الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع ما جاء في الشهداء وأحكام الشهادة
1 - باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى
• عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده، لا يُكْلم أحدٌ في سبيل الله - والله أعلم بمن يُكلم في سبيله - إِلَّا جاء يوم القيامة، وجُرحه يثعبُ دما، اللونُ لونُ الدم، والريحُ ريحُ المسك".
متفق عليه: رواه مالك في الجهاد (29) عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة .. فذكره. ورواه البخاريّ في الجهاد والسير (2803) من طريق مالك، به مثله.
ورواه مسلم في الإمارة (1876: 105) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزّناد به، مثله.
• عن أبي هريرة قال: سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثمّ أحيا ثمّ أقتل ثمّ أحيا، ثمّ أقتل ثمّ أحيا، ثمّ أقتل".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (2797) من طريق الزّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره. ورواه مسلم في الإمارة (1876) من وجوه أخرى عن أبي هريرة.
• عن أنس بن مالك، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما أحد يدخل الجنّة يحب أن يرجع إلى الدُّنيا وله ما على الأرض من شيء إِلَّا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدُّنيا فيقتل عشر مرات؛ لما يرى من الكرامة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (2817)، ومسلم في الإمارة (1877: 109) كلاهما عن محمد بن بشار - وزاد مسلم: محمد بن المثنى - ثنا محمد بن جعفر غُندر، ثنا شعبة، قال: سمعت قتادة قال: سمعت أنس بن مالك. فذكره.
• عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بالرجل من أهل الجنّة فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم كيف وجدت منزلك؟ فيقول: أي ربّ خير منزل فيقول: سَلْ وتمنَّ، فيقول: أسألك أن تردني إلى الدُّنيا فأقتل في سبيلك عشر مرات لما يرى من فضل الشهادة".
صحيح: رواه النسائيّ (3160)، وأحمد (12342)، والحاكم (2/ 75) من طرق عن حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس فذكره .. وإسناده صحيح.
وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم".
• عن ابن أبي عميرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من الناس من نفس مسلمة يقبضها ربها تحب أن ترجع إليكم وأن لها الدُّنيا وما فيها غير الشهيد".
قال ابن أبي عميرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولأن أقتل في سبيل الله أحب إلي من أن يكون لي أهل الوبر والمدر".
حسن: رواه النسائيّ (3153)، وأحمد (17894) من طريقين عن بقية، حَدَّثَنِي بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن ابن أبي عميرة .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل بقية بن الوليد فإنه حسن الحديث إذا صرَّح بالتحديث. وابن أبي عميرة اسمه عبد الرحمن وقد اختلف في صحبته والأرجح أن له صحبة.
• عن عبادة بن الصَّامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما على الأرض من نفس تموت ولها عند الله خير، تحب أن ترجع إليكم، ولها الدُّنيا إِلَّا القتيل فإنه يحب أن يرجع، فيقتل مرة أخرى".
حسن: رواه النسائيّ (3159) من طريق محمد بن عيسى بن القاسم بن سُميع، حَدَّثَنَا زيد بن واقد، عن كثير بن مرة، عن عبادة بن الصَّامت .. فذكره.
ورواه الطبرانيّ في الأوسط (401) من طريق الهيثم بن حمجد، عن زيد بن واقد، عن سليمان بن موسى، عن كثير به. فزاد بين زيد بن واقد وبين كثير بن مرة: سليمان بن موسى. فكأنه وقع سقط في إسناد النسائيّ. والله أعلم.
ورواه أحمد (22710) من طريق ابن جريج قال: وقال سليمان بن موسى أيضًا: حَدَّثَنَا كثير بن مرة به.
وإسناده حسن من أجل سليمان بن موسى - وهو الأشدق - فإنه حسن الحديث.
• عن سمرة، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"رأيت اللية رجلين أتياني فصعدا بي الشجرة، فأدخلاني دارا هي أحسنُ وأفضلُ، لم أرَ قطُّ أحسن منها قالا: أما هذه الدار فدار الشهداءُ".
صحيح: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (2791)، عن موسى، حَدَّثَنَا جرير، حَدَّثَنَا أبو رجاء، عن سمرة. فذكره.
• عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنّة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثمّ يتوب الله على القاتل فيقاتل فيستشهد".
متفق عليه: رواه مالك في الجهاد (28) عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة .. فذكره. ورواه البخاريّ في الجهاد والسير (2826) من طريق مالك، به.
ورواه مسلم في الإمارة (1890: 128) من طريق سفيان، عن أبي الزّناد به، نحوه.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يجد الشهيد من مسّ القتل إِلَّا كما يجد أحدكم من مسّ القرصة".
