الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ جَرَحَ حُرًّا، فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ مَاتَ مِنَ الْجِرَاحَةِ وَلَا مَالَ لَهُ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ عُشْرُ دِيَتهِ، وَاخْتَارَ السَّيِّدُ فِدَاءَهُ، وَقُلْنَا: يَفْدِيهِ بِقِيمَتِهِ.
ــ
الأَرْشِ؛ لأنَّه أتْلَفَ مَحَلَّ الجِنايةِ على مَن تَعَلَّقَ حَقُّه به، فلَزِمَه غَرامَتُه، كما لو قَتَلَه. ويَنْبَنِى قَدْرُ الضَّمانِ على الرِّوايتَيْن فيمَا إذا اخْتارَ إمْساكَه بعدَ الجِنايةِ؛ لأنَّه مَنَع مِن تَسْلِيمِه بإعْتاقِه، فهو بمنزلةِ امْتِناعِه مِن تَسْلِيمِه باخْتِيارِ فِدائِه. ونَقَلَ ابنُ مَنْصورٍ عن أحمدَ، أنَّه إن أعْتَقَه عالِمًا بجنايَتِه، فعليه دِيَةُ المَقْتُولِ، وإن لم يَكُنْ عالِمًا بها، فعليه قِيمَةُ العبدِ؛ لأنَّه إذا أعْتَقَه مع العِلْمِ، كان مُخْتارًا لفِدائِه، بخِلافِ ما إذا لم يَعْلَمْ، فإنَّه لم يَخْتَرِ الفداءَ؛ لعَدَمِ عِلْمِه به، فلم يَلْزَمْه أكثرُ مِن قِيمَةِ ما فَوَّتَه.
فصل: وإن باعَه، أو وَهَبَه (1)، صَحَّ؛ لِمَا ذكَرْنا في البَيْعِ، ولم يَزُلْ تَعَلُّقُ الجِنايةِ عن رَقَبَتِه، فإن كان المُشْتَرِى عالِمًا بحالِه، فلا خِيارَ له؛ لأنَّه دَخَلَ على بَصِيرَةٍ، ويَنْتَقِلُ الخِيارُ في فِدائِه وتَسْلِيمِه إليه، كالسَّيِّدِ الأَوَّلِ، وإن لم يَعْلَمْ، فله الخِيارُ بينَ إمْساكِه ورَدِّه، كسائرِ المَعِيباتِ.
4230 - مسألة: (وإن جَرَحَ)
العَبْدُ (حُرًّا، فَعَفا عنه، ثم مات مِن الجِراحَةِ ولا مالَ له، وقِيمَةُ العَبْدِ عُشْرُ دِيَةِ الحُرِّ، واخْتَارَ السَّيِّدُ
(1) في الأصل: «أرهنه» .
صَحَّ الْعَفْوُ في ثُلُثِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: يَفْدِيهِ بالدِّيَةِ. صَحَّ الْعَفْوُ في خَمْسَةِ أسْدَاسِهِ، وَلِلْوَرَثَةِ سُدْسُهُ؛ لأَنَّ الْعَفْوَ صَحَّ في شَئٍ مِنْ قِيمَتِهِ، وَلَهُ بِزِيَادَةِ الْفِدَاءِ تِسْعَةُ أَشْيَاءَ، بَقِىَ لِلْوَرَثَةِ أَلْفٌ إِلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ، تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، اجْبُرْ وَقَابِلْ، يَخْرُجِ الشَّىْءُ نِصْفَ سُدْس الدِّيَةِ، وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ، فَتَعْدِلُ السُّدْسَ.
ــ
فِداءَه، وقُلْنَا: يَفْدِيه بقِيمَتِه. صَحَّ العَفْوُ في ثُلُثِه) لأنَّه ثُلُثُ ما ماتَ عنه، ويَبْقَى الثُّلُثان للوَرَثَةِ (وإن قُلْنا: يفْدِيه بدِيَتِه. صَحَّ العَفْوُ في خَمْسَةِ أَسْداسِه، وللوَرَثَةِ سُدْسُه؛ لأَنَّ العَفْوَ صَحَّ في شئٍ مِن قِيمَتِه، وله بزِيادةِ الفِداءِ تِسْعةُ أشْياءَ، بَقِىَ للورثَةِ ألْفٌ إلَّا عَشَرةَ أشْياءَ، تَعْدِلُ شيْئَيْن، اجْبُرْ وقابِلْ) يَصِرْ ألْفٌ، يَعْدِلُ اثْنَىْ عَشَرَ شيئًا، فالشئُ إذًا يَعْدِلُ (نِصْفَ سُدْسِ الدِّيَةِ، وللوَرَثَةِ شيْئان، فتَعْدِلُ السُّدْسَ) واللَّهُ أعلمُ.
