الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُؤْخَذُ في الْبَقَرِ النِّصْفُ مُسِنَّاتٍ، وَالنِّصْفُ أتْبِعَةً، وَفِى الْغَنَمِ النِّصْفُ ثَنَايَا، وَالنِّصْفُ أَجْذِعَةً.
ــ
قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «في دِيَةِ الخَطَأَ عِشْرُونَ حِقَّةً، وعِشْرُونَ جَذًعَةً، وعِشْرُونَ بِنْتَ مَخاضٍ، وعِشْرُونَ بَنِى مَخاضٍ، وعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ» . روَاه أبو داودَ، والنَّسائِىُّ، وابنُ ماجَه (1). ولأَنَّ ابنَ لَبُونٍ يَجِبُ على طريقِ البَدَلِ عن ابْنَةِ مَخاض في الزَّكاةِ إذا لم يَجِدْها، فلا يُجْمَعُ بينَ البَدَلِ والمُبْدَلِ في واجِبٍ، ولأَنَّ مُوجبَهُما واحدٌ، فيَصِيرُ كأنَّه أوْجَبَ أرْبعينَ ابْنَةَ مَخاضٍ، ولأَنَّ ما قُلْناه الأقَلُّ، والزِّيادَةُ عليه لا تَثْبُتُ إلَّا بتَوْقِيفٍ، على مَن ادَّعاهُ الدَّلِيلُ، فأمَّا قَتِيلُ خيْبَرَ، فلا حُجَّةَ لهم فيه؛ لأنَّهم لم يدَّعُوا القَتْلَ إلَّا عَمْدًا، فتكونُ دِيَتُه دِيَةَ العَمْدِ، وهى مِن أسْنانِ الصَّدَقَةِ، والخِلافُ في دِيَةِ الخَطَأَ. وقول أبى ثَوْرٍ يُخالِفُ الآثارَ المَرْوِيَّةَ التى ذكَرْناها، فلا يُعَوَّلُ عليه.
4203 - مسألة: (ويُؤْخَذُ في البَقَرِ النِّصْفُ مُسِنَّاتٍ، والنِّصْفُ أتْبعَة، وفى الغَنَمِ النِّصْفُ ثَنَايا، والنِّصْفُ أجْذِعَةً)
إذا كانتِ الغَنَمُ ضَأْنًا؛ لأَنَّ دِيَةَ الإِبِلِ مِن الأسْنانِ المُقَدَّرةِ (2) في الزَّكاةِ، فكذلك البَقَرُ والغَنَمُ.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب الدية كم هى؟ من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 491. والنسائى، في: باب ذكر أسنان دية الخطأ، من كتاب القسامة. المجتبى 8/ 39. وابن ماجه، في: باب دية الخطأ، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 879.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 450. وانظر ضعيف سنن أبى داود 456.
(2)
في الأصل، تش:«المقدمة» .
وَلَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ في شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أن يَكُونَ سَلِيمًا مِنٍ الْعُيُوبِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ كُلِّ بَعِيرٍ مِائَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا. فَظَاهِرُ هَذَا أنَّهُ يُعْتَبَرُ في الأُصُولِ كُلِّهَا أن تَبْلُغَ دِيَةً مِنَ الْأَثْمَانِ. وَالأوَّلُ أَوْلَى.
