإلا كان خائناً ضامناً.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا دخل مجاهد دار الحرب فارساً، ثم أعار فرسه لآخر يريد دار الإسلام، ولكن قبل دخول دار الإسلام نفق الفرس - أي مات - فصاحب الفرس المعير سهم فارس في الغنائم كلّها؛ لأن موت الفرس في يد المستعير في دار الحرب كموته في يد المعير.
(1) شرح السير ص 1132 قواعد الفقه ص 140. المبسوط جـ 10 ص 89، جـ 11 ص 109.
لكن إذا نفق الفرس بعد وصول المستعير إلى دار الإسلام، فلا يستحقّ صاحب المعير إلا سهم راجل (1).
ومنها: إذا أعار المغازي فرسه في دار الحرب مسلماً ليخرج إلى دار الإسلام فيقضي حاجته ثم يردّه إليه، فلمّا دخل المستعير دار الإسلام لم يقدر على الرّجوع إلى دار الحرب فدفع الحصان إلى غيره ليبلغه صاحبه في دار الحرب. فإذا كان المدفوع له الحصان من بعض عيال المستعير فلا ضمان عليه ولا على الذي جاء به؛ لأنّ يد مّن في عياله كيده في الحفظ فكذلك في الرّدّ. وأمّا إذا لم يكن المدفوع إليه من عيال المستعير فالمعير راجل في كلّ ما أصيب بعد خروج الفرس إلى دار الإسلام إلى أن يعود إليه، فإذا نفق الفرس في يد الذي جاء به كان للمعير الخيار: إن شاء ضمَّن المستعير، ولا يرجع هو على أحد بشيء، وإن شاء ضمَّن الذي جاء به، ويرجع هو بما ضمن على المستعير؛ لأنّه بمنزلة الوديعة عنده. ويد المودَع كيد المودِع (2).
ومنها: إذا جاء قوم من دار الحرب مستأمنين - ومعهم متاع - وقالوا: لقينا قوماً من المسلمين - مستأمنين أو أسراء أو أسلموا في دار الحرب - فأودعونا هذا وأمرونا أن نخرجه إلى دار الإِسلام، وأقاموا البيّنة على ذلك - فما كان من وديعة أو عاريَّة للمستأمنين أو الذين أسلموا في دار الحرب - فلا سبيل لأهل العسكر عليهم؛ لأنّ يد المودع
(1) شرح السير ص 983.
(2)
شرح السير ص 992.
كيد المودع. وإن كان المتاع لأسير من المسلمين آمنه حين دفع ذلك إليهم فهو فيء؛ لأنّ أمان الأسير باطل.
ومنها: الوديعة في يد الأمين إذا تلفت في يده - بدون تعدّ منه أو تقصير - فذلك كتلفها في يد صاحبها، ويستوي في ذلك إن هلكت بما يمكن التّحرّز عنه أو بما لا يمكن التّحرّز عنه، والهلاك بما يمكن التّحرّز عنه بمعنى العيب في الحفظ. ولكن صفة السّلامة عن العيب إنّما تصير مستحقّاً في المعاوضة دون التّبرّع، والمودَع متبرّع.
ومنها: إذا ظهر المسلمون على دار الحرب وأسروا مستأمناً سابقاً له ودائع في دار الإِسلام فودائعه فيء؛ لأنّها تدخل تحت القهر، فلو كانت في يده حين سبي كان ذلك فيئاً، فكذلك إذا كانت في يد مودَعه. وعن أبي يوسف إنّما هي مملوكة للمودَعين؛ لأنّ أيديهم أسبق إليها حين سقطت عنها يد الحربي بالأسر. فصاروا محرزين لها دون الغانمين.