الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرح الناس، فسيروا على اسم الله.
قال سلمة بن كهيل: فنزلني زيد بن وهب منزلا حتى قال: مررنا على قنطرة فلما التقينا، وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي فقال لهم: ألقوا الرماح، وسلوا سيوفكم من جفونها، فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء فرجعوا، فوحشوا برماحهم وسلوا السيوف، وشجرهم الناس برماحهم قال: وقتل بعضهم على بعض، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان فقال علي رضي الله عنه: التمسوا فيهم المخدج فالتمسوه، فلم يجدوه فقام علي رضي الله عنه بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض قال: أخروهم، فوجدوه مما يلي الأرض فكبر ثم قال: صدق الله وبلغ رسوله قال: فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين! الله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إي والله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف له.
صحيح: رواه مسلم في الزكاة (1066: 156) عن عبد بن حميد: حدثنا عبد الرزاق بن همام: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان: حدثنا سلمة بن كهيل حدثني زيد بن وهب الجهني .. فذكره.
28 - باب ما جاء في خلافة قريش
• عن محمد بن جبير بن مطعم أنه كان يحدث: أنه بلغ معاوية وهو عنده في وفد من قريش أن عبد الله بن عمرو يحدث أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب، فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا توثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولئك جهالكم فإياكم والأماني التي تضل أهلها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين".
صحيح: رواه البخاري في الأحكام (7139) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث .. فذكره.
لا خلاف بين أهل العلم من أهل السنة والجماعة أن الإمام الأعظم أقصد به الحاكم على جميع الأمصار الإسلامية - يشترط أن يكون قرشيا، ولكن النصوص الشرعية دلت على أن ذلك التقديم الواجب لهم في الإمامة مشروط بإقامتهم الدين وإطاعتهم الله ورسوله. فإن خالفوا أمر الله فغيرهم ممن يطيع الله تعالى، ويُنفذ أوامره ويُقيم حدوده أولى منه.
والشاهد على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أقاموا الدين". لأن لفظة: "ما" مصدرية ظرفية مقيدة لقوله: إن هذا الأمر في قريش، وتقرير المعنى إن هذا الأمر يكون في قريش مدة إقامتهم الدين. مفهومه: أنهم إن لم يقيموا الدين لم يكن فيهم.
وقد روي عن ابن مسعود قال: "بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في قريب من ثمانين رجلا من قريش ليس فيهم إلا قرشي لا والله ما رأيت صفحة وجوه رجال قط أحسن من وجوههم يومئذ فذكروا النساء، فتحدثوا فيهن، فتحدث معهم حتى أحببت أن يسكت قال ثم أتيته فتشهد ثم قال: "أما بعد يا معشر قريش فإنكم أهل هذا الأمر ما لم تعصوا الله، فإذا عصيتموه بعث إليكم من يلحاكم كما يلحى هذا القضيب" لقضيب في يده ثم لحا قضيبه، فإذا هو أبيض بصلد".
رواه أحمد (4380) عن يعقوب، حدثنا أبي، عن صالح قال ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن مسعود قال .. فذكره.
ورواه أبو يعلى (5024) من طريق مصعب بن عبد الله الزبيري، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح (وهو ابن كيسان)
…
فذكره. إلا أن فيه ثلاثين رجلا.
قال الحافظ في الفتح (13/ 116): "رجاله ثقات إلا أنه من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عم أبيه عبد الله بن مسعود ولم يدركه، وهذه رواية صالح بن كيسان عن عبيد الله. وخالفه حبيب بن أبي ثابت فرواه عن القاسم بن محمد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي مسعود الأنصاري ولفظه: "لا يزال هذا الأمر فيكم وأنتم ولاته" الحديث أخرجه أحمد (17069) وفي سماع عبيد الله من أبي مسعود نظر مبني على الخلاف في سنة وفاته.
