الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ شُبهَةِ مَن زَعَمَ أن لا كَفّارَةَ فى اليَميِن إذا كان حِنثُها طاعَةً
19886 -
أخبرَنا أبو الحَسَنِ محمدُ بنُ أبى المَعروفِ الفقيهُ الإسفَرايينِىُّ بها، أنبأنا أبو سَهلٍ بشرُ بنُ أحمدَ الإسفرايينىُّ، أنبأنا أحمدُ بنُ الحُسَينِ بنِ نَصرٍ الحَذّاءُ، حدثنا علىُّ بنُ المَدينِىِّ، حدثنا يَزيدُ بنُ زُرَيعٍ، حدثنا حَبيبٌ هو المُعَلِّمُ، عن عمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، أن أخَوَينِ مِنَ الأنصارِ كان بَينَهُما ميراثٌ، فسألَ أحَدُهُما صاحِبَه القِسمَةَ فقالَ: لا، لَئن عُدتَ تَسألُنى القِسمَةَ لَم أُكَلِّمْكَ أبَدًا، وكُلُّ مالٍ لى فى رِتاجِ الكَعبَةِ
(1)
. فقالَ عُمَرُ بنُ الخطابِ: إنَّ الكَعبَةَ لَغَنيَّةٌ عن مالِكَ، فكَفِّرْ عن يَمينِكَ، وكَلِّمْ أخاكَ؛ فإِنِّى سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:"لا يَمينَ ولا نَذرَ فيما يُسخِطُ الرَّبَّ، ولا فى قَطيعَةِ الرَّحِمِ، ولا فيما لا يَملِكُ"
(2)
.
فتوَى عُمَرَ بنِ الخطابِ بالكَفّارَةِ دَليلٌ على أن المُرادَ بالخَبَرِ: لا يَمينَ يُؤمَرُ بالمُقامِ عَلَيها والمُحافَظَةِ على البِرِّ فيها إذا كانَت فى مَعصيَةٍ، لا أن الكَفّارَةَ لا تَجِبُ بالحِنثِ فيها. وهَذا هو المُرادُ أيضًا بما:
19887 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ وأبو سعيدِ ابنُ أبى عمرٍو قالا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا أحمدُ بنُ عبدِ الحَميدِ الحارِثىُّ، حدثنا أبو أُسامَةَ، عن الوَليدِ بنِ كَثيرٍ، حَدَّثَنى عبدُ الرَّحمَنِ بنُ الحارِثِ، عن
(1)
الرتاج: الباب، أو الباب المغلق، وأراد برتاج الكعبة أنه جعله للكعبة. غريب الحديث لابن
الجوزى 1/ 379.
(2)
أخرجه أبو داود (3272)، والدارقطنى فى المؤتلف والمختلف 2/ 1042، والحاكم 4/ 300 من طريق يزيد بن زريع به. وضعفه الألبانى فى ضعيف أبى داود (713).
عمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضي الله عنهما أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"مَن طَلَّقَ ما لا يَملِكُ فلا طَلاقَ له، ومَن أعتَقَ ما لا يَملِكُ فلا عَتاقَةَ له، ومَن نَذَرَ فيما لا يَملِكُ فلا نَذرَ له، ومَن حَلَفَ على مَعصيَةِ اللهِ فلا يَمينَ له، ومَن حَلَفَ على قَطيعَةِ رَحِمٍ فلا يَمينَ له"
(1)
.
وقَد رُوِىَ فى هذا الحديثِ زيادَةٌ تُخالِفُ الرِّواياتِ الصحيحةَ عن النَّبِى صلى الله عليه وسلم:
19888 -
أخبرَنا أبو علىٍّ الرُّوذْبارِىُّ، أنبأنا محمدُ بنُ بكرٍ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا المُنذِرُ بنُ الوَليدِ الجارودِىُّ، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ بكرٍ، حدثنا عُبَيدُ اللهِ بنُ الأخنَسِ، عن عمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا نَذرَ ولا يَمينَ فيما لا يَملِكُ ابنُ آدَمَ، ولا فى مَعصيَةِ اللهِ، ولا فى قَطيعَةِ رَحِمِه، ومَن حَلَفَ على يَمينٍ فرأى غَيرَها خَيرًا مِنها فليَدَعْها، وليأْتِ الَّذِى هو خَيرٌ؛ فإِنَّ تَركَها كَفّارَتُها"
(2)
.
ورُوِىَ ذَلِكَ مِن وجهٍ آخَرَ أضعَفَ مِن هذا:
19889 -
أخبَرَناه أبو بكرِ ابنُ الحارِثِ الأصبَهانىُّ، أنبأنا أبو محمدِ ابنُ
(1)
الحاكم 4/ 300. وأخرجه أبو داود (2191)، والدارقطنى 4/ 15 من طريق أبى أسامة به. وعند أبى داود بدون الطلاق والإعتاق. وأخرجه ابن ماجه (2047) من طريق عبد الرحمن بن الحارث به، مقتصرًا على الطلاق. وحسنه الألبانى فى صحيح أبى داود (1917).
(2)
أبو داود (3274). وأخرجه أحمد (6990) من طريق عبد الله بن بكر به. والنسائى (3801) من طريق عبيد الله بن الأخنس به، بدون قوله: "ومن حلف على يمين
…
". وقال الألبانى فى صحيح أبى داود (2802): حسن دون قوله: "ومن حلف
…
" فهو منكر.
