الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي إسناده مالك بن أبي مريم لم يوثقه غير ابن حبان، وهو معروف بتساهله في توثيق المجاهيل؛ لذا ذكره الذهبي في الميزان، وقال: لا يعرف، وقال ابن حجر في التهذيب "لا يدري من هو؟ وقال في التقريب:"مقبول" يعني حيث يتابع وإلا فلين الحديث، ولم أجد من تابعه عليه.
وبمعناه ما روي عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تذهب الليالي والأيام حتى تشرب فيها طائفةٌ من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها.
رواه ابن ماجه (3384) عن العباس بن الوليد الدمشقي، ثنا عبد السلام بن عبد القدوس، ثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة الباهلي .. فذكره.
وفي إسناده عبد السلام بن عبد القدوس هو الكلاعي الدمشقي، ضعفه أبو حاتم وابن حبان وغيرهما. وفي الباب ما رواه الحاكم (4/ 174)، والبيهقي (8/ 194) كلاهما من طريق سعيد بن أبي هلال، عن محمد بن عبد الله أن أبا مسلم الخولاني حجّ فدخل على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت تسأله عن الشام وعن بردها، فجعل يخبرها فقالت: كيف يصبرون على بردها؟ قال يا أم المؤمنين إنهم يشربون شرابا لهم يقال: له الطلاء، قالت: صدق الله وبلّغ حبي صلى الله عليه وسلم سمعته يقول: "إن ناسا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها".
ورواه أبو يعلى (4390) من هذا الوجه بمثله وزاد قصة دخول النساء الحمامات. وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي بقوله:"كذا قال: "محمد" فمحمد مجهول، وإن كان ابن أخي الزهري فالسند منقطع".
9 - باب تفسير الخمر التي نزل تحريمها
• عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة، والعنبة".
صحيح: رواه مسلم في الأشربة (1985: 13) عن زهير بن حرب، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا الحجاج بن أبي عثمان، حدثني يحيى بن أبي كثير، أن أبا كثير حدثه، عن أبي هريرة .. فذكره.
قال البيهقي: إنما خرج هذا مخرج التأكيد لا تخصيص كما يقال: الشبع من اللحم، والدفء من الوبر، وليس فيه نفي الشبع من غير اللحم، ولا نفي الدفء من غير الوبر، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم تحريم سائر الأشربة المسكرة في أخبار صحيحة. انظر: المنة الكبرى (7/ 348).
وقوله: "النخلة والعنبة"، فيه حجة لأهل الكوفة بأن الخمر من هاتين الشجرتين وتحليل ما سواهما ما لم يقع الإسكار.
وذهب جمهور أهل العلم إلى تحريم كل ما يسمى خمرا، سواء في ذلك الفضيخ وهو البسر، ونبيذ التمر، والرطب، والزبيب، والشعير، والذرة، والعسل، وغيرها كما سيأتي ذكر بعضها.
• عن أنس قال: كنت قائما على الحي أسقيهم - عمومتي وأنا أصغرهم الفضيخَ، فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: أكفئْها فكفأتُها، قلت لأنس: ما شرابهم؟ قال: رُطب وبُسر.
فقال أبو بكر بن أنس: وكانت خمرهم، فلم ينكر أنس.
وحدثني بعض أصحابي: أنه سمع أنس بن مالك يقول: كانت خمرهم يومئذ".
متفق عليه: رواه البخاري في الأشربة (5583)، ومسلم في الأشربة (1980: 6) كلاهما من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: سمعت أنسا قال .. فذكره.
• عن أنس قال: حرمت علينا الخمر حين حرمت، وما نجد - يعني بالمدينة - خمر الأعناب إلا قليلا، وعامة خمرنا البسر والتمر.
متفق عليه: رواه البخاري في الأشربة (5580) من طريق يونس، عن ثابت البناني، عن أنس .. فذكره.
ورواه مسلم في الأشربة (1980: 3) من طريق حماد بن زيد، أخبرنا ثابت به، وفيه قصة تحريم الخمر، لكن جاء بلفظ:"وما شرابهم إلا الفضيخ: البسر والتمر"، ولم يذكر العنب.
