الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَ الْجَنِينُ مَمْلُوكًا، فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّةِ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى.
ــ
كمن اشْتَرَى بدِرْهَمٍ ما يُساوِي دِرْهَمَيْنِ، لا يُعَدُّ فَواتًا ولا خُسْرانًا.
فصل: ولا يُعْتَبَرُ لون الغُرَّةِ، وذُكِرَ عن أبى عمرِو بنِ العَلاءِ (1) أنَّ الغُرَّةَ لا تَكونُ إلَّا بَيْضاءَ، ولا يُقْبَلُ عَبْدٌ أَسْودُ، ولا جارِيَةٌ سَوْداءُ. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بعَبْدٍ أو أمَةٍ، وأطْلَقَ، والسَّوَادُ غالِبٌ على عَبيدِهم وإمائهِم، ولأنَّه حَيَوانٌ تَجِبُ دِيَتُه، فلم يُعْتَبَرْ لَوْنُه، كالإِبلِ في الدِّيَةِ.
4217 - مسألة: (وإن كان الجَنِينُ مَمْلُوكًا، ففيه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ، ذَكَرًا كان أو أُنْثَى)
وجملته، أنَّه إذا كان جَنِينُ الأمَةِ مَمْلُوكًا، فَسَقَطَ
(1) أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان التميمى، ثم المازنى البصرى، شيخ القراء، والعربية، اختلف في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن الضَّرْبَةِ مَيِّتًا، ففيه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه. هذا قولُ الحسنِ، وقَتادةَ، ومالكٍ، والشافعىِّ، وإسْحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ. وبنحوِه قال النَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ. وقال زَيْدُ بنُ أسْلَمَ: يَجِبُ فيه عُشْرُ قِيمَةِ غُرَّةٍ، وهو خمسةُ دنانِيرَ. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، وأَصْحابُه: يجبُ فيه نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِه إن كان ذَكَرًا، أو عُشْرُ قِيمَتِه إن كان أُنْثَى؛ لأَنَّ الغُرَّةَ الواجِبَةَ في جَنِينِ الحُرَّةِ هى نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الرَّجُلِ، وعُشْرُ دِيَةِ الأُنْثَى، وهذا مُتْلَفٌ، فاعْتِبارُه بنَفْسِه أَوْلَى مِن اعْتِبارِه بأُمِّه، ولأنَّه جَنِين مَضْمُونٌ، تَلِفَ بالضَّرْبَةِ، فكان فيه نِصْفُ عُشْرِ (1) الواجب فيه (2) إذا كان ذَكَرًا كبيرًا، أو عُشْرُ الواجب إذا كان أُنْثَى، كجَنِينِ الحُرَّةِ. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: مذهبُ أَهْلِ المدينةِ يُفْضِى إلى أن يَجِبَ في الجَنِينِ المَيِّتِ أكْثَرُ مِن قِيمَتِه إذا كان حَيًّا. ولَنا، أنَّه جَنِينٌ مات بالجِنايةِ في بَطْنِ أُمِّه، فلم يخْتَلِفْ ضَمانُه بالذُّكُورِيَّةِ والأُنُوثِيَّةِ، كجَنِينِ الحُرَّةِ، ودَلِيلُهم نَقْلِبُه عليهم،
= اسمه على أقوال، فأشهرها، زبَّان، وقيل العريان، مولده في نحو سنة سبعين، برَّز في الحروف والنحو، أشتهر بالفصاحة والصدق وسعة العلم، توفى سنة سبع وخمسين ومائة. سير أعلام النبلاء 6/ 407 - 410، تهذيب التهذيب 12/ 178 - 180.
وانظر ما ذكر عنه: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 352.
(1)
سقط من: الأصل، تش، ق، م.
