الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
4150 - مسألة: وتُؤْخَذُ النَّاقِصَةُ بالنَّاقِصَةِ، إذا تَساوَتا فيه، بأن يَكُونَ المَقْطُوعُ مِن يَدِ الجَانِى كالمَقْطُوعِ مِن يَدِ المَجْنِىِّ عليه؛ لأنَّهما تَساوَتا في الذَّاتِ والصِّفَةِ. فإنِ اخْتَلَفا، فكان المَقْطُوعُ مِن يَدِ أحَدِهما الإِبهامَ، ومِن الأُخْرَى
(1) إصْبَعٌ غيرُها، لم يَجِبِ القِصاصُ؛ لأَنَّ فيه أخْذَ إصْبَعٍ بغيرِها. وإن كانت إحْدَاهما ناقِصَةً إصْبَعًا، والأُخْرَى ناقِصَةً تلك الإِصْبَعَ وغيرَها، جازَ أخْذُ النَّاقِصةِ إصْبَعَيْنِ بالنَّاقِصةِ إصْبَعًا. وهل له أخْذُ إصْبَعِه الزَّائدةِ؟ فيه وَجْهان. ولا يجوزُ أخْذُ الأُخْرَى بها؛ لأَنَّ الكاملةَ لا تُؤْخَذ بالنَّاقصةِ.
4151 - مسألة: وتؤْخَذُ النَّاقِصَةُ بالكامِلَةِ؛ لأنَّهَا دُونَ حَقِّهِ. وهل له أخْذُ دِيَةِ الأصابِعِ النَّاقِصةِ
؟ على وَجْهَيْن؛ أحدُهما، له ذلك.
(1) في الأصل: «الآخر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو قولُ الشافعىِّ، واختِيارُ ابنِ حامدٍ. والثانى، ليس له مع القِصاصِ أَرْشٌ. وهو مذهبُ أبى حنيفةَ، وقِياسُ قولِ أبى بكرٍ؛ لِئَلَّا يُفْضِىَ إلى الجَمْعِ بينَ قِصاصٍ ودِيَةٍ في عُضْوٍ واحدٍ. وقال القاضى: قِياسُ قَوْلِه سُقُوطُ القِصاصِ، كقولِه في مَن قُطِعَتْ يَدُه مِن نِصْفِ الذِّراعِ. وليس هذا كذلك؛ لأنَّه (1) يَقْتَصُّ مِن مَوْضِعِ الجِنايةِ، ويَضَعُ الحَدِيدَةَ في مَوْضِعِ وضَعَها الجانِى، فمَلَكَ ذلك، كما لو جَنَى عليه فوقَ المُوضِحَةِ، أو كان رَأْسُ الشَّاجِّ أصْغَرَ، أو أخَذَ الشَّلَّاءَ بالصَّحِيحةِ. ويُفارِقُ القاطِعَ مِن نصْفِ الذِّراعِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه القِصاصُ مِن مَوْضِعِ الجِنايةِ. هكذا حَكاه الشَّرِيفُ عن أبى بكرٍ.
فصل: وإن كانت يَدُ القاطعِ والمَجْنِىِّ عليه كامِلَتَيْنِ، وفى يَدِ المَجْنِىِّ عليه إصْبَعٌ زَائِدَةٌ، فعلى قَوْلِ ابنِ حامدٍ، لا عِبْرَةَ بالزَّائدَةِ؛ لأنَّها بمنزلةِ الخُرَاجِ (2) والسِّلْعةِ. وعلى قولِ غيرِه، له قَطْعُ يَدِ الجانِى. وهل له حُكومةٌ في الزَّائدةِ؟ على وَجْهَيْن. وإن قطَع مَن له خَمْسُ أصابعَ أصْليَّةٍ كَفَّ مَن له أرْبَعُ أصابعَ أصْليَّةٍ وإصْبَعٌ زائدةٌ، أو قطَع مَنْ له أرْبَعُ أصابعَ أصْلِيَّةٍ وإصْبَعٌ زائدةٌ كَفَّ مَن له خَمْس أصابعَ أصْليَّةٍ، فلا قِصاصَ في الصُّورَةِ الأُولَى؛ لأَنَّ الأصْلِيَّةَ لا تُؤْخَذُ بالزَّائدةِ. وله القِصاصُ في الصُّورَةِ الثَّانيةِ، في قولِ ابنِ حامدٍ؛ لأَنَّ الزَّائدةَ لا عِبْرةَ بها. وقال غيرُه:
(1) في الأصل: «لا» .