حسن: رواه الترمذيّ (1668)، والنسائي (3161)، وابن ماجة (2802)، وأحمد (7953)، وصحّحه ابن حبَّان (4655) كلّهم من طريق محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، (هو السمان)، عن أبي هريرة .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عجلان، فإنه حسن الحديث.
وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وقوله: "القرصة" بفتح القاف وسكون الراء من القرص، قال في القاموس: القرص أخذك لحم إنسان بأصبعيك حتَّى تولمه، ولسع البراغيث.
• عن أبي أمامة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين: قطرة من دموع في خشية الله، وقطرة دم تهراق في سبيل الله، وأمّا الأثران: فأثر في سبيل الله، وأثر في فريضة من فرائض الله".
حسن: رواه الترمذيّ (1669)، وابن أبي عاصم في الجهاد (108) من طريق يزيد بن هارون، حَدَّثَنَا الوليد بن جميل، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل القاسم أبي عبد الرحمن فإنه حسن الحديث، ومن أجل الوليد بن جميل الفلسطيني قال ابن المديني: تُشبه أحاديثه أحاديث القاسم أبي عبد الرحمن، ورضيه. وقال البخاريّ: مقارب الحديث. وقال أبو داود: ليس به بأس.
وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن غريب.
• عن معاذ بن جبل أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قاتل في سبيل الله عز وجل من رجل مسلم فواق ناقة وجبتْ له الجنّة. ومن سأل الله القتل من عند نفسه صادقا ثمّ مات أو قتل فله أجر شهيد. ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها كالزعفران وريحها كالمسك. ومن جرح جرحا في سبيل الله، فعليه طابع الشهداء".
حسن: رواه النسائيّ (3141)، والبيهقي (9/ 170) من طريق حجَّاج بن محمد (وهو المصيصي) - والترمذي (1654، 1657) مفرقا، وأحمد (22116)، والحاكم (2/ 77) مختصرًا
من طريق روح بن عبادة - وابن ماجة (2792) مختصرًا من طريق الضَّحَّاك بن مخلد - وأحمد (22014، 22116) من طريق عبد الرزّاق - (وهو في مصنفه 9534)، ومحمد بن بكر - خمستُهم عن ابن جريج قال: حَدَّثَنَا سليمان بن موسى قال: حَدَّثَنَا مالك بن يخاير أن معاذ بن جبل حدثهم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره، والسياق للنسائي.
وإسناده حسن من أجل سليمان بن موسى - وهو الأشدق - فإنه حسن الحديث، وقد ثبت سماعه من مالك بن يخامر كما في رواية الجماعة.
وقال الترمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".
وخالف هولاء الجماعة أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاريّ، فرواه عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن عبد الله بن مالك بن يخامر، عن أبيه، عن معاذ.
أخرج روايته ابن حبَّان (3185)، والبيهقي (9/ 170) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي عنه به مختصرًا.
وقال الدَّارقطنيّ: "تفرّد به أبو إسحاق الفزاريّ، فإن كان حفظ، فقد أغرب به، لا أعلم حدّث به عن أبي إسحاق كذلك غير محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي" اهـ علل الدَّارقطنيّ (6/ 53).
قلت: الأنطاكي هذا ذكره ابن حبَّان في ثقاته (9/ 87) وقال: ربما أخطأ.
وقال الخطيب في تاريخه (2/ 310): ثقة.
ورواية الجماعة أولى بالصواب، ولا سيما أن جميعهم أثبتوا سماع سليمان بن موسى من مالك بن يخامر.
وفيه ردٌّ على من زعم أن في الإسناد انقطاعا. والله أعلم.
ورواه أبو داود (2541) من طريق بقية بن الوليد، عن ابن ثوبان، عن أبيه، يرد إلى مكحول، إلى مالك بن يخامر أن معاذ بن جبل حدثهم فذكر نحوه.
وخالف بقية زيد بن يحيى بن عبيد فرواه عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن كثير بن مرة، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل. زاد فيه كثير بن مرة.
روايته عند أحمد (22110)، وابن حبَّان (3191، 4618).
والصواب أن القول قول زيد بن يحيى؛ فإنه أحفظ من بقية، وبقية موصوف بالتدليس أيضًا وقد عنعن.
وهذا إسناد حسن من أجل ابن ثوبان - وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان - فإنه مختلف فيه، غير أنه حسن الحديث. وللحديت طرق أخرى، وما ذكرتها أصحها.
• عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنّة ويجار من عذاب القبر، ويأمن
من الفزع الأكبر، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه".