فصل في الجِنايةِ على العَبْدِ: إذا قَتَلَ عَبْدٌ مِثْلَه عَمْدًا، فسَيِّدُ المقْتُولِ مُخَيَّرٌ بينَ القِصاصِ والعَفْوِ، فإن عَفَا إلى مالٍ، تعَلَّقَ المالُ برَقَبَةِ القاتلِ؛ لأنَّه وجَبَ بجنايَتِه، وسَيِّدُه مُخَيَّرُ بينَ فِدائِه وتَسْلِيمِه؛ فإنِ اخْتارَ فِداءَه (1) فَدَاه بأَقَلِّ الأَمْرَيْن مِن قِيمَتِه أو قِيمَةِ المقْتُولِ؛ لأنَّه إن كان الأقَلُّ قيمَتَه، لم يَلْزَمْه أكْثَرُ منها؛ لأنَّها بَدَلٌ عنه، وإن كان الأقَلُّ قيمةَ المقْتُولِ، فليس لسَيِّدِه أكْثَرُ منها؛ لأنَّها بَدَلُ عَبْدِه. وعنه رِوايةٌ أُخْرَى، أنَّ سَيِّدَه إنِ اخْتارَ فِداءَه، فَدَاه بأَرْشِ الجِنايةِ بالِغًا ما بَلَغَ، وقد ذكَرْناه.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن قَتَلَ عَشَرةُ أعْبُدٍ عَبْدًا عَمْدًا، فعليهم القِصاصُ، فإنِ اخْتارَ السَّيِّدُ قَتْلَهُم، فله ذلك، وإن عَفَا إلى مالٍ، تعَلَّقَتْ قِيمَةُ عَبْدِه برِقابِهِم، على كُلِّ واحدٍ منهم عُشْرُها، يُباعُ منه بقَدْرِها، أو يَفْدِيه سَيِّدُه، وإنِ اخْتارَ قَتْلَ بعْضِهم والعَفْوَ عن البعضِ، فله ذلك؛ لأَنَّ له قَتْلَ الجميعِ والعَفْوَ عنهم. وإن قَتَلَ عَبْدٌ عبْدَيْن لرَجُلٍ واحدٍ، فله قَتْلُه والعَفْوُ عنه، فإن قَتَلَه، سَقَطَ حَقُّه، وإن عَفَا إلى مالٍ، تعَلَّقَتْ قِيمَةُ العَبْدَيْنِ برقَبَتِه، فإن كانا لرَجُلَيْنِ فكذلك، إلَّا أنَّ القاتلَ يُقْتَلُ بالأوَّلِ منهم؛ لأَنَّ حَقَّه أسْبَقُ، فإن عَفَا عنه الأَوَّلُ، قُتِلَ بالثانِى، وإن قَتَلَهُما دَفْعَةً واحدةً، أُقْرِعَ بينَ السَّيِّدَيْن، فمَن وقَعَتْ له القُرْعَةُ، اقْتَصَّ، وسَقَطَ حَقُّ الآخَرِ، وإن عَفَا عن القِصاصِ، أو عَفَا سَيِّدُ القَتِيلِ الأَوَّلِ إلى مالٍ، تَعَلَّقَ برَقَبَةِ العَبْدِ، وللثانى أن يَقْتَصَّ؛ لأَنَّ تَعَلُّقَ المالِ بالرَّقَبَةِ لا يُسْقِطُ حَقَّ القِصاصِ، كما لو جَنَى العَبْدُ المَرْهُونُ، فإن قَتَلَه الآخَرُ، سَقَطَ حَقُّ الأَوَّلِ مِن القِيمَةِ؛ لأنَّه لم يَبْقَ مَحَلٌّ يَتَعَلَّقُ به، وإن عَفَا الثَّانِى، تَعَلَّقَتْ قِيمَةُ القتيلِ الثَّانِى برَقَبَتِه أيضًا، ويُباعُ فيهما، ويُقْسَمُ ثَمَنُه على قَدْرِ القِيمَتَيْن، ولم يُقَدَّمِ الأَوَّلُ بالقِيمَةِ كما قَدَّمْناه بالقِصاصِ؛ لأَنَّ القِصاصَ لا يَتَبَعَّضُ بينَهما، والقِيمَةُ يُمْكِنُ تَبْعِيضُها. فإن قيل: فحَقُّ الأَوَّلِ أسْبَقُ. قُلْنا: لا يُراعَى السَّبْقُ، كما لو أتْلَفَ أمْوالًا لجَماعةٍ، واحِدًا بعدَ واحدٍ.
فصل: فإن قتَلَ العَبْدُ عَبْدًا بينَ شَرِيكَيْن، كان لهما القِصاصُ والعَفْوُ، فإن عَفَا أحَدُهما، سَقَطَ القِصاصُ، ويَنْتَقِلُ حَقُّهما إلى القِيمةِ؛ لأَنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القِصاصَ لا يَتَبَعَّضُ. وإن قَتَلَ عَبْدَيْن لرَجُلٍ واحدٍ، فله أن يَقْتَصَّ منه لأحَدِهما، أيِّهما كان، ويسْقُطُ حَقُّه مِن الآخرِ، وله أن يَعْفُوَ عنه إلى مالٍ، وتَتَعَلَّقُ قِيمَتُهما جميعًا برَقَبَتِه.