(2)
في الأصل: «الجراح» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إن لم تَكُنِ الزَّائدةُ في مَحَلِّ الأصْلِيَّةِ، فلا قِصاصَ أيضًا؛ لأَنَّ الإصْبَعَيْنِ مُخْتلفانِ. وإن كانت في مَحَلِّ الأصْلِيَّةِ، فقال القاضى: يَجْرِى القِصاصُ. وهو مذهبُ الشافعىِّ، ولا شئَ له؛ لنَقْصِ الزَّائدةِ. قال شَيْخُنا (1): وهذا فيه نَظَرٌ؛ لأنَّها متى كانت في مَحَلِّ الأصْلِيَّةِ، كانت أصْليَّةً؛ لأَنَّ الزَّائدةَ هى التى زادَتْ عن عَدَدِ الأصابعِ، أو كانت في غيرِ مَحَلِّ الأصابعِ، وهذا له خَمْسُ أصابعَ في مَحَلِّها، فكانت كلُّها أصْلِيَّةً. فإن قالوا: معنى كَوْنِها زَائدةً، أنَّها ضَعِيفةٌ مائلةٌ عن سَمْتِ الأصابعِ. قُلْنا: ضَعْفُها لا يُوجِبُ كَوْنَها زَائدةً، كذَكَرِ العِنِّينِ، وأمَّا مَيْلُها عن سَمْتِ الأصابعِ، فإنَّها إن لم تَكُنْ نابِتَةً في (2) مَحَلِّ الإصْبَعِ (3) المَعْدومةِ، فسَد قَوْلُهم: إنَّها في مَحَلِّها. وإن كانت نابِتةً في مَوْضِعِها، وإنَّما مالَ رأْسُها أو اعْوَجَّتْ، فهو مَرَضٌ لا يُخْرِجُها عن كَوْنِها أصْلِيَّةً.
فصل: إذا قطَع إصْبَعَه، فأصابَه مِن (4) جُرْحِها أكِلَةٌ في يَدِه، وسَقَطَتْ مِن مَفْصِلٍ، ففيها القِصاصُ على ما نذْكُرُه في (4) سِرايَةِ الجِنايةِ. وإن بادَرَ صاحِبُها فقَطَعَها مِن الكُوعِ، لِئَلَّا تَسْرِىَ إلى سائرِ جَسَدِه، ثم انْدَمَلَ جُرْحُه، فعلى الجانِى القِصاصُ في الإصْبَعِ، والحُكومة
(1) في: المغنى 11/ 573.
(2)
في م: «من» .
(3)
في الأصل: «الأصابع» .
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيما تأكَّلَ مِن الكَفِّ، ولا شئَ عليه فيما قَطَعَه المَجْنِىُّ عليه؛ لأنَّه تَلِفَ بفعْلِه. وإن لم ينْدَمِلْ، ومات مِن ذلك، فالجانِى شَرِيكُ نَفْسِه، فيَحْتَمِلُ وُجُوبُ القِصاصِ عليه، ويَحْتَمِلُ أن لا يَجِبَ بحالٍ؛ لأَنَّ فِعْلَ المَجْنِىِّ عليه إنَّما قصَد به المَصْلَحَةَ، فهو عَمْدُ الخَطَأَ، وشَرِيكُ الخَاطِئِ لا قِصاصَ عليه، ويكونُ عليه نِصْفُ الدِّيَةِ. وإن قطَع المَجْنِىُّ عليه مَوْضِعَ الأكِلَةِ، نَظَرْتَ؛ فإنْ قَطَع لَحْمًا مَيِّتًا، ثم سَرَتِ الجِنايةُ، فالقِصاصُ على الجانِى؛ لأنَّه سِرايَةُ جُرْحِه خاصَّةً، وإن كان في لَحْمٍ حَىٍّ فمات، فهو كما لو قَطَعَها خَوْفًا مِن سِرايَتِها، وقد ذكَرْناه.
فصل: إذا قَطَع أُنْمُلَةً لها طَرَفانِ، إحْدَاهما زائدةٌ والأُخْرَى أصْلِيَّةٌ، فإن كانت أُنْمُلَةُ القاطعِ ذاتَ طَرَفَيْن أيضًا، أُخِذَتْ بها، وإن لم تَكُنْ ذاتَ طَرَفَيْنِ، قُطِعَتْ، وعليه حُكومةٌ في الزَّائدةِ. وإن كانتِ المَقْطُوعُةُ ذاتَ طَرَفٍ واحدٍ، وأُنْمُلَةُ القاطِعِ ذاتَ طَرَفَيْنِ، أُخِذَتْ بها، في قَوْلِ ابنِ حامدٍ. وعلى قَوْلِ غيرِه، لا قِصاصَ فيها، وله دِيَةُ أُنْمُلَتِهِ (1)، وإن ذهب الطَّرَفُ الزَّائدُ، فله الاسْتِيفاءُ. وإن قال: أنا أصْبِرُ حتى يَذْهَبَ الزَّائدُ (2) ثم أقْتَصُّ. فله ذلك؛ لأَنَّ القِصاصَ حَقُّه، فلا يُجْبَرُ على تعْجِيلِ اسْتِيفائِه.
(1) في م: «أنملة» .
(2)
سقط من: الأصل.