الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَمَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ، أوِ امْرَأتَهُ في النُّشُوزِ، أوِ الْمُعَلِّمُ صَبِيَّةُ، أَوِ السُّلْطَان رَعِيَّتَهُ، وَلَمْ يُسْرِفْ، فأَفْضَى إِلَى تَلَفِهِ، لَمْ يَضْمَنْهُ، وَيَتَخَرَّجُ وجُوبُ الضَّمَانِ، عَلَى مَا قَالَهُ فِيمَا إِذَا أرْسَلَ
ــ
إقامةُ البَيِّنَةِ على ما يَدَّعِيه الجانِى، فإيجابُها عليه أوْلَى مِن إيجابِها على مَن يَشْهَدُ له الأصْلُ، ثم يبطلُ بسائرِ المواضِعِ التى سَلَّمُوها. فإن قالوا: ههنا ما ثَبَت أنَّ الأَصْلَ وُجُودُ البَصَرِ. قُلْنا: الظاهرُ يَقُومُ مَقامَ الأَصْلِ، ولهذا رَجَّحْنا قولَ مَن يَدَّعِى حَرِّيَّتَه وإسْلامَه.
فصل: (ومَن أدَّبَ ولَدَه، أو امرأتَه في النُّشُوزِ، أو المُعَلِّمُ صَبيَّه، أو السُّلْطانُ رَعِيَتّهَ، ولم يُسْرِفْ، فأفْضَى إلى تَلَفِه، لم يَضْمَنْه) لأنَّه أَدَبٌ مَأْذُونٌ فيه شَرْعًا، فلم يَضْمَنْ ما تَلِفَ به، كالحَدِّ والتَّعْزِيرِ.
4193 - مسألة: (وَيَتَخَرَّجُ وُجُوبُ الضَّمَانِ، على ما قَالَه فيما
السُّلْطَانُ إِلَى امْرَأةٍ لِيُحْضِرَهَا، فَأجْهَضَت جَنِينَهَا، أَوْ مَاتَتْ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ.
ــ
إذا أرْسَلَ السُّلْطَانُ إلى امْرَأَةٍ ليُحْضِرَها، فأَجهَضَتْ جَنِينًا، أو مَاتَتْ، فعلى عاقِلَتِه الدِّيَةُ) وجملةُ ذلك، أنَّ السُّلْطانَ إذا بعَث إلى امرأةٍ ليُحْضِرَها، فأسْقَطَتْ جَنِينًا فمات، ضَمِنَه؛ لِما رُوِى أنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، بعَث إلى امرأةٍ مُغِيبَةٍ (1)، كان يُدْخَلُ عليها، فقالت: يا وَيْلَها، ما لَها ولعمرَ. فبَيْنَا هى في الطريقِ إذ فَزِعَتْ، فضَرَبَها الطَّلْقُ، فألْقَتْ ولَدًا، فصاحَ الصَّبِىُّ (2) صَيْحَتَيْن، ثم مات، فاسْتَشارَ عمرُ أصْحاب النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فأشَارَ بعْضُهم أن ليس عليك شئٌ، إنَّما أنتَ والٍ ومُؤَدِّبٌ، وصمَت علىٌّ، فأقْبَلَ عليه عمرُ، فقال: ما تقُولُ يا أبا الحَسَنِ؟ فقال: إن كانوا قالوا برَأْيِهم فقد أخْطأَ (3) رَأْيُهم، وإن كانوا قالوا في هَواكَ فلم يَنْصَحُوا لك، إنَّ دِيَتَه عليك؛ لأنَّك أفْزَعْتَها فأَلْقَتْه. فقال عمرُ: أقْسَمْتُ عليك أن لا تَبْرَحَ حتى تَقْسِمَها على قَوْمِكَ (4). ولو فُزِّعَتِ المرأةُ فماتَت،
(1) أى غاب عنها زوجها.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م، ق:«أخطأوا» .
(4)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب من أفزعه السلطان، من كتاب العقول. المصنف 9/ 458، 459.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجَبَتْ دِيَتُها أيضًا. ووافَقَ الشافعىُّ في ضَمانِ الجَنِينِ، وقال: لا تُضْمَنُ المرأةُ؛ لأَنَّ ذلك ليس بسَبَبٍ لهَلَاكِها في العادَةِ. ولَنا، أنَّها نَفْسٌ هَلَكَتْ بإرْسالِه إليها، فضَمِنَها كجَنِينها، أو نَفْسٌ هَلَكَتْ بسَبَبِه، فَغَرِمَها، كما لو ضَرَبَها فماتَتْ. قولُه: إنَّه ليس بسَبَبٍ عادةً. قُلْنا: إذا كانت حامِلًا، فهو سَبَبٌ للإِسْقاطِ، والإِسْقاطُ سَبَبٌ للهَلاكِ، ثم لا يُعْتَبَرُ في الضَّمانِ كونُه سَبَبًا مُعْتادًا، فإنَّ الضَّرْبَةَ والضَّرْبَتَيْن بالسَّوْطِ ليست سَبَبًا للهَلاكِ في العادةِ، ومتى أفْضَتْ إليه وجَب الضَّمانُ. وإنِ اسْتَعْدَى إنْسانٌ على امرأةٍ، فألْقَتْ جَنِينَها (1)، أو ماتتْ فَزَعًا، فعلى عاقِلَةِ المُسْتَعْدِى الضَّمانُ إن كان ظالِمًا لها، وإن كانت هى الظَّالمةَ، فأحْضَرَها عندَ الحاكمِ، فيَنْبَغِى أن لا يَضْمَنَها؛ لأنَّها سَبَبُ إحْضارِها بظُلْمِها، فلا
(1) في الأصل: «جنينًا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَضْمَنُها غيرُها، ولأنَّه اسْتَوْفَى حَقَّه، فلم يَضْمَنْ ما تَلِفَ به، كالقِصاصِ، ولكنْ يَضْمَنُ جَنِينَها؛ لأنَّه تَلِفَ بفِعْلِه، فأشْبَهَ ما لو اقْتَصَّ منها.