(2)
سقط من: الأصل، وفى تش:«منه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فنقولُ: جَنِينٌ مَضْمُونٌ، تَلِفَ بالجِنايةِ، فكانَ الواجبُ فيه عُشْرَ ما يَجِبُ في أُمِّه، كجَنِينِ الحُرَّةِ. وما ذكَرُوه مِن مُخالَفَةِ الأَصْلِ، مُعارَضٌ بأنَّ مَذْهَبَهم يُفْضِى إلى تَفْضِيلِ الأُنْثَى على الذَّكَرِ، وهو خِلافُ الأُصولِ (1)، ولأنَّه لو اعْتُبِرَ بنَفْسِه، لوَجَبَت قِيمَتُه كلُّها، كسائرِ المَضْمُوناتِ بالقِيمَةِ، ومُخالَفَتُهم أشَدُّ مِن مُخالَفَتِنا؛ لأنَّنَا اعْتَبَرْناه إذا كان مَيِّتًا بأُمِّه، وإذا كان حَيًّا بنَفْسِه، فجاز أن تَزِيدَ قِيمَةُ المَيِّتِ على الحَىِّ مع اخْتِلافِ الجِهَتَيْنِ، كما جازَ أن يَزِيدَ البعْضُ على الكُلِّ في أنَّ مَن قطَع أطْرَافَ إنْسانٍ الأرْبَعةَ، كان الواجِبُ عليه أكْثَرَ مِن دِيَةِ النَّفْسِ كلِّها، وهم فَضَّلُوا الأُنْثَى كل الذَّكَرِ مع اتِّحادِ الجِهَةِ، وأوْجَبُوا فيما يُضْمَنُ بالقِيمَةِ عُشْرَ قيمتِه (2) تارةً، ونِصْفَ عُشْرِها أُخْرَى، وهذا لا نَظِيرَ له. إذا ثبَت هذا، فإنَّ قِيمَةَ أُمِّه مُعْتَبَرَةٌ يومَ الجِنايةِ عليها. وهذا مَنْصُوصُ الشَّافعىِّ. وقال بعضُ أصْحابِه: يُقَوَّمُ حينَ أسْقَطَتْ؛ لأَنَّ الاعْتِبارَ في ضَمانِ الجِنايةِ بالاسْتِقْرارِ. ويتَخَرَّجُ لنا وَجْه مثلُ ذلك. ولَنا، أنَّه لم يتَخَلَّلْ بينَ الجِنايةِ
(1) في الأصل: «الأصل» .
(2)
في م: «قيمة أمه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحالِ الاسْتِقْرارِ ما يُوجِبُ تَغْييرَ بَدَلِ النَّفْسِ، فكان الاعْتِبارُ بحالِ الجنايةِ، كما لو جرَح عَبْدًا، ثم نَقَصَتِ السُّوقُ لكَثْرَةِ الجَلَبِ، ثم مات، فإنَّ الاعْتِبارَ بقِيمَتِه يومَ (1) الجِنايةِ، ولأَنَّ قِيمَتَها تَتَغَيَّرُ بالجِنايةِ وتَنْقُصُ، فلم تُقَوَّمْ في حالِ نَقْصِها الحاصلِ بالجِنايةِ، كما لو قطَع يدَها فماتتْ مِن سِرايَتها، أو قطَع يدَها فمَرِضَتْ بذلك، ثم انْدَمَلَتْ جِراحَتُها.
فصل: ووَلَدُ المُدَبَّرَةِ والمُكاتَبَةِ والمُعْتَقَةِ بصِفَةٍ، وأُمِّ الوَلَدِ إذا حَمَلَتْ مِن غيرِ مَوْلاها، حُكْمُه حُكْمُ ولَدِ الأمَةِ؛ لأنَّه مَمْلُوكٌ، فأمَّا جَنِينُ المُعْتَقِ بعضُها، فهو مثْلُها، فيه مِن الحُرِّيَّةِ مثلُ ما فيها، فإذا كان نِصْفُها حُرًّا، فنِصْفُه حُرٌّ، فيه نِصْفُ غُرَّةٍ لوَرَثَتِه، وفى النِّصْفِ الباقِى نِصْف عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه لسَيِّدِه.
