الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والدراوردي في حفظه شيءٌ، وقد خالفه ابن نمير عند مسلم (2/ 904)، وهشيم عند الطحاوي (2/ 197) فوقفاه وهما أحفظ منه وأثبت.
لكن أخرجه مسلم (2/ 903، 904) من طرقٍ عن نافع عن ابن عمر أنّه طاف بالبيتِ وبالصفا والمروةِ ولم يزد على ذلك، ولم ينحرْ ولم يحلق ولم يقصّر ولم يحلل من شيءٍ حَرُمَ منه حتى كان يوم النّحر فنحر وحلَق، ورأى أنّه قد قضى طواف الحجِّ والعمرة بطوافه الأوّل. وقال ابن عمر: كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
25 - باب: ثواب الوقوف بعرفة
645 -
أخبرنا أبو علي أحمد بن عبد الله بن عمر بن حفص البغدادي قراءةً عليه: نا أبو شُعيب عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شُعيب الحرّاني: نا خالد بن يزيد العُمَري: نا عبد العزيز بن أبي روّاد عن نافع.
عن ابن عمر أنّ النَبي صلى الله عليه وسلم قال لبِلالٍ عشيّةَ عرفةَ: "نادِ في النَّاس أن أنصِتوا". فنادى في الناسِ أنْ أنصِتوا واسمعوا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن اللهَ تبارك وتعالى قد نظرَ إليكم في جَمْعِكم هذا فوهب مُسيئَكم لمحسِنكم، وأعطى محسِنَكم ما سأل، فادفعوا على بركةِ الله".
وقال: "إن اللهَ (1) باهى ملائكتَه بأهلِ عرفة عامّةً، وباهاهم بعمر بن الخطّاب خاصّةً".
خالد بن يزيد العمري كذّاب كذّبه ابن معين وأبو حاتم وغيرهم. (اللسان: 2/ 389 - 390).
(1) في (ظ): عز وجل.
وأخرجه دون الشطر الأخير ابن جرير في "تفسيره"(2/ 172) وأبو نُعيم في "الحلية"(9/ 199) - ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 213) من طريق بشّار بن بكير الحنفي عن عبد العزيز بن أبي رواد به.
وبشّار مجهول كما قال ابن الجوزي.
وتابعه عند أبي نُعيم وابن الجوزي: عبد الرحيم بن هارون، قال أبو حاتم: مجهول. وقال الدارقطني: متروك الحديث يكذب. (التهذيب: 6/ 308).
وأخرجه ابن حبان في "المجروحين"(3/ 124 - 125) -ومن طريقه ابن الجوزي (2/ 214 - 215) - من طريق يحيى بن عنبسة عن مالك عن نافع به.
وابن عنبسة اتهمه بالوضع ابن حبّان والدارقطني وغيرهما. (اللسان: 6/ 272).
وقد ورد الشطر الأول من الحديث في عموم المغفرة للحاج مرويًا عن جماعةٍ من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمنها:
1 -
حديث العباس بن مرداس:
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 2 - 3) وأبو داود (5234) وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"(1/ 14 - 15) -ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 214) والمزي في "التهذيب"(مصورة- 2/ 661) - وابن ماجه (3013) وابن جرير في "تفسيره"(2/ 171) والعقيلي في "الضعفاء"(4/ 10) وابن عدي في "الكامل"(6/ 2094) والطبراني في "الكبير" والضياء في "المختارة" -كما في "قوة الحِجاج"(ص 13 - 16) - والبيهقي (5/ 118) من طريق عبد القاهر بن السري عن عبد الله بن كنانة بن العبّاس عن أبيه عن جده.
وسنده ضعيف، كنانة قال ابن حبان في "المجروحين" (2/ 229):"منكر الحديث جدًا، فلا أدري التخليط في حديثه منه أو من ابنه، ومن أيِّهما كان فهو ساقط الاحتجاج بما روى لعظيم ما أتى به من المناكير عن المشاهير". أهـ. ومع هذا فقد ذكره في "ثقاته"(5/ 339)!.