قال: "وله شاهد من مرسل عطاء بن يسار أخرجه الشافعي وعنه البيهقي (8/ 144) بسند صحيح إلى عطاء ولفظه قال لقريش: "أنتم أولى الناس بهذا الأمر ما كنتم على الحق إلا أن تعدلوا عنه فتلحون كما تلحى هذه الجريدة" اهـ.
فلو جاء رجل من قريش وقال: إنه أحق بالإمامة من غيره وهو فاسق فلا نقبل إمامته. فمن شرط الإمامة عند الابتداء أن يكون عدلا. ولكن لو أن أحدًا تغلب على الناس بالقوة سواء كان قرشيا أو عبدا حبشيا كأن رأسه زبية كما جاء في الحديث وجبت طاعته، ففرق بين الاختيار وبين الاستيلاء على الناس بالقوة فنسمع ونطيع، ولا ننابذ إلا أن نرى كفرا بواحا لا تأويل له.
أما في غير الإمام الأعظم فلا أعرف أحدا اشترط فيه أن يكون قرشيا، بل الأمر موكول إلى من غلب، فتولى الحكم، واستب الأمن فهو الإمام، تجب بيعته وطاعته وتحرم منازعته ومعصيته.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: "الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا، ما اجتمعوا على إمام واحد،
ولا يعرفون أحدًا من العلماء ذكر أن شيئا من الأحكام، لا يصح إلا بالإمام الأعظم". الدرر السنية في الأجوبة النجدية (12/ 5).
وقال الشوكاني رحمه الله تعالى: "وأما بعد انتشار الإسلام واتساع رقعته وتباعد أطرافه فمعلوم أنه قد صار في كل قطر أو أقطار الولايةُ إلى إمام أو سلطان وفي القطر الآخر أو الأقطار كذلك ولا ينفذ لبعضهم أمر ولا نهي في قطر الأخر وأقطاره التي رجعت إلى ولايته فلا بأس بتعدد الأئمة والسلاطين ويجب الطاعة لكل واحد منهم بعد البيعة له، على أهل القطر الذي ينفذ فيه أوامره ونواهيه وكذلك صاحب القطر الآخر فإذا قام من ينازعه في القطر الذي قد ثبتت فيه ولايته وبايعه أهله كان الحكم فيه أن يقتل إذا لم يتب". السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (1/ 941).
ولذا لم نجد من زمن بعيد أن أحدًا من العلماء اعترض على حكم المغول والغزنويين، والمماليك والفاطميين والعثمانيين بأنهم ليسوا من قريش، بل أطاعوهم وجاهدوا معهم الكفار، وتولوا مناصب حساسة كالقضاء ونظارة الأوقاف وإدارة التعليم وغيرها.
وأما ما قيل: إن اشتراط القرشية في الإمام الأعظم يتضمن العصبية، وقد حارب الإسلام العصبية الجاهلية فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في فتاواه (9/ 429 - 430):"هذا لا يعني - أي النهي عن العصبية - عدم التفضيل بين الأجناس، فإن جمهور العلماء على أن جنس قريش خير من غيرهم ولكن تفضيل الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد، فإن في غير العرب خلقا كثيرا خيرا من أكثر العرب، وفي غير قريش من المهاجرين والأنصار خير من قريش وهذا في أحكام الدنيا، وأما أحكام الآخرة من الثواب والعقاب والكرامة عند الله فهذا لا يؤثر فيه النسب، وإنما مرده إلى التقوى والعمل الصالح فحسب" اهـ.
• عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الناس تبع لقريش في هذا الأمر، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والله لولا أن تبطر قريش لأخبرتها ما لخيارها عند الله عز وجل".
صحيح: رواه أحمد (16927)، وابن أبي شيبة (33054) كلاهما عن أبي نعيم الفضل بن دكين، حدثنا عبد الله بن مبشر مولى أم حبيبة، عن زيد بن أبي عتاب، عن معاوية .. فذكره. وعند ابن أبي شيبة: قام معاوية على المنبر فقال .. فذكره. وإسناده صحيح.
وقال الهيثمي في المجمع: (4/ 217): ورجاله ثقات".
• عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبعٌ لمسلمهم، وكافرهم تبعٌ لكافرهم.
متفق عليه: رواه البخاري في المناقب (3495)، ومسلم في الإمارة (1818) كلاهما من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا المغيرة الحزامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة .. فذكره.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لي على قريش حقا وإن لقريش عليكم حقا ما حكموا فعدلوا، وأتمنوا فأدوا، واسترحموا فرحموا، فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله".
صحيح: رواه أحمد (7653) عن عبد الرزاق - وهو في مصنفه (19902) واللفظ له - وصحّحه ابن حبان (4581) عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة .. فذكره.
ولم يذكر أحمد قوله: "فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله". وإسناده صحيح.
• عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان".
متفق عليه: رواه البخاري في الأحكام (7140)، ومسلم في الإمارة (1820) كلاهما عن أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا عاصم بن محمد بن زيد، سمعت أبي يقول: قال ابن عمر .. فذكره.
• عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الناس تبع لقريش في الخير والشر".
صحيح: رواه مسلم في الإمارة (1819) عن يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا روح، حدثنا ابن جريج، حدثني أبو الزبير، عن جابر قال .. فذكره.
• عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا" ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كلهم من قريش".
متفق عليه: رواه البخاري في الأحكام (722، 7223)، ومسلم في الإمارة (1821: 6) كلاهما من حديث عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة قال: فذكره. والسياق لمسلم.
ورواه مسلم في الإمارة (1821: 9) من طريق الشعبي، عن جابر بن سمرة بلفظ:"لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة".
ورواه أبو داود (4281) من طريق الأسود بن سعيد الهمداني عن جابر بن سمرة وزاد: فلما رجع إلى منزله أتته فريش فقالوا: ثم يكون ماذا؟ قال: "ثم يكون الهرج، إلا أن الأسود بن سعيد لم يوثقه غير ابن حبان، وقال ابن القطان: مجهول الحال. وقول الحافظ فيه: "صدوق" لا يتمشى مع قواعده. والهرج هو القتل.
• عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكتب إلي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول: "لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون
عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش".
وسمعته يقول: "عصيبة من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض بيت كسرى أو آل كسرىىى".
وسمعته يقول: "إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم".
وسمعته يقول: "إذا أعطى الله أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه وأهل بيته".
وسمعته يقول: "أنا الفرط على الحوض".
صحيح: رواه مسلم في الإمارة (1822: 10) من طريق حاتم بن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال .. فذكره.
• عن النعمان بن بشير قال: كنا قعودا في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بشير رجلا يكف حديثه، فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته، فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة" ثم سكت.
قال حبيب: فلما قام عمر بن عبد العزيز، وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته، فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه، فقلت له: إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين - يعني: عمر - بعد الملك العاض والجبرية فأدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز، فسر به، وأعجبه".
حسن: رواه أحمد (18406) عن سليمان بن داود الطيالسي حدثني داود بن إبراهيم الواسطي، حدثني حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل حبيب بن سالم فإنه حسن الحديث. إلا قوله: "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة". فهو شاذ والأحاديث الصحيحة ليس فيها ذكر الخلافة على منهاج النبوة بعد ذهاب الخلافة، وإتيان الملك.
• عن أبي برزة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأئمة من قريش إذا استرحموا رحموا، وإذا عاهدوا وفوا، وإذا حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين".
حسن: رواه أحمد (19777) عن سليمان بن داود - هو الطيالسي - حدثنا سكين، حدثنا سيار بن سلامة سمع أبا برزة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال .. فذكره.
