الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة السّابعة والأربعون [الوجوب والرّكنيّة]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
الوجوب يثبت بخبر الواحد والرّكنيّة إنّما تثبت بما يوجب علم اليقين (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
سبق بيان أنّ الواجب - عند الحنفيّة - هو ما ثبت بدليل ظنّي فيه شبهة، والمراد بذلك خبر الواحد، ففي هذه القاعدة تصريح بذلك وهو أنّ الواجب لمّا كان أقلّ رتبة من الرّكن والفرض نظراً إلى دليله، فهو يثبت بالدّليل الظّنّي - أي خبر الآحاد - بخلاف الرّكن أو الفرض فإنّه لا يثبت إلا بما يوجب علم اليقين: وهو الآية الصّريحة والخبر المتواتر. وهو المراد بقولهم: (الفرض لا يثبت إلا بدليل قطعي لا شبهة فيه). ولذلك لم يثبت عند الحنفيّة فرضيّة أو ركنيّة أشياء اعتبرها غيرهم فروضاً أو أركاناً بناءً على هذا التّفريق بين الفرض والواجب كما سبق قريباً.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
قراءة القرآن في الصّلاة - على الإطلاق - متّفق على فرضيتها، فمن صلّى ولم يقرأ شيئاً في صلاته مع قدرته على ذلك فصلاته باطلة
(1) المبسوط جـ 4 ص 38.
باتّفاق.
لكن قراءة الفاتحة بخصوصها هل هي فرض في الصّلاة فمن لم يقرأ بها كانت صلاته باطلة، سواء أكان إماماً أم منفرداً أم مأموماً؟ خلاف. فعند الشّافعيّة قراءة الفاتحة بخصوصها فرض في كلّ صلاة لظاهر الأحاديث الواردة في ذلك. وعند الحنابلة هي ركن في حقّ الإِمام والمنفرد دون المأموم (1). وأمّا عند الحنفيّة فقراءة الفاتحة واجبة وليست فرضاً أو ركناً؛ لأنّه ثبتت قراءتها بخبر الآحاد. وخبر الآحاد لا يوجب القطع - أو علم اليقين - بل الظّنّ، ويوجب العمل دون العلم - أي اليقيني -.
ومنها: الطّهارة في الطّواف واجبة عند الحنفيّة، وليست شرطاً لصحّة الطّواف، كما هو رأي آخرين، بناء على أنّ الطّهارة في الطّواف لم يرد في إيجابها - أي فرضها أو شرطيتها - نصّ صريح، فالله عز وجل أمر بالطّواف مطلقاً بقوله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)} (2). والطّهارة إنّما ثبتت بقول الواحد الذي يوجب العمل دون العلم، والواجب يجبر بالدّم عند تركه، من حيث إنّ الدّم يقوم مقام الواجب في باب الحجّ.
(1) المقنع جـ 1 ص 166.
(2)
الآية 29 من سورة الحج.