الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
الثَّالِثُ، اسْتِوَاؤُهُمَا فِى الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ، فَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِشلَّاءَ، وَلَا كَامِلَةُ الأَصَابِعِ بِنَاقِصَةٍ، وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ، وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ،
ــ
فيها، فعلى عاقِلَتِه دِيَتُها، وله القِصاصُ في الأُخْرَى، وإن قطَع الأُخْرَى، فهو مُسْتَوْفٍ حَقَّه، في أحَدِ الوَجْهينِ؛ لأَنَّ حَقَّه مُتَعَيِّنٌ فيها، فإذا أخَذَها قَهْرًا، سقَط حَقُّه، كما لو أتْلَفَ ودِيعَتَه. والثانى، لا يَسْقُطُ حَقُّه، وله عَقْلُ يَدِه، وعَقْلُ يَدِ الجانِى على عاقِلَتِه؛ لأَنَّ المَجْنُونَ لا يَصِحُّ منه الاسْتِيفاءُ. ويُفارِقُ الوَدِيعَةَ إذا أتْلَفَها؛ لأنَّها تَلِفَتْ بغيرِ تَفْرِيطٍ، وليس لها بَدَلٌ إذا تَلِفَتْ بذلك، واليَدُ بخِلافِه، فإنَّها لو تَلِفَتْ بغيرِ تَفْريطٍ، كانتْ عليه دِيَتُها، وكذلك الحُكْمُ في الصَّغيرِ. فإنِ اقْتَصَّا ممَّا لا تَحْمِلُه العاقِلَةُ، سقَط حَقُّهما، وَجْهًا واحدًا، وقد ذكَرْناه.
فصل: (الثالثُ، اسْتِواؤُهما في الصِّحَّةِ والكَمالِ) لأَنَّ القِصاصَ يَعْتَمِدُ المُماثَلَةَ (فلا تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بشَلَّاءَ، ولا كاملةُ الأصابعِ بناقِصَةٍ) ولا ذاتُ أظْفارٍ بما لا أظْفارَ لها (1)(ولا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بقائمَةٍ (2)، ولا لسانٌ ناطِقٌ بأخْرَسَ) لا نعلمُ أحدًا مِن أهْل العلم قال بوُجُوب قَطْعِ يَدٍ أو رِجْلٍ أو لِسانٍ صَحِيحٍ بأشَلَّ، إلَّا ما حُكِىَ عن (3) داودَ، أنَّه أوْجَبَ
(1) في تش: «فيها» .
(2)
أى ذهب بصرها وضوؤها ولم تنخسف بل الحدَقة على حالها.
(3)
سقط من: الأصل، تش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك؛ لاشْتِراكِهما في الاسمِ، فأُخِذَ به كالأُذُنَيْنِ. وِلَنا، أنَّ الشَّلَّاءَ [لا نَفْعَ](1) فيها سِوَى الجَمالِ (2)، فلا تُؤْخَذُ بما فيه نفْعُه، كالعَيْنِ الصَّحِيحَةِ لا تُؤْخَذُ بالقائمةِ، وما ذُكِرَ له قِياسٌ، وهو لا يقولُ بالقِياسِ، وإذا لم يُوجبِ القِصاصَ في العَيْنَيْنِ مع قوْلِه تعالى:{وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} (3). لأجْل تَفاوُتِهِما في الصِّحَّةِ والعَمَى، فلَأن لا يُوجِبَ ذلك فيما لا نَصَّ فيه أَوْلَى.
فصل: ولا تُؤْخَذُ يَدٌ كاملةُ الأصابعِ بناقِصَةِ الأصابعِ، فلو قطَع مَن له خَمْسُ أصابِعَ يَدَ مَن له أرْبَعٌ أو ثَلاثٌ، أو قطَع مَن له أرْبَعُ أصابعَ يَدَ مَن له ثَلاثٌ، لم يَجِبِ القِصاصُ؛ لأنَّها (4) فوقَ حَقِّه. وهل له أن يَقْطَعَ نِصْفِ الكَفِّ. وإن قطَع ذُو اليَدِ الكاملةِ يَدًا فيها إصْبَعٌ شَلَّاءُ وباقِيها مِن أصابعِ الجانِى بعَدَدِ أصابِعِه؟ فيه وَجْهان، ذكَرْناهما فيما إذا قطَع مِن صِحاحٌ، لم يَجُزْ أخْذُ الصَّحِيحةِ بها؛ لأنَّه أخْذُ كامِلٍ بناقِصٍ. وفى الاقْتِصاصِ مِن الأصابعِ الصِّحاحِ وَجْهان؟ فإن قُلْنا: له أن يَقْتَصَّ. فله الحُكومةُ في الشَّلَّاءِ، وأَرْشُ ما تَحْتَها مِن الكَفِّ. وهل يَدْخُلُ ما تحتَ
(1) في الأصل: «لا يقطع» .
(2)
في الأصل: «الكمال» .
(3)
سورة المائدة 45.
(4)
في الأصل: «لأنه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصابعِ الصِّحاحِ في قِصاصِها، أو تجِبُ فيه (1) حُكومةٌ؟ [على وجْهَيْن](2).
فصل: وإن قَطَع (3) اليَدَ الكاملةَ [ذُو يَدٍ](4) فيها إصْبَعٌ زائدَةٌ، وجَب القِصاصُ [فيها. ذكَرَه أبو عبدِ اللَّهِ ابنُ حامدٍ؛ لأَنَّ الزَّائدةَ عَيْبٌ ونَقْصٌ في المَعْنَى، فلم يَمْنَعْ وُجُودُها القِصاصَ](5) منها، كالسِّلْعةِ فيها والخُرَاجِ (6). واخْتارَ القاضى أنَّها لا تُقْطَعُ بها. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّها زِيادةٌ. فعلى هذا إن كان للمَجْنِىِّ عليه أيضا إصْبَعٌ زائدةٌ في مَحَلِّ الزَّائدةِ مِن الجانِى، وجَب القِصاصُ؛ لاسْتِوائِهِما، وإن كانتْ في غيرِ مَحَلِّها، أو (7) لم يَكُنْ للمَجْنِىِّ عليه إصْبَعٌ زائدةٌ، لم تُؤْخَذْ يَدُ الجانِى. وهل يَمْلِكُ قَطْعَ الأصابعِ؟ يُنْظَرُ؛ فإن كانتِ الزَّائِدَةُ مُلْصَقَةً بإحْدى الأصابعِ، فليس له قَطْعُ تلك الإِصْبَعِ؛ لأَنَّ في قَطْعِها إضْرارًا بالزَّائِدَةِ. وهل له قَطْعُ الأصابعِ الأرْبعِ؟ على وَجْهَين. وإن لم تكُنْ ملصقةً بواحدةٍ منهنَّ، فهل له قطْعُ الخَمْسِ؟ على وَجْهين. وإن كانتِ الزَّائدةُ نابتةً في إصْبعٍ في أُنْمُلَتِها
(1) في م: «به» .
(2)
في م: «فيه وجهان» .
(3)
بعده في الأصل، تش، ر 3:«ذو» .
(4)
في الأصل، تش، ر 3:«يدًا» .
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
في م: «الجراح» .
(7)
في م: «و» .