الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله، فكمّل به مائة، ثم سأل عن أهل الأرض فدُلَّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا. فإن بها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك؛ فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق فأتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط. فأتاهم ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم. فقال: قِيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى، فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضتْه ملائكةُ الرحمة".
متفق عليه: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (3470) ومسلم في التوبة (2766 - 46) كلاهما من طريق قتادة، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري .. فذكره، وهذا لفظ مسلم، وفي لفظ البخاري: "كان في بني إسرائيل
…
" وزيادة بعد قوله: "فأدركه الموت": "فناء بصدره نحوها" كما زاد قوله: "فأوحى الله إلى هذه أن تقربي، وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي" وقال:"فوجد إلى هذه أقرب بشبر فغفره له". وفي لفظ مسلم: "فكان إلى القرية الصالحة أقرب منها بشبر فجعل من أهله".
28 - باب في قصة رجل سقى كلبا فغُفر له
• عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يمشي بطريق إذ اشتد عليه العطشُ، فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلبٌ يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماءً، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب فشكر اللهُ له فغفر له". قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرًا؟ فقال:"في كل ذات كبد رطبة أجرٌ"
متفق عليه: رواه مالك في صفة النبي صلى الله عليه وسلم (23) عن سُمّي، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة .. فذكره. ورواه البخاري في المساقاة (2363) ومسلم في كتاب السلام (2244 - 153) كلاهما من طريق مالك بن أنس به.
29 - باب ما جاء أن زيد بن عمرو على دين إبراهيم الخليل
• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بَلْدح قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحيُ، فقُدّمتْ إلى النبي صلى الله عليه وسلم سفرة، فأبى أن
يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه، وأن زيد لي ن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله، إنكارًا لذلك وإعظامًا له.
صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (3826) عن محمد بن أبي بكر، ثنا فضيل بن سليمان، ثنا موسى، ثنا سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر .. فذكره.
وفي لفظ: "فقدّم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل منها، ثم قال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم".
رواه البخاري في الذبائح والصيد (5499) كلت وجه آخر عن موسى بن عقبة، أخبرني سالم أنه سمع عبد الله يحدث .. فذكره.
ويظهر من هذه الرواية أن السفرة كانت للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر عليه زيد! وليس الأمر كذلك، فإن السفرة كانت لقريش قدموها للنبي صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأكل منها، وقدّمها النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن عمرو بن نفيل فأبى أن يأكل منها، وقال مخاطبًا لقريش الذين قدّموها أولا: إنا لا نأكل .. الخ.
فالظاهر أن الراوي تصرف في بيان هذه القصة بخلاف الراوي الذي أتى به في الرواية الأولى على الوجه المطلوب الذي لا لبس فيه ولا إشكال.
وأما ما ذكره الخطابي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل مما يذبحون عليها للأصنام ويأكل عدا ذلك وإن كانوا لا يذكرون اسم الله عليه، لأن الشرع لم يكن نزل بعد، بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه إلا بعد المبعث بمدة طويلة.
فهذا مما يأباه شأن النبوة إذ كيف يُعقل أن يمتنع فيمن هو دونه زيد بن عمرو بن نفيل من أكله ويقول: "لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه" ويستسيغه النبي صلى الله عليه وسلم وهما في مجتمع واحد وعلى مائدة واحدة، بل الأولى والأحرى أن يبتعد عنه النبي صلى الله عليه وسلم قبل غيره.
قوله: "بأسفل بلدح" واد في غربي مكة، وهو واد واسع طويل يبدأ من نهاية حي الشهداء وينتهي بالحديبية (الشميسي).
• عن موسى: حدثني سالم بن عبد الله، ولا أعلمه إلا يُحدّث به عن ابن عمر: إن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالمًا من اليهود فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلِّي أن أدين دينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا، حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال زيد: ما أفرّ إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئًا أبدًا، وأنى أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه