الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرْشُ جِرَاحِهِ.
فَصْلٌ:
وَدِيَةُ الْكِتَابِىِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ. وَعَنْهُ، ثُلُثُ
ــ
ونِصْفُ دِيَةِ أُنْثَى) وذلك ثَلاثةُ أرْباعِ دِيَةِ (1) الذَّكَرِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ الذُّكورِيَّةَ والأُنُوثِيَّةَ. وهذا قولُ أصْحابِ الرَّأْى. وعندَ الشافعىِّ، الواجِبُ دِيَةُ أُنْثَى؛ لأنَّها اليَقِينُ، فلا يجبُ الزَّائِدُ بالشَّكِّ. ولَنا، أنَّه يَحْتَمِلُ الذُّكُورِيَّةَ والأُنوثِيَّةَ احْتِمالًا واحدًا، وقد يَئِسْنا مِن انْكِشافِ حالِه، فيجبُ التَّوَسُّطُ بينَهما، والعملُ بكِلا الاحْتِماليْنِ.
فصل: ويُقادُ به الذَّكَرُ والأُنْثَى؛ لأنَّهما لا يَخْتَلِفانِ في القَوَدِ، ويُقَادُ هو بكلِّ واحدٍ منهما، فأمَّا جِراحُه؛ فإن كانت دُونَ الثُّلُثِ، اسْتَوَى الذَّكرُ والأُنْثَى؛ لأَنَّ أدْنَى حالَيْه (2) أن يكونَ امرأةً، وهى تُساوِى الذَّكرَ على ما بيَّنَّا، وفيما زادَ ثَلاثةُ أرباعَ جُرحِ (3) ذَكَرٍ.
فصل: (ودِيَةُ الكِتابِىِّ نِصْفُ دِيَةِ المسْلِمِ) إذا كان حُرًّا (ونِساؤُهم
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل، تش:«حالته» .
(3)
في م: «حر» .
دِيَتِهِ.
ــ
على النِّصْفِ من دِياتِهِم) هذا ظاهِر المذهبِ. وهو قولُ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، وعُرْوَةَ، ومالكٍ، وعمرِو بنِ شُعَيْبٍ. وعنه أنَّها ثُلُثُ. دِيَةِ المسلمِ، إلَّا أنَّه رجَع عنها، فرَوَى عنه صالِحٌ، أنَّه قال: كنتُ أقولُ: دِيَةُ اليَهُودِىِّ والنصْرانِىِّ أرْبَعةُ آلافٍ، وأنا اليومَ أذْهَبُ إلى نِصْفِ دِيَةِ المُسْلِمِ، حديثِ عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، وحديثِ عثمانَ الذى يَرْوِيه الزُّهْرِىُّ عن سالم عن أَبِيه (1). وهذا صَرِيح في الرُّجُوعِ عنه. ورُوِىَ عن عمرَ، وعُثمانَ، أنَّ دِيَتَه أرْبَعةُ آلافِ دِرْهَم (2). وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعَطاء، وعِكْرِمَةُ، وعَمْرُو بنُ دِينارٍ، والشافعى، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ؛ لِما رَوَى عُبادَةُ بن الصَّامِت أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«دِيَةُ اليَهُودِىِّ والنَّصْرانِىِّ، أرْبَعَةُ آلافٍ أرْبَعَةُ آلافٍ» (3). ورُوِىَ أنَّ
(1) حديث عمرو بن شعيب يأتى قريبا.
وحديث عثمان أخرجه عبد الرزاق، في: باب دية المجوسى، من كتاب العقول. المصنف 10/ 96. والبيهقى، في: باب الروايات فيه عن عثمان، رضي الله عنه، من كتاب الجنايات. السنن الكبرى 8/ 33.
(2)
حديث عمر تقدم تخريجه في صفحة 385.
وحديث عثمان أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب من قال: الذمى على النصف أو أقل، من كتاب الديات. المصنف 9/ 289. والبيهقى، في: باب دية أهل الذمة، من كتاب الديات. السنن الكبرى 8/ 100.