وكنانة وابنه قال الحافظ مجهولان.
وعبد القاهر لم يحدّث بهذا الحديث غيره قاله ابن عدي، وقد وثّقه ابن شاهين، وقال ابن معين: صالح. لكن قال يعقوب بن سفيان: منكر الحديث. (التهذيب: 6/ 368، المعرفة والتاريخ: 3/ 59).
وضعّف البخاري -كما في "الميزان"(2/ 474 و 3/ 415) - هذا الحديث فقال: "لم يصح".أهـ.
وقال البوصيري في "الزوائد"(2/ 140): "هذا إسنادٌ ضعيفٌ، عبد الله بن كنانة، قال البخاري: لا يصحُّ حديثه. ولم أرَ من تكلم فيه بجرحٍ ولا توثيق". أهـ.
2 -
وحديث عبادة بن الصامت:
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(5/ 17) -ومن طريقه الطبراني في "الكبير" -كما في "القوة"(ص 16) - وابن الجوزي (2/ 215 - 216)، قال المنذري في "الترغيب" (2/ 202) -وتبعه الهيثمي (3/ 257) -:"رواته محتجٌّ بهم في الصحيح إلا أنّ فيهم راوٍ لم يُسمَّ".
3 -
وحديث أنس:
أخرجه ابن منيع -كما في "المطالب العالية"(ق 43/ ب) - وأبو يعلى (المقصد العلي: 546) من طريق صالح المرّي عن يزيد الرقاشي عنه، وصالح ضعيف، وشيخه متروك، وبالأوّل أعلّ الهيثمي (2/ 257) الحديث، وبالثاني أعلّه البوصيري في "مختصر الِإتحاف"(1/ ق 165/ أ). وأعله بهما جميعًا الحافظ في "قوة الحِجاج"(ص 18).
4 -
وحديث أبي هريرة:
أخرجه ابن حبان في "المجروحين"(1/ 240) -ومن طريقه الدارقطني في "غرائب مالك"(كما في "اللسان": 2/ 227) وابن الجوزي (2/ 215) - من طريق أبي عبد الغني الحسن بن علي الأزدي عن مالك [عند الدارقطني: عبد الرزاق عن مالك] عن أبي الزناد عن الأعرج عنه.
وأبو عبد الغني قال ابن حبان: يضع الحديث على الثقات، لا تحلُّ الرواية عنه بحالٍ. وقال الحاكم وأبو نعيم: روى عن مالك أحاديث موضوعة.
وقال الدارقطني: باطلٌ وضعه أبو عبد الغني على عبد الرزاق.
5 -
وحديث زيد جدُّ عبد الرحمن بن عبد الله:
أخرجه ابن منده في "الصحابة" -كما في "القوة"(ص 22) - والخطيب في "تلخيص المتشابه"(1/ 171) من طريق ابن أبي فُديك عن صالح بن عبد الله بن صالح عن عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جدّه.
قال الخطيب: صالح وعبد الرحمن مجهولان. أهـ. وقال الصلاح العلائي -كما في "اللسان"(3/ 421) -: "لا أعرف عبد الله بن زيد هذا ولا ولده". أهـ.
قلت: صالح لعلّه العامري المدني الذي قال فيه البخاري: منكر الحديث. (التهذيب: 4/ 396).
* * *
والحديث بالغ ابن الجوزي فأورده في "الموضوعات"، وتعقبه الحافظ في "القول المسدّد"(ص 85 - 89)، ومال إلى تقويته لتعدد طرقه، بل أفرد فيه جزءًا سمّاه "قوة الحِجاج في عموم المغفرة للحجّاج" وقد طُبع بمصر قديمًا. وتابعه على تقويته السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(2/ 120 - 124).