حَيّانَ، حدثنا حامِدُ بنُ شُعَيبٍ، حدثنا سُرَيجٌ، حدثنا هُشَيمٌ، عن يَحيَى بنِ عُبَيدِ اللهِ، عن أبيه، عن أبى هريرةَ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَن حَلَفَ على يَمينٍ فرأى غَيرَها خَيرًا مِنها فأتَى الَّذِى هو خَيرٌ فهو كَفّارَتُه"
(1)
.
أخبرَنا أبو علىٍّ الرُّوذْبارِىُّ، أنبأنا محمدُ بنُ بكرٍ قال: قال أبو داودَ: الأحاديثُ كُلُّها عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "وليُكفِّرْ عن يَمينِه". إلّا ما لا يُعبأُ بهِ.
قال أبو داودَ: قُلتُ لأحمَدَ، يعنى ابنَ حَنبَلٍ: رَوَى يَحيَى بنُ سعيدٍ عن يَحيَى بنِ عُبَيدِ اللهِ؟ فقالَ: تَرَكَه بعدَ ذَلِكَ وكانَ لِذَلِكَ أهلًا. قال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: أحاديثُه مَناكيرُ، وأبوه لا يُعرَفُ
(2)
.
19890 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، أنبأنا أبو الفَضلِ ابنُ إبراهيمَ، حدثنا أحمدُ بنُ سلمةَ، حدثنا محمدُ بنُ المُثَنَّى، حدثنا سالِمُ بنُ نوحٍ، عن الجُرَيرِىِّ، عن أبى عثمانَ، عن عبدِ الرَّحمَنِ بنِ أبى بكرٍ قال: نَزَلَ عَلَينا أضيافٌ لَنا قال: وكانَ أبى يَتَحَدَّثُ إلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيلِ قال: فانطَلَقَ وقالَ: افرُغْ مِن أضيافِكَ. قال: فلَمّا أمسَيتُ جِئتُ بقِراهُم، قال: فأبَوا فقالوا: حَتَّى يَجِئَ أبو مَنزِلِنا فيَطعَمَ معنا، قال: فقُلتُ: إنَّه رَجُلٌ حَديدٌ، وإنّكُم إن لَم تَفعَلوا خِفتُ أن يَمَسَّنى مِنه أذًى. قال: فأبَوا، فلَمّا جاءَ لَم يَبدأْ بشَئٍ، فقالَ: أفَرَغتُم مِن أضيافِكُم؟ قالوا: لا واللهِ ما فرَغنا. قال: ألَم آمُرْ عبدَ الرَّحمَنِ؟ قال: فتَنَحَّيتُ، فقالَ: يا غُنثَرُ، أقسَمتُ عَلَيكَ إن كُنتَ تَسمَعُ
(1)
أخرجه أحمد بن منيع -كما فى المطالب العالية (1932) - عن هشيم به، وفيه: يحيى بن عبد الله.
(2)
أبو داود عقب (3274).
صَوتى إلا أجَبتَ. قال: فجِئتُ قُلتُ: واللهِ ما لِىَ ذَنبٌ، هَؤُلاءِ أضيافُكَ فسَلْهُم، قَد أتَيتُهُم بقِراهُم فأبَوا أن يَطعَموا حَتَّى تَجِئَ. قال: فقالَ: ما لَكُم لا تَقبَلونَ عَنَّا قِراكُم؟ فواللهِ لا أطعَمُه اللَّيلَةَ. قال: فقالوا: والله لا نَطعَمُه حَتَّى تَطعَمَه. قال: فقالَ
(1)
كالشَّرِّ مُنذُ اللَّيلَةِ، لا تَقبَلونَ عَنّا قِراكُم. قال: ثُمَّ قال: أمّا الأُولَى فمِنَ الشَّيطانِ، هَلُمّوا قِراكُم. فلَمّا أصبَحَ غَدَا على النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. قال: فقالَ: يا رسولَ اللهِ بَرُّوا وحَنِثتُ. قال: فأخبَرَه، فقالَ:"بَل أنتَ أبَرُّهُم وأخيَرُهُم". قال: ولَم يَبلُغْنِى كَفّارَةٌ
(2)
. رَواه مسلمٌ فى "الصحيح" عن محمدِ ابنِ المُثَنَّى
(3)
.
وقَولُ أبى بكرٍ الصِّدّيقِ: أمّا الأُولَى فمِنَ الشَّيطانِ. دَليلٌ على أن اليَمينَ على تَركِ الطَّعامِ مَكروهَةٌ، وإنَّما لَم يأمُرْه النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بالكَفّارَةِ -إن كان لَم يأمُرْه بها- لِعِلمِه بمَعرِفَتِه بوُجوبِها، ويَحتَمِلُ أن ذَلِكَ كان قبلَ نُزولِ الكَفّارَةِ، والأوَّلُ أشبَهُ.
19891 -
فقَد أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، أنبأنا الحَسَنُ بنُ محمدِ بنِ حَليمٍ المَروَزِىُّ، أنبأنا أبو الموَجِّهِ، أنبأنا عبدانُ، أنبأنا عبدُ اللهِ، عن هِشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ رضي الله عنها، أن أبا بكرٍ لَم يَحنَثْ فى يَمينٍ قَطُّ
(1)
بعده فى حاشية الأصل: "ما رأيت".
(2)
أخرجه أبو داود (3271)، وابن حبان (4350) من طريق سالم بن نوح به. والبخارى (6140) من طريق سعيد الجريرى به.
(3)
مسلم (2057/ 177).