الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 - باب: متى ترتفع العاهة
؟
693 -
أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان: نا أبو إسحاق إبراهيم بن أبي العَنْبس القاضي بالكوفة: نا جعفر بن عون عن أبي حنيفة عن عطاء.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا طَلَعَ النَّجمُ ارتفعتِ العاهةُ عن أهلِ كلّ بلدٍ".
أخرجه الطحاوي في "المشكل"(3/ 91) والطبراني في "الصغير"(1/ 41) و"الأوسط"(مجمع البحرين: 1/ ق 179/ أ) وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 367) و"أخبار أصبهان"(1/ 121) من طريق أبي حنيفة به.
قلت: ولم ينفرد به أبو حنيفة فقد تابعه عِسْل -بكسر أوله وسكون وسطه- بن سفيان، أخرجه أحمد (2/ 341، 388) والبزّار (كشف: 1292) والعقيلي في "الضعفاء"(3/ 426) والطحاوي (3/ 92) والطبراني في "الأوسط"(مجمع البحرين: 1/ ق 179/ أ).
وعِسْل قال أحمد والنسائي: ليس بالقوي. وضعفه ابن معين والبخاري وأبو حاتم. وقال يعقوب بن سفيان: ليس بمتروك ولا حجّة. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطئ ويخالف. وقال ابن عدي: قليل الحديث وهو مع ضعفه يُكتب حديثه. (التهذيب: 7/ 193 - 194).
فمثله يصلح حديثه للاستشهاد.
وللحديث شاهدٌ من حديث أبي سعيد أخرجه ابن عدي في "الكامل"(5/ 1896) من طريق عيسى بن سليمان أبو طيبة عن ابن أبي ليلى عن عطية العوفي عن أبي سعيد.
وعيسى ضعّفه ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "يخطئ"(اللسان: 4/ 396) وابن أبي ليلى صدوق سيء الحفظ، وشيخه ضعيف.
فالحديث حسنٌ بمجموع طرقه إن شاء الله، لا سيّما أن عمل الصحابة يوافقه:
ففي البخاري (4/ 394) تعليقًا أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلعَ الثريّا فيتبين الأصفر من الأحمر. وأخرج أحمد (2/ 42، 50) والطحاوي في "شرح المعاني"(4/ 23) و"المشكل"(3/ 91) بسندٍ صحيح عن عثمان بن عبد الله بن سراقة أنه سأل ابن عمر عن بيع الثمار. فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة. قلت: ومتى ذاك. قال: حتى تطلع الثريّا.
تنبيه: قال الشيخ الألباني في "ضعيفته"(1/ 390) بعد ذكر رواية عِسْل: "إذا طلع النجمُ ذا صباحٍ رُفعت العاهة": "ولا يخفى وجه الاختلاف بين اللفظين، فالأول أطلق الطلوع وقيّد الرفع بـ"عن كل بلد"، وهذا عكسه فإنّه قيّد الطلوع بـ"ذا صباح" وأطلق الرفع فلم يقيّده بالقيد المذكور، وهذا الاختلاف مع ضعف المختلفَيْن يمنع من تقوية الحديث كما لا يخفى على الماهر بهذا العلم الشريف". أهـ.
قلت: من حقّق النظر في اللفظين وجدهما متطابقَين لا اختلافَ بينهما، إذ إنَّ قولَه (عن كل بلد) لا يُسمّى تقييدًا بل هو عموم ظاهر من استخدام كلمة (كل) المفيدة لذلك.
فلفظ: "رُفِعت العاهة، يدل على رفعها مطلقًا عن كل مكان، ولفظ "عن كل بلد" يؤكد هذا المعنى ولا نقول يخالفه!.
وأما قوله: إن الأول أطلق الطلوع والثاني قيّده بـ"ذا صباح"، فمن
المعلوم أن الثريّا لا تُرى إلا عند بزوغ الفجر (1) فقوله "ذا صباح" هو مزيد بيان وتوضيح لا تقييد كماظنّ الشيخ!.
ثم لوسلمنا جدلًا بوجود هذا الخلاف فصنيع المهرة بهذا العلم الشريف أن يثبتوا ما اتفقت عليه الروايتان، ويدعوا ما انفردت به إحداهما عن الأخرى لعدم الشاهد، ويكون اللفظ الثابت هو:"إذا طلع النجم رُفِعت العاهة". والله أعلم.
(1) انظر: "فيض القدير"(1/ 398 - 399)، وأيضًا:"الفتح"(4/ 395) و"المشكل"(3/ 92).
وقال ابن الأثير في "النهاية"(5/ 24): "وأراد بطلوعها طلوعَها عند الصبح، وذلك في العشر الأوسط من أيّار". ثم قال: "ومدّة مغيبها بحيث لا تُبصر في الليل نيّفٌ وخمسون ليلةً، لأنها تخفى بقربها من الشمس قبلها وبعدها، فإذا بَعُدت عنها ظهرت في الشرقِ وقتَ الصبح".