لكن الذي ظهر من استعراض طرق الحديث كونُها ضعيفةً واهية، وأحسنها حديث عبادة والعباس مع كونهما معلولَيْن بجهالةِ بعض رواتهما، لكنهما لا يصلان باجتماعهما إلى رتبة الاحتجاج خصوصًا في قضية حقوق العباد التي أجمع العلماء على عدم صحة التوبة منها إلا بردِّ الحقوق إلى أهلها.
وقد قال محقق القطر اليماني/ عبد الرحمن المعلّمي في "تعليقه" على "الفوائد المجموعة" للشوكاني (ص 106): "ومن تدبّر أحاديث حجّة النبي صلى الله عليه وسلم وشدة عناية الصحابة بنقل جزئياتها قطع أو كاد يقطع بأنّ هذه القصة لو وقعت كما تحكيه هذه الأخبار لنُقِلت متواترةً".أهـ.
* * *
هذا عن الشطر الأول من الحديث، أما الشطر الثاني: "إن الله باهى
…
الحديث". فقد روي من حديث ابن عباس، وعقبة بن عامر، وأبي سعيد وأبي هريرة.
1 -
أما حديث ابن عبّاس:
فأخرجه السَّهمي في "تاريخ جُرجان"(ص 171) وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(307) من طريق بكر بن سهل الدمياطي: نا عبد الغني بن سعيد: نا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء عنه.
قال ابن الجوزي: لا يصحُّ، قال ابن حبّان: موسى بن عبد الرحمن دجّالٌ يضعُ الحديث". أهـ. قلت: وبكر ضعّفه النسائي -كما في "اللسان" (2/ 51) -، وعبد الغني ضعّفه ابن يونس كما في "اللسان" (4/ 45).
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(11/ 182) من طريق رِشْدين بن سعد عن أبي حفص المكي عن ابن جريج عن عطاء عنه.
رِشْدين ضعيف مع صلاحه، وأبو حفص المكي أظنه عمر بن قيس المعروف بـ (سندل) وهو متروك الحديث. وأعلّه الهيثمي (9/ 70) برِشْدين.
2 -
وأما حديث عقبة:
فأخرجه ابن عدي (2/ 464) -ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل"(306) - من طريق بكر بن يونس الشيباني: نا ابن لهيعة عن مِشْرَح بن هاعان عنه.
قال ابن الجوزي: "لا يصحُّ؛ أمّا مِشْرح فقد مذا فيه (كذا)، وأمّا ابن لهيعة فذاهب الحديث، قال أبو زرعة: ليس هو ممن يحتجُّ به. وأمّا بكر بن يونس فقال البخاري وأبو حاتم الرازي: منكر الحديث. وقال ابن عدي: عامّة ما يرويه لا يُتابع عليه". أهـ.
قلت: أمّا مِشْرَح فالظاهر أنه حسنُ الحديث، وقد أورد الذهبي في ترجمة بكر من الميزان (1/ 348) هذا الحديث، وقال:"هذا منكرٌ جدًّا".أهـ.
3 -
وأما حديث أبي سعيد:
فأخرجه الطبراني في "الأوسط"(مجمع البحرين: ق 164/ ب- نسخة الحرم المكي) من طريق أبي سعيد خادم الحسن البصري عن الحسن عنه. قال الهيثمي (9/ 69): "وفيه أبو سعد خادم الحسن البصري ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". أهـ. قلت: وفيه عنعنة الحسن.
4 -
وأما حديث أبي هريرة:
فأخرجه الطبراني في "الأوسط"(مجمع البحرين: ق 164/ ب- نسخة الحرم) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه، قال الهيثمي (9/ 70):"وفيه عبد الرحمن بن إبراهيم القاص، وثّقه أحمد وضعّفه الجمهور". أهـ.
ومباهاة الله تعالى ملائكته بأهل عرفة في صحيح مسلم (2/ 983) من حديث عائشة مرفوعًا، وفيه: "
…
وإنّه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة
…
الحديث".