وفي مسند أبي يعلى (4157) من وجه آخر بسند صحيح عن أنس في قصة تحريم الخمر وقال في آخره: "وشرابهم يومئذ البسر والتمر".
• عن أنس بن مالك قال: لقد أنزل الله الآية التي حرم الله فيها الخمر، وما بالمدينة شراب يشرب إلا من تمر.
صحيح: رواه مسلم في الأشربة (1982) عن محمد بن المثنى، ثنا أبو بكر الحنفي، ثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني أبي أنه سمع أنس بن مالك يقول .. فذكره.
• عن ابن عمر قال: لقد حُرّمت الخمر وما بالمدينة منها شيء.
صحيح: رواه البخاري في الأشربة (5579) عن الحسن بن صباح، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مغول، عن نافع، عن ابن عمر .. فذكره.
وقوله: "وما بالمدينة منها شيء" يعني العنب.
ورواه أيضا (4616) من وجه آخر عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قال: حدثني نافع، عن ابن عمر قال:"نزل تحريم الخمر، وإن في المدينة يومئذ لخمسة أشربة، ما فيها شراب العنب".
• عن ابن عمر قال: خطب عمر على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة أشياء، العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل، والخمر ما خامر العقل.
وثلاثٌ وددتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهدا: الجدُّ، والكلالةُ، وأبواب من أبواب الربا.
قال: قلتُ: يا أبا عمرو، فشيء يُصنع بالسّند من الأرز؟ قال: ذاك لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال: على عهد عمر.
وفي رواية: "الزبيب" مكان "العنب".
متفق عليه: رواه البخاري في الأشربة (5588)، ومسلم في التفسير (3032: 32) كلاهما من طريق أبي حيان التيمي، عن الشعبي، عن ابن عمر قال فذكره. والرواية الأخرى لهما أيضا.
• عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من العنب خمرًا، وإن من التمر خمرًا، وإن من العسل خمرًا، وإن من البر خمرًا، وإن من الشعير خمرًا".
حسن: رواه أبو داود (3676)، والترمذي (1872، 1873)، وأحمد (18350) كلهم من طرق عن إسرائيل، عن إبراهيم بن المهاجر، عن عامر الشعبي، عن النعمان بن بشير قال: فذكره.
وفيه إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي مختلف فيه غير أنه حسن الحديث وقد توبع أيضا.
فرواه أبو داود (3677)، وابن حبان (5398) كلاهما من طريق أبي حريز، أن عامرًا حدثه أن النعمان بن بشير خطب الناس بالكوفة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الخمر من العصير، والزبيب، والتمر، والحنطة، والذرة، وإني أنهاكم عن كل مسكر".
وأبو حريز اسمه عبد الله بن الحسين الأزدي أيضا مختلف فيه، وتابعهما أيضا السري بن إسماعيل الهمداني ابن عم الشعبي روى حديثه ابن ماجه (3379)، وأحمد (18407) والحاكم (4/ 148)، ولكن السري متروك.
ولذلك لما صحّحه الحاكم تعقبه الذهبي بقوله: "السري تركوه".
والحاصل أن الحديث بمجموع هذه الطرق يكون حسنا.
ويُجمع بين حديث عمر بن الخطاب الموقوف عليه، وبين حديث النعمان بن بشير بأن الشعبي سمع هكذا عن عمر، كما سمع عن النعمان بن بشير، فروي على الوجهين، ولا يحتاج إلى تخطئة أحد الحديثين.
وأما معنى الحديث فإن الخمر لا يكون إلا من هذه الأشياء الخمسة بأعيانها فقط، وإنما جرى ذكرها خصوصا لكونها معهودة في ذلك الزمان، فكل ما كان في معناه من ذرة، وسلت، وثمرة، وعصارة فحكمه حكمها، أفاده الخطابي.
• عن علي بن أبي طالب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن القَسيّ، وعن الميثرة، وعن الجعة.
حسن: رواه الترمذي (2808)، وأبو داود (4051)، والنسائي (8/ 165)، وابن ماجه (3654)، وابن أبي شيبة (8/ 110)، وأحمد (1102) كلهم من حديث أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن علي قال .. فذكره.
واللفظ للترمذي واختصر بعضهم.
وإسناده حسن من أحل هبيرة وهو ابن يريم مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو إسحاق هو السبيعي مدلس، ولكن رواه أيضا شعبة عند أبي داود وهو القائل: كفيتُكم تدليس أبي إسحاق.
وقوله: "الميثرة" - بكسر الميم وفتح المثلثة - وهو وطاء محشو يجعل فوق رحل البعير تحت الراكب، وهو دأب المتكبرين، ولكن إن قصد به استراحة الضعفاء فلا حرج في ذلك.
وقوله: "الجعة" بكسر الجيم وسكون العين هي النبيذ المتخذ من الشعير.
• عن معقل بن يسار قال: حرمت الخمر ونحن نشرب الفضيخ، فجعلتُ أهريقُها وأقول هذا آخر العهد بالخمر.
حسن: رواه أحمد في الأشربة (184) والطبراني في الكبير (20/ 218) كلاهما من طريق جامع بن مطر الحبطي، ثنا معاوية بن قرة، قال: قال معقل بن يسار .. فذكره. واللفظ للطبراني.
ولفظ أحمد: "فجعلنا نشربها ونقول: هذا آخر العهد بالخمر".
وإسناده حسن من أجل جامع بن مطر الحبطي البصري فإنه حسن الحديث.
وقوله: "الفضيخ" هو شراب يتخذ من البسر من غير أن تمسه النار.
• عن أبي عبد الله الجسري قال: سألت معقل بن يسار عن الشراب فقال: كنا بالمدينة، وكانت كثيرة التمر، فحرّم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضيخ.
وأتاه رجلٌ فسأله عن أم له عجوز كبيرة: أيسقيها النبيذ، فإنها لا تأكل الطعام؟ فنهاه معقل.
صحيح: رواه أحمد (20299)، والطبراني في الكبير (20/ 217، 224) كلاهما من طريق المثنى بن عوف، ثنا أبو عبد الله الجسري به .. فذكره. وليس عند الطبراني قصة الرجل مع أمه العجوز.
وإسناده صحيح، وأبو عبد الله الجسري اسمه حميري - بلفظ النسب - بن بشير، مشهور بكنيته.
• عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن ناسا من أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلمهم الصلاة والسنن والفرائض قالوا: يا رسول الله إن لنا شرابا نصنعه من القمح والشعير فقال: "الغبيراء؟ " قالوا: نعم قال: "لا تطعموه" فلما كان بعد يومين
ذكروهما له أيضا فقال: "الغبيراء؟ " قالوا: نعم قال: "لا تطعموه" فلما أرادوا أن ينطلقوا سألوه عنه فقال: "الغبيراء؟ " قالوا: نعم قال: "فلا تطعموه".
حسن: رواه ابن حبان (5367) عن ابن قتيبة، ثنا يزيد بن مَوْهب، ثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن أبا السمح حدثه، أن عمر بن الحكم حدثه، عن أم حبيبة .. فذكرته.
وإسناده حسن من أجل الكلام في أبي السمح واسمه دراج بن سمعان المصري، وهو مختلف فيه غير أنه يُضعّف في أبي الهيثم ويحسّن في غيره.
وابن قتيبة: هو محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني.
ويزيد بن موهب نُسب إلى جده الأعلى وهو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الهمداني الزاهد.
ورواه البيهقي (8/ 292) من وجه آخر عن ابن وهب، به مثله.
ورواه أحمد (27407)، وأبو يعلى (7147) والطبراني في الكبير (23/ 242، 246) من طريق ابن لهيعة، ثنا درّاج به بمثله، وزاد في آخره:"قالوا: فإنهم لا يدعونها" قال: "من لم يتركها، فاضربوا عنقه".
وهذه الزيادة شاذة أو منكرة تفرد بها ابن لهيعة وهو سيء الحفظ.
