الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إن الحديث قد اختلف في رفعه ووقفه فكان يحيى بن سعيد أحيانا يرفعه، وأحيانا يُوقفه. قال محمد بن بشار: كان يحيى إذا حدّث به على رؤوس الملأ لا يرفعه، وإذا حدث به في خلوته وخاصته رفعه.
وقد ساق الدارقطني في العلل (12/ 415) الاختلاف على ثور بن يزيد، وعلى يحيى بن سعيد القطان وجزم بأن الموقوف هو الصواب.
5 - باب فضل الحراسة في سبيل الله
• عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش. طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع".
صحيح: رواه البخاري في الجهاد والسير (2887) عن عمرو (هو أبن مرزوق)، أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة .. فذكره.
وقوله: "إذا شيك فلا انتقش" أي إذا أصابته الشوكة فلا وجد من يخرج منها بالمنقاش.
• عن ابن عباس قال: سمحت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت لحرس في سبيل الله".
حسن: رواه الترمذي (1639)، وابن أبي عاصم في الجهاد (146) من طريق شعيب بن رزيق أبو شيبة قال: حدثنا عطاء الخراساني، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس .. فذكره.
وقال الترمذي: "حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث شعيب بن رزيق".
قلت: وهو كما قال: فإن شعيب بن رزيق وعطاء الخراساني مختلف فيهما غير أنهما حسنا الحديث، وقد حسّنه أيضا الحافظ ابن حجر في الفتح (6/ 83).
• عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عينان لا تمسهما النار: عين باتت تكلأ المسلمين في سبيل الله، وعين بكت في خلاء من خشية الله".
حسن: رواه أبو يعلى (4346) - ومن طريقه الضياء في المختارة (2198)، وابن أبي عاصم في الجهاد (147) كلاهما عن عمرو بن الضحاك بن مخلد، حدثنا أبي الضحاك بن مخلد، أخبرنا شبيب بن بشر، عن أنس بن مالك، .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل شبيب بن بشر فإنه حسن الحديث.
وفي الباب عن أبي ريحانة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأتينا ذات ليلة إلى شرف،
فبتنا عليه، فأصابنا برد شديد، حتى رأيت من يحفر في الأرض حفرة يدخل فيها، يلقي عليه الحجفة يعني الترس، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس، نادى:"من يحرسنا في هذه الليلة؟ ، وأدعو له بدعاء يكون فيه فضل" فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فقال:"ادنه" فدنا فقال: "من أنت؟ " فتسمى له الأنصاري، ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء، فأكثر منه قال أبو ريحانة: فلما سمعت ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: "أنا رجل آخر"، فقال:"ادنه" فدنوت فقال: "من أنت؟ " قال: فقلت: أنا أبو ريحانة فدعا بدعاء هو دون ما دعا للأنصاري ثم قال: "حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله، وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله" وقال: "حرمت النار على عين أخرى ثالثة" لم يسمعها محمد بن سمير".
رواه أحمد (17213) - والسياق له - والنسائي (3117)، وصحّحه الحاكم (2/ 83)، وعنه البيهقي (9/ 149) من طرق عن عبد الرحمن بن شريح، عن محمد بن سُمير الرعيني، عن أبي علي الجنبي - وقيل: التجيبي - عن أبي ريحانة .. فذكره. ورواية النسائي مختصرة جدًّا. وزاد الحاكم والبيهقي: قال أبو شريح - وهو عبد الرحمن بن شريح - وسمعت بعد أنه قال: "حرمت النار على عين رغضت عن محارم الله، أو عين فُقئت في سبيل الله".
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
قلت: في إسناده محمد بن سُمير ويقال: شمير بالشين المعجمة لم يرو عنه سوى عبد الرحمن بن شريح كما قال الذهبي في الميزان (3/ 580 - 581)، ولم يوثقه أحد إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته (7/ 398) ولذا قال الحافظ في التقريب:"مقبول" أي عند المتابعة ولم أجد له متابعا. وأبو علي الجنبي هو عمرو بن مالك الهمداني ثقة.
وأما ما روي عن عقبة بن عامر الجهني مرفوعا: "رحم الله حارس الحرس". فضعيف. رواه ابن ماجه (2769)، والدارمي (2445) كلاهما من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن محمد بن زائدة، عن عمر بن عبد العزيز، عن عقبة بن عامر الجهني .. فذكره.
قال الدارمي عقبه: عمر بن عبد العزيز لم يلق عقبة بن عامر.
وقال البوصيري: "هذا إسناد ضعيف"، صالح بن محمد ضعفه ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن عدي، وغيرهم". مصباح الزجاجة (3/ 157).
ورواه الحاكم (2/ 86) من طريق محمد بن صالح بن قيس الأزرق، عن صالح بن محمد بن زائدة، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبيه، عن عقبة بن عامر .. فذكره. وقال: صحيح الإسناد.
قلت: فيه صالح بن محمد بن زائدة، وهو ضعيف كما تقدم، ثم إن العقيلي ذكر في ترجمة يحيى بن راشد السماك الاختلاف في إسناده، وقال بأولوية رواية من روى بدون ذكر أبيه بين عمر بن عبد العزيز وعقبة بن عامر، وذكر ابن حجر في ترجمة قيس بن الحارث من بني تميم من