الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، فقد وَجَبَ لكلِّ واحدٍ منهما دِيَةُ سِنٍّ، فيتَقاصَّانِ.
4128 - مسألة: (و)
يُؤْخَذُ (الْجَفْنُ بِالْجَفْنِ) لقولِه تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} . ولأنَّه يُمْكِنُ الاقْتِصاصُ فيه، لانْتِهائِه إلى مَفْصِل. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. ويُؤْخَذُ جَفْنُ البَصِيرِ بمثْلِه، وبِجَفْنِ الضَّرِيرِ، ويُؤْخَذُ جَفْنُ الضَّريرِ بمثْلِه، وبجَفْنِ البَصِيرِ؛ لأنَّهما تَساوَيا في السَّلامَةِ مِن النَّقْصِ، وعَدَمُ البَصَرِ نَقْصٌ في غيرِه لا يَمْنَعُ أخْذَ أحَدِهما بالآخَرِ، كأُذُنِ الأصَمِّ.
4129 - مسألة: (و)
تُؤْخَذُ (الشَّفَةُ بِالشَّفَةِ) وهى ما جاوَزَ الذَّقَنَ والخَدَّيْنِ عُلْوًا وسُفْلًا؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} . ولأَنَّ لها حَدًّا تَنْتَهِى إليه، يُمْكِنُ القِصاصُ منه، فوَجَبَ، كاليَدَيْنِ.
فصل: ويُؤْخَذُ اللِّسانُ باللِّسانِ؛ للآيةِ، ولأَنَّ له حَدًّا يَنْتَهِى إليه، فاقْتُصَّ منه، كالعَيْنِ. ولا نعلمُ في هذا خِلافًا. ولا يُؤْخَذُ لِسانُ ناطِقٍ بأخْرَسَ؛ لأنَّه أفْضَلُ منه. ويُؤْخَذُ الأخْرَسُ بالنَّاطقِ؛ لأنَّه دُونَ حَقِّه. ويُؤْخَذُ بعضُ اللِّسانِ بالبَعْضِ؛ لأنَّه أمْكَنَ القِصاصُ في جَمِيعِه، فأمْكَنَ في بعضِه، كالسِّنِّ، ويُقَدَّرُ ذلك بالأجْزاءِ، ويُؤْخَذُ منه بالحِسابِ.
4130 - مسألة: (و)
تُؤْخَذُ (اليَدُ باليَدِ) لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} . وقد أجْمَعَ أهلُ العلمِ على جَرَيانِ القِصاصِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في الأطْرافِ؛ للآيةِ ولحَدِيثِ الرُّبَيِّعِ (1). ويُشْتَرَطُ لذلك ثَلاثةُ شُرُوطٍ؛ أحدُها، الأمْنُ من الحَيْفِ، وهو أن يكونَ القَطْعُ مِن مَفْصِلٍ، فإن كان مِن غيرِ مَفْصِلٍ، فلا قِصاصَ فيه مِن مَوْضِعِ القَطْعِ، بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لِما رَوَى [نِمْرانُ بنُ جَاريةَ](2)، عن أبِيه، أنَّ رَجُلًا ضَرَبَ رَجُلًا على ساعِدِه بالسَّيْفِ، فقَطَعَها مِن غيرِ مَفْصِلٍ، فاسْتَعْدَى عليه النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَ له بالدِّيَةِ، فقال: إنِّى أُرِيدُ القِصاصَ. فقال: «خُذِ الدِّيَةَ، بَارَكَ اللَّه لَك فيها» . ولم يَقْضِ له بالقِصاصِ. رَوَاه ابنُ ماجَه (3).
وفى قَطْعِ اليَدِ ثمانِ مسائلَ؛ أحدُها، قَطعُ الأصابعِ مِن مَفاصِلِها، فالقِصاصُ واجِبٌ فيها؛ لأَنَّ لها (4) مَفاصِلَ يُمْكِنُ القِصاصُ فيها مِن غيرِ حَيْفٍ، وإنِ اختارَ الدِّيَةَ فله نِصْفُها؛ لأَنَّ في كلِّ إصْبَعٍ عُشْرَ الدِّيَةِ. الثَّانيةُ، قَطعُها مِن نِصْفِ الكَفِّ، فليس له القِصاصُ مِن مَوْضِعِ القَطْعِ؛ لأنَّه ليس بمَفْصِلٍ، فلا يُؤْمَنُ الحَيْفُ فيه. وإن أرادَ قَطْعَ الأصابعِ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، ليس له ذلك. اخْتارَه أبو بكرٍ؛ لأنَّه يَقْتَصُّ مِن غيرِ مَوْضِعِ الجِنايةِ، فلم يَجُزْ، كما لو كان القَطْعُ مِن الكُوعِ، يُحَقِّقُه أنَّ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 202.
(2)
في الأصل، تش، ر، ق:«نمران بن جابر» . وفى م: «نمر بن جابر» . والتصويب من سنن ابن ماجه. وانظر تهذيب التهذيب 10/ 475.
(3)
في: باب ما لا قود فيه، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 880.
