الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ والرِّجْلِ في قَطْعِهِمَا مِنَ الْكُوعِ
ــ
ووجَبَ الباقِى. وإن كانت إحدى ثَنِيَّتَيْه قصيرةً، نَقَصَ مِن دِيَتِها بقَدْرِ نَقْصِها، كما لو نَقَصَتْ بِكَسْرِها.
فصل: وإن جَنَى على سِنِّه جانٍ، فاضْطَرَبَتْ، وطالَتْ عن الأسْنانِ، وقيل: إنَّها تعودُ إلى مُدَّةٍ إلى ما كانتْ عليه. انتُظِرَتْ إليها، فإنْ ذهَبَتْ وسقَطَتْ، وجَبَتْ دِيَتُها، وإن عادتْ كما كانتْ، فلا شئَ عليه (1) فيها، كما لو جَنَى على يَدِه فمَرِضَتْ ثم بَرَأَتْ. وإن بَقِىَ فيها اضْطِرابٌ ففيها حُكومةٌ. وإن قَلَعَها قالِعٌ، فعليه دِيَتُها كاملةً، كما ذكَرْنا في الفَصْلِ الذى قبلَ هذا، وعلى الأَوَّلِ حُكومةٌ لجِنايَتِه، وإن مَضَتِ المُدَّةُ ولم تَعُدْ إلى ما كانتْ عليه، ففيها حُكومةٌ، وإن قَلَعَها قالِعٌ، فعليه دِيَتُها، كما ذكَرْنا. وإن قالواَ: يُرْجَى عَوْدُها. مِن غيرِ تَقْديرِ مُدَّةٍ، وجَبَتِ الحُكومةُ فيها؛ لِئلا يُفْضِىَ إلى إهْدارِ الجِنايةِ. وإن عادتْ سقَطَتِ الحُكومةُ، كما ذكَرْنا في غيرِها.
4249 - مسألة: (وتجِبُ دِيَةُ اليَدِ والرِّجْلِ في قَطْعِهما مِن
(1) زيادة من: تش.
وَالْكَعْبِ، فَإِنْ قَطَعَهُمَا مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ، لَمْ يَزِدْ عَلَى الدِّيَةِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقَاَل الْقَاضِى: في الزَّائِدِ حُكُومَةٌ.
ــ
الكُوعِ والكَعْبِ، فإن قَطَعَهما مِن فَوْقِ ذلك، لم يَزِدْ على الدِّيَةِ. وقال القاضِى: في الزَّائِدِ حُكُومَةٌ) أجْمعَ أهلُ العلمِ على وُجوبِ الدِّيَةِ في اليَدَيْن والرِّجْلَيْن، ووُجُوبِ نِصْفِها في إحداهما. وقد رُوِى عن معاذِ بنِ جبلٍ، أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«وفِى اليَدَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِى الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ» (1). وفى كتابِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بنِ حَزْمٍ: «وفِى اليَدِ خَمْسُونَ مِنَ الإِبِلِ» (2). واليَدُ التى تَجِبُ فيها الدِّيَةُ مِن الكُوعِ؛ لأَنَّ اسْمَ اليَدِ عندَ الإِطْلاقِ يَنْصَرِفُ إليها؛ لأَنَّ اللَّهَ تعالى لمَّا أَمَرَ بقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ [والسارقةِ](3)، كان الواجِبُ قَطْعَها مِن الكُوعِ، فإن قَطَعَ يَدَه مِن فوقِ الكُوعِ، فقَطَعَها مِن المَرْفِقِ، أو نصفِ السَّاعدِ، فليس عليه إلَّا دِيَةٌ واحدةٌ. نَصَّ عليه في رِوايةِ أبى طالبٍ. وهذا قولُ عطاءٍ، وقَتادةَ، وابنِ أبى لَيْلَى، [ومالكٍ](4). وهو قولُ بعضِ أصْحابِ الشافعىِّ.
(1) قال الحافظ في: تلخيص الحبير 4/ 28: لم أجده من حديث معاذ. وذكره في نصب الراية 4/ 371 عن سعيد بن المسيب مرسلا، وقال: لم أجده.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 309.