(3)
ذكر ابن حجر، في: تلخيص الحبير 4/ 25 أن أَبا إسحاق الإسفراينى عزاه كتاب أدب الجدل لموسى ابن عقبة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، جعَل دِيَةَ اليَهُودِى والنَّصْرانِىِّ أرْبَعَةَ آلافٍ، ودِيَةَ المَجُوسِىِّ ثمانمائةِ دِرْهَم. وقال عَلْقَمَةُ، ومُجاهِدٌ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: دِيَتُه كدِيَةِ المُسلمِ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعُثمانَ، وابنِ مسعودٍ، ومُعاوِيةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ (1): هو قولُ سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، والزُّهْرِىِّ؛ لِما رَوَى عمرُو ابنُ شُعَيْب، عن أَبِيه، عن جَدِّه، أنَّه قال: دِيَةُ اليَهُودِىِّ والنَّصْرَانِىِّ مِثْلُ دِيَةِ المُسْلِمِ (2). ولأَنَّ اللَّه سبحانه ذكَر في كتابِه دِيَةَ المسلمِ، وِقال:{وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (3). وقال في الذِّمِّىِّ مثلَ ذلك، ولم يُفَرِّقْ، فدَلَّ على أنَّ دِيَتَهُما واحدة، ولأنَّه حُرٌّ ذَكَرٌ مَعْصُومٌ، فتَكْمُلُ دِيَتُه كالمُسْلِمِ. ولَنا، ما رَوَى عمرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أَبِيه، عن جَدِّه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم قال:«دِيَةُ المُعَاهَدِ نِصْف دِيَةِ المُسْلِمِ» (4). وفى لفظٍ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى أنَّ عَقْلَ أَهْلِ الكِتابِ نِصْفُ عَقْلِ المُسْلِمينَ. روَه الإِمامُ
(1) في: التمهيد 17/ 360.
(2)
كذا ذكر المصنف ههنا موقوفًا، وذكره في المغنى 10/ 52 مرفوعًا إلى النبى صلى الله عليه وسلم. ولم نجده عن عمرو ابن شعيب عن أَبيه عن جده لا مرفوعًا ولا موقوفًا.
وأخرجه الإمام أبو حنيفة مرفوعا من حديث أبى هريرة، في: كتاب الجنايات. مسند أبى حنيفة 217.
(3)
سورة النساء 92.
(4)
عزاه الهيثمي في: مجمع الزوائد 6/ 299. إلى الطبرانى في الأوسط من حديث ابن عمر، وقال: وفيه جماعة لم أعرفهم. وأخرجه الدارقطنى موقوفًا على ابن مسعود، في: سننه 3/ 149.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحمدُ (1). وفى لفظٍ: «دِيَةُ المُعَاهَدِ نِصْفُ دِيَةِ الحُرِّ» (2). قال الخَطَّابِىُّ (3): ليس في دِيَةِ أَهْلِ الكِتابِ شئٌ أبْيَنُ مِن هذا، ولا بَأْسَ بإسْنادِه، وقد قال به أحمدُ، وقولُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أوْلَى. فأمَّا حَدِيثُ عُبادَةَ، فلم يذْكُرْه أصْحابُ السُّنَنِ، والظاهرُ أنَّه ليس بصَحِيحٍ. وحديثُ عمرَ، إنَّما كان ذلك حينَ كانتِ الدِّيَةُ ثمانيةَ آلافٍ، فأوْجَبَ فيه نِصْفَها أرْبعةَ آلافٍ، ودليلُ ذلك ما رَوَى عمرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أَبِيه، عن جَدِّه، قال: كانت قِيمَةُ الدِّيَةِ على عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثمانمائةِ دِينارٍ، أو (4) ثمانيةَ آلافِ دِرْهَمٍ، ودِيَةُ أَهْلِ الكتابِ يَوْمَئذٍ النِّصْفُ (5). فهذا بَيانٌ وشَرْحٌ يُزِيلُ الإِشْكالَ، وفيه جَمْعٌ للأحادِيثِ، فيكونُ دَلِيلًا لنا، ولو لم يَكُنْ كذلك، لَكانَ قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مُقَدَّمًا على قولِ عمرَ وغيرِه بغيرِ إشْكالٍ، فقدكان عمرُ، رَضِىَ اللَّه عنه، إذا بَلَغَه عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم سُنَّةٌ، ترَك قولَه وعَمِلَ بها، فكيف يَسُوغُ لأحَدٍ أن يَحْتَجَّ بقَوْلِه في تَرْكِ قوْلِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! وأمَّا ما احْتَجَّ به الآخَرُونَ، فإنَّ الصَّحِيحَ من حديثِ عمرِو
(1) في: المسند 2/ 183، 224.
كما أخرجه أبو داود، في: باب الدية كم هى؟ من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 491. والنسائى، في: باب كم دية الكافر؟ من كتاب القسامة. المجتبى 8/ 40. والترمذى، في: باب ما جاء في دية الكفار، من أبواب الديات. عارضة الأحوذى 6/ 182. وابن ماجه، في: باب دية الكافر، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 883.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في دية الذمى، من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 500.
(3)
في: معالم السنن 4/ 37، 38.
(4)
في النسخ: «و» . والمثبت كما في سنن أبى داود.
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 369.