ورواه أحمد (19805)، وأبو يعلى (3645) كلاهما من وجهين آخرين عن سكين بن عبد العزيز، عن سيار بن سلامة أبي المنهال الرياحي قال: دخلت مع أبي على أبي برزة الأسلمي وإن في أذني يومئذ لقرطين قال وإني لغلام قال فقال أبو برزة: إني أحمد الله أني أصبحت لائما لهذا الحي من قريش، فلان هاهنا يقاتل على الدنيا، وفلان هاهنا يقاتل على الدنيا - يعني عبد الملك بن مروان - قال: حتى ذكر ابن الأزرق قال: ثم قال: إن أحب الناس إلى لهذه العصابةُ الملبدة الخميصة بطونهم من أموال المسلمين والخفيفة ظهورهم من دمائهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأمراء من قريش، الأمراء من قريش، الأمراء من قريش، لي عليهم حق ولهم عليكم حق ما فعلوا ثلاثا: ما حكموا فعدلوا، واستُرحِموا فرحموا، وعاهدوا فوفوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
وإسناده حسن من أجل سكين بن عبد العزيز العبدي العطار البصري فإنه مختلف فيه وثّقه وكيع، وابن معين، والنسائي. وقال ابن خزيمة: لا أعرفه ولا أعرف أباه وقال في موضع آخر: "أنا بريء من عهدته، ومن عهدة أبيه".
قلت: وقد عرفه تلميذه ابن حبان كما عرفه من قبلهما ووثقوه أو ضعّفوه وقد يكون الضعف ممن روى عنه كما قال ابن عدي، وإلا فهو لا بأس به.
• عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأمراء من قريش ما عملوا فيكم بثلاث: ما رحموا إذا استُرحموا، وأقسطوا إذا قسموا، وعدَلوا إذا حكموا".
حسن: رواه الحاكم (4/ 501) واليهقي (8/ 144) كلاهما من حديث الصعق بن حزن، ثنا علي بن الحكم البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال .. فذكره.
هذا لفظ الحاكم وفي لفظ البيهقي: "الأمراء من قريش الأمراء من قريش الأمراء من قريش، ولي عليهم حق ولكم عليهم حق ما عملوا فيكم بثلاث" .. فذكر الحديث.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
وإسناده حسن من أجل الصعق بن حزن البكري ثم العيشي فإنه مختلف فيه، فضعّفه الدارقطني، ومشّاه الآخرون وهو حسن الحديث.
ولحديث أنس طرق أخرى:
منها: ما رواه أبو داود الطيالسي (2247)، وأبو يعلى (3644) والبزار (كشف الأستار 1578)، والبيهقي (8/ 144) كلهم من طرق عن إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم -
قال: "الأئمة من قريش، إذا حكموا عدلوا، وإذا عاهدوا وفوا، وإن استرحموا رحموا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منهم صرف ولا عدل".
وفيه انقطاع؛ فإن والد إبراهيم - وهو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري - لم يدرك أنسا.
قال ابن المديني: لم يلق سعد بن إبراهيم أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال البزار: لا نعلم أسند سعد عن أنس إلا هذا.
ومنها: ما رواه بكير بن وهب الجزري قال: قال لي أنس بن مالك: أحدثك حديثا ما أحدثه كل أحد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب البيت ونحن فيه فقال: "الأئمة من قريش، إن لهم عليكم حقا، ولكم عليهم حقا مثل ذلك ما إن استرحموا فرحموا، وإن عاهدوا وفوا، وإن حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
رواه أحمد (12307) عن محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سهل أبي الأسد قال: حدثني بكير بن وهب الجزري .. فذكره.
كذا قال شعبة: "علي أبو الأسد" وقال الأعمش ومسعر: "سهل أبو سعد" قال البيهقي (8/ 144): "الصحيح ما رواه الأعمش ومسعر وهو سهل القراري من بني قرار يكنى أبا أسد".
وفي الإسناد: بكير بن وهب الجزري قال الأزدي: ليس بالقوي. وذكره ابن حبان في ثقاته، والصحيح أنه مجهول.
وله أسانيد أخرى، وقد ذكرت أصحها، والخلاصة فيه أنه حديث حسن لمجيئه من طرق ليس فيها متهم.
• عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأئمة من قريش".
