الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثّالثة والخمسون [الحكم - سبب الظّاهر - المعنى الخفي]
أولاً: لفظ ورود القاعدة
يدور الحكم مع السّبب الظّاهر وجوداً وعدماً، ويسقط اعتبار المعنى الخفي (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها
.
سبق مثل هذه القاعدة تحت الرّقم 32 بلفظ (يحال بالحكم).
فالحكم ينبني على سببه، ولكن السّبب قد يكون ظاهراً، وقد يكون خفيّاً، فالأصل أنّ الأحكام إنّما تبنى ويحال بها على الأسباب الظّاهريّة، وتدور معها وجوداً وعدماً دون الأسباب الخفيّة، فإذا وجد حكم وله سبب ظاهر وجودي أو عدمي فإنّ الحكم يبنى عليه وإذا قدِّر له سبب خفي فإنّ هذا السّبب الخفي لا يعتدّ به، ويسقط اعتباره؛ لأنّه لا يعرف ولا يتيقّن به.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إنسان صدمته سيّارة فقتلته، وكان مريضاً بالسّكّر أو غير من الأمراض المزمنة - فإنّما يحال بالموت على صدمة السّيّارة دون ذلك المرض. وإن كان هناك احتمال لموته بمرضه. ولكن احتمال موته بمرضه سبب خفي، فلا يبنى عليه حكم. وصدمة السّيّارة سبب ظاهر
(1) المبسوط جـ 6 ص 209.
فيبنى عليه الحكم.
ومنها: إذا قال رجل لامرأته: إن كنت تحبّين الموت أو العذاب فأنت طالق. فإذا قالت: أنا أحبّ ذلك فهي طالق - إذا قالت ذلك في مجلسها - وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله؛ لأنّ الطّلاق بُني على إخبارها بحبّها لذلك، حتى وإن كانت كاذبة؛ لأنّ الحبّ والبغض أمران قلبيّان لا يُطَّلع عليهما. وإخبارها سبب ظاهر لبناء الحكم عليه. وبخاصّة إذا ثبت بغضها للزّوج وكرهها له.
ومنها: فراش الزّوجية أو المملوكيّة سبب ظاهر إثبات نسب الولد من صاحب الفراش، دون الماء أو الوطء؛ لأنّهما أمران خفيّان. فإذا ولدت امرأة على فراش رجل وهما حرّان مسلمان، فادّعى الزّوج أنّه ابنه، وكذّبته المرأة، أو ادّعت الزّوجة أنّه ابنها وكذّبها الزّوج، وقال: هو من زوج سابق لك. وقالت المرأة: بل هو منك - وقد جاءت بالولد لستة أشهر منذ تزوّجها - فهو ابنه لظهور السّبب فيما بينهما وهو الفراش. وقد سبق قريباً هذا المثال.
ومنها: إقامة السّفر مقام حقيقة المشقّة في إثبات رخص السّفر.