(4)
في الأصل: «له» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
امْتِناعَ قَطْعِ الأصابعِ إذا قطَع مِن الكُوعِ، إنَّما كان لعَدَمِ المُقْتَضِى، أو وُجُودِ مانعٍ، وأيُّهما كان فهو مُتَحَقِّقٌ إذا كان القَطْعُ من نِصْفِ الكَفِّ. والثانى، له قَطْعُ الأصابعِ. ذكَره أصْحابُنا. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه يأْخُذُ دُونَ حَقِّه لعَجْزِه عن اسْتِيفاءِ حَقِّه، فأَشْبَهَ ما لو شَجَّه هاشِمَةً فاسْتَوْفَى مُوضِحَةً. ويُفارِقُ ما إذا قطَع مِن الكُوعِ؛ لأنَّه أمْكَنَه اسْتِيفاءُ حَقِّه، فلم يَجُزِ العُدولُ إلى غيرِه. وهل له حُكومَةٌ في نِضفِ الكَفِّ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، ليس له ذلك؛ لأنَّه يَجْمَعُ بينَ القِصاصِ والأَرْشِ في عُضْوٍ واحدٍ، فلم يَجُزْ، كما لو قطَع مِن الكُوعِ. والثانى، له أَرْشُ نِصْفِ الكَفِّ؛ لأنَّه حَقٌّ له تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُه، فوَجَبَ أرْشُه، كسائرِ ما هذا حالُه. وإنِ اخْتارَ الدِّيَةَ، فله نِصْفُها؛ لأَنَّ قَطْعَ اليَدِ مِنَ الكُوعِ لا يُوجِبُ أكثرَ مِن نِصْفِ الدِّيَةِ، فما دُونَه أوْلَى. الثَّالثةُ، قَطَع مِن الكُوعِ، فله قَطْعُ يَدِه مِنَ الكُوعِ؛ لأنَّه مَفْصِلٌ، وليس له قَطْعُ الأصابعِ؛ لأنَّه غيرُ مَحَلِّ الجِنايةِ فلا يُسْتَوْفَى منه مع إمْكانِ الاسْتِيفاءِ مِن مَحَلِّها. الرابعةُ، قَطَع مِن نِصْفِ الذِّراعِ، فليس له أن يَقْطَعَ مِن ذلك المَوْضِعِ (1)؛ لأنَّه ليس بمَفْصِلٍ، وقد ذكَرْنا الخبَرَ الوارِدَ فيه، وله نِصْفُ الدِّيَةِ وحُكومةٌ في المَقْطُوعِ مِنَ الذِّراعِ. وهل له القَطْعُ مِنَ الكُوعِ؟ فيه وَجْهان، كما ذكَرْنا في من قَطَع مِن نِصْفِ الكَفِّ. ومن جَوَّزَ القَطْعَ مِنَ الكُوعِ، فعندَه في وُجوبِ الحُكومةِ لِما قُطِعَ مِنَ الذِّراعِ وَجْهان. ويَتَخرجُ أيضًا في جَوازِ
(1) في م: «الوضع» .
وَيَقْتَصُّ مِنَ الْمَنْكِبِ إِذَا لَمْ يَخَفْ جَائِفَةً،
ــ
قَطْعِ الأصابعِ وَجْهان. فإن قطَع منها (1)، لم يَكُنْ له حُكومةٌ في الكَفِّ؛ لأنَّه أمْكَنَه أخْذُه قِصاصًا، فلم يكُنْ له طَلَبُ أَرْشِه، كما لو كانتِ الجِنايةُ مِنَ الكُوعِ. الخامسةُ، قَطَع مِن المَرْفِقِ، فله القِصاصُ منه؛ لأنَّه مَفْصِلٌ، وليس له القَطْعُ من الكُوعِ؛ لأنَّه أمْكَنَه اسْتِيفاءُ حَقِّه بكَمَالِه، والاقْتصاصُ مِن مَحَلِّ الجِنايةِ عليه، فلم يَجُزْ له (2) العُدولُ إلى غيرِه. وإن عَفا إلى الدِّيَةِ، فله دِيَةُ اليَدِ، وحُكومةٌ للسَّاعِدِ. السادسةُ، قَطعُها مِن العَضُدِ، فلا قِصاصَ فيها، في أحَدِ الوَجْهينِ، وله دِيَةُ اليَدِ، وحُكومةٌ للسَّاعِدِ وبعضِ العَضُدِ. والثانى، له القِصاصُ مِنَ المَرْفِقِ. وهل له حُكومةٌ في الزَّائدِ؟ على وَجْهين. وهل له القَطْعُ من الكُوعِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهينِ. السابعةُ، قَطَع (مِن المَنْكِبِ) فالواجِبُ القِصاصُ؛ لأنَّه مَفْصِلٌ (إذا لم يَخَفْ جائِفةً) وإنِ اخْتارَ الدِّيَةَ، فله دِيَةُ اليَدِ، وحُكومةٌ لِما زادَ. الثامنةُ، خَلع عَظْم المَنْكِبِ، ويقالُ له: مِشْطُ الكَتِفِ. فيَرْجِعُ
(1) بعده في الأصل: «ما» .
(2)
سقط من: م.