(1) في الأصل، تش:«أيام» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن وَطِئَ أَمَةً بشُبْهَةٍ، أو غُرَّ بأمَةٍ فتَزَوَّجَها وأحْبَلَها، فضَرَبَها ضارِبٌ (1)، فألْقَتْ جَنِينًا، فهو حُرٌّ، وفيه غُرَّةٌ مَؤروثَةٌ عنه لوَرَثَتِه، وعلى الواطِئ عُشْرُ قِيمَتِها لسَيِّدِهَا؛ لأنَّه لولا اعْتِقاد الحُرِّيَّةِ، لَكانَ هذا الجَنِينُ مَمْلُوكًا لسَيِّدِه، على ضارِبِه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه، فلما انْعَتَقَ (2) بسَبَبِ الوَطْءِ، فقد حالَ بينَ سَيِّدِها وبينَ هذا القَدْرِ، فألْزَمْناه ذلك للسَّيِّدِ، سواءٌ كان بقَدْرِ الغُرَّةِ أو أكثرَ منها أو أقَلَّ.
فصل: إذا أسْقَطَ جَنِينَ ذِمِّيَّةٍ، قد وَطِئَها مُسْلِمٌ وذِمِّىٌّ في طُهْرٍ واحدٍ، وجَبَ فيه اليَقِينُ، وهو ما في الجَنِينِ الذِّمِّىِّ، فإن أُلْحِقَ بعدَ ذلك بالذِّمِّىِّ، فقد وَفَّى ما عليه، وإن أُلْحِقَ بمسلمٍ، فعليه تَمامُ الغُرَّةِ. وإن ضرَب بَطْنَ نَصْرانِيَّةٍ، فأَسْقَطَتْ، فادَّعَتْ أو ادَّعَى ورَثَتُه أنَّه مِن مسلمٍ حَمَلَتْ به مِن وَطْءِ شُبْهَةٍ أو زِنًى، فاعْتَرَفَ الجانِى، فعليه غُرَّةٌ كاملةٌ. وإن كان ممَّا تحملُه العاقلةُ، فاعْتَرَفَتْ أَيضًا، فالغُرَّةُ (3) عليها، وإن أنْكَرَتْ، حَلَفَتْ، وعليها ما في جَنِينِ الذِّمِّيِّيْنِ، والباقي على الجانِى؛ لأنَّه ثبَت باعْتِرافِه، والعاقلةُ [لا تَحْمِلُ اعْتِرافًا. وإنِ اعْتَرَفَتِ العاقلةُ دونَ الجانِى، فالغُرَّةُ عليها مع دِيَةِ أُمِّه. وإن أنْكَرَ الجانِى والعاقلةُ](4)، فالقولُ قولُهم، مع
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «أعتقا» .
(3)
في الأصل، تش:«فالغرم» .
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أيمانِهِم أنَّا لا نَعلَمُ أنَّ هذا الجَنِينَ مِن مسلمٍ. ولا تَلْزَمُهما اليَمِينُ مع (1) البَتِّ؛ لأنَّها يَمِينٌ على النَّفْى في فِعْلِ الغَيْرِ، فإذا اخْتَلَفُوا، وجَبَتْ دِيَةُ ذِمِّىٍّ؛ لأَنَّ الأَصْلَ أنّ ولدَها تابعٌ لها، ولأَنَّ الأَصْلَ بَراءَةُ الذِّمَّةِ. وإن كان ممَّا لا تَحْمِلُه العاقلةُ، فالقولُ قولُ الجانِى وحدَه مع يَمِينِه. ولو كانتِ النَّصْرانِيَّةُ امرأةَ مُسْلمٍ، فادَّعَى الجانِى أنَّ (2) الجَنِينَ مِن ذِمِّىٍّ بوطءِ شُبْهَةٍ أو زنِىً، فالقولُ قولُ وَرَثَةِ الجَنِينِ؛ لأَنَّ الجَنِينَ مَحْكُومٌ بإِسْلامِه، فإنَّ الوَلَدَ للفِراشَ.
