الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يغتفر ولا يسامح في الابتداء.
ومفاد القاعدة الثانية: أنّه لا يغتفر ولا يتسامح في الابتداء ما قد يغتفر ويتسامح في الانتهاء والدّوام والاستمرار.
والاغتفار والتّسامح إنّما يكون لأسباب توجب ذلك.
ثالثاً: من أمثلة هاتين القاعدتين ومسائلهما:
الشّيوع في الهبة يمنع من صحّة الهبة ابتداءً؛ لأنّه يشترط في تمام الهبة القبض، والقبض في المشاع غير صحيح. لكن لو طرأ الشّيوع في القبض صحّت الهبة، وذلك كأن يهبه أرضاً أو داراً ثم يظهر مستحقّ لجزء منها.
ومنها: إذا جامع الصّائم فسد صومه. ولكن إذا كان مجامعاً وطلع عليه الفجر فنزع في الحال لم يفسد صومه.
ومنها: إذا أحرم وهو مجامع - في وجه ينعقد الإحرام صحيحاً، لكن لو استمرّ فسد نسكه وعليه البدنة، والقضاء، والمضي في فاسدة (1). وهذا المثال مفروض يتعذّر وجوده في الواقع. وفي هذا المثال اغتفر في الابتداء. لكن لو جامع وهو محرم فسد نسكه.
ومنها: نكاح الأمَةِ جائز عند الحاجة، لكن لو ملكها حَرُم عليه دوام النّكاح، ولهذا ينفسخ نكاحه؛ لأنّ ملك اليمين لا يجامع عقد النّكاح.
(1) أشباه السيوطي ص 186.
ومنها: إذا حضر القتال زَمِن - أي مريض مرضاً مزمناً - أو أعمى لم يسهم لهم، لكن لو حضر صحيحاً ثمّ عَرَض له ذلك في الحرب لم يبطل حقّه من السّهم في الأصحّ (1).
لكن أقول وبالله التّوفيق: إن كان هذا الزّمِن أو الأعمى له رأي ومكيدة في الحرب فيجب أن يسهم له؛ لأنّ الرّأي والمكيدة الصّائبة في الحرب تعمل ما لا يعمل المقاتل. وقديماً قيل:
الرّأي قبل شجاعة الشّجعان
…
هو أوّل وهي المحل الثاني.
ومنها: إذا اعترفت المرأة بأنّها معتدّة. فتمنع من الزّواج حتى تنتهي عدّتها - إذا كان العقد على غير الزّوج المطلق - وهذا في البينونة الصّغرى -. أمّا لو تزوجت ثم ادّعت أنّ عدّتها لم تنته فإنّه لا يلتفت إلى قولها، ويكون القول قول الزّوج.
ومنها: المعتدّة إذا عقد عليها بطل نكاحها، لكن لو طرأت عليها عدّهَ بعد النّكاح - كما لو وُطِئت بشبهة - أو اغتصبت - لا يبطل نكاحها.
ومنها: أنّ الزّوجة لا تملك حطّ المهر عن الزّوج في ابتداء العقد، فلو عقدت مع الزّوج النّكاح على أن لا مهر لها لم يصحّ الحطّ - وصحّ العقد - ووجب لها مهر المثل. لكن لو حطّت المهر عن الزّوج بعد العقد صحّ حطّها وبرئ الزّوج من المهر.
(1) المنثور جـ 3 ص 374.