الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَتَلَ وَقَطَعَ طَرَفًا، قُطِعَ طَرَفُهُ، ثُمَّ قُتِلَ لِوَلِىِّ الْمَقْتُولِ،
ــ
له القُرْعَةُ؛ لتَساوِى حُقُوقِهم. فإن بادَرَ غيرُه فقَتَلَه، اسْتَوْفَى حَقَّه، وسَقَط حَقُّ الباقين إلى الدِّيَةِ. فإن قَتَلَهم مُتَفَرِّقًا، وأشْكَلَ الأَوَّلُ، وادَّعَى وَلِىُّ كلِّ واحدٍ أنَّه الأَوَّلُ، ولا بَيِّنةَ لهم، فأقَرَّ القَاتِلُ لأحَدِهم، قُدِّمَ بإقْرارِه، وإلَّا أقْرَعْنا بينَهم؛ لِاسْتِواءِ حُقُوقِهم (1).
4111 - مسألة: (وإنْ قَتَل وقَطَع طَرَفًا، قُطِع طَرَفُه)
أوَّلًا (ثم قُتِل لوَلِىِّ المَقْتُولِ) سَواءٌ تَقَدَّمَ القَتْلُ أو تَأخَّرَ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشّافعىُّ. وقال مالكٍ: يُقْتَلُ ولا يُقْطَعُ؛ لأنَّه إذا قُتِل تَلِف الطَّرَفُ، فلا فائِدَةَ في القَطْعِ، فأشْبَهَ ما لو كانا (2) لواحدٍ. ولَنا، أنَّهما جِنايتانِ
(1) في الأصل، تش:«حقهم» .
(2)
في م: «كان» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على رَجُلَيْن، فلم تَتَداخَلا، كقَطْعِ يَدَىْ رَجُلَيْن. وما ذكَرَهَ مِنَ القِياسِ لا يَصِحُّ، فإنَّه قد قال: لو قَطَع يَدَ رجلٍ ثم قَتَلَه، يَقْصدُ المُثْلَةَ به، قُطِع وقُتِل. ونحن نُوافِقُه على هذا في روايةٍ، فقد حَصَل الإِجماعُ مِنّا ومنه على انْتِفاءِ التَّداخُلِ في الأَصْلِ، فكيف يَقِيسُ (1) عليه! ولكنَّه يَنْقَلِبُ دليلًا عليه (2)، فنقولُ: قَطَع وقَتَل، فيُسْتَوْفَى منه مثلُ ما فَعَل، كما لو فَعَلَه برجُلٍ واحدٍ يَقْصِدُ المُثْلَةَ، ويَثْبُتُ الحُكْمُ في مَحَلِّ النِّزاعِ بطَريقِ التَّنبِيهِ، فإنَّه إذا لم يتَداخَلْ حَقُّ الواحدِ، فحقُّ الاثْنَيْنِ أوْلَى، ويَبْطُلُ بهذا ما قالَه مِن المَعْنَى.
فصل: فأمَّا إن قَطَع يَدَ رجُلٍ، ثم قَتَل آخَرَ، ثم سَرَى القَطْعُ إلى نَفْسِ المَقْطُوعِ فمات، فهو قاتِلٌ لهما، فإذا تَشاحّا في المُسْتَوْفِى للقَتْلِ، قُتِل بالذى قَتَلَه؛ لأَنَّ وُجُوبَ القَتْلِ عليه به أسْبَقُ، فإنَّ القَتْلَ بالذى قَطَعَه إنَّما وَجَب عندَ السِّرايَةِ، وهى مُتَأخِّرَةٌ عن قَتْلِ الآخَرِ. وأمَّا القَطْعُ، فإن قُلْنا: إنَّه يُسْتَوْفَى منه مثْلُ ما فَعَل. فإنَّه يُقْطَعُ له أوَّلًا، ثم يُقْتَلُ للذى قَتَلَه، ويَجِبُ للأوَّلِ نِصْف الدِّيَةِ. وإن قُلْنا: لا يُسْتَوْفَى القَطْعُ. وَجَبَت له الدِّية كاملةً، ولم يُقْطَعْ طَرَفُه. ويَحْتَمِلُ أن يَجِبَ له القَطْعُ على كلِّ حالٍ؛ لأَنَّ القَطْعَ إنَّما يَدْخُلُ في القَتْلِ عندَ اسْتِيفاءِ القَتْلِ، فإذا تَعَذّرَ
(1) في م: «نقيس» .
(2)
في الأصل، تش:«على» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اسْتِيفاءُ القَتْلِ، وَجَبَ اسْتِيفاءُ الطَّرَفِ لوُجُودِ مُقْتَضِيه، وعَدَمِ المانعِ مِن اسْتِيفائِه، كما لو لم يَسْرِ (1).
فصل: وإن قَطَع إصْبَعًا مِن يمينٍ لرجُلٍ، ويمينًا لآخَرَ، وكان قَطْعُ الإِصْبَعِ أسْبَقَ، قُطعَتْ إصْبَعُه قِصاصًا، وخُيِّرَ الأخِيرُ بينَ العَفْوِ إلى الدِّيَةِ، وبينَ القِصاصِ وأخْذِ دِيَةِ الإصْبَعِ. ذَكَره القاضى. وهو اختيارُ ابنِ حامدٍ، ومَذْهَبُ الشَّافعىِّ؛ لأنَّه وَجَد بعضَ حَقِّه، فكان له اسْتِيفاءُ المَوْجُودِ (2)، وأخْذُ بَدَلِ المَفْقُودٍ، كمَن أتْلَفَ مِثْلِيًّا لرجُلٍ، فوَجَدَ بعضَ المِثْلِ. وقال أبو بكر: يَتَخيَّرُ بينَ القِصاصِ ولا شئَ له معه، وبينَ الدِّيَةِ، هذا قياسُ قوله. وهو مَذْهَبُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه لا يُجْمَعُ في عُضْوٍ واحدٍ بينَ قِصاص ودِيَةٍ، كالنَّفْسِ. وإن كان قَطْعُ اليَدِ سابِقًا على قَطْعِ الإِصْبَعِ، قُطِعَتْ يمينُه قِصاصًا، ولصاحب الإصْبَعِ أَرْشُها. ويُفارقُ هذا ما إذا قَتَل رجُلًا، ثم قَطَع يَدَ آخَرَ، حيث قدَّمْنا اسْتِيفاءَ القَطْعِ مع تَأَخُّرِه؛ لأَنَّ قَطْعَ اليَدِ لا يَمْنَعُ التَّكافُؤَ في النَّفْسِ، بدليلِ أنَّنا نَأخُذُ كامِلَ الأطْرافِ بناقِصِها، وأنَّ دِيَتَهما واحدة، ونَقْصُ (3) الإصْبَعِ يَمْنَعُ التَّكَافُؤ في اليَدِ، بدليلِ أنَّا لا نَأخُذُ الكامِلةَ بالنَّاقِصةِ، واخْتِلافِ دِيَتِهما. وإن عَفا صاحبُ اليَدِ، قُطِعَتِ الإصْبَعُ لصاحِبِها، إنِ اخْتارَ قَطْعَها
(1) في م: «يسرف» .
(2)
بعده في الأصل: «به» .
(3)
في م: «بعض» .