الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَ الأَوَّلُ جَذَبَ الثَّانِىَ، وَجَذَبَ الثَّانِى الثَّالِثَ، فَلَا شَىْءَ عَلَى الثَّالِثِ، وَدِيَتُهُ عَلَى الثَّانِى في أحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِى الثَّانِى، عَلَى الأَوَّلِ وَالثَّانِى نِصْفيْنِ، وَدِيَةُ الثَّانِى عَلَى الْأوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الأَوَّلُ هَلَكَ مِنْ وَقْعَةِ الثَّالِثِ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ضَمَانهُ عَلَى الثَّانِى، واحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا عَلَى الثَّانِى، وفى نِصْفِهَا الْآخَرِ وَجْهَانِ.
ــ
4189 - مسألة: (وإن كان الأَوَّلُ جذَب الثَّانِىَ، وجذَب الثَّانِى الثَّالثَ، فلا شئَ على الثَّالِثِ)
لأنَّه لا فِعْلَ له (و) وَجَبَت (دِيَتُه على الثَّانِى في أحدِ الوَجْهَيْنِ) لأنَّه هو جَذَبَه وباشَرَه بذلك، والمُباشَرَةُ تَقْطَعُ حُكْمَ المُتَسَبِّبِ، كالحافرِ مع الدَّافعِ، والثَّانى دِيَتُه على الأَوَّلِ والثانِى نِصْفيْنِ؛ لأَنَّ الأوَّلَ جذَب الثانِىَ الجاذِبَ للثالثِ، فصار مُشارِكًا للثانى في إتْلافِه، ودِيَةُ الثَّانى على عاقلةِ الأَوَّلِ، في أحدِ الوَجْهَيْنَ؛ لأنَّه هلَك بجَذبَتِه. وإن هلَك بسُقُوطِ الثالثِ عليه، فقد هلَك بجَذْبةِ الأَوَّلِ وجَذْبةِ نَفسِه للثالثِ، فسقَط فِعْلُ نَفْسِه، كالمُصْطَدِمَيْنِ، وتَجبُ دِيَتُه بكَمالِها على الأَوَّلِ. ذكَره القاضى. والوجهُ الثانى، يَجِب على الأَوَّلِ نِصْفُ دِيَتِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُهْدَرُ نِصْفُها في مُقابلةِ فِعْلِ نَفْسِه. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. ويتَخَرَّجُ وجْهٌ ثالثٌ، وهو وُجوبُ نِصْفِ دِيَتِه على عاقِلَتِه لوَرَثَتِه، كما قُلْنا فيما إذا رَمَى ثَلاثةٌ بالمَنْجَنِيقِ، فقَتَلَ الحَجَرُ أحَدَهم. وأمَّا الأَوَّلُ إذا مات بوقُوعِهما عليه، ففيه الأوْجُهُ الثَّلاثةُ؛ لأنَّه مات مِن جَذْبَتِه وجَذْبَةِ الثَّانى للثالثِ، فتَجِبُ دِيَتُه كلُّها على عاقلةِ الثَّانى، ويُلْغَى فِعْلُ نَفْسِه، على الوَجْهِ الأَوَّلِ. وعلى الثَّانى، يُهْدَرُ نِصْفُ دِيَتِه المُقابِلُ لفِعْلِ نَفْسِه، ويَجِبُ نِصْفُها على الثانى. وعلى الثالثِ، يَجِبُ نِصْفُها على عاقِلَتِه لوَرَثَتِه.
فصل: فإن جَذَبَ الثالثُ رابعًا، فمات جميعُهمِ بوُقوعِ بعضِهم على بعضٍ، فلا شئَ على الرَّابعِ؛ لأَنَّه لم يَفْعَلْ شيئًا في نفسِه ولا غيرِه. وفى دِيَتِه وَجْهانِ؛ أحدُهما، أنَّها على عاقلةِ الثالثِ المُباشِرِ لجَذْبِه. والثانى،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على عاقلةِ الأَوَّلِ والثانِى والثالثِ؛ لأنَّه مات مِن جَذْبِ الثَّلاثةِ، فكانت دِيَتُه على عَواقِلِهم. وأما الأولُ فقد مات بجَذْبَتِه وجَذْبَةِ الثانى وجذبةِ الثالِثِ، ففيه ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها؛ أنَّه يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِه، وتَجِبُ دِيَتُه على عاقلةِ الثَّانى والثالثِ نِصْفَيْنِ. والثَّانى، يَجِبُ على عاقِلَتِهما ثُلُثاها، ويَسْقُطُ ما (1) قابَلَ فِعْلَ نَفْسِه. والثالثُ، يجبُ ثُلُثُها على عاقِلَتِه لوَرَثَتِه. وأمَّا الجاذبُ الثانى فقد مات بالأفْعالِ الثَّلاثة، وفيه هذه الأوْجُهُ الثَّلاثةُ المذْكُورةُ في الأَوَّلِ سواءً. وأمَّا الثالثُ، ففيه مثلُ هذه الأوْجُهِ الثَّلاثةِ، ووَجْهانِ آخَرانِ؛ أحدُهما، أنَّ دِيَتَه بكَمالِها على الثانى؛ لأنَّه المُباشِرُ لجَذْبِه، فسقَط فِعْلُ غيرِه بفِعْلِه. والثانى، أنَّ على عاقِلَتِهِ نِصْفَها، ويَسْقُطُ النِّصْفُ الثانى في مُقَابلَةِ فِعْلِه في نَفسِه.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن وقَع بعضُهم على بعضٍ، فماتُوا، نَظَرْتَ؛ فإن كان مَوْتُهم بغيرِ وُقُوعِ بعضِهم على بعض، مثلَ أن يكونَ البئرُ عَمِيقًا يموتُ الواقعُ فيه بنَفْسِ الوُقوعِ، أو كأن فيه ماءٌ يُغْرِقُ الواقِع فيَقْتُلُه، أو أسَدٌ يَأْكُلُهم، فليس على بعضِهم (1) ضَمانُ بعضٍ؛ لعَدَمِ تَأْثِيرِ فِعْلِ بعضِهم في هلاكِ بعضٍ، وإن شَكَكْنا في ذلك، لم يَضْمَنْ بعضُهم بعضًا؛ لأَنَّ الأَصْلَ بَراءةُ الذِّمَّةِ فلا نَشْغَلُها بالشَّكِّ. وإن كان مَوْتُهم بوُقوعِ بعضِهم على بعضٍ، فدَمُ الرَّابعِ هَدْرٌ؛ لأَنَّ غيرَه لم يَفْعَلْ فيه شيئًا، وإنَّما هلَك بفِعْلِه، وعليه دِيَةُ الثالثِ؛ لأنَّه قَتَلَه بوُقُوعِه عليه، ودِيَةُ الثانى عليه وعلى الثالثِ نِصْفَيْنِ، ودِيَةُ الأَوَّلِ على الثَّلاثةِ أثْلاثًا.
(1) في الأصل، تش، ر 3:«بعض» .