ــ
4204 -
مسألة: (ولا تُعْتَبَرُ القِيمَة في شَىْءٍ مِن ذلك إذا كان سَلِيمًا مِنَ العُيُوبِ. وقال أَبُو الخَطَّابِ: يُعْتَبَرُ أن يَكُونَ قِيمَةُ كُلِّ بَعِيرٍ مِائَةً وعِشْرِينَ دِرْهَمًا. فظاهِرُ هذا أنَّه يُعْتَبَرُ في الأُصُولِ كُلِّهَا أَنْ تَبْلُغَ دِيَةً مِنَ الأثْمانِ. والأَوَّلُ أوْلَى) الصَّحِيحُ أنَّه لا تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الإبلِ، بل متى وُجِدَتْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على الصِّفَةِ المَشْرُوطةِ وجَبَ أخْذُها. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وسواءٌ قَلَّتْ قِيمَتها أو كَثُرَتْ. وهو ظاهِرُ مذهبِ الشافعىِّ. وذكَرَ أصْحابُنا أنَّ مذهبَ أحمدَ أن تُؤْخَذَ مِائَة مِنَ الإِبلِ، قِيمَةُ (1) كُلِّ بَعِيرٍ منها مِائَةٌ وعِشْرُونَ دِرْهمًا، فإن لم يَقْدِرْ على ذلك، أدَّى اثْنَىْ عَشَرَ ألْف دِرْهَمٍ، أو ألْفَ دِينارٍ؛ لأَنَّ عمرَ قَوَّمَ الإِبلَ على أهْلَ الذَّهَبِ ألْفَ مِثْقالٍ، وعلى أَهْلِ الوَرِقِ اثْنَىْ عشَرَ ألْفَ دِرْهَمٍ (2). فدَلَّ على أنَّ ذلك قِيمَتُها، ولأَنَّ هذه أبْدَالُ مَحَلٍّ واحدٍ، فيَجِبُ أن تَتَساوَى في القِيمَةِ، كالمِثْلِ والقِيمَةِ في بَدَلِ القَرْضِ، والمُتْلَفِ في المِثْلِيَّاتِ (3). ولَنا، قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:«في النَّفْسِ المُؤْمِنَةِ مِائَة مِنَ الإِبِلِ» (4). وهذا مُطْلَقٌ، فتَقْيِيدُه يُخالِفُ إطْلاقَه، فلم يَجِبْ إلَّا بدليلٍ، ولأنَّها كانتْ تُؤْخَذُ على عَهْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وقِيمَتها ثمانِيةُ آلافٍ. وقولُ عمرَ في حديثِه: إنَّ الإِبلَ قد غَلَتْ. فقَوَّمَها
(1) في الأصل: «ثمن» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 369.
(3)
في الأصل، تش:«المتلفات» .
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 309.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على أَهْلِ الوَرِقِ اثْنَىْ عَشَرَ ألْفًا. دَلِيلٌ على أنَّها في حالِ رُخْصِها أقَلُّ قِيمَةً مِن ذلك، وقد كانتْ تُؤْخَذُ في زَمَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وأبى بكرٍ، وصدْرًا مِن خِلافَةِ عمرَ، مع رُخْصِها وقِلَّةِ قِيمَتِها ونَقْصِها عن مائةٍ وعِشرِينَ، فإيجابُ ذلك فيها خِلافُ سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فَرقَ بينَ دِيَةِ الخَطَأ والعَمْدِ، فغَلَّظَ دِيَةَ العَمْدِ، وخَفَّفَ دِيَةَ الخَطَأْ، وأجْمَعَ عليه أهلُ العلمِ، واعْتِبارُها بقِيمَةٍ واحدةٍ تَسْوِيَة بينَهما، وجَمْعٌ بينَ ما فَرَّقَه (1) الشَّارِع، وإزَالَةُ التَّخفِيفِ والتَّغْلِيظِ جَمِيعًا، بل هو تَغْلِيظٌ لدِيَةِ (2) الخَطَأَ؛ لأَنَّ اعْتِبارَ ابْنَةِ مَخاضٍ بقِيمَةِ ثَنِيَّةٍ أو جَذَعَةٍ، يَشُقُّ جدًّا، فيكونُ تَغْلِيظًا لدِيَةِ (2) الخَطَأ، وتَخْفِيفًا لدِيَةِ (2) العَمْدِ، وهذا خِلافُ ما قَصَدَه الشَّارِعُ، ووَرَدَ به، ولأَنَّ العادةَ نَقْصُ قِيمَةِ بَناتِ المَخَاضِ عق قِيمَةِ الحِقَاقِ والجَذَعَاتِ، فلو كانتْ تُؤَدَّى على عَهْدِ رسولِ
(1) بعده في الأصل، تش:«فرق به» .