حسن: رواه ابن ماجة (2799) عن هشام بن عمار، ثنا إسماعيل بن عَيَّاش، حدتني بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معد يكرب .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل إسماعيل بن عَيَّاش فإنه حسن الحديث إذا روى عن أهل بلده الشاميين، وبحير بن سعد حمصي ثقة.
وتقدم الكلام عليه في كتاب الجنائز، باب ما جاء أن الشهيد لا يفتتن في قبره.
• عن قيس الجذامي رجل كانت له صحبة قال: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "يعطى الشهيد ست خصال: عند أول قطرة من دمه يكفر عنه كل خطيئة، ويرى مقعده من الجنّة، ويزوج من الحور العين، ويؤمن من الفزع الأكبر، ومن عذاب القبر، ويحلى حلة الايمان".
حسن: رواه أحمد (17883) عن زيد بن يحيى الدّمشقيّ قال: حَدَّثَنَا ابن ثوبان عن أبيه، عن مكحول، عن كثير بن مرة، عن قيس الجذامي .. فذكره.
وإسناده حسن وهو مخرج في كتاب الجنائز.
• عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن رجلًا قال: يا رسول الله، ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إِلَّا الشهيد؟ قال:"كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة".
صحيح: رواه النسائيّ (2053) عن إبراهيم بن الحسن قال: حَدَّثَنَا حجَّاج عن ليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، أن صفوان بن عمرو حدَّثه عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم .. فذكره. وإسناده صحيح وهو مخرج في الجنائز.
• عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشهداء على بارق نهر بباب الجنّة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنّة بكرة وعشيا".
حسن: رواه أحمد (2390)، وابن أبي عاصم في الجهاد (199)، وصحّحه ابن حبَّان (4658)، والحاكم (2/ 74) كلّهم من طرق عن ابن إسحاق قال: حَدَّثَنِي الحارث بن فضيل الأنصاريّ، عن محمود بن لبيد الأنصاريّ، عن ابن عباس .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
وقال ابن كثير في تفسيره (2/ 164): "هو إسناد جيد".
وأمّا الحاكم فقال: "حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم".
• عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهاد عند الله يوم القيامة الذين يلتقون في الصف فلا يلفتون وجوههم حتَّى يقتلوا، أولئك يتلبطون في
الغرف العلى من الجنّة، ينظر إليهم ربَّك، إن ربَّك إذا ضحك إلى قوم فلا حساب عليهم".
حسن: رواه الطبرانيّ في الأوسط (2684 - مجمع البحرين) عن عليّ بن سعيد حَدَّثَنَا سعيد بن يحيى بن سعيد الأمويّ، حَدَّثَنَا عمي عنبسة بن سعيد، حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك، عن الأوزاعيّ، عن عروة بن رويم، عن قزعة بن يحيى، عن أبي سعيد الخدريّ. فذكره. وإسناده حسن من أجل عليّ بن سعيد وهو الرازي وعروة بن رويم فإنهما حسنا الحديث.
وقال المنذري في الترغيب (2152): "رواه الطبرانيّ بإسناد حسن".
• عن نعيم بن همّار أنّ رجلًا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الشّهداء أفضل؟ قال: "الذين إن يُلْقَوا في الصّف لا يلفتون وجوهَهُم حتَّى يُقْتَلوا، أو يَتَلَبَّطُون في الغرف العُلى من الجنّة، ويضحك إليهم ربُّك، وإذا ضحك ربُّك إلى عبد في الدُّنيا فلا حساب عليه".
حسن: رواه الإمام أحمد (22476)، وأبو يعلى (6855)، وابن أبي عاصم في الجهاد (228)، والبيهقي في الأسماء والصفات (986)، والآجريّ في الشّريعة (650) كلّهم من طرق عن إسماعيل بن عَيَّاش، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن نعيم بن همّار .. فذكره.
وإسماعيل بن عَيَّاش صدوق في روايته عن الشّاميين من أهل بلده، وهذا منها.
والكلام عليه مبسوط في كتاب الإيمان.
• عن أبي الدّرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُشفّع الشهيد في سبيعن من أهل بيته".
حسن: رواه أبو داود (2522) عن أحمد بن صالح المصريّ، حَدَّثَنَا يحيى بن حسان، حَدَّثَنَا الوليد بن رباح الذماريّ، حَدَّثَنِي عمي نمران بن عتبة الذَّماريّ قال: دخلنا على أم الدّرداء ونحن أيتام فقالت: أبشروا فإني سمعت أبا الدّرداء يقول .. فذكره. ثمّ قال أبو داود: صوابه: "رباح بن الوليد".