وقوله: "الغُبيراء": بضم الغين - وهو نوع من الخمر يتخذ من الذرة، وهي من خمر الحبشة.
قال مالك: سألت زيد بن أسلم عنه فقال: أسكركة، وفي لفظ هي: السكركة. الأشربة (10).
• عن ابن عباس قال: كانت خمرتنا يومئذ الفضيخ، وحُرمت يوم حُرمت وما هي إلا فضيخكم.
حسن: رواه الطبراني في الكير (11/ 351) عن موسى بن هارون، ثنا أحمد بن حنبل، ثنا يحيى بن سعيد، عن عثمان الشحّام، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عثمان الشحّام هو العدوي أبو سلمة البصري، فإنه لا بأس به كما في التقريب.
• عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: كان عبد الله يحلف بالله إن التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حُرمت الخمر أن تُكسر دنانُه، وأن تكفأ: لِمن التمر والزبيب.
صحيح: رواه الدارقطني (4652)، وأحمد بن منيع في مسنده - كما في المطالب العالية (1825) - من طريق حسين بن محمد، ثنا شيبان، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن عبد الله بن أبي الهذيل .. فذكره.
وإسناده صحيح. عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه. وشيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي البصري.
وحسين بن محمد هو المروزي.
وقوله: "دِنانه" جمع الدن وهو وعاء كبير.
قال أبو عبيد: "جاءت في الأشربة آثار كثيرة بأسماء مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكلٌّ له تفسير.
فأولها: الخمر وهي ما غلي من عصير العنب واشتد، فهذا ما لا خلاف في تحريمه بين المسلمين، وإنما الاختلاف في غيره.
ومنها: السكر وهو نقيع التمر الذي لم تمسه النار، أو هو النيئ من ماء الرطب إذا غلى واشتد، وقذف بالزبد. وفيه يروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال:"السكر خمر".
ومنها: البتع وهو نبيذ العسل.
ومنها: الجعة وهو نبيذ الشعير.
ومنها: المزر وهو من الذرة.
ومنها: الفضيخ وهو ما افتضخ من البسر من غير أن تمسه النار.
وقال: فإن كان مع البسر تمر، فهو الذي يسمى الخليطين، وكذلك إن كان زبيبا وتمرا فهو مثله.
ومن الأشربة: المنصف وهو أن يطبخ عصير العنب قبل أن يغلي حتى يذهب نصفه وقد بلغني أنه يسكر، فإن كان يسكر فهو حرام، وإن طبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه فهو الطلاء، وإنما سمي بذلك؛ لأنه شبه بطلاء الإبل في ثخنه وسواده، وبعض العرب يجعل الطلاء الخمر بعينها، يروى أن عبيد بن الأبرص قال في مثل له:
هي الخمر تكنى الطلاء كما الذئب يكنى أبا جعدة.
قال: وكذلك الباذق، وقد يسمى به الخمر، والمطبوخ، وهو الذي يروى فيه الحديث عن ابن عباس أنه سئل عن الباذق فقال:"سبق محمد الباذق وما أسكر فهو حرام". وإنما قال ابن عباس ذلك؛ لأن الباذق كلمة فارسية عربي فلم يعرفها. ثم قال: وهذه الأشربة المسماة عندي كلها كناية عن اسم الخمر، ولا أحسبها إلا داخلة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:"إن ناسا من أمتي يشربون الخمر باسم يسمونها به". قال: ومما يبينه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "الخمر ما خامر العقل". انظر: السنن الكبرى (8/ 295).
ومن الأشربة: نقيع الزبيب وهو اسم للنيئ من ماء الزبيب المنقوع في الماء حتى خرجت حلاوته من غير طبخ واشتد وقذف بالزبد.
ومنها: الجهوري وهو الطلاء الذي يلقى فيه الماء حتى يرق ويعود إلى المقدار الذي كان في الأصل، ثم طبخ بأدنى طبخة وصار مسكرا.
فالمسكر كله حرام من أي نوع كان، فإنه هو الخمر المحرمة في القرآن والسنة والإجماع، وهو