(2)
في الأصل: «كدية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بقِيمَةٍ واحدةٍ، ويُعْتَبَرُ فيها ذلك، لنُقِلَ، ولم يَجُزِ الإخْلالُ به؛ لأَنَّ ما ورَد الشَّرْعُ به مُطْلقًا إنَّما يُحْمَلُ على العُرْفِ والعادةِ، فإذا أُرِيدَ به ما يُخالِفُ العادةَ، وَجَبَ بَيانُه وإيضاحُه، لِئَلَّا يكونَ تَلْبِيسًا في الشَّرِيعةِ، وإيهامَهُم أنَّ حُكْمَ اللَّهِ خِلافُ ما هو حُكْمُه على الحَقِيقةِ (1)، والنبىُّ صلى الله عليه وسلم بُعِثَ للبَيانِ، قال اللَّهُ تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (2). فكيف يُحْمَلُ قَوْلُه (3) على الإِلْباسِ والإِلْغازِ! هذا ما (4) لا يَحِلُّ. ثم لو حُمِلَ الأمْرُ على ذلك لَكانَ ذِكْرُ الأسْنانِ عَبَثًا غيرَ مُفِيدٍ، فإنَّ فائدةَ ذلك إنَّما هو لكونِ اخْتِلافِ أسْنانِها مَظِنَّةً لاخْتِلافِ القِيَمِ (5)، فأُقِيمَ مُقامَه، ولأَنَّ الإِبلَ الأصْلُ في الدِّيَةِ، فلا تُعْتَبَرُ قِيمَتُها بغيرِها، كالذَّهَبِ والوَرِقِ، ولأنّها أصْلٌ في الوُجوبِ، فلا تُعْتَبَرُ قِيمَتُها، كالإِبلِ في السَّلَم وشاةِ الجُبْرانِ، وحَدِيثُ عمرِو بنِ شُعَيْبٍ حُجَّة لنا، فإنَّ الإِبلَ كانتْ تُؤْخَذُ -قبلَ أن تَغْلُوَ ويُقَوِّمَها عمرُ- وقِيمَتُها [أقَلُّ (6) مِن] (7) اثْنَىْ عَشَرَ ألْفًا. وقد قيل: إنَّ قِيمَتَها كانت ثمانيةَ آلافٍ. ولذلك قال عمرُ:
(1) في الأصل، تش:«التخفيف» .
(2)
سورة النحل 44.
(3)
في م: «قولهم» .
(4)
سقط من: م.
(5)
في الأصل، تش:«الغنم» .
(6)
في تش، ق، م:«أكثر» ، وفى ر 3:«قبل» . والمثبت كما في المغنى 12/ 10.
(7)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
دِيَةُ الكِتَابِىِّ أرْبعةُ آلافٍ (1). وقولُهم: إنَّها أبْدَالُ مَحَلٍّ واحدٍ. فلَنا أن نَمْنَعَ، ونقُولَ: البَدَلُ إنَّما هو الإِبلُ، وغيرُها مُعْتَبَرٌ بها. وإن سَلَّمْنا، فهو مُنْتَقِضٌ بالذَّهَبِ والوَرِقِ، فإنَّه لا يُعْتَبَرُ تَساوِيهما، ويَنْتَقِضُ أيضًا بشاةِ الجُبْرانِ مع الدَّراهِمِ. وأمَّا بَدَلُ القَرْضِ والمُتْلَفِ، فإنَّما هو المِثْلُ خاصَّةً، والقِيمَةُ بَدَلٌ عنه، ولذلك لا تَجِبُ إلَّا عندَ العَجْزِ عنه، بخِلافِ مَسْألَتِنا. فإن قيل: فهذا حُجَّةٌ عليكم؛ لِقَوْلِكم: إنَّ الإِبِلَ هى الأصْلُ، وغيرَها بَدَلٌ عنها. فيَجبُ أن يُساوِيَها، كالمِثْلِ والقِيمةِ. قُلْنا: إذا ثبَت لنا هذا، يَنْبَغِى أن يُقَوَّمَ غيرُها بها، ولا تُقَوَّمَ هى بغيرِها؛ لأَنَّ البَدَلَ (2) يتْبَعُ الأَصْلَ، ولا يَتْبَعُ الأصْلُ البَدَلَ، على أنَّا نقولُ: إنَّما صِيرَ إلى التَّقْدِيرِ بهذا؛ لأَنَّ عمرَ، رَضىَ اللَّهُ عنه، قوَّمَها في وَقْتِه بذلك، فوَجَبَ المَصِيرُ إليه، كيْلا يُؤَدِّىَ إلى التَّنازُعِ والاخْتِلافِ في قِيمَةِ الإِبلِ الواجبةِ، كما قُدِّرَ لَبَنُ المُصَرَّاةِ بصاعٍ مِنَ التَّمْرِ، نَفْيًا للتَّنازُعِ [في قِيمَتِه، فلا يُوجِبُ هذا أن يُرَدَّ الأصْلُ إلى التَّقْوِيمِ، فيُفْضِى إلى عَكْسِ حِكْمَةِ الشَّرْعِ](3)،
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 10/ 93. وابن أبى شيبة، في: المصنف 9/ 288. والدارقطنى، في: سننه 3/ 130، 131، 146. والبيهقى، في: السنن الكبرى 8/ 100.
وانظر ما تقدم في صفحة 369.
(2)
في الأصل: «المبدل» .
(3)
سقط من: الأصل.