فصل: إذا كانتِ الأمَةُ بينَ شَريكَيْنِ، فحَمَلَتْ بمَمْلُوكٍ، فضَرَبَها أحَدُهما، فأسْقَطَتْ، فعليه كَفَّارة؛ لأنَّه أتْلَفَ آدَمِيًّا، ويَضْمَنُ لشَرِيكِه نِصْفَ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه، ويَسْقُطُ ضمانُ نَصِيبِه؛ لأنَّه مِلْكُه. وإن أعْتَقَها الضَّارِبُ بعدَ ضَرْبِها، وكان مُعْسِرًا، ثم أسْقَطَتْ، عَتَقَ نَصيبُه منها (3) ومِن وَلَدِها، وعليه لشَرِيكِه نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الأُمِّ، وعليه نِصْفُ غُرَّةٍ (4) مِن أجْل النِّصْفِ الذى صارَ حُرًّا، يُورَثُ عنه بمَنْزِلَةِ مالِ الجَنِينِ، تَرِثُ أُمُّه منه بِقَدْرِ ما فيها مِن الحُرِّيَّةِ، والباقي لوَرَثَتِه. هذا قولُ القاضى، وقياسُ قَوْلِ ابنِ حامدٍ. وهو مذهبُ الشافعىِّ. وقِياسُ قولِ أبى بكرٍ وأبى الخَطَّابِ، لا يَجِبُ على الضَّارِبِ ضَمانُ ما أَعْتَقَه؛
(1) في المغنى 12/ 71: «على» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «منه» .
(4)
في الأصل: «عشره» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه حينَ الجِنايةِ لم يكُنْ مَضْمُونًا عليه، والاعْتِبارُ في الضَّمانِ بحالِ الجِنايةِ، وهى الضَّرْبُ، ولهذا اعْتَبَرْنا قِيمَةَ الأمِّ حالَ الضَّرْبِ. وهذا قولُ بعْضِ أصْحابِ الشافعىِّ. وهو أَصَحُّ إن شاءَ اللَّه تعالى؛ لأَنَّ الإِتْلافَ حصلَ بفِعلٍ غيرِ مَضْمُونٍ، فأَشْبَه ما لو جرَح حَرْبِيًّا فأَسْلَمَ، ثم مات بالسِّرايَةِ، ولأَنَّ موْتَه يَحْتَمِلُ أن يكونَ قد حصَل بالضَّرْبِ، فلا يتَجَدَّدُ ضَمانُه بعدَ مَوْتِه، والأَصْلُ براءَةُ ذِمَّتِه. وإن كان المُعْتِقُ مُوسِرًا، سَرَى العِتْقُ إليها وإلى جَنِينِها، وفى الضَّمانِ الوَجْهانِ؛ فعلى قوْلِ القاضى، في الجَنِينِ غُرَّةٌ مَوْروثَةٌ عنه. وعلى قِياسِ قَوْلِ أبى بكرٍ، عليه ضَمانُ نصِيبِ شَرِيكِه مِن الجَنِينِ بنِصْفِ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه، ولا يَضْمَنُ أُمَّه؛ لأنَّه قد ضَمِنَها بإعْتاقِها، فلا يَضْمَنُها بتَلَفِها. وإن كان المُعْتِق الشَّرِيكَ الذى لم يَضْرِبْ، وكان مُعْسِرًا، فلا ضَمانَ على الشَّرِيكِ في نَصِيبِه؛ لأَنَّ العِتْقَ لم يَسْرِ إليه، وعليه في نَصِيبِ شَرِيكِه مِن الْجَنِينِ نِصْفُ غُرَّةٍ يَرِثُها وَرَثَتُه، على قولِ القاضى. وعلى قِياسِ قَوْلِ أبى بكرٍ، يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِه بنِصْفِ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه، ويكونُ لِسَيِّدِه، اعْتِبارًا بحالِ الجِنايةِ. وكذلك الحكمُ في ضَمانِ الأُمِّ إذا ماتت مِن الضَّرْبَةِ. وإن كان المُعْتِقُ مُوسِرًا، سَرَى العِتْقُ إليهما، وصارَا حُرَّيْنِ، وعلى المُعْتِقِ ضَمانُ نصف الأُمِّ، ولا يَضْمَنُ نِصْفَ الجَنِينِ؛ لأنَّه يدْخُلُ في ضَمانِ الأُمِّ، كما يَدْخُلُ في بَيْعِها، وعلى الضَّاربِ ضَمان الجَنِينِ بغُرَّةٍ مَوْرُوثَةٍ عنه، على قَوْلِ القاضى. وعلى قِياسِ قَوْلِ أبى بكرٍ، يَضْمَنُ نَصِيبَ الشَّرِيكِ بنِصْفِ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه، وليس عليه