وإسناده حسن من أجل نمران بن عتبة ذكره ابن حبَّان في الثّقات، وأخرج له في صحيحه (4660)، وهو من شيوخ حريز بن عثمان، وشيوخه كلّهم ثقات.
وفي الباب عن عمر بن الخطّاب يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الشهداء أربعة: رجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو فصدق الله حتَّى قتل فذلك الذي يرفع الناس إليه أعينهم يوم القيامة هكذا" ورفع رأسه حتَّى وقعت قلنسوته، قال: فما أدري أقلنسوة عمر أراد أم قلنسوة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "ورجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو فكأنما ضرب جلده بشوك طلح من الجبن أتاه سهم غرب فقتله فهو في الدرجة الثانية. ورجل مؤمن خلط عملًا صالحًا وآخر سيئا لقي العدو فصدق الله حتَّى قتل فذلك في الدرجة الثالثة. ورجل مؤمن أسرف على نفسه لقي العدو فصدق الله حتَّى قتل فذلك في الدرجة الرابعة".
رواه الترمذيّ (1644)، وأحمد (146، 150) من طرق عن ابن لهيعة، عن عطاء بن دينار،
عن أبي يزيد الخولانيّ، أنه سمع فضالة بن عبيد يقول: سمعت عمر بن الخطّاب يقول فذكره.
وفي إسناده أبو يزيد الخولاني - وهو المصري الكبير - لم يُذكر في ترجمته فيمن روى عنه غير عطاء بن دينار، وقال الذّهبيّ: لا يعرف. وقال ابن حجر: مجهول.
وفيه أيضًا ابن لهيعة، وفيه كلام معروف لكن روى عنه هذا الحديث عبد الله بن المبارك في الجهاد (126)، وعبد الله بن وهب كما في علل ابن أبي حاتم (1/ 346)، وعبد الله بن يزيد المقرئ أبو عبد الرحمن كما عند أبي يعلى (252)، ورواية العبادلة عن ابن لهيعة مقبولة.
وقال الترمذيّ: "حسن غريب، لا نعرفه إِلَّا من حديث عطاء بن دينار" اهـ.
وقال في العلل الكبير (2/ 709): "سألت محمدًا هل روى هذا الحديث غير ابن لهيعة؟ قال: نعم رواه سعيد بن أبي أيوب عن عطاء بن دينار إِلَّا أنه يقول: عن أشياخ من خولان، ولا يقول فيه: عن أبي يزيد. فقلت له: أبو يزيد الخولاني ما اسمه؟ فلم يعرف اسمه". اهـ
وقوله: "طلح" شجرة من شجر العضاه ترعاه الإبل.
وقوله: "سهم غرب" أي لا يعرف راميه.
وأما ما رُوي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: ذكر الشهداء عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تجف الأرض من دم الشهيد حتَّى تبتدره زوجتاه، كأنما ظئران أضلتا فصيليهما في بَراحٍ من الأرض، وفي يد كل واحدة منهما حلة خير من الدُّنيا وما فيها". فإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة (2798)، وأحمد (7955، 9520) من طريق ابن عون (وهو عبد الله)، عن هلال بن أبي زينب، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة .. فذكره.
وفي إسناده شهر بن حوشب، وفيه كلام معروف، وهو حسن الحديث عنديّ، لكن أنكر عليه هذا الحديث، فقد كان ابن عون - وهو راوي هذا الحديث - يضعفه بشهر فقد ذكر ابن عدي في الكامل (4/ 1355) عن عمرو بن عليّ (الفلاس) قال: سمعت معاذ بن معاذ يقول: سألت ابن عون عن حديث هلال بن أبي زينب .. وذكر الحديث المذكور فقال: ما تصنع بشهر؟ إن شعبة قد ترك شهرًا.
ثمّ في حديثه هذا نكارة واضحة فإن هذا المعنى لم يذكر في أثر آخر مع كثرته في فضل الشهيد والشهادة.
وأمّا هلال بن أبي زينب فلم يرو عنه إِلَّا ابن عون ولم يذكر المزي توثيق أحد من الأئمة ولذا قال ابن حجر "مجهول" ولكن وجد في رواية الدوري (4032) أن ابن معين قال: ثقة يرُوي عنه ابن عون فقط.
ثمّ اختلف في رفعه ووقفه على هلال إِلَّا أن الدَّارقطنيّ في العلل (11/ 30) صوّب الرفع، ورجَّح غيره الوقف.
وقوله: "أضلّتا فصيليْهما" أي غيّبتا رضيعيهما.