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل، تش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وظاهرُ مذْهَبِه عندَ أصْحابِه، أنَّه يَجِبُ مع دِيَةِ اليَدِ حُكومةٌ لِمَا زادَ؛ لأَنَّ اسْمَ اليَدِ لها إلى الكُوعِ، ولأَنَّ المَنْفَعَةَ المَقْصُودَةَ في اليَدِ، مِن البَطْشِ والأخْذِ والدَّفْعِ بالكَفِّ وماْ زادَ، تابعٌ للكَفِّ، والدِّيَةُ تَجِبُ في قَطْعِها مِن الكُوعِ، فيَجبُ في الزَّائدِ حُكومةٌ. قال أبو الخَطَّابِ: وهو قولُ القاضِى. ولَنا، أَنَّ اليَدَ اسْمٌ للجَمِيعِ إلى المَنْكِبِ، بدليلِ قولِه تعالى:{وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (1). ولمَّا نَزَلَتْ آيةُ التَّيَمُّمِ مسَحَ الصَّحابَةُ إلى المناكبِ. وقال ثعلبٌ: اليَدُ إلى المَنْكِبِ. وفى عُرْفِ النَّاسِ أنَّ جميعَ ذلك يُسمَّى يَدًا، فإذا قَطَعَها مِن فوقِ الكُوعِ، فما قَطَعَ إلَّا يَدًا، فلا يَلْزَمُه أكثرُ مِن دِيَتِها، فأمَّا قَطْعُها في السَّرِقَةِ؛ فلأنَّ المقْصودَ يَحْصُلُ به، وقَطْعُ بعضِ الشَّئِ يُسَمَّى قَطْعًا له، كما يُقالُ: قَطَعَ ثَوْبَه. إذا قَطَعَ جانِبًا منه. وقولُهم: إنَّ الدِّيَةَ تجبُ في قَطْعِها مِن الكُوعِ. قُلْنا: وكذلك (2) تجبُ بقَطْعِ الأصابعِ مُنْفَرِدَةً، ولا يجبُ بقَطْعِها مِن الكُوعِ أكثرُ ممَّا يجبُ في قَطْعِ الأصابعِ، والذَّكَرُ يجبُ في قَطْعِه مِن أصْلِه مثلُ ما يجبُ في قَطْعِ حَشَفَتِه. وأمَّا إذا قَطَعَ يَدَه مِن الكُوعِ، ثُمَّ قَطَعَها مِن المَرْفِقِ، وجَبَ في المقْطوعِ ثانيًا حُكومةٌ؛ لأنَّه وجبَتْ عليه دِيَةُ اليَدِ بالقَطْعِ الأَوَّلِ، فوَجَبَ بالثانى حُكومةٌ، كما لو قَطَعَ الأصابعَ ثم قَطَعَ الكَفَّ، أو كما لو فَعَلَ ذلك اثْنانَ.
(1) سورة المائدة 6.
(2)
في م: «لذلك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن كان له كفَّان في ذِراعٍ، أو يَدانِ على عَضُدٍ، وإحداهما باطِشةٌ دُونَ الأُخْرَى، أو إحْداهما أكثرُ بَطْشًا، أو في سَمْتِ الذِّراعِ والأُخْرَى مُنْحَرِفةٌ عنه، أو إحْدَاهما تامَّةٌ والأُخْرَى ناقِصةٌ، فالأُولَى هى الأصْلِيَّةُ، والأُخْرَى زائِدَةٌ، ففى الأصْلِيَّةِ دِيَتُها، والقِصاصُ بقَطْعِها عَمْدًا، وفى الزَّائدَةِ حُكومةٌ، سواءٌ قَطَعَها مُفْرَدَةً أو قَطَعَها (1) مع الأصْلِيَّةِ. وعلى قوْلِ ابنِ حامِدٍ، لا شئَ فيها؛ لأنَّهَا عَيْبٌ، فهى كالسِّلْعَةِ في اليَدِ. وإنِ اسْتَوَيا مِن كلِّ الوُجُوهِ، وكانَتا غيرَ باطِشَتَيْن، ففيهما ثُلُثُ دِيَةِ اليَدِ أو حُكومةٌ، ولا تَجبُ دِيَّةُ كاملةً؛ لأنَّهما لا نَفْعَ فيهما، فهما كاليَدِ الشَّلَّاءِ. وإن كانتا باطِشَتَيْن، ففيهما جميعًا دِيَةُ اليَدِ. وهل تجبُ حكُومةٌ مع ذلك؟ على وَجْهين، بِناءً على أنَّ الزَّائدةَ هل فيها حُكومةٌ أَوْ لا؟ وإن قَطَعَ إحداهما، فلا قَوَدَ؛ لاحْتِمالِ أن تكونَ هى الزَّائدةَ، فلا تُقْطَعُ الأصْلِيَّةُ بها، وفيها نِصْفُ ما فيهما؛ لتَساوِيهما، وإن قَطَعَ إِصْبَعًا مِن إحْداهما، وجَبَ أَرْشُ نِصْفِ إِصْبَعٍ، وفى الحُكومةِ وَجْهان. وإن قَطَعَ ذو اليَدِ التى لها طَرَفان، وجَبَ القِصاصُ فيهما، على قَوْلِ ابنِ حامِدٍ؛ لأَنَّ هذا نَقْصٌ لا يَمْنَعُ القِصاصَ، كالسِّلْعةِ في اليَدِ. وعلى قولِ غيرِه، لا يجبُ؛ لئِلَّا يأْخُذَ [يَدَيْن بيَدٍ](2) واحدةٍ، ولا نَقْطَعُ إحْدَاهما؛ لأنَّنا لا نعرِفُ الأصْلِيَّةَ فأْخُذها، ولا نأخذُ زائدةً بأصْلِيَّةٍ.
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «بيده» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وفى الرِّجْلَيْن الدِّيَةُ، بغيرِ خِلافٍ، وفى إحداهما نِصْفُها؛ لِمَا ذكَرْنا مِن الحديثِ والمعْنى في اليدَيْنِ، وفى تَفْصِيلِها كما ذكَرْنا مِن (1) التَّفْصيلِ في اليَدَيْن، ومَفْصِلُ الكَعْبَيْنِ ههُنا مثلُ مَفْصِلِ الكُوعَيْن في اليدَيْنِ. وفى قَدَمِ (2) الأعْرَجِ ويَدِ الأعْسَمِ الدِّيَةُ؛ لأَنَّ العَرَجَ لمعنًى في غيرِ القَدَمِ (3)، والعَسَمُ: اعْوِجاجٌ في الرُّسْغِ. وليس ذلك عيْبًا في قَدَمٍ ولا كَفٍّ، فلم يَمْنَعْ كمالَ الدِّيَةِ فيهما. وذكرَ أبو بكرٍ أنَّ في كلِّ واحِدةٍ (4) ثُلُثَ الدِّيَةِ، كاليَدِ الشَّلَّاءِ. ولا يَصِحُّ، لأنَّهما لم تَبْطُلْ مَنْفَعَتُهما، فلم تَنْقُصْ دِيَتُهما، بخِلافِ اليَدِ الشَّلَّاءِ. فإن كان له قدَمان في رِجْلٍ واحدةٍ، فالحكمُ على ما ذكَرْنا في اليَدَيْن، وإن كان إحْدَى القَدَمَيْنِ أطْولَ مِن الأُخْرَى، وكان الطويلُ مُساوِيًا للرِّجْلِ الأُخْرَى فهو الأصْلِىُّ، وإن كان زائدًا عنها، والآخَرُ مُساوٍ للرِّجْلِ الأُخْرَى، فهو الأصْلِىُّ، وإن كان له في كلِّ رِجْلٍ قدَمانِ، يُمْكِنُه المَشْىُ على الطَّويلَتَيْن مَشْيًا مُسْتَقِيمًا، فهما الأصْلِيَّان، وإن لم يُمْكِنْه، فقُطِعا (5)، وأمْكَنَه المَشْىُ على القَصِيريْنِ، فهما الأصْلِيَّان، والآخَران زائِدان. فإن أشَلَّ الطَّويلَيْن، ففِيهما الدِّيَةُ؛ لأَنَّ الظاهِرَ أنَّهما الأصْلِيّان، فإن قَطَعَهُما قاطعٌ، فأمْكَنَه المَشْىُ على القَصِيرَيْن، تبَيَّنَ أنَّهما الأصْلِيَّان، وإن لم يُمْكِنْه،
(1) سقط من: الأصل، تش.
(2)
في الأصل: «مقدم» .
(3)
في الأصل: «المقدم» .
(4)
في م: «واحد منهما» .
(5)
في م: «فقطع» .