الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
41 - كتاب الأشربة
1 - باب التدرج في تحريم الخمر
قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219]
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]
• عن علي بن أبي طالب أنه قال: أصبتُ شارفا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغنم يوم بدر، قال: وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا أخرى، فأنختهما يوما عند باب رجل من الأنصار، وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرًا لأبيعه ومعي صائغ من بني قينقاع، فأستعين به على وليمة فاطمة، وحمزة بن عبد المطلب يشرب في ذلك البيت، معه فيئة، فقالت: ألا يا حمزُ للشُّرف النواء.
فثار إليهما حمزة بالسيف، فجب أستمتهما، وبقر خواصرهما، ثم أخذ من أكبادهما.
قلت لابن شهاب: ومن السنام؟ قال: قد جَبَّ أسنمتهما فذهب بها، قال ابن شهاب: قال علي رضي الله عنه: فنظرتُ إلى منظرٍ أفظعني، فأتيتُ نبي الله صلى الله عليه وسلم، وعنده زيد بن حارثة، فأخبرتُه الخبر، فخرج ومعه زيد، فانطلقت معه، فدخل على حمزة، فتغيّظ عليه فرفع حمزة بصره، وقال: هل أنتم إلا عبيد لآبائي، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقهقر حتى خرج عنهم، وذلك قبل تحريم الخمر.
متفق عليه: رواه البخاري في المساقاة (2375)، ومسلم في الأشربة (1979: 1) كلاهما من طريق ابن جريج، حدثني ابن شهاب، عن علي بن حسين بن علي، عن أبيه حسين بن علي، عن علي بن أبي طالب فذكره.
ولفظهما سواء إلا أن مسلما لم يذكر قوله: "وذلك قبل التحريم".
• عن أبي سعيد الخدري قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالمدينة قال: "يا أيها الناس! إن الله تعالى يعرّضُ بالخمر، ولعل الله سينزل فيها أمرا، فمن كان عنده منها شيء، فليبعه ولينتفع به" قال: فما لبثنا إلا يسيرًا، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله
تعالي حرّم الخمر، فمن أدركته هذه الآية، وعنده منها شيء، فلا يشرب، ولا يبع".
قال: فاستقبل الناس بما كان عنده منها في طريق المدينة فسفكوها.
صحيح: رواه مسلم في المساقاة (1578: 67) عن عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى أبو همام، حدثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال .. فذكره.
• عن عمر بن الخطاب قال: لما نزل تحريم الخمر، قال عمر: اللَّهم بيّنْ لنا في الخمر بيانا شفاءً، فنزلت الآية التي في البقرة:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ} الآية.
• قال: فدُعِيَ عمرُ، فقرئت عليه قال: اللَّهم بيِّنْ لنا في الخمر بيانا شفاء فنزلت الآية التي في النساء: {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة، ينادي: ألا لا يقربن الصلاة سكران، فُدعيَ عمر فقرئت عليه، فقال: اللَّهم بيّنْ لنا في الخمر بيانا شفاء، فنزلت هذه الآية {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [سورة المائدة: 41] قال عمر: انتهينا.
صحيح: رواه أبو داود (3670)، والترمذي (3049)، والنسائي (5540)، وأحمد (378)، والحاكم (4/ 143)، والضياء المقدسي في المختارة (256) كلهم من طرق عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي إسحاق، عن أبي مرة عمرو بن شرحبيل، عن عمر فذكره.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد" وهو كما قال غير أنه اختلف في سماع أبي ميسرة من عمر، فأثبته البخاري وأبو حاتم ومسلم، وقال أبو زرعة: حديثه عن عمر مرسل. المراسيل لابن أبي حاتم (516).
والمثبت مقدم على النافي كما هو متقرر عند أهل العلم.
كما أعلّه بالإرسال أيضا الترمذي فقال عقب الحديث: "وقد روي عن إسرائيل هذا الحديث مرسلا"، ثم رواه من طريق وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، أن عمر بن الخطاب قال:"اللَّهم بيّن لنا في الخمر بيان شفاء" فذكره بنحوه.
قال: "وهذا أصح من حديث محمد بن يوسف" يعني قوله: عن "عمر بن الخطاب "وفيما قاله نظر؛ وذلك أن محمد بن يوسف لم يتفرد بقوله ذلك، بل تابعه عليه غير واحد، منهم: إسماعيل بن جعفر عند أبي داود، وعبيد الله بن موسى عند النسائي، وخلف بن الوليد عند أحمد، ويحيى بن أبي بكير عند الضياء وغيرهم.
ثم قد توبع إسرائيل أيضا عن قوله "عن عمر" فتابعه زكريا بن أبي زائدة، وسفيان الثوري فيما
ذكره الدارقطني في العلل سؤال (207) وأشار إلى بعض الخلاف فيه على أبي إسحاق، ثم قال:"والصواب قول من قال: عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عمر".
• عن علي بن أبي طالب أن رجلا من الأنصار دعاه، وعبد الرحمن بن عوف فسقاهما قبل أن تحرَّم الخمر، فأمهم عليٌّ في المغرب، وقرأ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} فخلط فيهما، فنزلت:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} .
صحيح: رواه أبو داود (3671)، والترمذي (3026)، والحاكم (2/ 207) كلهم من طريق عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب فذكره.
وإسناده صحيح، أبو عبد الرحمن السلمي مشهور بكنيته واسمه عبد الله بن حبيب بن رُبيّعة ثقة ثبت، وعطاء بن السائب وإن كان قد اختلط فيرويه عنه سفيان الثوري، وسماعه منه قديما قبل اختلاطه، وقد صحّح يحيى القطان، وأحمد وغيرهما رواية عطاء بن السائب إذا روى عنه سفيان وشعبة، ولذلك صحّحه الترمذي والحاكم.
وأما ما روي عن أبي هريرة، قال: حرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله عنهما، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219] إلى آخر الآية، فقال الناس: ما حرم علينا، إنما قال:{فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} وكانوا يشربون الخمر.
حتى إذا كان يوم من الأيام، صلى رجل من المهاجرين، أم أصحابه في المغرب، خلط في قراءته، فأنزل الله فيها آية أغلظ منها:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]، وكان الناس يشربون حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مفيق.
ثم نزلت آية أغلظ من ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]، فقالوا: انتهينا ربنا، فقال الناس: يا رسول الله، ناس قتلوا في سبيل الله، وماتوا على فرشهم كانوا يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان؟ ! فأنزل الله:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: 93] إلى آخر الآية.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو حرمت عليهم لتركوها كما تركتم". فهو ضعيف.
رواه أحمد (8620) عن سُريج - يعني ابن النعمان - حدثنا أبو معشر، عن أبي وهب مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل أبي معشر وهو نجيح السندي فإنه ضعيف باتفاق أهل العلم، ومن أجل شيخه أبي وهب فإنه مجهول لا يعرف كما في "التعجيل".