حسن: رواه الطبراني في الصغير (425)، والحاكم (4/ 75 - 76)، والبيهقي (8/ 143) كلهم من حديث فيض بن الفضل البجلي، حدثنا مسعر بن كدام، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد، عن علي بن أبي طالب .. فذكره. قال الطبراني:"لم يروه عن مسعر إلا فيض".
قلت: فيض بن الفضل هو البجلي كوفي أبو محمد روي عن جمع، وروى عنه أبو حاتم الرازي، وعباس بن محمد الدوري وغيرهما.
ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/ 88) وقال: سمعت أبي يقول: كتبت عنه سنة مائتين وأربع عشرة. وقال: روى عنه جماعة ذكرهم ومنهم أبوه فمثله لا بأس به في الشواهد.
وأما مسعر بن كدام فهو ثقة ثبت.
واعلم أن حديث "الأئمة من قريش" حديث متواتر يقول الحافظ ابن حجر في الفتح (7/ 32): "وقد جمعت طرقه عن نحو أربعين صحابيا لما بلغني أن بعض فضلاء العصر ذكر أنه لم يرو إلا
عن أبي بكر الصديق".
قلت: هو يقصد به ما روي في معناه كما في أحاديث الصحيحين التي ليس فيها التصريح، ولكن فيها تلميح ولذا لم يخرج أحد من الشيخين بلفظ:"الأئمة من قريش" لأنه ليس على شرطهما.
وأما ما روي عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: كان ناس من ربيعة عند عمرو بن العاص فقال رجل من بكر بن وائل: لتنتهين قريش أو ليجعلن الله هذا الأمر في جمهور من العرب غيرهم فقال عمرو بن العاص: كذبت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة".
فإسناده قوي غير أن قوله: "إلى يوم القيامة" غير محفوظ.
رواه الترمذي (2227)، وأحمد (17808) كلاهما من طريق شعبة، عن حبيب بن الزبير، قال: سمعت عبد الله بن أبي الهذيل قال .. فذكره. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب".
وكذلك لا يصح ما روي عن عتبة بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الخلافة في قريش، والحكم في الأنصار، والدعوة في الحبشة، والهجرة في المسلمين والمهاجرين بعد".
رواه أحمد (17654)، وابن أبي عاصم في السنة (1148)، والطبراني في الكبير (17/ 121) كلهم من طرق عن إسماعيل بن عياش، ثنا ضمضم بن زرعة - هو الحمصي - عن شريح بن عبيد، عن كثير بن مرة، عن عتبة بن عبد قال .. فذكره.
وفيه إسماعيل بن عياش روايته عن أهل بلده مستقيمة وهذه منها، ولكنه تفرد بهذا السياق من المتن ولم يتابع عليه كما أن في السند شيخه ضمضم بن زرعة مختلف فيه فضعفه أبو حاتم وغيره، ولعل هذه الرواية من أوهامه. والله أعلم.
وبمعناه روي أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الملك في قريش والقضاء في الأنصار، والأذان في الحبشة، والأمانة في الأزد يعني اليمن". إلا أنه مرسل.
رواه الترمذي (3936)، وابن أبي شيبة (33062)، وأحمد (8761) كلهم من حديث زيد بن حباب، ثنا معاوية بن صالح، ثنا أبو مريم الأنصاري، عن أبي هريرة قال .. فذكره مرفوعا.
وهذا لفظ الترمذي، وعند ابن أبي شيبة:"والسرعة في اليمن" بدل "والأمانة في الأزد". وعند أحمد الجمع بينهما: "والأذان في الحبشة، والسرعة في اليمن" وقال زيد مرة يحفظه: "والأمانة في الأزد" والحديث هكذا رواه زيد بن حباب مرفوعا من مسند أبي هريرة.
وخالفه عبد الرحمن بن مهدي: فرواه عن معاوية بن صالح، عن أبي مريم الأنصاري عن أبي هريرة نحوه ولم يرفعه. أخرج حديثه الترمذي (3936/ م) وقال:"هذا أصح من حديث زيد بن حباب".