الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ
وَيُشْتَرَطُ لَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ مُكَلَّفًا، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، لَمْ يَجُزِ اسْتِيفَاؤُهُ، وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حَتَّى يَبْلُغ الصَّبِىُّ وَيَعْقِلَ الْمَجْنُونُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَبٌ، فَهَلْ لَهُ اسْتِيفَاؤهُ لَهُمَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
بابُ اسْتِيفاءِ القِصاصِ
(ويُشْتَرطُ له ثلاثةُ شُرُوطٍ؛ أحَدُها، أن يكونَ مَن يَسْتَحِقُّه مُكَلَّفًا، فإن كان صَبِيًّا أو مَجْنُونًا، لم يَجُزِ اسْتِيفاؤُه، ويُحْبَسُ القاتِلُ حتى يَبْلُغَ الصَّبِىُّ ويَعْقِلَ المَجْنونُ) إذا كان مَن يَسْتَحِقُّ القِصاصَ واحِدًا غيرَ مُكَلَّفٍ، صَغِيرًا أو مَجْنُونًا، كصَبِىٍّ قُتِلَتْ أُمُّه، وليست زوجةً لأبِيه، فالقِصاصُ له، وليس لأبِيه ولا لغيرِه اسْتِيفاؤُه. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ، له اسْتِيفاؤُه. وكذلك الحُكْمُ في الوَصِىِّ والحاكمِ في الطَّرَفِ دُونَ النَّفْسِ. وذَكَر أبو الخَطّابِ في مَوْضِعٍ في الأبِ رِوايَتَيْن،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفى مَوْضِعٍ وَجْهَيْنِ؛ أحَدُهما، كقَوْلِهما (1)؛ لأَنَّ القِصاصَ أحَدُ بَدَلَى النَّفْسِ، فكان للأبِ اسْتِيفاؤُه، كالدِّيَةِ. ولَنا، أنَّه لا يَمْلِكُ إيقاعَ الطَّلاقِ بزَوْجَتِه، فلا يَمْلِكُ اسْتِيفاءَ القِصاصِ له، كالوَصِىِّ. ولأَنَّ القَصْدَ التَّشَفِّى ودَرْكُ الغَيْظِ، ولا يَحْصُلُ ذلك باسْتِيفاءِ الوَلِىِّ. ويُخالِفُ الدِّيَةَ، فإنَّ الغَرَضَ يَحْصُلُ باسْتِيفاءِ الأبِ، فافْتَرَقا، ولأَنَّ الدِّيَةَ إنَّما يَمْلِكُ اسْتِيفاءَها إذا تَعَيَّنَتْ، والقِصاصُ لا يَتَعَيَّنُ، فإنَّه يجوزُ العَفْوُ إلى الدِّيَةِ، والصُّلْحُ على (2) مالٍ أكْثَرَ منها و (3) أقَلَّ، والدِّيَةُ بخِلافِ ذلك.
فصل: وكلُّ مَوْضِعٍ يجبُ تَأْخِيرُ الاسْتِيفاءِ، فإنَّ القاتِلَ يُحْبَسُ حتى يَبْلُغَ الصَّبِىُّ، ويَعْقِلَ المَجْنُونُ، ويَقْدَمَ الغائِبُ، وقد حَبَس مُعاوِيَةُ هُدْبَةَ ابنَ خَشْرَمٍ في قِصاصٍ حتى بَلَغ ابنُ القَتِيلِ، في عَصْرِ الصحابةِ، فلم يُنْكَرْ ذلك، وبَذَل الحسنُ والحسينُ وسعيدُ بنُ العاصِ لابنِ القَتِيلِ سَبْعَ دِيَاتٍ، فلم يَقْبَلْها (4). فإن قِيلَ: فلِمَ لا يُخَلَّى سَبِيلُه كالمُعْسِرِ (5)
(1) في تش: «هو لهما» .
(2)
في م: «إلى» .
(3)
في م: «أو» .
(4)
انظر: الكامل للمبرد 4/ 84، 85.
(5)
في م: «كالعسر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالدَّيْنِ؟ قُلْنا: لأَنَّ في (1) تَخْلِيَتِه تَضْيِيعًا للحَقِّ؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ هَرَبُه، والفَرْقُ بينَه وبينَ المُعْسِرِ مِن وُجُوهٍ؛ أحَدُها، أنَّ قَضاءَ الدَّيْنِ لا يَجِبُ مع الإِعْسارِ، فلا يُحْبَسُ بما لا يجبُ، والقِصاصُ ههُنا وأجِبٌ، وإنَّما تَعَذَّرَ المُسْتَوْفِى. الثانى، أنَّ المُعْسِرَ إذا حَبَسْناه تَعَذَّرَ الكَسْبُ لقَضاءِ الدَّيْنِ، فلا يُفِيدُ، بل يَضُرُّ مِن الجانِبَيْن، وههُنا الحَقُّ نفسُه يفُوتُ بالتَّخْلِيَةِ لا بالحَبْسِ. الثالثُ، أنَّه قد اسْتُحِقَّ قَتَلُه، وفيه تَفْوِيتُ نفسِه ونَفْعِه، فإذا تَعَذَّرَ تَفْوِيتُ نَفْسِه، جاز تَفْوِيتُ نَفعِه لإِمْكانِه. فإن قِيلَ: فلِمَ يُحْبَسُ مِن أجلِ الغائبِ، وليس للحاكِمِ عليه وِلايَةٌ إذا كان مُكَلَّفًا رَشِيدًا، ولذلك لو وَجَد بعضَ مالِه مَغْصُوبًا لم يَمْلِكِ انْتِزاعَه؟ قُلْنا: لأَنَّ في القِصاصِ حَقًّا للمَيِّتِ، وللحاكِمِ عليه وِلايَةٌ، ولهذا يُنْفِذُ وَصايَاه مِن الدِّيَةِ، ويَقْضِى دُيُونَه. منها، فنَظِيرُه أن يَجدَ الحاكمُ مِن تَرِكَةِ المَيِّتِ في يَدِ إنسانٍ شيئًا غَصْبًا، والوارِثُ غائبٌ، فإنَّه يَأْخُذُه. ولو كان القِصاصُ لِحَىٍّ في طَرَفِه، لم يَتَعَرَّضْ لِمَن هو عليه. فإن أقام القاتلُ كَفِيلًا بنفسِه ليُخَلَّى سَبِيلُه (2)، لم يَجُزْ؛ لأَنَّ الكَفالَةَ لا تَصِحُّ في القِصاصِ، فإنَّ فائِدَتَها اسْتِيفاءُ الحَقِّ مِن الكَفِيلِ إن تَعَذَّرَ إحْضارُ المَكْفُولِ به (3)،
(1) سقط من: الأصل، تش.
(2)
بعده في م: «له» .
(3)
زيادة من: ق، م.