الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ فَعَلَ أَحَدُهُمَا فِعْلًا لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ، كَقَطْعِ حُشْوَتِهِ، أَوْ مَرِيئِهِ، أَوْ وَدَجَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ آخَرُ، فَالْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ،
ــ
4052 - مسألة: (وإن فَعَل أحَدُهما فِعْلًا لا تَبْقَى معه الحَياةُ، كقَطْعِ حُشْوَتِه، أو مَرِيِئِه، أو وَدَجَيْه، ثم ضَرَب عُنُقَه آخَرُ، فالقاتِلُ
وَيُعَزَّرُ الثَّانِى، وَإِنْ شَقَّ الْأَوَّلُ بَطْنَهُ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِى عُنُقَهُ، فَالثَّانِى هُوَ الْقَاتِلُ، وَعَلَى الأَوَّلِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَ بِالْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ.
ــ
هو الأَوَّلُ، ويُعَزَّرُ الثانى، وإن شَقَّ الأَوَّلُ بَطْنَه، أو قَطَع يَدَه، ثم ضَرَب الثانى عُنُقَه، فالثَّانى هو القاتلُ، وعلى الأَوَّلِ ضَمانُ ما أتلَفَ بالقِصاصِ أو الدِّيَةِ) وجملةُ ذلك، أنَّه إذا جَنَى عليه اثْنان جِنايَتَيْن، نَظَرْنا؛ فإن كانتِ الأُولَى أَخْرَجَتْه مِن حُكْمِ الحياةِ، مثلَ قَطْعِ حُشْوَتِه وإبانَتِها منه، أو ودَجَيْه (1)، ثم ضَرَب عُنُقَه الثانى، فالأوَّلُ هو القاتلُ؛ لأنَّه لا يَبْقَى مع جِنايَتِه حياةٌ، والقَوَدُ عليه خاصَّةً، ويُعَزَّرُ الثانى، كما لو جَنَى على مَيِّتٍ. وإن عَفَا الوَلِىُّ إلى الدِّيَةِ، فهى على الأَوَّلِ وحدَه. وإن كان جُرْحُ الأَوَّلِ تَبْقَى الحياةُ معه، مثلَ شَقِّ البَطْنِ مِن غيرِ إبانَةِ الحُشْوَةِ، أو قَطْعِ طَرَفٍ،
(1) في تش، ق، م:«ذبحه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثم ضَرَب عُنُقَه آخَرُ، فالثانى هو القاتلُ؛ لأنَّه لم يَخْرُجْ بجُرْحِ الأَوَّلِ مِن (1) حُكْمِ الحياةِ، فيكونُ الثانى هو المُفَوِّتَ لها، فعليه القِصاصُ في النَّفْسِ، والدِّيَةُ كاملةً إن عَفا عنه. ثم نَنْظُرُ في جُرْحِ الأَوَّلِ، فإن كان مُوجِبًا للقِصاصِ، كقَطْعِ الطَّرَفِ، فالوَلِىّ مُخَيَّرٌ بينَ قَطْعِ طَرَفِه والعَفْوِ على دِيَتِه، أو العَفْوِ مُطْلَقًا، وإن كان لا يُوجِبُ القِصاصَ، كالجائِفَةِ ونحوِها، فعليه الأَرْشُ. وإنَّما جَعَلْنا عليه القِصاصَ؛ لأَنَّ الثانىَ بفِعْلِه قَطَع سِرايَةَ الأَوَّلِ، فصار كالمُنْدَمِلِ الذى لا يَسْرِى. وهذا مَذْهَبُ الشافعىِّ. ولا أعْلَمُ فيه مُخالِفًا. ولو كان جُرْحُ الأَوَّلِ يُفْضِى إلى المَوْتِ لا مَحالةَ، إلَّا أنَّه لا يَخْرُجُ به مِن حُكْمِ الحياةِ، وتَبْقَى معه الحياةُ المُسْتَقِرَّةُ، مثلَ خَرْقِ المِعَى، أو أُمِّ الدِّماغِ، فضَرَبَ الثانى عُنُقَه، فالقاتلُ هو الثانى؛ لأنَّه فَوَّتَ حياةً مُسْتَقِرَّةً، وقَتَل مَن هو في حُكْمِ الحياةِ، بدليلِ أنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، لَمَّا جُرِح دَخَل عليه الطَّبِيبُ فسَقَاه لَبَنًا، فخَرَجَ يَصْلِدُ (2)، فعَلِمَ الطَّبِيبُ أنَّه مَيِّت، فقال: اعْهَدْ إلى الناسِ.
(1) في ق، م:«عن» .
(2)
يصلد: يبرق. النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 46.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعَهِدَ إليهم وأوْصَى، وجَعَل الخِلافَةَ إلى أهلِ الشُّورَى، فقَبِلَ الصحابةُ عَهْدَه، وأجْمَعُوا على قَبُولِ وَصَاياه (1). لمَّا كان حُكْمُ الحياةِ باقِيًا، كان الثَّانى مُفَوِّتًا لها، فكان هو القاتلَ، كما لو قَتَل عَلِيلًا لا يُرْجَى بُرْءُ عِلَّتِه.
(1) تقدم تخريجه في 17/ 122.